الإحالات الوثنية في فيلم صمت الحملان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مُهنّد يعقوب من بروكسل: "أمي تأوهَت, أبي بكى، قفزتُ في هذا العالم الخطير، أعزل عاريًا, مزقزقًا بأعلى صوتي، كشيطان مختبيء في سحابة". من قصيدة "حزن طفولي" وليم بليك
الحمل والنمر أو تكافؤ الاضداد
في لقطة متتالية ومتكررة في كل من فيلم "صمت الحملان" و "التنين الاحمر" تحاول الـ آف بي آي الاستعانة بالدكتور هانيبال لكتر المسجون لديهم للكشف عن تفاصيل الرعب والصدمة التي يعيشها المجتمع الامريكي, بعد ان عجزت عن امساكه, بارسال أحد عملائها المميزين العميلة "ستارليك" في المحاولة الاولى ويأتي العميل "كراهام" في الثانية, كمحاولتين منفصلتين كل محاولة في فيلم على حدة لكن مؤداهما واحد, وهي لقطة مهمة تكشف عن ثنائية الصراع والتعاون بين قوى الخير وقوى الشر داخل الطبيعة الانسانية وداخل الحياة, وتكشف ايضًا من خلال اعطاء الثقل الاكبر لشخصية هانيبال كشخصية محورية يقع عليها الاشتغال الاكبر في توظيف هذا المعنى بالاتجاه الوثني وليس بالاتجاه الذي تلى هذا العصر, والاختلاف جوهري بين الاتجاهين, حيث يمثل الاول عصر الديانات الوثنية التي تقول بانعدام القيم الاخلاقية والقانونية بين
"أي قدرة أو أي مهارة خلقت تلك الثنايا
وزرعت فيك الجسارة عندما يبدأ قلبك في الهجوم
بمخلب قوي ويد من حديد
كالمطرقة او سلاسل الفولاذ المثبته
تقبض على الفريسة المسكينة"
مقطع من قصيدة " النمر" ضمن مجموعة "أغاني الخبرة" وليم بليك 1794
معظم الصدمات التي حققها الدكتور هانيبال لكتر للمجتمع ولمجايليه من خلال تغييب ضحاياه فيزياويًا, هي صدمات طالت السيء والقبيح من الشخصيات, ولو إشتثنينا الاثر السايكلوجي الحاد في نفسه كشخص مريض بالوضوح والتعالي والعنف, لخلصنا الى شخصية تشتغل على أكثر المناطق جمالاً وخيالاً, ولتمكنا من رفع الوصف القيمي الاخلاقي والقانوني من صنائعه البديعة, وأتمنى ان لا يؤخذ هذا الوصف أو الميل باتجاهه على انه تمجيد لفكرة الرعب
من هنا تكتسب سلسلة الدكتور"هانيبال لكتر" أهمية نقدية وتأملية قصوى لاعتبارت كثيرة كما تقدم, منها المحاكاة لكثير من الاعمال الفكرية والفنية والشعرية والفلسفية العالمية على مر التاريخ, والقدرة المثيرة للاعجاب والدهشة في موهبة الممثلين وعبقريتهم للكشف عن تلك المضامين وتقديمها بمنطق اللغة والحركة الساحرين, وكذلك التطور التقني والتكنلوجي لهذه المنطقة وأعني السينما حيث جعلها هذا التطور ذات شخصية فنية وجمالية مستقلة تختزل الكثير من الاعمال والافكار بحرفية عالية يليق بها ان تكون الرتبة الاكثر دهشة واستحواذًا من بين المناطق الابداعية والجمالية الاخر, على مخيلة وعقل المستهلك المتخصص والعادي على السواء , لكن يبقى العامل الاكثر أهمية هو تضمين التصور الوثني داخل "السلسلة" بمستويات عديدة ومتنوعة منها الاشارة لاعمال وليم بليك الشعرية والفنية كاحالات او الاشارة "لجحيم دانتي" في الكوميدية الالهية "ويهوذا في الاناجيل والرموز والتماثيل التي تعلو وتزين واجهات الكاتدرائيات في مدن ايطاليا وتحديدًا فلورنسا حيث يمارس الدكتور هانيبال تطبيق مرجعياته الفكرية والفلسفية في نفس المكان الذي يمثل المحيط لهذا الاثر او التصور الوثني, معتمداً على طاقاته الكامنه وثقته بغرائزه كطبيعة شخصية أبرز ما يميزها الخيال الذي يستحوذ على ما دونه أو واقع خارج سياقه التاريخي والزمني, ويهاجمه لانه محدود ومحدد كالمعرفة التي عليها زمننا الحالي والتي هي معرفة ناقصة ومتخلفة كما عبر سابقا في حواره مع العميل ويل كراهام في التنين الاحمر "يقول" بدون الخيال الذي نملكه لكنا مثل هؤلاء الحمقى الاخرين " الخيال الذي يؤسس له وليم بليك ويجعله المحور" لكل الحقائق الشخصية والاجتماعية والدينية" والذي أصبح اي وليم بليك المرجعية الاولى في صياغة تصورات هانيبال داخل السلسلة كلها, من خلال الاشارة الى افكاره ورسوماته الغرائبية كالمائية الشهيرة والباعثة على الدهشة والغموض لوحة "الشبق" او "الجحيم" والتي تحتل المساحة الاكثر في الجزء الثالث وهي تقيم على ظهر الانسان المضطرب نفسيا" فرانسيس دولارهايد" كمسخ, حيث الحرية والناس كشرط من يحدد تحول هذا المسخ الى انسان او تحول الانسان الى مسخ ضمن لعبة التحول والتكافؤ, التعاون والتضاد, التي تحكمنا والكون عموما.
