السينما

استهجان جماهيري لفيلم دكان شحاتة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من وهران: لقي الفيلم المصري "ميكانو" لمخرجه الشاب محمود كامل، استحسانا واسعا من طرف النقاد والمتتبعين لدى عرضه برسم المسابقة الرسمية لمهرجان وهران للفيلم العربي، وخلافا لذلك، قوبل عرض الفيلم المصري الآخر "دكان شحاتة" بموجة من الاستهجان الشديد، حيث اتهمت الجماهير الجزائرية المخرج خالد يوسف بتقديم عمل دون المستوى، واعتبرت الفيلم مفرغا من المحتوى.
وخلافا لعروض سابقة سقطت في مستنقع الاستعراض والاجترار على غرار الفيلم التونسي "سينيستا" والسوري "الليل الطويل"، اشتغل محمود كامل في "ميكانو" على نوع "الدراما السيكولوجية" التي يتطور فيها الفعل عبر خطاب سكيزوفريني عصابي يحلل كينونة الشاب "خالد الشهاوي" (تيم حسن) المهندس المتفوق والغريب الأطوار والغارق في عالمه المرضي الطفولي الخاص، ويمر في أثناء ذلك بحالات نفسية مختلفة إلى درجة الجنون في سبيل التعبير عن ذاته وتموقعه كشخصية رئيسة في محيطه الصغير وعالمه المهني الذي يسيطر عليه شقيقه الأكبر "وليد" (خالد الصاوي) الذي يتولى إدارة الشؤون الحياتية لخالد المصاب بمرض فقدان الذاكرة قصير المدى.
ووسط حالة من الغموض، يتعرف خالد على مسؤولة التسويق المطلقة أميرة (نور) من اضطرابات وتمزقات تتصاعد وتيرتها مع وقوعه في حبها، حيث تكتشف أميرة مرض خالد وتتسرب المعلومة إلى زوجها السابق، فيقوم هذا الأخير ينسج مؤامرة تنتهي بالتخلي عن خدمات وليد وخالد من الشركة التي تعاقدا معها وتحوّل علاقة خالد وأميرة إلى رابطة معقّدة يسوء معها وضع الحبيبان، إلاّ أنّ الحب سرعان ما يتفوق في النهاية ليعطي خالد وأميرة إشارة البداية لحياة من نوع آخر.
ولعلّ محمود كامل كان متميّزا جدا بنسجه على منوال الدراماتورج العالمي الشهير "أنتونان أرتو" ومنهجه الفني في التحليل النفساني للشخصيات، باعتبار أنّ كل ما يتلقاه المخ ينعكس أتوماتكيا على الجسد، وصدم العمل مشاهديه بتعريته لمشاعر الغيرة والخوف والشوق والوجع، بجانب طرقه لفوبيا البيت المغلق الأوجه والمتشح بداعي الحزن والركود المتواصل، ما يولّد كتلا من المشاعر والأحاسيس المتشنجة.
وخاض محمود كامل في درب سينمائي يفور بالعقلانية التي تتشكل وتنمو داخل واقع حياتي يتلوى بسياط الفراغ، ويجمع "ميكانو" على الجمع بين الواقعوالحلم في واقع مصري تلاشت فيه الحدود وأصبح الإنسان في مواجهة نفسه في حيز يختلط فيه حاضر البطل بماضيه الطفولي البريء وذاكرته الضائعة.
في غضون ذلك، تعاطت الجماهير بكثير من الانزعاج مع فيلم "دكان شحاتة" ولم تشفع إيضاحات المخرج خالد يوسف دون تبديد ذاك الفتور الذي ميّز عرض الفيلم المستوحى عن نص "ناصر عبد الرحمان" واشترك فيه كل من محمود حميدة وهيفاء وهبي وعمرو سعد وغادة عبد الرازق وعمرو عبد الجليل ومحمد كريم.
ويروي العمل الذي فجّر جدلا عارما، يوميات عائلة "شحاتة" الفقيرة التي تعيش من بيع الفاكهة في متجر صغير، وتنشأ بين الأبناء الثلاثة غير الأشقاء حالة من التوتر يكون ضحيتها شحاتة الذي يُسجن بعد تلفيق تهمة من طرف أخويه بتزوير خاتم والده الراحل، وتتزوج خطيبته "بيسة" عنوة بأخ شحاتة، ليخرج الأخير من السجن بعد سنوات باحثا عن إخوته الذين هربوا منه بعدما سرقوا ميراثه وحبيبته، لكنه يجدهم بعد أخذ وردّ ويلقى حتفه على يدي أخيه الأرعن في مأساة يربطها المخرج باللاأمن الذي يطبق على المجتمع المصري، على حد ما سعى خالد يوسف لإظهاره.
وفي نسق شبيه مع أفلامه الثلاثة الأخيرة "هي فوضى" (مع الراحل يوسف شاهين)، "حين ميسرة" و"الريس عمر حرب"، حرص خالد يوسف على استفزاز المشاهد بكوكتيل ضخم من لقطات العنف والجنس، واختار المخرج تأطير عمله بمختلف حلقات تاريخ مصر الحديث، ولا يكتفي صاحب العمل بالعودة إلى ما قبل حادثة اغتيال الرئيس المصري السابق "أنور السادات"، بل يمضي إلى سنة 2013، ويُظهر عبر بطله مشاهد الاقتتال على الخبز و"البلطجة" المتفاقمة في موجة مزدحمة بالاستعارات والإحالات إلى مكابدات الشارع المصري وأزماته المتشعبة.
وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب العرض، تلقى خالد يوسف وابلاً من الانتقادات بشأن ما رآه البعض (خلاعة)، بينما ركّز آخرون على هشاشة الشخصيات وضعف البنية العامة، واتهم المخرج بما سمي "إسفافا"، حيث أعابوا على تلميذ شاهين تقديمه فيلما هابطا يفتقر إلى أي قيمة فنية، كما استغرب كثيرون للحشو الذي تضمنه العمل والإقحام غير المبرر لمعضلات الخبز والفقر والتطرف والفساد السياسي والتطبيع والعنف المحتدم، ودمجها مع الراهن العربي وما يحصل بالعراق وفلسطين وهلّم جرا، وهو كلام أثار غضب المخرج، وردّ بالقول أنّ العرب لهم عقدة من الجنس، معتبرا المشاهد الساخنة التي احتواها الفيلم "طبيعية ولا تنطوي على أي إثارة"، وذهب إلى حد وصف من يقول عكس ذلك بـ"الشاذ جنسيا" (..).
وتعرّض خالد يوسف إلى موقف مثير حينما اقتربت منه امرأة وقالت إنّ اسمها "فوزية" ولها رسالة روحانية تريد أن تناقشها معه، قبل أن تنخرط في طقوس غريبة دفعت رجال الأمن للتدخل على الفور واحتواء الموقف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
خالد الخالد بأفلامه
حنان -

