السينما

أفلام سينمائية ترصد تناقضات العرب المغاربة في المجتمع الهولندي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حسن سلمان من دمشق:في خطوة جديدة تدخل في إطار الحوار الثقافي بين الشرق والغرب، أقام المعهد الهولندي في دمشق قبل أيام تظاهرة سينمائية بعنوان "الشباب والاختلاف الثقافي"، وتناولت الأفلام الثلاثة التي عُرضت ضمن التظاهرة مشكلة العرب المغاربة في هولندا، وصعوبة الاندماج في المجتمع الهولندي، والفكرة الخاطئة التي يمتلكها كل طرف عن الآخر.ورغم أن الأفلام السابقة حاولت الدعوة لإقامة علاقات حقيقية بين العرب والهولنديين على أساس المواطنة، غير أنها بالمقابل أظهرت جهل كل منهما بالآخر، بل إن المشاهد قرأت بين السطور وجود شرخ كبير لم تخفه النماذج القليلة للتعايش السلمي بين الطرفين، والتي سوّق لها المخرجون الثلاثة ضمن أفلامهم التي بدت- نوعا ما تجميلية- وربما متناقضة في بعض جوانبها مع الواقع، لتأتي نهاياتها متفاوتة وتفتقر إلى الحلول العملية لمشكلة بهذا الحجم.

من فيلم ضربات الهولندي وربما يعزز أفكارنا السابقة الحوار الذي أجراه مدير المعهد الهولندي تاكو فان دير زواخ مع عدد من الشباب السوريين والهولنديين الذين أكد أغلبهم الاختلاف الكبير بين المجتمعين الغربي-الهولندي تحديدا- والعربي وصعوبة التعايش بينهما، بخلاف ما قدمته الأفلام الثلاثة السابقة.
"أنا محمد" أو معاناة شاب مغربي

يحاول المخرج الهولندي رودي دامز عبر فيلمه الوثائقي "أنا محمد" إلقاء الضوء على معاناة الشباب العرب- المغاربة- في المجتمع الهولندي، من خلال تقديمه عددا من الشباب المهاجرين من بلدانهم بهدف تحسين ظروف عملهم، فضلا عن الشباب الذين نشأوا في هولندا ضمن ظروف معيشية قاسية.

حيث يروي الأستاذ "محمد" قصة حياته كشاب مغربي الأصل نشأ في مدينة روتردام، وخلف كواليس المشاكل المختلفة التي تواجه المغربيين الهولنديين يظهر محمد الجهد والمثابرة والقوة العقلية التي تطلبته لإكمال دراسته وإيجاد عمل.

غير أن حالة "محمد" تعد استثناء قياسا بالإجحاف والتمييز الكبير الذي يواجه المغربيين الهولنديين نتيجة معضلات عملية ونفسية ناتجة من رغبتهم بأن يكونوا جزءا من المجتمع الهولندي وأن يصنعوا قراراتهم الخاصة جهة أخرى وأن يبقوا مخلصين لأصول ثقافتهم.

هذا التشتت الاجتماعي والثقافي والِقيمي في بعض فصوله، يعاني منه "سفيان" الذي شهد مقتل أخيه على يد هولنديين متطرفين، دون أن يتمكن من الدفاع عنه أو عن نفسه ضد التمييز الذي يتبدّى في بعض فصوله في رفضه من قبل عدة جهات هولندية يطلب العمل لديها.

حال "محمد" لن يكون أفضل من "سفيان" القادم من المغرب والذي يتعرض هو الآخر لعدد من المضايقات والضغوط تضطره لترك عمله وفقدان منزله، ليبدأ رحلة البحث عن مأوى التي تقوده إلى منظمة اللاجئين في النهاية.

"بولكه": عشق طفولي يتجاوز تباين الثقافات والأعراق

ربما يحاول مخرج فيلم "بولكه" أنكه هوتمان التأكيد أن مشكلة تباين الثقافات والتعايش في المجتمع الهولندي حاضرة بجميع مستوياتها في مختلف الطبقات الاجتماعية، حيث تنشأ علاقة حب بريء بين طفله هولندية بيضاء تدعى "بولكا" وطفل هولندي من أصل مغربي يدعى "ميمون".

حيث تعيش "بولكا" في العاصمة الهولندية أمستردام مع أمها غريبة الأطوار التي هجرها زوجها الشاعر (والد بولكا) بعد إدمانه على المخدرات، فيما يعيش "ميمون" مع عائلته المغربية المحافظة التي تمنعه من الاختلاط بالأطفال الهولنديين.

