السينما

الركن البعيد الهادئ سر نجاح الأخوين كوين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لوس أنجليس: عندما حصل الأخوان إيثان و جويل كوين، المعروفان بالأخوين كوين على عدد من جوائز الأوسكار ومن بينها أفضل إخراج وأفضل عمل، وأفضل سيناريو وأفضل ممثل مساعد عن فيلمهما "لا وطن للعجائز"، بطولة تومي لي جونز والإسباني خافيير بارديم، لم يطلبا من هوليوود واستديوهاتها الضخمة التي تموج بعوالم صاخبة مليئة بالصراعات سوى أن يتركاهما لمواصلة العمل في ركنهما البعيد الهادئ.
وباعتراف الجميع، تعتبر السينما التي يقدمها الأخوان كوين، عالما مختلف تماما عن باقي الصناعة الهوليوودية، بل تعد بكل المقاييس، خارج التصنيفات السائدة، كما أنها لا تخضع للمعايير التي تحكم صناعة السينما بالاستديوهات الضخمة. ويبدو من الأفلام التي ينجزها الأخوان المنحدران من مينسوتا، كما لو أنهما يصورانها داخل محمية هندية تحرص السلطات على إبقائها بعيدا عن أي مصدر للتلوث.
ويقول النقاد عنهما: "إنهما يفعلان ما يحلو لهما وفقا لهواهما الشخصي"، والحقيقة أن قلة قليلة جدا من هوليوود تتمتع بهذا الترف.
وينتمي فيلم الأخوين كوين الجديد "الرجل الجاد"، وللمفارقة هو من نوع الكوميديا السوداء، إلى تلك النوعية من الأفلام التي خرجت من ذلك الركن الهادئ. وقد عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان تورنتو الأخير وبدأ عرضه جماهيريا منذ الأسبوع الأول من الشهر الجاري.
تدور أحداث الفيلم عام 1967، وتتناول قصة مواطن صالح يقوم بدوره النجم مايكل شتولبراج، يتمتع بضمير يقظ وهو أيضا أب مثالي وزوج مخلص، يعمل أستاذا بالجامعة، معروف عنه الجدية والالتزام، غير أن حياته تنقلب رأسا على عقب بين عشية و ضحاها بدون أسباب واضحة.
ووفقا لتصريحات الأخوين كوين أثناء تقديم الفيلم في مهرجان تورنتو، فإنهما حاولا من خلال هذا الفيلم إثارة حيرة ودهشة الجمهور، وبلبلة أفكاره، ولايتوقف الأمر عند هذا الحد فقد رأى بعض النقاد أن هذا الفيلم يعكس أكثر من أي عمل جوانب عميقة من الحياة الشخصية لصانعيه.
ويستند النقاد في رأيهم إلى أن أحداث الفيلم تدور في أحد الأحياء اليهودية في مدينة متوسطة من الغرب الأمريكي وهي أجواء مشابهة إلى حد بعيد لتلك التي عاشها الشقيقان في بداية حياتهما. وعن هذه النشأة يقول الأخوان كوين "أثرت الديانة اليهودية في طفولتنا بصورة كبيرة، فأمنا كانت سيدة متدينة للغاية وكانت تواظب على ممارسة الطقوس وتجبرنا على الذهاب إلى المعبد يوم السبت من كل أسبوع".
جدير بالذكر أن الفيلم حظي بعد عرضه في مهرجان تورنتو بإشادة كبيرة من جانب العديد من النقاد وكتاب السينما، بل وصل الحد ببعضهم ان اعتبروا هذاالعمل "الأفضل" في مشوار الأخوين كوين، في حين ربط آخرون بينه وبين الخط السائد في أعمالهما السابقة مثل "يحرق بعد القراءة" بطولة براد بيت وجورج كلوني، و"لا وطن للعجائز" الذي حصل عنه النجم الإسباني خابيير بارديم على جائزة أفضل ممثل مساعد، لأول مرة في تاريخ إسبانيا.
واعتبر أن الأعمال الثلاثة "لاوطن للعجائز" و"يحرق بعد القراءة" و"الرجل الجاد" تحكي قدرا مأسويا، كما تثبت أن ضربة حظ يمكنها أن تغير مصير الانسان للأبد.
يقول إيثان كوين "ربما يكون ذلك صحيحا - في إشارة إلى وجود رابط بين الأعمال الثلاثة - نظرا لأننا كتبنا سيناريو (الرجل الجاد)" أثناء التحضير للعملين الآخرين، على الرغم من أنه في (لا وطن للعجائز) مصير البطل لم نصنعه نحن بل حسمه منذ البداية كورماك مكارتني مؤلف الرواية التي استوحينا منها العمل".
على صعيد متصل، ألمح بعض النقاد إلى وجود تشابه بين "الرجل الجاد" وفيلم المخرج الإيطالي الكبير فيدريكو فيلليني "أماركورد" من ناحية الحنين للطفولة وتغلب الطابع الشخصي والسرد الاستبطاني الذاتي على كلا العملين بالإضافة إلى التناول الفنتازي لعالم أعيد ابتكاره بصورة مبالغة.
وفي حقيقة الأمر يمكن القول أن الأخوين كوين نجحا بفيلمهما الأخير بعد عامين من حصولهما على الأوسكار في جذب انتباه الجمهور والنقاد، صحيح أن أفلامهما ليست من النوعية التي تحطم الإيرادات، ولكنها من النوعية التي تترك أثرا في الجمهور وفي تاريخ صناعة السينما ويستمر الحديث عنها طويلا، وربما تنجح في حصد حزمة من جوائز الأكاديمية.
كما سيظل ركن الأخوين كوين البعيد الهادئ يفرز أعمالا ناجحة وممتعة مثل جراب الحاوي ولكن مملوء بالمشروعات الفنية الطموحة. جدير بالذكر أن الأخوين أعلنا أن فيلمهما القادم سيكون حول فرقة ممثلين حاولت في عشرينيات القرن الماضي تحويل مسرحية شكسبير "يوليوس قيصر" إلى فيلم سينمائي.
ويخطط الأخوان كوين ايضا لعمل فيلم عن رعاة البقر ولكن على طريقتهما الخاصة بطبيعة الحال، على غرار فيلم "قوة القانون" 1969 لهنري هاثاواي، والذي حصل عنه نجم الويسترن الأمريكي الشهير جون واين على الأوسكار الوحيدة التي نالها طوال مشواره الفني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف