وصية شاهين، حب الوطن، وعشق الإنسان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صلاح هاشم من باريس:اعتبر ان يوسف شاهين، الذي توفي يوم الاحد 27 يوليو 2008 عن 82 عاما هو مؤسس تيار " المكاشفة " وحساب الذات في السينما العربية الجديدة، اذ يجسد المخرج المصري يحيي الاسكندراني في فيلم " الاسكندرية كمان وكمان " من انتاج 1990 حالة خاصة، في اطار عملية الخلق الفني، داخل بلد محدد هو مصر. وهذه الحالة الخاصة، في اطار الظروف الموضوعية العامة، اجتماعية وفكرية وسياسية واقتصادية التي تعيشها، هي موضوع فيلم شاهين، الذي يضع نفسه أمام المرآة،لكي يكتشف ملامح وقسمات تلك " الحالة " الخاصة جدا في شخصية يحيي الاسكندراني..
هاهو " جو " يعود في هذا الفيلم، الى وقائع شخصية وتاريخية محددة، ويطرح هذه الوقائع من خلال مرآة الشخصية، في علاقتها بالتاريخ، حين تكون " الأنا " هي المحور الاساسي في الفيلم، ولذلك يعد " الاسكندرية كمان وكمان احد اهم الأفلام العربية في تاريخها، اذ يؤسس لما نحب ان نطلق عليه " سينما المكاشفة " الذي يؤكد على قيم " الفردية " من حيث هي " بلورة " لفكر فردي فريد ونبيل وأصيل ومتفرد، في مواجهة تلك الافكار والجماعات التي تحارب كل ما هو نبيل وانساني، وتريد ان تكتسح بتياراتها السلفية الظلامية المتعصبة الفكر الآخر، وتعمل على اخراس الالسنة..
يركز فيلم " الاسكندرية كمان وكمان" على هواجس وهموم يحيي الاسكندراني، الذي يعيش حالة " انفصام " عن النجم - أو الذات الاخرى - الذي كان يقوم ببطولة أفلامه، وقد انشغل هذه المرة عن مخرجنا بمسلسلات وافلام تليفزيونية مشبوهة بأموال مشبوهة..
ندلف الى الاسكندرية من أول لقطة ونلتقي يحيي المخرج الاسكندراني ونسافر معه الى مهرجان برلين، حيث حصل فيلمه على جائزة الدب الذهبي جائزة احسن فيلم،ثم نتجه معه الى مهرجان " كان " الذي لم يحصد فيه الا مرارة الفشل، ونعيش معه قصة انفصال نجمه الذي يقوم ببطولة افلامه عنه، كما نعيش معه علاقته بفنه حيث يخرج فيلما بعنوان " هاملت الاسكندراني، ولا ينجح عمر " نجم افلامه " لا ينجح للأسف في تقمص شخصية هاملت كما يريدها المخرج ويطلبها..
يمنحنا الفيلم مخرجا شابا جديدا هو يوسف شاهين، حيث يمثل ويرقص ويغني في الفيلم، ويطلب منا في اغنيته ان نرى العالم بعيونه.. وان نتفحص جيدا في عينيه لنرى شهادة الحب.حب الوطن مصر وعشق الانسان.
ويشارك يحيي المخرج الاسكندراني الذي يلعب دوره شاهين ذاته في اضراب الفنانين في مصر ضد سلطة النقابة، واذا به يلتقي بهذه الممثلة الشابة " نادية " وتقوم بدورها الفنانة يسرا، فيقع في حبها، ولا يستطيع أن يصارحها بحبه، ومن خلال علاقته بها تتفتح ذاته على أشياء ووقائع وأحداث، مشاعر وأحاسيس ورؤى لم يكن يفهمها، او يستشعرها من قبل - من خلال المشاهد التي تظهر فيها يسرا في دور الملكة " كليوباترا " ويوسف شاهين في دور أنطوني مرة، ثم في دور الاسكندر الاكبر مرة اخرى، وهكذا يقدم لنا شاهين " رؤية " ذاتية تهكمية ساخرة في آن، لبعض الشخصيات التاريخية التي تركت بصماتها علي حياة وتاريخ المدينة..
كما ان " الاسكندرية كمان وكمان " في رأينا، يطرح ايضا " رؤية " ذاتية لهذه المدينة المتوسطية العريقة - كانت أول " عاصمة " لمصر - التي تشكل في جوهرها مساحة للتواصل والتسامح والتعارف والتفاهم وتبادل الثقافات بين جميع الأمم والأجناس، كما يتمثلها فنان كبير مثل يوسف شاهين..