التعليقات
حلو مهند
زهير الجبوري -اعتقد انك دخلت المنطقة الاكثر جمالا من خلال توظيف البصري بكامل طاقته لاكتشاف العلامات الاكثر عمقا والابعد معنى والاكمل متعة في انساق العمل الفني ’ حقا انها قراءة تحتفي بالاشارة وطاقتها على الحركة داخل النص السينمائي الذي اعاد انتاج النص الروائي بطريقة مكثفة , شكرا مهند اعتقد انك سوف ترصد لنا اشياء اخرىعلى شكل نصوص رائعة يمكن من خلالها الاحاطة بأعمال كثيرة ربما غابت مناطق جمالها بعيدا دون ان يجرأ احدا على المغامرة بالدخول اليها
حلو مهند
زهير الجبوري -اعتقد انك دخلت المنطقة الاكثر جمالا من خلال توظيف البصري بكامل طاقته لاكتشاف العلامات الاكثر عمقا والابعد معنى والاكمل متعة في انساق العمل الفني ’ حقا انها قراءة تحتفي بالاشارة وطاقتها على الحركة داخل النص السينمائي الذي اعاد انتاج النص الروائي بطريقة مكثفة , شكرا مهند اعتقد انك سوف ترصد لنا اشياء اخرىعلى شكل نصوص رائعة يمكن من خلالها الاحاطة بأعمال كثيرة ربما غابت مناطق جمالها بعيدا دون ان يجرأ احدا على المغامرة بالدخول اليها
بامتياز
محمد -مرة أخرى يا مهند تتحفنا بقراءة متميزة لمادة فلميةمختارة بدقة وعناية مادة تستوجب هذا البحث المعمق بهذه اللغة التي ترتفع بحيويتها واستبطانها لظلال الصورة وحركيتها هذه القراءة المحتفية ببعض من مآثر وليم بليك تجسد لمفهوم شعرية الصورة التي لايؤمن بها الا القلة ممن يتيقنون من لا نهائية اللقطة وحدسيتهاأو غنائية الكاميرا..لا أطيل اكثر من لكن أوقول هكذا هي الرؤيا
بامتياز
محمد -مرة أخرى يا مهند تتحفنا بقراءة متميزة لمادة فلميةمختارة بدقة وعناية مادة تستوجب هذا البحث المعمق بهذه اللغة التي ترتفع بحيويتها واستبطانها لظلال الصورة وحركيتها هذه القراءة المحتفية ببعض من مآثر وليم بليك تجسد لمفهوم شعرية الصورة التي لايؤمن بها الا القلة ممن يتيقنون من لا نهائية اللقطة وحدسيتهاأو غنائية الكاميرا..لا أطيل اكثر من لكن أوقول هكذا هي الرؤيا
رائع
بشار سكر -العزيز استاذ مهند المحترماشكرك جزيل الشكر على هذا المقال الرائع الممتع في كل كلمة. مع محبتي
رائع
بشار سكر -العزيز استاذ مهند المحترماشكرك جزيل الشكر على هذا المقال الرائع الممتع في كل كلمة. مع محبتي