الصايل لـ إيلاف: الدورة الأخيرة تجربة مستمرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مهرجان طنجة الخامس للفيلم القصير والمتوسط(2-3)
نور الدين الصايل لـ "إيلاف":الدورة الأخيرةتجربة ثابتة ومستمرة
إقرأ أيضًا
قصي صالح الدرويش: يؤكد نور الدين الصايل المدير العام للمركز السينمائي المغربي والذي يدير مهرجان طنجة للفيلم القصير المتوسط، بأن الدورة الأخيرة أكدت على ثبات المهرجان وانتظامه وقابليته للتطور في مجالات عدة، كاختيار الأفلام المشاركة في المسابقة ونوعية جلسات النقاش اليومية. ويضيف صايل في حوار مع "إيلاف" أن سينماتيك طنجةشكلت دورًا إيجابيًا وبناءً في توفير شروط نجاح هذه الدورة والدورة اللاحقة، مشيرًا إلى أن هذا البناء لم يكن متوفرًا من قبل. وبالتالي فهو متفائل جدًا بما ستحمله الدورات المقبلة من حوار وتبادل ثقافي بين الشمال والجنوب اللذين تجمعهما مصالح حيوية تجعل استمرار الحوار ضروريًا، وتجعل مهرجان طنجة الطريق الصحيح والمناسب لتحقيق البؤرة المتوسطية السينمائية.
وسألت إيلاف الصايل إذا كان يعتزم إبقاء مهرجان طنجة في إطار البحر الأبيض المتوسط فقط أم يمكن توسيعه؟ فقال: "أنا متمسك بهذه المتوسطية لما فيها من مصالح ثقافية حيوية، لكن من الممكن للمهرجان أن يتفتح على بوابات أخرى خارج المتوسط سواء في أميركا اللاتينية أو آسيا. إلا أن القاعدة الأساسية يجب أن تظل متوسطية، خصوصية البحر المتوسط قائمة اليونان وتركيا وسوريا ولبنان ومصر، وكل ما يمكن أن يسمى بلدان المغرب العربي ناهيك عن اسبانيا وفرنسا وايطاليا. أي هناك إطار فريد نوعي مميز ومختلف يجب أن يظل متوسطيًا". وأضاف مدير مهرجان طنجة: "نحن لا نريد إقرار التوازن بل نريد توظيفه حول البوتقة المتوسطية. هذا لا يمنع من فتح زاوية أميركية أو آسيوية واسكندنافية، لكن يجب الاستمرار على سينما البحر المتوسط وحواره على أنهما مسابقة...".
وبخصوص الأفلام القصيرة العربية، رأى الصايل أن المشكلة تكمن في سياسات الدول العربية التي لا تريد أن يكون للسينما مكانة وموقعًا فيها، مشيرًا إلى أن المساعدات الإنتاجية تبقى ضعيفة وغير ملائمة، مضيفًا: "هناك وعي لضرورة الإنتاج، لا بد من استغلال النتائج وإدراك أن هناك حيوية سينمائية متفاعلة متسعة مناسبة للدول العربية، سواء الدول المعروفة بالإنتاج السينمائي قديمًا مثل مصر أو تلك التي لم تبدأ بعد الاهتمام بالسينما".
وتجدر الإشارة إلى أن نور الدين صايلقام ويقوم بدور كبير في تشجيع السينما المغربية سواء من حيث السعي إلى توفير الدعم والمساعدات المالية التي تقدم لمشاريع إنتاج الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي لا تملك قاعدة مالية للإنتاج الخاص، وهو ما تجلى في زيادة عدد الأفلام المغربية التي يتم إنتاجها سنويًا، مستفيدًا من الرعاية الكبيرة التي يوليها الملك محمد السادس للإنتاج ومن حبه للفن السينمائي. كما سبق لنور الدين صايل أن شارك في تنظيم الأفلام المشاركة واختيارها في المهرجانات الوطنية والدولية باعتباره من كبار النقاد السينمائيين العرب المعروفين منذ عقود، وهو ما لمسناه في مهرجان طنجة للفيلم القصير المتوسطي الذي تابعنا وقائعه ونجاح تنظيمه بغض النظر عن المستويات المتفاوتة لأفلامه.
قراءة في الأفلام العربية المشاركة
حضــور مغــربي ولبنــاني قــــويّ
عروض مهرجان طنجة للفيلم القصير المتوسطي كشفت عن تطور كبير حققته سينما دول المغرب وتونس ولبنان في السنوات الأخيرة، وهي دول قدمت تجارب ناجحة ومتطورة بينما لم يكن لها باع كبير في الأفلام القصيرة.
