سكورسيزى: السينما تحقق التواصل بين الشعوب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الاسكندرية: مارتن سكورسيزى مخرج أميركى، وكاتب سيناريو، ومنتج، وممثل، ومؤرخ سينمائي، أسس مؤسسة السينما العالمية، ويعد أحد أهم
ويحمل سكورسيزى ماجستير في الإخراج السينمائي من كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك، وهو حاصل على جائزة معهد الأفلام الأميركي (AFI) لإنجازاته على مدى عمره السينمائي في مجال السينما، كما فاز بجوائز أوسكار، وغولدن غلوب، والأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتليفزيون (BAFTA)، ونقابة المخرجين الأميركيين، ويرأس كذلك مؤسسة الأفلام؛ وهى منظمة غير هادفة للربح تهدف إلى الحفاظ على الأفلام القديمة ومنع تحللها.
وقد استضافت مكتبة الإسكندرية سكورسيزى، في ندوة أدارها د.إسماعيل سراج الدين المدير حول صناعة الأفلام كشكل من أشكال الفنون، والعوامل التي أثرت في أعماله السينمائية وبعض أفضل أفلامه.
بداية تحدث سكورسيزي عن طفولته وذكر أنه كان يعاني من الأزمات التنفسية وهو بعمر 3 سنوات وحتى الآن، ولم يسمح له بممارسة الرياضة أو اللعب، فقط كان يسمح له بمشاهدة المسرح، وأنه ترعرع وسط عائلات من صقلية، بينما في المدارس كان المدرسين من الأيرلنديين، ودرس بمدارس كاثوليكية مما خلق لديه علاقة خاصة مع المسيح، وكانت المدرسة بها قساوسة إيطاليون علموه استخدام العقل والتعليم في الحياة، وتعلم أهمية أن يكون له مهنة يسعد من خلالها الآخرين، وبعد أن كان يعتقد أنه شغوف بالدين تحول شغفه إلى السينما فذهب بعد ذلك إلى كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك.
وقال:"تعلمت ممن حولي فكان هناك من يحب موسيقى الجاز والأوبرا والروك آند رول، وكنا نتبادل الشغف، وكانت هناك موجات ثقافية وأوروبية، وقد تأثرت كثيرا بشباب المخرجين في فرنسا الذين فجروا حركة الموجة الجديدة الفرنسية في أواخر الخمسينيات، وعلى رأسهم المخرج جان لوك غودار، والمخرج فرانسوا تروفو، ومن المخرجين الايطاليين المخرج الكبير فيسكونتى".
وأشار المخرج الأميركي إلى أنه تعلم من المخرج والمنتج روجر كورمان، الذي عمل من خلاله مع نجوم كبار من أمثال جين فوندا، وقال "أدين له بتعلم صناعة الأفلام، وتفادي الأخطاء، لقد كان ينتهي من الفيلم في 24 يوماً، وبعد أن أعجب بفيلمي "من الذي يطرق بابي؟" عام 1968 ، أسند إليّ إخراج فيلم "غطاء الشاحنة" عام 1972.
سلط سكورسيزي الضوء على جوانب أخرى من مشواره السينمائي وعلاقته مع القضايا التي قدمها في جملة أعماله والنجوم الذين تعاون معهم. ووصف الممثل روبرت دي نيرو بأنه توأمه الروحي، مؤكدًا أنهما شديدا التشابه في كل شئ وتجمعهما صداقة منذ أن كانا يبلغان من العمر 15 عامًا. وقال " لم تكن تجمعنا علاقات اجتماعية ولكن كان بيننا أصدقاء مشتركون، ورغم خلفياتنا الثقافية المختلفة، لكن دي نيرو كان من أكثر الفنانين الذين استوعبوا القضايا التي أقدمها في أعمالي".
وأضاف تعاونت مع دي نيرو لفترة طويلة منذ 1973 في "مين ستريتز" Mean Streets و"تاكسي درايفر" Taxi Driver أو "سائق التاكسي" و"ريجينغ بول" Raging Bull أو "الثور الهائج" و"جودفيلاز" Goodfellas.
وروى المخرج الكبير حكاية فيلمه "ريجينغ بول" Raging Bull أو "الثور الهائج سنة 1980، الذي يعد من أهم الأفلام في تاريخ السينما الأميركية التي وثقت لسيرة ذاتية الملاكم الشهير جاك لاموتا، وقال:"جاء إلىّ دي نيرو ذات يوم وكنت يائسًا من فشل بعض أفلامي، قائلاً: لماذا لا تقدم فيلم عن الملاكمة؟ فقلت له إنني لا أعرف شيئًا عنها، فقد قضيت عمري بعيدا تماما عن الرياضة، وأصر دي نيرو وجعلني أقرأ سيرة حياة جاك لاموتا، الملاكم الأميركي الإيطالي الأصل، والذي وصل إلي بطولة العالم أواسط القرن العشرين، لأقرر أن أهذّب وأتابع محمد علي كلاي وهو في الحلبة".
