السينما

فيلم مسخرة الجزائري،عندما تشعّ البهجة بالحب والجمال

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بشار إبراهيم من دبي:هذه المرة، "الفيلم لا يُقرأ من عنوانه"!.. على خلاف المثل العربي الشهير..والعنوان الذي يلعب دوره شديد الأهمية، على الأقل من خلال وضع المشاهد، بشكل مسبق، في وضع متحفّز للاطلاع على تلك الـ "مسخرة" التي يعده بها الفيلم، لن يعدو أن يكون إحدى أدوات المخرج، ورغبته ربما في إحاطة فيلمه بشيء من الحيرة، الأولية.. ذكاء تتضح صورته حال الانتهاء من مشاهدة الفيلم.
في فيلم "مسخرة" ليس ثمة من مسخرة حقيقية، بما تحمله هذه الكلمة من معانٍ ودلالات في مخيلة المشاهد.. هنا ليس ثمة من لهو ولا عبث ولا هزل، على الرغم من الكوميديا العالية والراقية.. بل إن المشاهد سيخرج من هذا الفيلم محتقناً بالبهجة، الممزوجة بكثير من الحب والجمال، والافتتان بهذا العالم، على الرغم مما فيه من بؤس وعزلة، ووالحب والاحتارم لأولئك البشر، على ما هم فيه من فقر وقلة حيلة، ومحاولة جاهدة للحياة.

من فيلم "مسخرة" في قرية جزائرية ما، وعلى مبعدة واضحة من المدن والمدنية، ينسج المخرج المؤلف الممثل "لياس سالم" فيلمه الروائي الطويل الأول. وهنا علينا أن ننتبه إلى أن "لياس سالم" ينوي تقديم فيلمه بكل ما في كيانه، وكأنما هو فيلم عمره، إذ يتولى عملية التأليف (بالاشتراك مع نتالي سوجيون)، وعملية الإخراج، كما يقوم بالبطولة المطلقة في الفيلم، يسانده في ذلك كل من الفنانين الجزائريين: ريم تاكوشيت, ساره رقيق, مراد خان، محمد بوشايب.. وآخرون كثر..
يلعب المؤلف المخرج لياس سالم دور "منير"، ذاك الشاب الجزائري، الذي يعيش مع زوجته، وطفله "أمين"، إضافة إلى رعايته لأخته الشابة "أمينة". والأحداث تندلع على الشاشة في قرية نائية، تتهيأ على طريقتها الطريفة للاحتفال بزفاف اثنين من فتيانها.. ثمة من استعار رتلاً من سيارات "الكولونيل" الفاخرة، زينها بباقات الورد، وعبارات التهنئة، وجاء بها إلى القرية، يثير فرحة لا تنجلي، في النهاية، إلا عن زوبعة من الضجيج، وعاصفة من الغبار..
الفقراء يجدون سبيلاً للفرح، على الرغم من ضنك الحياة.. يخترعون طرقهم للحصول على الفرح، حتى ولو كانوا لا يملكون من أسبابه شيئاً.. إنها الحياة التي تغدو سمتهم الأساسية فيها هي العناد، والدأب، والاصرار على العيش والحلم.. هكذا ومنذ البدء يظهر الشاب "منير"، برفقة صديقه "خليفة"، وكل منهما منشغل بهمومه وأحلامه.. "منير"، ولا شيء يهمه سوى تلبية رغبات أسرته الصغيرة، من زوجة وأخت وطفل (يؤدي دوره ببراعة لافتة).. والصديق "خليفة"، الحالم بافتتاح محل أشرطة فيديو، وهو العاشق الخفي، الراغب باستكمال أحلامه بالزواج من "أمينة"، شقيقة منير، دون أن يدري هذا أبداً..
تنعقد الحكاية، عندما نتبين أن الفتاة "أمينة" تعاني من مرض غريب، يجعلها تغطّ في حالة من النوم فجأة!.. يعتقد منير أن هذا المرض سوف يقف حائلاً في طريق زواج أخته، ويصبح الأمر من أقسى همومه. في تلك القرية، كما في كل القرى، لا بد للفتاة من الزواج، وبالسرعة القصوى.. ففي القرى تأتي "العنوسة" أبكر مما نتوقع!..
وفي الوقت الذي نتابع منير، واهتمامه بتزويج أخته، لا ينسى المخرج المؤلف أن يقوم بتأثيث القرية، بمزيد من الشخصيات المتنوعة على اختلافها.. والتي يريد منير أن يحتل بينها مكانة ذات احترام وتقدير.. على الرغم من فقره، وبؤسه..
تتصاعد مشكلة منير إلى ذروتها، حيث يقوم ذات ليلة، وتحت تأثر المُسكر، بالإعلان صارخاً في ساحة القرية، أن أخته قد تمت خطوبتها إلى رجل غني من المدينة، وأنها ستتزوج قريباً.. حجر الكذبة الكبيرة الذي رماه منير في مستنقع القرية الراكد سوف يرجّ أركانها، ويتطاير في أرجائها مغيراً مواقف الناس، قبل أن يغير مصائرهم..
هنا تنبع الطرافة والكوميديا.. ونعيش لحظات لا تنسى مع أناس تلك القرية، وهم الذين يجدون أنفسهم جميعاً يتورطون في تلك الكذبة التي أطلقها منير، ذات لحظة سُكر..
يمشي الفيلم على خيط رفيع، ومشدود تماماً.. ويتحكم المخرج المؤلف بضبط أطراف الحكاية، وسلوكيات أهل القرية، دون أن يفلت، لحظة واحدة، احترامه وحبه لأولئك البشر، فلا ينحدر بهم إلى درك التفاهة والانحطاط، حتى إزاء ذاك الجار الغني الملتبس!.. كما لا ينزلق المؤلف المخرج، إلى أيّ نوع من السطحية أو الابتذال.. مرض الكوميديا العربية عموماً..
إنه بذكاء شديد يبقي على كل معاني الاحترام والتقدير لتلك الشخصيات، يصنعها بحب، لا يهزأ منها ولا بها، ولا يستخف بتحولاتها، أمام إغراء الكذبة الكبرى التي رماهم بها الشاب منير، دون لؤم..
يمضي الفيلم إلى النهاية السعيدة، فيتحقق حلم خليفة بالزواج من أمينة، التي يبدو أنه كان الشفاء لها.. وننجو جميعاً.. فيلماً ومشاهدين.. على وعد بأن المستقبل أفضل.. لنا.. وللسينما العربية.. وللجزائر أولاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
bravo
sophie -

bravo pour l,equipe jeune du film

bravo
sophie -

bravo pour l,equipe jeune du film

bravo
rami -

c''est un tres beau film et je felicite tout le cast pour cette reussite.c''est un succee pour le cinema algerien

bravo
rami -

c''est un tres beau film et je felicite tout le cast pour cette reussite.c''est un succee pour le cinema algerien

bravo
sophie -

bravo pour l,equipe jeune du film

bravo
rami -

c''est un tres beau film et je felicite tout le cast pour cette reussite.c''est un succee pour le cinema algerien