السينما

قضية بولانسكي والفخ المُعَّد سلفًا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كندا: هل ثمة من اغتبط لقيام السلطات السويسرية، في السابع و العشرين من سبتمبر الماضي، باعتقال المخرج العالمي الشهير رومان بولانسكي، بناء على مذكرة الإعتقال الصادرة بحقه عام 1977 على خلفية اتهامه باغتصاب الصبية سامانثا غايمر التي كانت، في حينه، في الثالثة عشرة من عمرها؟ اذا ما وُجد ثمة مغتبط ٌ لهذا الإعتقال، فربما سيكون مجلة "فانتي فير" الأميركية، و كذلك مؤسسة "كوندي ناسست" الناشرة لهذه المجلة.
لماذا؟
في تموز "يوليو" من العام 2002، نشرت المجلة مقالاً يشير الى قيام بولانسكي، و هو عائد من جنازة زوجته القتيلة عام 1969، بإغواء عارضة أزياء سويدية في أحد مطاعم نيويورك، عارضًا عليها، و هو يلامس فخذها، أن يجعلها أشهر من زوجته الممثلة الراحلة شارون تيت.
المخرج الشهير اعتبر ما ورد في المقال تشهيرًا لا أخلاقيًا به، فرفع دعوى قضائية ضد المجلة. ولكن الغريب أنه رفعها لدى السلطات القضائية البريطانية و ليست الأميركية. و راح محاموه يتابعون الدعوى بمثابرة، حتى تمكنوا في النهاية من الحصول على حكم لمصلحة موكّلهم بعد ثلاث سنوات تمامًا، أي في تموز "يوليو" من العام 2005، فحكمت المحكمة بتعويض بولانسكي مبلغاً قدره 50 ألف جنيه استرليني، كما حكمت على المؤسسة الناشرة بدفع كافة التكاليف القانونية التي ترتبت على القضية، و التي قُدرت بنحو مليون و نصف المليون جنيه استرليني.
ولكن، بقدر ما يُحتمل أن يوجد مَن يغتبط فعلاً لاعتقال المخرج الشهير، فإن الكثيرين في العالم قد أصابهم الإستغراب من توقيت الإعتقال المفاجئ مع وصوله الى مهرجان زيوريخ السينمائي الذي كان قد استعد لتكريم مسيرة المخرج، الزاخرة و المتميزة ، بجائزة خاصة .. فتم تكريمه بالإعتقال من قبل السلطات في زيوريخ. و كان العالم قد نسي مذكرة اعتقاله التي مضى على إصدارها أكثر من ثلاثين عامًا، كان بولانسكي يتجول خلالها في العالم و يخرج الأفلام، و منها فيلمه الشهير"عازف البيانو" الذي نال عنه جائزة الأوسكار، كأفضل مخرج، عام 2002 . بل إنه كان يتردد كثيرًا على سويسرا ذاتها التي يمتلك فيها منزلاً في منتجع "غشتاد" للتزلج، عليه فإن تبرير وزارة العدل السويسرية بأن السلطات قد أصبحت على علم بوصوله، هذه المرة بالذات، لم يكن مقنعًا لأحد. و بهذا المعنى فإن المخرج قد وقع ضحية "فخ" مُعد له سلفًا، خصوصًا و أن السلطات السويسرية قد اعترفت بأنها قد تلقت معلومات أميركية عن رقم الرحلة التي ستحط بها طائرة بولانسكي. فهل ثمة نية كيدية تقف وراء هذه العملية؟ أم أن القضاء الأميركي ينوي غلق ملف القضية نهائيًا، أكان لمصلحة المتهم الشهير أم ضده؟ و هل أن القاضي "بيتر سبينوزا" كان صادقًا عندما صرح أن ثمة أخطاءً قد حصلت في المحاكمة الأصلية عام 1977 و يريد هو تلافيها، أم أن في ذلك محاولة لاستدراج المخرج مقتنعًا .. تخفيفًا لصدمة الإعتقال المفاجئ الصادم؟ ثم هل أن للفيلم الوثائقي الذي ظهر العام الماضي بعنوان "بولانسكي .. المرغوب فيه و المطلوب" علاقة تحريضية أو تذكيرية بالواقعة المنسية منذ سنوات؟ .. أسئلة تتفرخ عن بعضها و تتفرع، و لا يمكن لأحد أن يأتي الآن بإجابة قاطعة عن أي منها حتى ينجلي الأمر .. لكن متى ينجلي؟ لا أحد يمتلك جوابًا قاطعًا أيضًا.
و من المعروف أن سامانثا غايمر، الصبية التي كانت، و التي أصبحت الآن إمرأة في الخامسة و الأربعين، و أمًا لأربعة أبناء، هي نفسها كانت قد أعلنتصفحها عن بولانسكي، و طالبت السلطات الأميركية بطي الصفحة و الكف عن ملاحقته و منحه الفرصة للقدوم الى الولايات المتحدة لتسلم جائزة الأوسكار التي فاز بها في العام 2002. لأنه، حسب رأيها، قد نال عقابًا من خلال الرعب الذي عاشه طوال هذه السنوات و أن ذلك قد بات كافيًا، لذا فإن إعادة إثارة القضية من جديد إنما يمثل مساسًا واضحًا و كبيرًا بمشاعر زوجها و بحياتها العائلية المستقرة . . من الناحية الإنسانية و الأخلاقية فإن هذا الحكم من قِبل "الضحية" ذاتها صحيح و عادل، ولكن القضاء