نتابع في الفيلم أيضا مشاكل وهموم عملية الخلق الفني السينمائي، حيث يصنع يحيي مخرجنا الاسكندراني فيلما عن " هاملت " لشكسبير ويضع له عنوان " هاملت الاسكندراني "، وهي بالطبع تحية إلى مسرحية هاملت الشهيرة وتحية الى مؤلفها الكاتب المسرحي الانكليزي وليام شكسبير، فقد كان شاهين يحلم بتمثيل دور هاملت عندما كان يدرس في كلية فيكتوريا وقبل ان يشد الرحال للسفر والذهاب لدراسة السينما في أميركا..
يكشف الفيلم الذي يجسد " فن المكاشفة " من ابتداع شاهين وعند شاهين عن جدارة، يكشف أيضا عن التناقض بين شخصية الممثل وشخصية المخرج في ذات المخرج شاهين.لكنه هاهو شاهين يحل لنفسه هذه المشكلة، فيقوم ببطولة الفيلم بعد أن قام محسن محيي الدين بدور شاهين في " الإسكندرية ليه ؟ " الذي حكي لنا فيه عن رحلته لدراسة السينما في أميركا، وقام الممثل نور الشريف بدور شاهين في ذلك الجزء الثالث من " الثلاثية " ونعني به فيلم " حدوتة مصرية " ويحكي لنا فيه عن عملية تغيير شرايين القلب التي أجريت له..
فيلم " الإسكندرية كمان وكمان يضع رؤية الذات على حقيقتها من خلال أزماتها وهمومها، مع رؤية الواقع على حقيقته، من خلال الإضراب في النقابة، يضعهما مع حال السينما العربية في المهرجانات الدولية مثل فينيسيا وكان داخل بوتقة الفن الشاهيني، ليصنع لنا " تركيبة " مدهشة وساحرة من الأحاسيس والمشاعر والأفكار والأغاني والمواقف، تنفخ من جديد الروح في السينما العربية وتمسح عنها التراب. وفيلم " الإسكندرية كمان وكمان "، عندما يطلق للذات في السينما العربية حريتها،ويوفر لها إمكانيات القول والبوح- بلا كسوف او خجل، يحرر السينما العربية من الاطر الكلاسيكية القديمة التي تحبس فيها نفسها، بموضوعاتها المكررة المعادة المملة الثرثارة، ويفتح لها نافذة على بحر الإسكندرية، لكي تسافر في أفق ثقافتنا العربية المعاصرة، وتبحر في سلام مع الذات، داخل بحر الناس الكبير، وتكتشف ولأول مرة ربما نفسها والعالم.
التعليقات
مش فوضى
ahmaaad -اليوم لم تصبح فوضى .اليوم الى استلام الجائزه ....؟ هتلاقى كل حاجه مكتوبه ومنظمه ومرتبه ومفيش حاجه اسمها هى فوضى ولا حتى اسكندريه كمان وكمان
حب الوطن واعشق ....
ابن العراق -حب الوطن واعشق الانسان كلمات كبيرة وذكية, اذا حبينا الوطن نكون مخلصين لقاسم المواطنة بها يزدهر الوطن والبيئة التي نعيش فيها. اعشق الانسان مفهوم الانسانية والسلام وهو منطلق لايقاف النزاعات المدمرة.
الى ahmaaadتعلم
علي رستم -اظن دائما ان في عقلنا العربي قصورا نحو اكتشاف الاشياء ونظل دائما نصنع لنا اوهام في اخرة الدنيا ان كان وسيصير دفتر وقلم وحسابات لكم نقترف الحماقة هو في عندنا جمال في صناعة الدهشة كم فرد بهي مثل شاهين عانوا ازمة العقل العربي والتهمتهم ازماتنا عبر التاريخ ياسيد احمد تعلم بعض فتافيت من جمال يوسف شاهين العظيم في رسم مساحة من جمال في صحرائنا وصحاريك
يوسف شاهين العملاق
Mary -لو كل شخص فى الوطن العربى ادى عملة بضمير زاى يوسف شاهين الوطن العربى هايسبق كل الدول الغربية
فوضى
عربي -افلام يوسف شاهين كلها فوضى وغامضة وغير محببة للشعب العربي الذي يفضل الافلام الواقعية ولاجتماعيى والعاطفية الملموسة والقريبة منه لكي يفهمها لا افلام يوسف شاهين المملة والغير واقعية
el bakae lillah
adiba -youssef chahin ostoura we hadouta masria 3abkari. allah yerham .sab lil watan wel 3alam kanz kebir la yantahi ismo youssef shahin.
يوسف شاهين
أحمد عبد التواب -أفلام الاستاذ يوسف شاهين إنسانية وعبقرية وسبقت عصرها بسنوات كثيرة . لا أحد ينسي واقعية فيلم الأرض وغموضه الجميل في نفس الوقت . يوسف شاهين خارج المنافسة ويبقي حتى النهاية أفضل مخرج عربي ظهر حتى الآن ...