السينما

الحمار بطل وسيد ومقموع ومظلوم!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حميد الأبيض من فاس:الحمار هذا الحيوان المظلوم والمفترى عليه بربط صورته بالغباء، هو "سيد المدينة" في مدينة فاس (نحو 200 كيلومتر شمال شرق الرباط). موقع احتله بفعل دوره الاجتماعي والاقتصادي والإنساني الهام في هذه المدينة العتيقة، وانتبه إليه "محمد اليونسي" المخرج السينمائي المغربي الشاب ليمنحه بطولة مطلقة في فيلم وثائقي بعنوان "سيد المدينة".
اكتشف اليونسي موضوع الفيلم، بالصدفة في إحدى جولاته بالمدينة العتيقة لفاس بحثا عن بعض من الكنوز الحضارية والتاريخية التي تزخر بها وتحجبها أسوارها العالية، ويمكن أن تكون موضوعا لفيلم يستهل به تجربته السينمائية بعدما كان له في المسرح مولد وشهرة. حينها لم يكن يعتقد أن هذا الشريط سيفتح في وجهه بوابة النجاح.

أثناء التصوير فيلم بالصدفة
جاء اختيار الحمار بطلا للفيلم الوثائقي المغربي "سيد المدينة" لمخرجه اليونسي، بالصدفة بعد الوقوف على الأدوار الطلائعية والمهمة التي يلعبها في عدة مدن مغربية عتيقة وقرى نائية، والانتباه إلى الحيف الذي طاله من قبل المخرجين الذين عادة ما يعتبرونه مجرد أداة لحمل الأمتعة. وبذلك جاء هذا الفيلم لتكريم هذا الحيوان الخدوم.
يقول اليونسي مخرج الفيلم "أثناء البحث بين المعالم التاريخية والحضارية بفاس عن موضوع لفيلم وثائقي كنت أستعد لإنجازه كي أقتحم بواسطته عالم السينما والصورة، أثار انتباهنا وجود الحمار في كل مكان لنقف على حقيقة دوره الحيوي في الحركة التجارية واليومية بالمدينة ليستحق بذلك لقب "سيد المدينة" وخادمها والحيوان الأول فيها".
ويؤكد أن لهذا الحيوان المقهور والمنبوذ، أدوار أخرى غير حمل الأثقال والتنقل بها بين الدروب والأزقة الضيقة التي تميز فاس العتيقة التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الهجري لما بناها المولى إدريس، من قبيل "تقديمه خدمات تجارية واجتماعية وهو الذي يعيل عدة أسر ويحمل السلع والأزبال والمرضى وحتى السكارى في آخر الليل".

البطل حمار
لا ينكر محمد اليونسي كون مخرجين زملاء له اتخذوا قبله من الحمار موضوعا لأفلامهم السينمائية، حيث حظر هذا الحيوان في أكثر من ثلاثة أعمال عولجت فيه مشاكله وأوضاعه وأدواره ب"شكل سطحي ومن دون تعمق في معاناته وأدواره الحيوية".
وبنظره فالحمار غالبا ما يتم استغلاله من قبل المبدعين المغاربة سينمائيين كانوا أو مسرحيين أو..، كحامل للبضائع "ليس إلا"، بينما تطلب إنجاز الفيلم الوثائقي "سيد المدينة" من طاقمه إجراء بحث دقيق في معاناته ودوره وعلاقات أصحابه به ونظرة المجتمع إليه.
وأشار منصف القادري كاتب قصة الفيلم، إلى أن اختيار الحمار بطلا للفيلم جاء لإعادة الاعتبار لهذا الحيوان واعترافا بالخدمات اليومية التي يقدمها بدء من جمع الأزبال ونقل المواد والسلع والعجزة والحالات المرضية ووصولا إلى "حمل السكارى" من الرصيف إلى منازلهم.
وإن كان المجتمع ما يزال يذكر لفظة "حاشاكم" كلما ذكر اسم الحمار، فالفيلم جاء لمحو تلك الصورة السيئة عن هذا الحيوان الخدوم.
وما قد يجهله الجميع هو أن الحمار يعتبر السبب الرئيسي في إنشاء الفندق الأمريكي بفاس المختص في علاج الحيوانات بالمجان، بعدما زارت سيدة أمريكية المدينة ووقفت في عشرينات الألفية الماضية على حقيقة الوضع الصحي للحمار".