وتحدثت تطورات كثيرة في الفيلم الذي يغلف طابعا كوميديا في بعض جوانبه، حيث يكتشف معلم "بولكا" إحدى الأوراق التي كتبتها الأخيرة لـ "ميمون" وتتضمن بعض الكلمات التي يعتقد المعلم أنها تحوي عبارات عنصرية، فيستدعي والدة بولكا التي تأتي لتوبيخ المعلم لكنها تقع فجأة في حبه لتنشأ لاحقا علاقة غرامية بينهما.

تبدو الفتاة الصغيرة "بولكا" أكثر نضجا في الفيلم وربما اندفاعا من "ميمون" الذي يمنعه ذووه مرارا من لقاء بولكا، لكن الأخيرة تصر مرارا على اللقاء به وتنجح في ذلك.

ويحاول المخرج في النهاية التأكيد على مسألة التعايش الحتمي بين الجانبين (العربي والغربي)، حيث تأتي عائلة ميمون لحضور حفل زفاف والدة بولكا مع معلمها، فيما ينفرد العاشقان الصغيران بقبلة النهاية التي تأتي تأكيدا للفكرة السابقة وإن بشكل أجمل.

"ركلات": تناقضات المجتمعين العربي والغربي

تنطلق كاميرا المخرج الهولندي ألبرت تير هيردت لترسم مشهدا عاما لمدينة أمستردام بجماليتها الآسرة التي تخفي وراءها-على ما يبدو- صورة قاتمة، حيث تنتقل الكاميرا سريعا لتنقل أحداث شجار نشب بين عدد من الشباب العرب -المغاربة- والهولنديين ينتهي بهم في مركز الشرطة الذي يبدو أنه مشابه- إلى حد ما- مثيلاته في العالم العربي، وخاصة صورة الملكة الهولندية التي يصر المخرج على إظهارها.

تنتقل الكاميرا بعد ذلك لتعرّف بشخصيات الفيلم بتناقضاتها الحادة، حيث يستمر الشاب الهولندي -مغربي الأصل- "سعيد" في نجاحاته على حلبة الملاكمة أمام حشد كبير من الهولنديين ذوي الأصول المتعددة، فيما يخوض شقيقه "رضوان" -مغني الراب الهاوي- مع زميله حوارات عقيمة تكشف حجم التشتت والصراع النفسي الذي يعانيه الشباب المغاربة في هولندا والذي يقود بعضهم إلى التطرف الديني والعنصري تجاه الآخر.

غير أن ذروة الفيلم والحدث الأبرز الذي تبنى عليه بقية أحداث الفيلم تتجلى في فعل إطلاق النار الذي يقوم به شرطي هولندي أبيض على رضوان لاشتباهه بحالة سرقة يقوم بها الأخير، فيما تمتنع زميلته الشرطية السمراء ذات الأصول المغربية من إطلاق النار.الحادثة السابقة التي تؤدي إلى مقتل رضوان تقسم المجتمع الهولندي إلى طرفين متناقضين، حيث يؤكد رجال الشرطة أن زميلهم أطلق النار دفاعاً عن النفس لاعتقاده بأن الميكروفون الذي كان يحمله رضوان هو عبارة عن مسدس، فيما يرى مجتمع المهاجرين أن الحادثة تأتي في إطار عنصري، مستندين إلى بعض العبارات التي كان يرددها الشرطي حول المغاربة.

أهمية الفيلم تأتي من كونه يكشف بشكل دقيق حساسيّة العلاقة التي تجمع بين الهولنديين البيض والمغاربة، حيث نكتشف فيما بعد جهل الطرفين ببعضهما وخاصة في حديث بعض الفتيات الهولنديات البيض عن الهولنديين المهاجرين ذوي الأصول المتعددة، وفي جهل إحداهما للجنسية الأصلية لمحدثها. يسعى المخرج في الفيلم إلى تأكيد حجم الفارق الكبير في الثقافة والتقاليد بين الطرفين وخاصة في ما يتعلق بالحرية الجنسية، حيث يرفض الشاب الهولندي ذو الأصول المغربية الزواج من حبيبته عندما تخبره بأنها ليست بكرا، فيما يعتبر الزوج الهولندي الأبيض أن علاقة زوجته برجل آخر أمرا طبيعيا.هذا الفارق الكبير يمنع قيام علاقات ناجحة بين الطرفين، حيث يعتبر الأهل المهاجرون التحاق ولدهم بالجيش الهولندي خِدمة في جيش الأعداء، فيما ينعت بعض الشباب المغاربة "سعيد" بالخيانة لأنه يقيم علاقة مع فتاة هولندية ويرفض أن يأخذ الثأر لأخيه.

