اشكالية نقل القصص المصورة الى السينما في فيلم watchmen
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد عبد العزيز من القاهرة:تحويل القصة المصورة (الكوميكس) إلى فيلم سينمائي أصعب كثيرا من تحويل القصة الأدبية لفيلم، فعشاق الكوميكس متعصبون للغاية، وينتقدون في الغالب قصصهم المفضلة عند تحويلها لفيلم سينمائي، فما بالك بقصة تعتبر من أفضل قصص الكوميكس في التاريخ، وهي (watchmen) التي كتبها المبدع "آلان مور" بمشاركة زميله الرسام "ديف جيبونز" والتي بدأوا كتابتها في منتص الستينيات تقريبا، وحتى الآن تحظى بمبيعات هائلة وبتصنيفات نقدية متميزة وفقا لموقع (أمازون) الشهير ببيع الكتب.
الفيلم لم يخيب آمال عشاق الكوميكس، فقد نقل سيناريو الفيلم القصة الأصلية للكاتب في الفيلم مشهد وراء الآخر، وهو ما أخرج مخرج الفيلم "زاك سايندر" من المطب الصعب الذي واجهه مسبقا في فيلمه المنقول أيضا عن قصة كوميكس شهيرة (300)، وبالرغم من صعوبة تحقيق ذلك على الصورة السينمائية، إلا أنه نجح بالفعل في إظهار قدرات جديدة عليه وخاصة في اختيار طاقم التمثيل المناسب للغاية.
الفيلم يحكي عن مجموعة من الأبطال الخارقين والمقنعين، تقاعدوا عن عملهم السابق في تحقيق العدالة من وجهة نظرهم، خاصة بعد أن صنفهم المجتمع كخارجين عن القانون، منهم من اعتاد على تقبل الأمر، ولكن بداخلهم ما زالوا يشعرون بأنهم أقدر الناس على تحقيق العدالة في عالم تسوده الجرائم والظلم، تبدأ القصة من مقتل أحد هؤلاء الأبطال (إدوارد بلايك، الكوميدي) والذي قام بدوره "جيفري دان مورجان" ومن هنا يبدأ (رورسكاش) الذي قام بدوره "جاكي إيرل هالي" وهو أحد "المراقبون" في الشك بوجود شخص يريد قتل كل المجموعة، ويحاول أن يقنع بقية المجموعة بهذه النظرية، ولكنهم يرفضون هذه النظرية، ويدخل الفيلم في مرحلة (الفلاش باك) حيث ينسج السيناريو والمخرج بانسيابية شديدة النعومة والقسوة في نفس الوقت ذكريات كل المجموعة مع "الكوميدي" أثناء الاستعداد لجنازته، ومن هنا نعرف تاريخ هذه المجموعة منذ أن كانت محبوبة لدى الجماهير لتحقيقها للعدالة، ومشاركتهم في حرب فييتنام وتحويل مسار الحرب لصالح الأمريكيين، وحتى تحول الجمهور والحكومة عنهم بسبب أفعالهم الطائشة، وهنا تبدأ المجموعة في الانفصال وانشغالهم بحياتهم، وذلك حتى مقتل "الكوميدي" الذي يمثل نقطة التحول في الفيلم، فمن هنا بدأت عملية الشك في أن شخصا قويا يتعقب المجموعة من أجل قتلها، فيحاول قتل "أوزمانديا" ويلفق تهمة نقل مرض السرطان إلى "دكتور مانهاتن"، ويدخل "رورسكاش" السجن في جريمة لم يرتكبها، حتى نصل إلى نهاية الفيلم التي تفاجأ من لم يقرأ القصة المصورة.
الفيلم بالرغم من أنه يمس قضايا قديمة عن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، إلا أن معانيه القوية تصلح أيضا لأن يتم تناولها الآن، فالجمل الفلسفية الكبيرة، والحوار والمونولوج الطويل الذي يتميز به الجزء الأول من الفيلم، والذي قد يجده البعض ذا إيقاع بطيء للغاية، تعطي أفكارا مختلفة ووجهات نظر معاكسة للأبطال الذين أعتدنا عليهم، فالأبطال هنا قد نعتبرهم "أبطال ذوي توجهات مضادة"، فليس الخير هو كل أمانيهم وما يسعون لتحقيقه، فكل منهم لديه أمانيه وقضيته الخاصة التي يؤمن بها، حتى ولو كانت عكس المبادئ التي تلتزم المجموعة الساعية إلى تحقيق العدل بها، فهناك دكتور مانهاتن الذي يظهر من خلال أكثر من مشهد بأنه لا يعيش في هذا العالم، بل ويتقاعس عن المساعدة لحاجته إلى السلام النفسي، والكوميدي القاتل والمغتصب والمحب للشهرة، و"رورسكاش" العنيف والذي لا يتوانى عن التعذيب والقتل، هنا نستمع إلى وجهة نظر جديدة مختلفة عن التعامل مع العنف والظلم والمجرمين، أفكار جديد عن تحقيق السلام العالمي حتى ولو عن طريق قتل الملايين من الأبرياء.
المخرج بالرغم من محافظته الدائمة على القصة المصورة، إلا أنه كان لا بد من معالجة إيقاع النصف الأول من الفيلم الذي يتسم بإيقاع بطيء بالمقارنة بالنصف الثاني من الذي يتسم بسرعة الأحداث الشديدة، وهو ما يجعلك وكأنك تشاهد فيلمين مختلفين، ولكنه أبدع في بداية الفيلم بالأفان تيتر والتيتر نفسه، فهناك العديد من اللقطات التي تشبه الأفلام التسجيلية والنشرات الإخبارية، ثم يتبعه بالتيتر الطويل نسبيا مع أغنية لنجم البوب "بوب ديلان" وهي نقلت المشاهد فجأة إلى العصر القديم لكي يعيش في أحداث الفيلم، ونقل في التيترات الرسوم الأصلية للكوميكس، وهو ما نجح فيه للغاية في تقريبنا لعالم "المراقبون" الخيالي والفانتازي، الصادم للغاية والعنيف، أما الأداء التمثيلي فقد كان جيدا للغاية وخاصة للمثل "جاكي إيرل هالي" الذي قام بدور "رورسكاش"، وشخصية الكوميدي الذي أدى دوره ببراعة "جيفري دان مورجان".
معلومات عن الفيلم
اسم الفيلم: Watchmen
تمثيل: مالين آكرمان، جاكي إيرل هالي، بيللي كريداب، جيفري دان مورجان
السيناريو: دافيد هايدر، آلكس تسي
إخراج: زاك سايندر
سنة الإنتاج: 2009