السينما

المسبحة الخطأ... محاولة لكسر التابو الديني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يتصف فيلم "المِسبحة الخطأ" بجرأته النادرة في رصد المنطقة المشتركة التي تلتقي عندها الأديان السماوية. كما أنه يتناول موضوعًا إشكاليًا كبيرًا حينما يرصد قصة المؤذِّن موسى الذي يؤم المصلين في أحد جوامع إستانبول، ويقع في حب فتاة كاثوليكية ولا يجد ضيرًا في أن يتزوجها ويقترن بها مدى حياته. وعلى الرغم من أنه عاش صراعًا مؤسيًا مريرًا في داخله، إلا أنه كان يلمِّح بهذا الحب اللجوج الذي أربك حياته، وكان وشك التصريح بهذه الكلمة السحرية التي كانت ستقود الأمور الى نصابها الصحيح.
أبو ظبي: تحتفي الدورة الثالثة لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبو ظبي بالسينما التركية الحديثة ولذلك فقد أفردت لها برنامجًا خاصًا جاء تحت عنوان "السينما الجديدة في تركيا"، اضافة الى اشتراك فيلمين مهمين في مسابقتي الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة وهما "10 حتى 11" للمخرجة بيلين إسمر، و"في الطريق الى المدرسة لأورهان أسكيكوي وأوزغور دوغان. وعلى الرغم من أهمية كل الأفلام التركية المشتركة في هذا المهرجان إلا أن فيلم "المِسبحة الخطأ" هو الأكثر حساسية لأنه يتناول موضوعًا اشكاليًا نادرًا ما يحدث في المجتمعات الإسلامية على وجه التحديد. وإذا حدثت قصة من هذا النوع الاشكالي فإنها تظل محصورة في إطار الاستثناءات القليلة التي تحدث في أوقات متباعدة جدًا.
لابد من الكشف عن مضمون هذه القصة الإشكالية التي كتبها ثلاثة أشخاص وهم طارق طوفان، غوركيم يلتان وبكتاش توبال أغلو حيث اختاروا فكرة حساسة مفادها أن المؤذن موسى القادم من أنقرة الى إستانبول يقع في حب فتاة كاثوليكية منغلقة على نفسها. يا ترى، ما معطيات هذه القصة، وما هي تداعياتها على الشخصيتين الرئيسيتين في الفيلم أولاً وعلى باقي الشخصيات المرتبطة بهما. دعونا نتتبع السياق السردي لهذه القصة التي ترصد قضية التلاقح الفكري والروحي والثقافي بين شخصيات إسلامية ومسيحية. المشهد الأول له دلالة كبيرة. إذ نرى امرأة حاملا تضع مولودها الأول وتفارق الحياة. هذه المولودة هي الطفلة كلارا "غوركيم يلتان" التي كبرت وأصبحت شابة على قدر كبير من الجمال الهادئ والمقترن بالرصانة الدينية. لا نعرف كمشاهدين من هو الأب الحقيقي لكلارا التي تسكن في أحد أحياء إستانبول. تعمل كلارا ممرضة وتشرف على رعاية امرأة طاعنة في السن كانت تعمل هي الأخرى ممرضة. تتنقل كلارا بين البيت والكنيسة تقريبًا، ونادرًا ما تكسر هذا السياق المتبع إلا في الحالات الضرورية. تنقلب حياتها رأسًا على عقب حينما يسكن الى جوارها المؤذن موسى "نادر ساريباكاك"، هذا الشاب الذي قدِم الى أستانبول أول مرة وأصبح إمامًا لأحد الجوامع الواقعة في منطقة "غاتَلا ". ثمة مفارقات غريبة تحدث لموسى. فحينما يطأ أرض منزله الجديد أول مرة تقع له بعض الحوادث بفعل قلة الخبرة، إذ تنطفئ الكهرباء في منزله لأن أحد القوابس قد احترق بسبب الفولتية العالية "للهيتر " الذي استعمله في تسخين الماء. لم يجد بدًا من طرق الباب المجاور له فيأتيه الرد من وراء الباب الذي يُصفق بقوة، لكنها أي "كلارا" تقدم له المِفّك الذي طلبه من فتحة صغيرة في الباب الموارب. يستفيق كل صباح في حدود الساعة الرابعة فجرًا لكي يرفع صوت الآذان ويؤم المصلين الذين يفدون الى الجامع في كل فرض. ذات ليل توقف المصعد فلم يجد منْ يساعده سوى الجارة كلارا التي أنارت له المصعد بضوء شمعة موقدة فيشكرها في اليوم الثاني على مساعدتها. ذات مرة أسقطت مسبحتها التي تنتهي بصليب فالتقطها موسى وحاول اللحاق بها لكنها ولجت الى الكنيسة بسرعة خاطفة ولم يسمح له البواب في الدخول طالبًا منه أن يأتي في اليوم الثاني. ليس غريبًا أن يدخل رجل مسلم الى كنيسة بدافع الفضول أو التعرف على بعض القضايا التي قد تبدو مبهمة له. حضر موسى الى الكنيسة في اليوم الثاني، وتعرّف هناك على يعقوب "إرسان أويسال" وتجاذب معه أطراف الحديث. وفي نهاية الأمر طلب منه أن يعمل معه في المكتبة التي يمتلكها، وهي مكتبة متخصصة بالكتب والمخطوطات القديمة التي تعود للحقبة العثمانية. هنا سيأخذ الفيلم مسارًا سياسيًا. أحد أصدقائه الشباب يسأله عن طبيعة علاقته مع كلارا وفيما إذا كانت هناك امكانية لأن تتحول من المسيحية الى الاسلام غير أن موسى يغير دفة الحديث. تتطور العلاقة بين موسى وكلارا. وحينما يصادفها على قارعة الطريق تمد يدها له في اشارة واضحة الى أن الأمور تتحسن يومًا بعد يوم. حينما يتردد كثيرًا على المكتبة يدهم البوليس منزله ويأخذونه مكبلا بجامعة يدوية، ويعاملونه معاملة قاسية لا تخلو من السب والشتم والصفعات التي لم يعهدها مؤذن وإمام جامع. وحينما يخرج من السجن يبدأ حياة جديدة حذرة لا يتحرش فيها بالتابو السياسي في الأقل.