واستطرد "وجدت أن في حياة هؤلاء الملاكمين ما يشغل فكري دائمًا وهو الصعود والانهيار، ووجدت أن محمد علي وهو في الحلبة لا يدرك في أي جولة هو! مما دفعني أن أخرج هذا الفيلم، وقد حاز الفيلم على إعجاب الجميع، وفاز بجائزة أحسن تصوير في وقت لم يكن أحد يؤمن بإمكانيات المخرجين ومواهبهم".
من جانبه، أشار الدكتور إسماعيل سراج الدين، إلى أن أفلام سكورسيزي قدمت التاريخ الأميركي للذين لا يعرفونه، وتعمقت في جوانبه المجهولة، وقدم في فيلمه "عصابات نيويورك" صورة عن حالة المجتمع وفساده والتبرم الاجتماعي أثناء الحرب الأهلية.
واسترجع سكورسيزي كواليس فيلم "عصابات نيويورك" ومشاكل التمويل التي جعلته يوشك على أن يعاني من انهيار عصبي، وقال "أخذني دينيرو إلى جزيرة منعزلة لنبتعد عن حياة المدينة الصاخبة، لمدة أسبوعين ونصف وخرجنا بسيناريو جديد، وقد تجاوزنا الميزانية بعشرين مليون دولار، وتجاوزنا وقت التصوير بشهرين إضافيين، وبلغت ميزانية الفيلم 97,000,000 دولار أميركي، وحقق إيرادات على مستوى العالم بلغت 193,772,504 دولار أمريكي، وترشح الفيلم لعشرة جوائز أوسكار بالإضافة إلى 32 جائزة و59 ترشيحًا لجوائز أخرى.
وبذكر علاقته مع دي كابريو قائلا أنه يثير إعجابه كممثل، لذا فإنه رشحه للظهور معه في العديد من الأفلام مثل: "غانغز أوف نيو يورك" Gangs of New York أو "عصابات نيو يورك" و"ذا أفييتور" The Aviator أو "الطيار" و"ذا ديبارتيد" The Departed أو "الراحلون"، كما تعاونا معا في فيلمهما الجديد "شاتر آيلاند" Shutter Island.
وحول ارتباط أفلامه بالمعتقدات الدينية؛ أوضح أنه يحاول التحدث عن فكرة ما تراوده ككاثوليكي، "أعتقد أن هناك ربا كاملا و إنسانا كاملا، فالفن يتحدث عن الجانب الفكري والروحي، وقد حاولت أن أركز على الجانب الإنساني وتجسيد فكرة إنسانية المسيح في فيلم اسمه (الإغواء الأخير للمسيح) عام 1988، وهو مأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب اليوناني العظيم نيكوس كازنتزاكي، بعنوان (الصمت) حيث البطل يشك في المسيح بشكله التقليدي الذي تروج له الكاثوليكية والفاتيكان، ويخلص إلى ابتداع مسيح خاص به".
وأكد أنه اختار تلك الرواية " الصمت" لأنها تعبر عن أفكاره، وهي تحكي عن القسيس البرتغالي سباستيان رودريغز، بطل الرواية، الذي ذهب إلى اليابان بحثاً عن مُعلمه التائه في المستنقع الياباني ثم بحثًا عن إيمانه ويقينه الخاص.
وذهب إلى أن فن الإخراج هو فن رائع لأنه يجمع مشاهد عديدة بجوار بعضها لنشاهدها تتحرك، مشيرًا إلى أن الموسيقى تثري العمل السينمائي ومن المفيد للمخرج أن يكون لديه رصيد ضخم منها. ونوه إلى أن ميزة استوديوهات هوليوود تمنح المخرج ما يريده ليقدم أعماله بالميزانية التي يريدها.
وفي ختام حديثه، أعرب مارتن سكورسيزى عن اعتقاده بأن السينما يمكنها أن تحقق التواصل بين الشعوب، وتصبح بوتقة لتلاقي الثقافات. وأكد أنه مطلع على مستجدات السينما العربي، وأنه يتابع السينما الحديثة ، كما انه شاهد معظم أفلام المخرج العالمي المصري يوسف شاهين. وأشار إلى أنه يتمنى أن يلتقي بصناع السينما العرب ليستمع إليهم ويستفيد منهم.
حضر اللقاء نخبة من الفنانين المصريين والعرب وعدد كبير من المخرجين المصريين وعشاق السينما والمهتمين بهذا الفن الراقي، من بينهم محمد خان وأحمد السقا ويسرا وحسين فهمي وخالد أبو النجا وسمير صبري وغيرهم.