حمار وحمُار
في 52 دقيقة يتتبع الفيلم مسار الحمار و"الحمُار" (صاحب الحمار) في حلهما وترحالهما وحياتهما اليومية. ويقف على حقائق مذهلة حبكها روائيا من خلال التركيز على العلاقة بين الأب (الحمال) الذي يلقن ابنه دروسا في الرفق بهذا الحيوان ليشهد بنفسه في الأخير على دوره الفعال.
ويعتبر منصف القادري أن هذا الفيلم الوثائقي يحاول بطريقة أو بأخرى إبراز الدور الكبير الذي يلعبه الحمار في فاس أكبر مدينة للراجلين في العالم، والتي "لو لم يكن الحمار لما كانت المدينة، وقيمة الشيء لا تعرفه إلا بفقدانها وغيابها".
وينقل الشريط المشاهد في جولة يومية للحمار وصاحبه للوقوف على الأدوار التي يقوم بها في نقل السلع والبضائع والأتربة وكيفية تدبر العديد من الأسر لعيشها ومعيشتها على حساب هذا الحيوان الذي يجوب يوميا أطراف فاس وتخوم أزقتها ومتاهاتها شاهدا على معالمها والحياة اليومية للسكان.
ويركز في بعض مشاهده التي لا تغفل إبراز أهم المعالم الحضارية والتاريخية وكل المكونات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، على الحمير "القطابة" كما يعرفون بالمدينة"، وهم الذين يجوبون المدينة بدون مرافق من مقلع الأتربة إلى المشغل، بشكل يستحيل على العديد من الساكنة والزوار.

طريق النجاح
ليس من السهل أن يحظى فيلم وثائقي حديث الإنتاج بالعرض في عامه الأول، في افتتاح إحدى أكبر مهرجانات الأفلام الوثائقية في العالم. ويعتبر 22 أبريل 2006، يوم عرض "سيد المدينة" في افتتاح المهرجان الدولي للأشرطة الوثائقية بمدينة داكس الفرنسية، حدثا تاريخيا في حد ذاته.
وهو ما يعتبر محمد اليونسي "تشريف للأفلام الوثائقية المغربية" وتكريم لشركة المدينة للإنتاج التي يعتبر هذا الشريط أول أعمالها في المجال، ولكل الممثلين الشباب الذين شاركوا في تشخيصه وكل من كانت له يد في خروجه إلى حيز الوجود ولمدير إنتاج الفيلم "محسن مهتدي".
ويعتبر هذا الفيلم الذي صور بكاميرا "البيطا الرقمية" قبل في عام 2006 وعلى مدى أسبوعين في 72 "بلاطو" بالمدينة القديمة بفاس، طريقا حقيقيا فتح باب النجاح في وجه هذا المخرج المغربي الشاب الذي اكتسب شهرة كبيرة مكنته من الإشراف على أعمال سينمائية كبيرة.
والحصيلة اليوم وخلال نحو عام فقط، تسع أفلام قصيرة تحمل عناوين "الحبق" و"زيارة ليلية" و"أب وابن" و"أهذه هي الحياة؟" و"البروتكان" و"أمل" و"المسافر" و"الدمية" و"الميدالية والمطرقة"، وفيلم طويل بعنوان "ألو 15"، والبقية تأتي قريبا على شكل أفلام قصيرة وتلفزيونية وسينمائية واعدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
dimar
عادل -

c''est un bon film

dimar
عادل -

c''est un bon film