سرّ كلارا
يسقط يعقوب مغشيًا عليه فينقذه موسى والممرضة كلارا وحينما يقتنع تمامًا بأن موسى إنسان طيب ولا يضمر الحقد لأحد يسرد عليه يعقوب تفاصيل قصته التي قد لا يعرفها الكثيرون. فالمرأة التي شاهدناهافي مفتتح الفيلم هي زوجة يعقوب وأن الطفلة التي أنجبتها زوجة يعقوب هي كلارا. ولأنه عمل في المجال السياسي المحظور فقد دخل السجن وحينما أخلي سبيله ظل يراقب ابنته من مسافة بعيدة. توفيت العجوز الطاعنة في السن التي كانت ترعاها كلارا. وتطورت العلاقة بين كلارا وموسى، لكنه كان يجد حرجًا في مفاتحتها بموضوع الزواج. قال يعقوب غير مرة بأنه يخشى أن يفتح معها هذا الموضوع لأن الوقت لم يحِن بعد. يسافر الثلاثة الى مدينة "شلة" التي تطل على البحر الأسود، ويخرج موسى مع كلارا ويصادفان في الطريق مصورًا لحوحًا أصرّ على أن يلتقط لهما صورة "فورية" تذكارية، لكنها لم تقترب من موسى، فالمسافة الفاصلة بينهما كبيرة نسبيًا ولا تستطيع عين الكاميرا أن تضعهما في الكادر الصحيح. وحينما تنزلق الصورة من الآلة تبدو مضحكة لأن المسافة التي تفصل بينهما واسعة جدًا وأن نصف جسد موسى مغيّب. ربما توحي هذه المسافة الفاصلة بينهما بالاحتمال البعيد لتلاقي واندماج هاتين الشخصين في حيِّز واحد. ومن هنا جاءت التسمية المحلية للفيلم بـ "احتمال بعيد" بخلاف التسمية العالمية للفيلم "المسبحة الخطأ" وهو عنوان مبتسر يقتصر على أن المؤذن والامام قد بدأ يسبّح بالمِسبحة الخطأ التي صادف وجودها في جيبه بسبب مفارقة عابرة. والمفارقة، كما هو معروف، لا تصنع بنية فكرية أو جمالية بسبب محدودية الدلالة.