كما أن المخرج يعود ليؤكد الجانب العنصري في طبيعة العلاقة بين الطرفين، حيث يلجأ الشرطي الأبيض الذي قتل الشاب رضوان إلى إظهار تسجيل يردد فيه الأخير كلمات ذات طابع عنصري، فيما يحاول أحد المخرجين الهولنديين البيض الاستعانة بفتاتين من أصول مهاجرة لاستخدامهما في مشهد مع بعض الكلاب، مستفيدا من أن الأخيرتين لا تستطيعان تقديم شكوى ضده كونهما لا تملكان أوراقا رسمية للإقامة.لكنه بالمقابل يطلق دعوة للتعارف بين الطرفين بشكل أكبر، حيث تلجأ فتاة بيضاء للدخول إلى مجتمع المهاجرين لتتعرف إلى أحد الشباب وتقيم معه علاقة لاحقا.غير أن النهاية تأتي -كما البداية- متناقضة وضبابية حيث يفقد "سعيد" السيطرة على أعصابه في حلبة الملاكمة، فيوسع غريمه ضربا بطريقة وحشية تظهره وكأنه ينتقم من المجتمع الهولندي الذي قتل أخاه، لكنه يعود لاحقا ليقيم علاقة مع فتاته البيضاء التي هجرها قبل فترة، فيما تتوطد علاقة الفتاة البيضاء الأخرى بصديقها المهاجر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لماذا الهجرة اذا
انمار العراقي -

نحن الشرقيين نعتبر ثقافتنا ومعيشاتنا افضل من الغرب بشكل كبير.وفي الوقت الحالي يوجد الالاف يهاجروين يوما الى البلاد الاوربية. ولا نحاول الاندماج فيها. واذا خيرت جميع المهاجرين بالرجوع الى بلادهم الاصلية او البقاء انا متاكيد بان الجميع سوف يبقى في البلاد الاوربية او الامريكية.فحرية الاديان الموجود في الغرب افضل بكثير مما هيا في الشرق ولاتتحكم في هيئة شرعية او مشابه ذلك كما ماهو موجود في السعودية اوباقي البلادي.وهنا ارجو من الجميع التخلي عن الضمير الدين والتمسك في الضمير الانساني فهو حي لايموت

الهجرة شر لابد منه
مغربية -

نحن المغاربة تعودنا على الديار الاوربية وادا تحدثنا على هولندا بصفة خاصة احب ان ادكر ان هولندين بطبعهم مسالمين وكانت العلاقة سابقا جيدة مع العرب بصفة عامة ولكن بعد احداث 11 سبتمبر وبعد الازمة الاقتصادية الهولندية وخاصة ازمة العمل فبعض الجماعات المتطرفة والعنصرية تحاول تفرقة بيننا وبين الهولندين واصبح العنصرية من طرف الهولندين وخاصة ان اغلب الهولندين يعتقدون ان كل انسان مسلم ملتزم هو ارهابى وهدا نظرا لجهلهم من جهة ونظرا لالجهات المتعصبة والتى تحاول اشعال فتنة بين طرفين والمعروف على الهولنديون الخوف فهم مسالمين ولكن ظرباتهم دائما فالظهر وبدون شوشرة عكسنا نحن للاسف فكل ردات فعلنا تكون بضجة لدا ترى دائما العرب هم الظالمين والهولنديون كانهم الضحايا والمضلومين لان اغلب شباب العرب لايتقنون لغة الحوار بل نظرا لدمائنا الحامية يلجؤن للقوة وهدا ضد مصلحتنا ولكن لو تحدثنا بصراحة فنحنا عاشرنا الهولندييين ونشات بيننا مودة وعلاقات جيدة رغم اختلاف ديننا وعادتنا وتقاليدنا ولكن لله الحمد فنحن كنا بخير رغم ان مؤخرا اصبح معضم العرب يهاجرون لبلجيكا او دول اوربية اخرى لان هولندا اصبحت مصارفيها باهضة وفرص العمل قليلة بالاضافة الى المشاكل الاجتماعية الاخرى.المهم الله يجازى كل من يحاول التفرقة وزرع الفتنة سواء فهولندا او غيرها فالفتنة اشد من القتل .وهدا التفرقة لم تكن فالماضى .

الإسم : مغربي عربي
مروان -

صحيح ما ذركت اخي في مقالك فالعرب المغاربة يشكلون نسبة مهم من الجاليات الأجنيبة في هولاندا ، إلى ان مشكلة الإندماج تضل عائقا كبيرا امام تطور وتحسن ظروف عيش الجالية المغربية ، وهذه المشكبة راجعت بالإساس إلى الشرخ الكبير بين الثقافة الغربية والعربية .