وقد تعزى هذه الجودة المتزايدة للأفلام اللبنانية والمغربية إلى مستوى الجامعات اللبنانية وإلى الدعم الإنتاجي الذي قدمه المركز القومي للسينما المغربية.ويمكن القول إن الفيلم اللبناني الذي يحمل عنوان "وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح" للمخرج رامي قديح تميز بجودته التقنية وبجرأة في تناوله للموضوع والحوار، إلى جانب لغة سينمائية متطورة سريعة الإيقاع.
وكان أغلب النقاد والسينمائيين ينتظرون منحه الجائزة الكبرى، لكن ذلك لم يتحقق على الرغم من رغبة ميشيل خليفي بذلك، حيث منحت الجائزة لفيلم لبناني آخر لا يضاهيه أصالة وجودة وعفوية وتميزًا. ولأن مخرج "الدرس الخامس" فيليب سقف تغيب عن المهرجان، كلفت إدارة المهرجان رامي قديح بتسليم الجائزة إلى صاحبها في بيروت، الأمر الذي يفسر صورته في حلقة أمس وهو يستلم الجائزة.
وقد تميزت السينما المغربية بثلاثة أفلام متطورة تقنيًا، كما هي حال فيلم ليلى التريكي الذي حمل عنوان "وتستمر الحياة" وهو فيلم مختلف عن تجربتها السابقة في فيلم عن طنجة. الفيلم يتابع حياة رجل مغمور فقير وسكير، يستعيد ذكريات عيد ميلاده السعيدة.
الفيلم الثاني "مانكان" يتناول حياة رجل غرقت زوجته في همومها الحياتية فنسيت أنوثتها، الأمر الذي جعله يفتن بجمال موديل شمع لامرأة في واجهة متجر للملابس، افتتان وصل به إلى حد التعلق بها وكأنها امرأة حقيقية يحبها بدلاً من زوجته. الفيلم على بساطته جميل وموفق.
الفيلم المغربي الثالث "آخر الشهر" تميز بحيوية في التمثيل وهو يتناول علاقة متشابكة بين رجل وزوجته يلتقيان في منتصف الليل كأنهما غريبان، لقاء يعيد التجدد إلى علاقتهما ويحولهما من زوجين إلى عشيقين.
الفيلم بسيكولوجي يتسم بدرجة من الغموض، لكنه يظل جميلاً جذابًا وقد استحق كاتبه ومخرجه محمد متفوق جائزة أفضل سيناريو.
إلى جانب الأفلام المشاركة في المسابقة، ضمت فعاليات المهرجان بانوراما عريضة للأفلام القصيرة المغربية كشفت عن غزارة في الإنتاج وإن تفاوتت المستويات من فيلم إلى آخر. من الجزائر شاهدنا فيلمين قصيرين، الأول "بابل" للمخرج خالد بن عيسى في أول تجربة إخراجية له وكنا عرفناه كممثل.
في "بابل" نتابع سائق سيارة أجرة يضع علبة تبغ "شما" في فمه ويقل بسيارته زبونين في الوقت نفسه. وتكون المفارقات بين تعتعة الزبون وإلحاحه بالسؤال عن الساعة وبين الصمت المطبق للسائق مما يدفع الزبون إلى الغضب والنزول من السيارة، بينما يبقى الزبون الثاني وهو امرأة أنيقة تتلقى سخط السائق عندما تسأله عن صمته، فيجيبها متعتعًا بشدة أكثر من الزبون الذي غادر لتوه. علىالرغم من أن هذا الفيلم متوتر وجذاب وعلى درجة من الطرافة، إلا أنه ظل محدودًا من حيث الموضوع وكأنه مجرد فكاهة.
أما الفيلم الجزائري الثاني فهو فيلم "الباب" للمخرجة الشابة ياسمين الشويخ ابنة المخرج المعروف محمد الشويخ والمخرجة يمينة شويخ. في الفيلم درجة رفيعة من جماليات التصوير وفيه أسئلة محيرة تبدو غامضة لكنها ضعيفة لا مبررات مقنعة أو مفهومة لها. ومع ذلك يظل "بابل" علامة مشجعة لبداية تجربة سينمائية أكثر غنى ونضجًا قد تقدمها المخرجة بحكم ذكائها وما يحمله والداها من خبرة.