النهاية الموجعة
لا شك في أن أغلب المشاهدين قد تعاطفوا مع شخصية المؤذن موسى الذي وجد في نفسه ميلاً لكلارا، هذه الفتاة الكاثوليكية الهادئة هدوءًا مريبًا. كان موسى يبذل قصارى جهده من أجل لفت انتباهها علّها تستجيب له. فكان يغسل الصحون غير مرة بهدف إحداث قرقعة قوية تذكرها بوجوده. وكان يساعدها في حمل الأكياس التي تتساقط من بين يديها. وحينما يسأله بعض المعارف إن كان ينوي الزواج قريبًا فيأتي الرد "انشاء الله" وحينما يقولون له إن كان قد وضع نصب عينيه فتاة ما، وهل هي متدينة أم لا؟ فيرد عليهم بارتباك شديد، نعم، أنها متدينة وهم لا يعرفون أنه غارق في حب فتاة كاثوليكية وهو المؤذن الذي يُفترض أن يكون ملتزمًا بالتعاليم الاسلامية التي لا تقبل بهذه الزيجات ما لم تغير المرأة دينها! حينما لا يجد الأب أو موسى المتيّم بها القدرة على مفاتحة كلارا بالموضوع يقررون العودة الى إستانبول. وفي الطريق الى محطة القطار حيث ستذهب كلارا الى إيطاليا وتصبح راهبة أراد موسى أن يصارحها ولكن لسانه كان ينعقد عند كل محاولة. وحينما صعدت الى عربة القطار ناداها "كلارا" لكن ممر العربة قد احتواها فيما ذهب نداء موسى أدراج الرياح، أو ربما كان صوته خافتًا الى الدرجة التي لم تسمع فيها صوته المتحشرج الذي يريد أن ينقل لها مقدار حبه وتعلقّه الكبير بها. فلا غرابة أن نراه يئن وينشج بالحسرة الأبدية على ضياع هذه المرأة الكاثوليكية التي أحبها من الوريد الى الوريد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من قال
غيور -

من قال ان الاسلام لايقبل بزواج المسلم من مسيحية مالم تغير دينها؟ هل اسميه جهلا ام قصر نظر؟

لماذا
عاشقة -

لماذا لا نجد في اي من الافلام قصة حب شاب مسيحي مع فتاة مسلمة ولكن باستمرار نجد العكس. في هذا الوقت الحالي هناك الكثير من حالات الحب والزواج بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة.وشكرا

nothing wrong !!
kamal -

I am christian and married to a muslim woman. what is wrong with this. i love her and we are happy.

للتصحيح
hayat -

يستطيع المسلم الزواج بامراة من غير دينه حتى لو كان المفتي بذاته...وتستطيع المراة المتزوجة من مسلم البقاء على دينها و ممارسة تعاليمهاالدينية طيلة حياتها.

رد على غيور
عبدالله -

يعنى انته يا معقد ماهمك بالموضوع الا انه الاسلام يقبل بزواج المسحيى......صحيح معقدين...وين القصه واحداثها كل هذا طقيته بالحيطه !!!

فيلم
wawe -

مسكينه المراه المسلمه....فالمسلمون دائما يرغبون ان يتزوجوا من غير دينهم اما المسلمه فلا يهم ان كانت لها شعور او انها ايضا تريد من يحبها فهي مصيرها العنوسه او الزواج من رجل مسن او من رجل له زوجات وكالعاده الرجل مسلم والبنت مسيحيه حرام على المسيحي ان يحب مسلمه

ليست بجرأة؟؟
فهمان -

الجرأة ان يتناول اي فيلم موضوع زواج المسيحي او اليهودي او غيرهما من بقية الاديان , من فتاة مسلمة.... في هذه الحالة ينتهي مفهوم تلاقي الاديان , و يصبح الموضوع بكل بساطة .. (مايحق لنا, لايحق لغيرنا)

عادات .
عبدالله -

أخي غيور ، معك حق وصح الله لسانك . لعل الكاتب قصد العادات الاجتماعية التي تستنكراقتران المسلم من مسيحية وليس الدين نفسه ، وهذه من البلاوي التي نعيشها في عصرنا الحاضر اذ لا نستطيع التفريق احيانا بين ما هو عادة اجتماعية ما انزل الله بها من سلطان و لا علاقة للدين بها وبين الدين نفسه . وبعض الاشخاص يقدمون العادات الاجتماعية على الدين ويغلفونها بغلاف ديني والدين منها براء ومع الاسف نجده يترسخ في تفكير القراء من خلال هذه المقالات .