الذي يتجنب تأثير هذه الناحية عليه لا يعترف بهكذا تصريح، بل يعتمد لوائح القانون المجرد، و الذي قد يقع أمر تطبيقه بأيدي قضاة قساة لا يقيمون للنواحي الإنسانية و الأخلاقية أي اعتبار. و هؤلاء القضاة، أكانوا قساة أم رُحَماء، لا يستطيع أحد في دولة يطبق فيها القانون على الجميع بالتساوي أن يلومهم قانونًا. عليه فإن تظاهرات الإحتجاج أو مذكرات الإدانة لاعتقال بولانسكي أو بيانات التضامن التي أصدرها سينمائيون مشهورون أمثال غوستا غافراس و عبدالرحمن سيساكو و فاني أردان و جان جاك بيني و باولو سورينتينو و غيرهم .. كل ذلك لا يساوي شروى نُقير أمام تطبيق مذكرة الاعتقال قانونًا . . و بغض النظر عن الجهات و النوايا التي تقف وراءها أو المستفيدة منها. و علينا أن نتذكر أن بولانسكي كان قد فشل في شهر مايو "أيار" الماضي أيضًا في إقناع المحكمة بإسقاط التهمة الشهيرة عنه، و لم يجدِ نفعًا تذكيرُه إياها بما كان قد أدلى به أثناء المحاكمة الأولى عام 1977 بأن الصبية لم تكن عذراء و أنها كانت متمرسة في الجنس و .. صاحبة خبرة.
و الواقع، لو أن القضاء الأميركي كان قابلاً للخضوع تحت تأثير العوامل الإجتماعية أو "الإنسانية" خارج حذافير بنود و مواد القانون القضائي الأميركي، لكان قد تأثر، حينها، بما اُثير من تعاطف مع بولانسكي في هذه القضية، على خلفية المأساة التي تعرض لها في العام 1969 و التى سعى المتعاطفون معه الى تذكير القضاء بها. و تتلخص هذه المأساة بقتل زوجته الممثلة الحامل شارون تيت و أربعة من ضيوفها بطريقة سادية وحشية على يد أتباع تشارلز مانسون هزت أميركا و العالم في حينها، خاصة و أن هذه الجريمة قد اُلحقت بجرائم مماثلة في غضون اليومين اللاحقين، ولكن، و بسرعة فائقة، تم إلقاء القبض على الجناة الذين تبين أنهم قد وضعوا قائمة لقتل عدد كبير من مشاهير هوليوود في ذلك الوقت، منهم ريتشارد برتون و اليزابيث تايلور و توم جونز و فرانك سيناترا و ستيف ماكوين .. و سواهم . إذًا فلا التذكير بهذه المأساة، في حينه، و لا وفاة القاضي الذي أصدر مذكرة الإعتقال، بعدها، و لا مذكرات الإحتجاج و بيانات التضامن، اليوم، تجدي نفعًا .. كلها باتت هواء في شبك أمام قضية طفت على السطح من جديد في السابع و العشرين من سبتمبر الماضي، و باتت هي نفسها مادة سينمائية قد يوظفها بولانسكي نفسه لفيلم قادم .. اذا ما كُتبت له فرصة الخلاص هذه المرة.
ولد رومان بولانسكي في الثامن عشر من شهر آب "أغسطس" من العام 1933، لعائلة يهودية في بولندا. و عندما اجتاحت القوات الآلمانية ُ الأراضيَ البولندية، خلال الحرب العالمية الثانية، زجت هذه القواتُ بعائلته اليهودية في معسكر أوسشفايتس النازي، حيث توفيت والدته فيما بعد، أما والده الذي كافح بمختلف الوسائل و الطرق حتى استطاع التخلص من هذا المعسكر، فقد سلّم ابنه رومان الى عائلة فلاحية، فراح الصبي يتنقل من عائلة أرثوذكسية الى أخرى، مضطرًا في أحيان كثيرة الى النوم في الإسطبلات. و منذ صباه كان بولانسكي مولعًا بالسينما ، فكان يرتاد دور العرض السينمائي إشباعاً لولعه الذي قاده، لاحقًا، الى دراسة السينما و التخصص في الإخراج. و في العام 1968 هاجر الى هوليوود، لتنطلق من هناك شهرته الواسعة من خلال أفلام من مثل "طفل روزمري" الذي لفت اليه الإنتباه كمخرج ذي بصمة خاصة في هوليوود، وفيلم "الحي الصيني" الذي رشحه لجائزة الأوسكار. و نال بولانسكي نحو خمسين جائزة طوال مسيرته السينمائية .. كان آخرها جائزة مهرجان زيوريخ "المشؤومة". و كان المخرج الشهير قد ترشح أربع مرات لجائزة الأوسكار كأفضل مخرج، فنالها في العام 2002 عن فيلمه الكبير "عازف البيانو" الذي يتناول احدى قصص الهولوكوست في بولندا. لكن بولانسكي لم يحضر حفل جوائز الأوسكار لتسلم جائزته، خشية القبض عليه من قبل السلطات الأميركية على خلفية تهمة الإغتصاب المعروفة، و هو السبب ذاته الذي جعله يرفع دعواه القضائية على مجلة "فانتي فير" لدى السلطات البريطانية .. و ليست الأميركية .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هناك حل
خوليو -