السينما التونسية تمثلت في ثلاثة أفلام متطورة تقنيًا، وهي محاولات أقرب إلى تجربة الأفلام الطويلة. الفيلم الأول يحمل عنوان "الراندي فو" للمخرجة سارة العبيدي ويصور فتاة شابة تعمل بائعة في مخبز لصنع الحلويات وتطمح إلى لقاء فارس أحلامها. هذا الفارس الاحتمالي تمثل بصورة شاب أنيق يقود سيارة جاء ليبتاع من المخبز فواعدها ليلاً في الشارع، حيث انتظرت هذا الموعد الحالم وطال انتظارها وحيدة ووحيدة جدًا حتى وقت متأخر، إلى أن اقتادتها سيارة شرطة إلى السجن وكأنها بائعة هوى تنتظر زبونًا آخر. الفيلم جيد لكن موضوعه قديم ليس فيه طزاجة خاصة.
الفيلم الثاني بعنوان "أنا أختي وذلك الشيء" للمخرجة كوثر بن هنية، يتحدث عن طفل عمره سبع سنوات تلاحقه تعليقات أقرانه الساخرة بخصوص شقيقته وزواجها المقبل. وبغض النظر عن هذه السخرية، فهو يعاني من فكرة اقتران أخته التي يحبها برجل فظ قبيح وبخيل يريد طرده من غرفة النوم. هذا الزوج الغريب الذي أصبح "ذلك الشيء". الفيلم رقيق وجميل
أما الفيلم التونسي الثالث "العز" للطفي عاشور، فيتحدث عن منير الحارس الليلي البائس الذي دخلت الإثارة حياته عبر ما يجمع من فضلات في أكياس القمامة، خاصة كيس الجميلة لطيفة التي يحبها ويكتشف من خلال ما ترميه تفاصيل حياتها. فانتازيا أقل إتقانًا وغنى من الادعاءات التي حاول هذا الفيلم إظهارها.
السينما الفلسطينية مثلها فيلم بعنوان "أتمنى" للمخرجة شيريان دابس وهو يحكي عن فتاة تسعى لشراء جاتو جميل يليق بذكرى ميلاد والدها الراحل الذي قد يكون شهيدًا. لكن سعادتها بالحصول على ما تريد تتكسر أمام عودتها في وقت متأخر مما يثير غضب أمها التي ترميها وعلبتها أرضًا، ليتحطم جمال الكاتو. الفيلم بسيط وعلى درجة من الجودة المشجعة.
أما الأفلام المصرية والسورية فجاءت مختلفة عما عهدناه من تجارب تقليدية عريقة صفقنا لها في السبعينات والثمانينات في كلا البلدين، مصر وفي سورية حيث كانت السينما القصيرة أقرب إلى التجارب التسجيلية وفضاءاتها السياسية الجريئة وتميزت بدرجات رفيعة فنيا. الأفلام المصرية أصبحت أكثر غنى على مستوى التجارب الروائية وتميزت بمهارات رفيعة رأيناها سابقًا، وفي هذا المهرجان على غرار فيلم "مش زي الباقين" لأمير رمسيس، الذي عمل مساعدًا ليوسف شاهين. ويحكي الفيلم عن شاب مثلي الجنس مصاب بالإيدز يبتعد عن الناس كثيرًا. وحين تزوره صديقة جزائرية في منزله، يتبادلان حوارًا فيه الكثير من الصدق والحميمية. الفيلم محكم وجميل لكن مشكلته أن نهايته زائدة وليست بمستوى جودة البداية.
أما الفيلم المميز الثاني "راجلها" للمخرجة آيتن أمين فيجمع كل مواصفات الأفلام الطويلة الجيدة من حيث الموضوع والمعالجة والتصوير، لكن مشكلته تتمثل في سيناريو تقليدي يفتقر الحداثة. وهو يحكي قضية زوجتين تتصارعان لإرضاء زوج فظ. وتجدر الإشارة إلى أن المخرجة قدمت من قبل أفلامًا سابقة كممثلة وممثلة ناجحة.
الفيلم المصري الثالث يندرج في إطار الأفلام السياسية وعنوانه "شرف المهنة" للمخرج رامي عصمت، يتحدث عن القمع والذل والمعاناة التي يعانيها السجناء من قبل رجال الأمن السياسي. لكن على الرغم من الفكرة النبيلة يعاني الفيلم من الخطابية المباشرة والشعاراتية المفتعلة، إلى جانب ضعفه من الناحية الفنية.