حدود المُعطى البصري في "نقطة" درويش زعيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أبو ظبي: بعد النجاح الساحق الذي حققه المخرج التركي درويش زعيم في فيلم "بانتظار الفرودس" يقدّم لنا اليوم تحفته السينمائية "نقطة" التي تتناول عدة محاور في آن واحد. منها الحُب، الجريمة والعقاب، والخطاب البصري الكامن في فن الخط الإسلامي، إضافة الى عدد من المحاور الثانوية التي حبكها المخرج وكاتب السيناريو درويش زعيم "المولود في قبرص عام 1964".
يحيلنا المشهد الأول الى جمالية الخط الاسلامي الذي يستعمله المسلمون في مختلف أرجاء المعمورة حيث تركز عدسة الكاميرا على جملة شديدة الأهمية مخطوطة بعناية فائقة تذكرنا بالتقنيات المحكمة للخط العربي والاسلامي. تقول هذه الجملة "عفى الله عنه" ثم تنفتح عدسة الكاميرا على بحيرة صافية من الملح، بحيرة تمتد على مدّ البصر، وثمة أناس متناثرون هنا وهناك. ينحسر المشهد كثيرًا ليقتصر على الشخصية الرئيسة أحمد " جسّد دوره الفنان المبدع محمد علي نور أوغلو" وحبيبته التي قرر أن يقترن بها. ولعل مشاهد القُبل الحارة كانت تكشف لنا كمتلقين أنهما يعيشان قصة حب جارفة غير أن الملابسات والظروف الغامضة سوف تفضي ببطل الفيلم الى ما لا تُحمد عقباه. يقطع هذا الجو الرومانسي مجيء صديقه سليم الذي ينفرد بأحمد جانبًا ليخبره بحاجته الماسة للنقود كي يبعث عمه المريض للعلاج في أميركا. يعرف أحمد عصابة مافيا محلية لا تتورع عن القيام بأي عملية خطرة. ويبدو أن أحمدًا قد ارتكب حماقة كبيرة حينما أحاطهم علمًا بأهمية النسخة الثيمنة من القرآن الكريم التي تعود الى القرن الثالث عشر والتي يمكن أن تُباع، على أقل تقدير، بمليون يورو مما دفع العصابة لإختطافه كرهينة مقابل هذه النسخة النادرة من مخطوطة القرآن الكريم.
الخطاب البصري
على الرغم من أن عنوان الفيلم "نقطة" يوحي بأن هناك إحالة واسعة الى جماليات الخط الإسلامي إلا أن واقع الحال ينحصر في المطاردة بغية الثأر والانتقام، وكأننا نشاهد فيلمًا من أفلام الجريمة. لم نرَ ذلك
تقمص الشخصية
لا شك في أن المتابعين للمسلسل التركي الشهير " الأجنحة المتكسرة" الذي عرض مُدبلجًا على شاشات بعض الفضائيات العربية يعرفون الممثل محمد علي نور أغلو الذي أدى دور " نوزد" وأتقنه. فهو شخصية كارزماتيكية بحق يستطيع أن يشد انتباه الجمهور. وفي فيلم "نقطة" يعود محمد علي من جديد الى ذات الشخصية الآسرة التي يتفاعل معها. فكنا نراه في بعض المسلسلات يتفانى من أجل محبوبته، وها هو اليوم يتفانى من أجل صديقه ويعرِّض حياته للعرض بغية إنقاذه من الموقف الصعب الذي يعانية، بينما هو يقطع الخطوة الأولى صوب حياة زوجية مرتقبة, فقد رأيناه في مفتتح الفيلم وهو يعانق حبيبته غير مرة، ولكنه يستجيب لنداء صديقه سليم فيقع ما لا تُحمد عقباه. بعد انتهاء عرض الفيلم في "سيني ستار 3 في المارينامول" كان محمد علي نور أوغلو هو الشخصية الوحيدة الحاضرة من طاقم الفيلم وقد أجاب باستفاضة على أسئلة الحضور الذين سألوه عن قصة الفيلم فقال إنها خيالية من جهة ومستوحاة من كتب ومصادر تاريخية من جهة أخرى. وأضاف بأن مدة التصوير قد استغرقت 12 يومًا في تلك البحيرة الملحية النائية. وقد تغلب الممثلون على بعض الصعوبات التي واجهتهم في أثناء التصوير. أما عن دلالة "النقطة" في الفيلم، وفيما إذا كانت موجودة أم لا؟ كان محمد علي بأن على المشاهد أن يبحث عن هذه النقطة ولا بد أنها موجودة في مكان ما من القصة السينمائية. وختامًا لابد من الاشارة الى أن تيار السينما الجديدة في تركيا يزدهر يومًا بعد يوم. وهذ الباقة من الأفلام المستقلة هي خير دليل على أن السينما التركية متعافية وتتقدم بالتجاه الصحيح لأن استقلالية السينما تمنحها حرية اختيار الموضوعات الحساسة والاشكالية التي تريد أن تعالجها من دون أن تضع في حسبانها مقص الرقيب.