أمام المخرج الشهير حل قد يسعفه وهو إعلان اسلامه وطلب محاكمته أمام المحاكم الشرعية، لأن من الشروط الشرعية في هذا الدين ولإثبات فعل الزنى هو وجود أربعة شهود، ولما كان يتعذر ذلك في هذه القضية فسيخرج المخرج بريئ وُيرد اعتباره ويمكنه رفع دعوى على القضاء الأميركي لعدم تطبيقه الشرع السماوي وتبديله بالقانون الأرضي، وسيجد المخرج دعماً له من مسلمي أميركا ومسلمي العالم حيث يمكنهم التظاهر وربما أفعال أكبر من ذلك أمام السفارات الأميركية.

الى الحقود
واحد من الناس -

أنت شخص متعصب. تمنياتي لك ولأمثالك أن تاكلك النار التي في قلبك.

الي خوليو
ايمان الوكيل -

عيب عليك يا من تدعي الحضاره والثقافه ماهي وجه الصله بين هذه الافعال الوضعيه والاسلام انصحك كي تنظف قلبك

البوابة التاسعة
محمد -

مشكلة بولانسكي في انحيازه غير الانساني ضد الفلسطينيين ، من حقه ان يدافع عن اليهود الذين راحوا ضحية جرائم النازية ولكن ليس من حقه ان ينتقص من الفلسطينيين كلما سمحت له الفرصة كما في فيلمه البوابة التاسعة حيث يخرج رجل فلسطيني ثري مع عاهرات من بار ويرتدي الفلسطيني كوفية للاشارة الى هويته .ما الذي دفع بولانسكي لهذا الانتقاص واقحام حقده السياسي في فيلم محوره الأساسي لا علاقة له بالسياسة