على هامش فيلم طويل جدًا للمخرج جمال أمين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اختمارات الوعي
مسقط: يواصل جمال أمين باصرار انتاج افلامه القصيرة الفاعلة على مستوى تجديد الدعوة لصناع الفيلم العراقيين بتبني رؤاهم المستقلة والانطلاق بها
ومازال جمال يسعى لقول الأشياء المعقدة بأبسط الطرق، وأظنني قد أشرت الى هذه الخصيصة في أعمال المخرج ذلك في معرض تعليقي على فيلم سابق له، وها هو يؤكد بأني قد أجدت قراءته في المرة الأولى، ومما يؤسفني كثيرًا أن هذا التبسيط لم ينفع في ثقافتنا العربية المعاصرة.
جمال أمين لمن لا يتذكره مخرج وممثل بلغ النجومية في وطنه العراق عندما كانت السينما العربية تصنع أبطالها ليكونوا بدلاء ثقافيين لأبطال سياسات وحركات التحرر التي كانت الشعوب العربية قد انتهت منها برحيل الاستعمار بشكله العسكري عن أراضيهم، هجر جمال وطنه العراق على إثر التغيرات السياسية الفجة التي أودت بالبلاد الى قعر مركزية دكتاتورية بشعة جعلت من الحلم الابداعي والمشروع الثقافي ضربًا من الخيال يحيل صاحبه بأوتماتيكية فريدة الى الاضمحلال في متاهات عقيمة من العسكرتالية والتوتاليتارية الثقافية والسياسية والمجتمعية إن شئت.
اللقالق
وعودًا على الفيلم موضوع المقال وهو فيلم (اللقالق) للمخرج جمال أمين والذي تدور أحداثه في الدنمارك عندما يلتقي زميلا الدراسة الابتدائية (محمد)
أقول إن هذا الفيلم يمتلك من الجدية ما يؤهله ليكون فاتحةً حقيقة لملف ثقافي مُربك ومضنٍ في ذات الوقت، ومن الواضح أننا لم نعد نمتلك خيار التملص منه أكثر مما فعلنا، وهو ملف التعايش الثقافي والاجتماعي بين العرب والأوروبين، فالفيلم يؤشر بقلم عريض وبصوت عال على إنتهاء شهر العسل الطويل بين اللاجئين العرب وأوروبا المفتوحة حتى النخاع، أوروبا التي كلفت نفسها عناء أن تكون المُخلص للمضطهدين سياسيًا وإقتصاديًا وإنسانيًا، وطرحت نفسها ملاذًا آمنًا ووطنًا بديلاً لهم؛ هاهي اليوم قد أسفرت أخيرًا عن وجهها الأشقر البارد وقد كان لها فيلم أمين بالمرصاد ليلتقط لها تلك الصورة الشخصية المفزعة.
الدور الاستقرائي
ل
الفيلم بصريًا مكتفٍ بذاته لا يحتمل أي نوع من التأويل النقدي، وهو غير قابل للتفسيرات السينمائية المفلطحة، وهو من القصر بحيث لا يمنح للمتلقي وقتًا للاسترخاء في متاهات فك شيفرات الترميز الذي ربما يشعر المخرج أن وقته قد انقضى ولم يعد يتناسب كثيرًا مع الجدية والصرامة التي تتصف بها القضية المطروحة في هذا الفيلم تحديدًا.
حساسية المخرج
على المستوى الفني أجدني ملزمًا بعض الشئ بالتنويه بحساسية المخرج العالية للصوت في هذا العمل لا كتقنية إظهار ونقل للمنطوق النصيللحوارفحسب، ولا كخلفية سينمائية - صوتية للغة المحكية فقط، بل كعنصر تعبيري يشترك في تعميق المضمون الثقافي للصورة وتنشيط الشعور بالمحنة الوجدانية التي يكثفها الفيلم بكل ما أوتي المخرج من وسائل مباشرة وغير مباشرة مما تسمح به حيثيات اللقطة السينمائية المتقشفة في فيلمه القصير الممتد لخمس دقائق.
محنة اغتراب الذات وخطيئة الهجرة منها الى الآخر الذي قلب للمستجيرين المستضافين المستوطنين المتوطنين العُزل الا من ولعهم بالوصول ظهر المُجن، فصار نارًا بعد أن كان ملاذًا، وصار يعُد على المهاجرين المهجرين أنفاسهم ليُصحح لهم اللكنة العوجاء أبدًا، ويحصي عليهم سكانتهم ليدقق في السحنة السمراء مهما أبيضت.
أهمية الفيلم أنه ولد شاهدًا على عالم يحكمه اليمين من أقصاه الى أقصاه. ربما يكون لهذا الفيلم أهمية كبيرة اذا ما تأملناه كلحظة انصاف لما نحن عليه من عمق انساني ورغبة صادقة في التناغم مع المحيط وأمل كبير في الآخر المتجمد على حدود رغباته في الهيمنة على المحيط وانتهاكه وجدانيًا وماديًا.