ارى ان احسن الافلام الواقعية في زماننا هذا هي افلام العبقري خالد يوسف ، و فنه راق حتى أنه جعل من هيفاء انسانة و ممثلة و ليست فقط مثيرة و هايفا،تحية لكل من أنجح أفلام العبقريو تحية خالصة للعبقري خالد يوسف

فيلم دكان شحاتة
هيام الساهر -

بصراحة انا من مدينة وهران و تابعت الفيلم و هو فيلم رائع و قصة جميلة لولا تلك اللقطات و المشاهد التي تجعل الناس تترك القصة و تدهب وراء تلك المشاهد الساخنة و و العري الدي بدت فيه الفنانة هيفى وهبي و شكرا

اتفه افلام يوسف
مراقب -

لاعلاقة للجنس بالامر فقد كان الفيلم مقبولا من هذه الناحية مقارنة مع غيره من افلام لكن الفيلم بمجمله تافه على مستوى المضمون او البناء الدرامي اوالقصة او حتى اداء الممثلين وهو اسخف ما عمله خالد يوسف الى الان واعتقد انه وضع في باله اشتراك هيفاء وهبي وضمن نجاح جماهيري للفيلم فأثر ذلك على المستوى الفني للعمل نتيجة استهتار العاملين فيه لم احتمل مشاهدة الفيلم بالكامل فتركته في منتصفه وانا نادم على اضاعة وقتي في هذا الاسفاف

مدرسة متميزة
أكرم البياري -

تعاملة مع الفنان خالد يوسف عندما كنت مخرج تحت التدريب في فيلمه الأول العاطفة ولم أتعامل معه بعد ذلك ولكنني لا زلت حتي هذه اللحظة أحترم هذا الفنان ولي كلمة خاصة لفيلمه دكان شحاتة أنا أعتبر فيلمه من أفلام الواقع حيث انه يحمل جانب سياسي ورسالة إجتماعية ذات معني ومغزا جميل وجريء يعجز المرء عن قوله في أيام لا توجد بها سوا الديمقرطية المزيفة فله مني كل الإحترام