ومن قال نحن نقبل
william -

قبل ان تبدا تلك التعليقات التي تدعي السماحة وقبول الاخر الى اخر المعزوفة عن ان الاسلام يقبل زواج المسلم من مسيحية دلالة على تسامحة ويتحجج ان المسلمة لا تسطيع الزواج من مسيحيي لانه لا يعترف بالاسلام كل هذا لاخفاء واقع معيب اقل ما يقال فيه انه عنصري حيث يحلل الزواج من نساء النصارى ويحرم ذلك على نساء المسلمين في اعادة لجملة ناقصات عقل ودين فالاسلام يثق بالرجل في المحافظة على اسلامه وينتزع تلك الثقة من المراة في زواجها من اخر مختلف الدين والعقيدة .الامر كما هو وبالعامية نساء النصارى حلال لنا ونسائنا حرام عليهم وكفى اختباء خلف نصوص دينية مع الاشارة الى ان زواج المسيحية الحقيقية وليست تلك الاوروبية التي لا تعرف عن المسيحية الا الاسم هو ارتباط روحي لانشاء عائلة مسيحية وتنشئة اطفالها على تلك العقيدة الدينية وليس عقدا ينظم الجنس والورث والحقوق وكل زواج خارج هذا هو عقد نكاح مكتمل الشروط والمسيحية لم تغلق امام احد في الخروج منها فهو دين اقتناع وقبول للاخر فللفرد ان يدخل فيه متى اقتنع وله ان يخرج ويعدل متى انتفى هذا الاقتناع وله القرار والحساب امام ربه فقط .

زواج مسلمة بمسيحى
جاك عطاللة -

للاسف الشديد يعتبر المسلمين ان تصريح الاسلام للمسلم بالزواج من يهودية او مسيحية تسامح اسلامى مع انه اعتداء على كرامة المسيحية واليهودية وخطفا لها من بيئتها ومن ديانتها حيث لا يسمح الاسلام نفسه بالعكس اى لا يسمح بزواج مسيحى او يهودى من مسلمة كى لا تصبح بالموقف الاضعف و هنا اوضح العقية المسيحية من زواج مسلم بمسيحية -- هذا الزواج مرفوض رفضا باتا بالمسيحية لان الزواج سر الهى وبالمسيحية يلتصق الرجل بامراته ويصبحا جسدا واحدا وما جمعه الله لا يفرقه انسان ولهذا لا يوجد قطع لهذا الجسد الواحد بالطلاق الا لعلة الزنا التى تفصم عرى الجسد الواحد وتدنس الزواج -- اما بالاسلام فغرض الزواج الاساسى هو نكاح المراة اى متعه جسدية و شراكة منفعة يمكن فضها باى وقت مثل الشركة تجارية بالطلاق -- ان منح الاسلام الحق للمسلم بالزواج من مسيحية و منعه بالوقت نفسه زواج المسلمة بالمسيحى عدوان على المسيحيات و اعتداءا على تعاليم المسيحية التى تمنع مثل هذا الزواج الذى يهدف لايقاع الفتاة لمسيحية فى حبائل مسلم ليرغمها ولو بعد حين على الاسلام بالضغوط اية وبتكبيلها بالاطفال و بلتالى يقل عدد المسيحيين تدريجياويزيد عدد المسلمين

زواج مسلمة بمسيحى
جاك عطاللة -

مكرر

Muslim Women
Free Syrian -

Films should discuss the marriage between Christian men and Muslim women not just Christian women and Muslim men, especially when the Muslim woman change her religion. Are the film producers in the Arabic world able to be brave and fair?

تغير دينها؟؟؟؟؟؟؟
عمار فراش -

المسلم يحق له الزواج من الكتابية دون ان تغير دينها. و كتابية يعني يهودية او مسيحية. يعني اهل الكتاب.