الفيلم يحيلني شخصيًا لتأمل المشهد غير المتوازن والتصنيف غير العادل للقوى البشرية في العالم، ويجعلني أمارس عن وعي مهام تحليلية لأسباب المحنة التي يناقشها الفيلم، الأسباب الأقتصادية والسياسية التي دعت أوروبا لفتح أبوابها مشرعة أمام طالبي السكن والسكينة، والأسباب الثقافية - السلفية والعنصرية التي تدعوها اليوم لتكريس العداء للمستضافين الذين تجذروا في الأوطان الجديدة حد الاقتلاع من بيئاتهم القديمة.
أخيرًا أقول ربما يبدو الفيلم للمشاهد العادي قصيرًا جدًا ومقتصدًا جدًا ومركزًا جدًا، وقد يبدو لكل من يشاهده أنه يصور ثلاث شخصيات فقط، أما بالنسبة لي فقد كان أطول بكثير مما يبدو عليه، وقد رأيت فيه أشخاصًا عديدين، رأيت فيه جموعًا غفيرة من أصدقائي وصديقاتي وأبنائهم، ومما أحزنني حقًا أني أوشكت أن أرى أحفادهم متورطين أيضًا في هذا الفيلم الطويل جدًا.
niz1970@yahoo.com
التعليقات
امنية
متابع -امنية في ان نرى مخرجين عراقيين يصورون جرائم تهجير الأقليات في كردستان والاضطهاد الذي تعرضوا له ،
القوانين
nero -بتبني رؤاهم المستقلة والانطلاق بها وانضاجها بمعزل عن ...المترهلة ...السوق ... هذا كله تقوم به القوانين التى من خلف الله و اول كلمه من الله و اول صوره من الله و من يعمل فى مجال القوانين يرى انه كلما توصل لقانون يخرج او يتولد منه قوانين او قانون و حتى الان مثل النافوره او الشلال لا تنتهى حياه بالقانون تخرج منها حياه احدث بنفس القوانين تولد و نرى الكمبيوتر الطبيعى العقل ايضا فى السيده التى تهتم بملابسها كلما ادخلت قوانين تمثلها فساتين و مجلات صور تخرج قوانين ادق يمثلها ذوقها الخاص الذى يتقدم
ملقلقون
اللقالق المهاجرة -صحيح ان العمل في بلاد الغربه صعب جدا ولكن ليس في اغلبها ولكن في البلدان الاسكندنافيه لان هذه الدول لاتجيد التعامل مع المهاجرين لانهم مجتمعات منغلقه على نفسها على عكس امريكا وكندا وغيرها من دول اوروبا الاخرى مثل فرنسا المانيا وانكلترا في شمال اوروبا نرى الكثير من المهاجرين منبوذين والفيلم يبدو لي يتكلم بشكل صحيح وواقعي
القوانين
nero -بتبني رؤاهم المستقلة والانطلاق بها وانضاجها بمعزل عن ...المترهلة ...السوق ... هذا كله تقوم به القوانين التى من خلف الله و اول كلمه من الله و اول صوره من الله و من يعمل فى مجال القوانين يرى انه كلما توصل لقانون يخرج او يتولد منه قوانين او قانون و حتى الان مثل النافوره او الشلال لا تنتهى حياه بالقانون تخرج منها حياه احدث بنفس القوانين تولد و نرى الكمبيوتر الطبيعى العقل ايضا فى السيده التى تهتم بملابسها كلما ادخلت قوانين تمثلها فساتين و مجلات صور تخرج قوانين ادق يمثلها ذوقها الخاص الذى يتقدم
تحية لك
محسن راضي الدراجي -العمل في هذه الدول صعب جدا, بل يشبه المستحيل والفنان العراق, مناضلا ومجاهدا ومبداعا, لان ظروف حصول الفنان على فرصة, تكاد ان تكون من الفرص المستحيلة, وهذه تعتمد على قدرة الفنان ونشاطه وظروفه, لان هنا في الدنمارك صعب العربي او العراقي ان يحصل على فرصة, تناسب هوايته وعشقه, لذلك اقول لااخي الفنان جمال محمد, فهو حقا مبدعا ومتالقا ومحاهدا في هذه الدول, لان هذه الدول تحترم الطاقات ولكن صعب ان تعطي فرصة للاخرين, ليس هم يرفضون ذلك بل ظروفهم هي صعبة, والفرص لديهم قليلة, لذلك صعب ان تحصل على فرصة في اي مجال من العمل, وتحية لفنانا المــتالق جمال
تحية لك
محسن راضي الدراجي -العمل في هذه الدول صعب جدا, بل يشبه المستحيل والفنان العراق, مناضلا ومجاهدا ومبداعا, لان ظروف حصول الفنان على فرصة, تكاد ان تكون من الفرص المستحيلة, وهذه تعتمد على قدرة الفنان ونشاطه وظروفه, لان هنا في الدنمارك صعب العربي او العراقي ان يحصل على فرصة, تناسب هوايته وعشقه, لذلك اقول لااخي الفنان جمال محمد, فهو حقا مبدعا ومتالقا ومحاهدا في هذه الدول, لان هذه الدول تحترم الطاقات ولكن صعب ان تعطي فرصة للاخرين, ليس هم يرفضون ذلك بل ظروفهم هي صعبة, والفرص لديهم قليلة, لذلك صعب ان تحصل على فرصة في اي مجال من العمل, وتحية لفنانا المــتالق جمال