ثقافات

قصة بقلم دوروثي باركر: كنت َ لطيفا جداً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ترجمة: زعيم الطائي

You were perfect fine عن القصة والمؤلفة:
دوروثي باركر كاتبة أمريكية متعددة المواهب، عاشت حياة بوهيمية غريبة، وعرفت كشاعرة وناقدة وقاصة ولها مسرحيتان، أضافة الى حصولها مرتين على أوسكار أحسن كاتبة سيناريو سينمائي،وكتبت عدة مقالات من ميادين الحرب الأهلية الأسبانية، أدرج أسمها في القائمة السوداء أبان الفترة المكارثية وماتت وحيدة في عزلتها المريرة في أحد فنادق نيويورك عام 1967، هذه القصة من مجموعتها الأكثر شهرة (بعد كل هذه المسرات) يتوضح فيها سحر المنلوج البديهي المتسلسل الذي تحكي فيه القصة أحداثاً حصلت في وقت ومكان آخرين، لكنها تعطي أمتيازاً واضحاً لبوح شاعري موارب بين شخصيتين منفصلتين أحداهما عن عالم الأخرى وهمومها وعقدها المختلفة، تبين لنا القاصة كل تلك المشاعر دون مبالغات في صيغ حوارية مجتزأة ومتقطعة يسودها جو من التشكك وعدم التصديق، في أختزال مدهش للأمكنة والتوصيفات الجسدية والديكورات والشروح المطولة الأخرى، مكتفية بحوارات داخلية مهموسة، لاتمتلك الجرأة على كشف مافي دواخلها الغامضة بشكل مكتمل أغلب الأحيان. المترجم


أرتمى الفتى الشاحب على الكرسي الواطئ بهدوء، مديراً رأسه صوب الجانب الآخر، فأراحت قماشة المقعد الباردة فوده وخده..
- أوه، ياعزيزتي (قال) أوه، ياعزيزتي.أوه، ياعزيزتي. أوه، ياعزيزتي، أوه.
أستمرت الفتاة الجالسة منتصبة على الأريكة تحدق اليه بهدوء، وقد لاحت على وجهها أبتسامة مشرقة.
- لاأشعر بتحسن هذا اليوم.(قالت)
-أوه، أما أنا فمرتاح جداً (قال) رائع الى أبعد الحدود، أعرف بالضبط متى أستيقظت، الرابعة بعد الظهر، أجهد نفسي أن أحاول ذلك دائماً، وفي كل مرة، حالما أرفع رأسي من على الوسادة، يسقط رأسي في الفراش ثانية، هذا الرأس ليس رأسي الذي أملكه الآن، أعتقد أن هذا شيء معروف يعود الى والت ويتمان، (أوه، ياعزيزتي. أوه، ياعزيزتي.أوه، ياعزيزتي)
- ألا تعتقد، أن شيئاً من الشراب، ربما يجعلك أحسن.؟
- أن شعر كلب الدوراس يثير حساسيتي.(قال)أوه، كلا، شكراً، أرجوك لاتقولي شيئاً كهذا ثانية، تركتها، سوف أتركها كلية، أنظري الى هذه اليد، أصبحت ثابتة مثل الطائر الطنان، أخبريني هل كنت مزعجاً جداً، ليلة البارحة؟
- أوه، ياإلهي، كان الكل منشرحين غاية الأنشراح، أما أنت فكنت مبدعاً.
- نعم، كنت في كامل أناقتي، هل كنت مثار سخط الحضور؟
كلا، بحق الجحيم، (قالت) الكل أستلطفوك، كان جيم برسن مستاءً-
بعض الشيء، أثناء تناول العشاء، لكن البعض منعوه من أفساد السهرة وأعادوه الى مكانه حالاً، فهدأ، لاأعتقد أن أحداً أحس بذلك، لاأحد بتاتاً.
- لقد كان يبغي ضربي، أوه، ياإلهي، مالذي فعلته له؟
- لماذا؟ أنت لم تفعل شيئاً.(قالت) لقد كنت لطيفاً الى أبعد الحدود، ولكنك تعرفه كم يكون سخيفاً مع من يبدي أهتماماً بأليانور.
- هل كنت مهتماً بأليانور ذلك الأهتمام؟(قال) هل حقاً فعلت ذلك؟
- بالطبع لا، (قالت) كل مافي الأمر أنك مضلل، لقد كنت في تصورها شخصاً مضحكاً تماماً، وقضت وقتاً ممتعاً مسلياً، لم تنزعج إلا قليلاً حينما أسقطت العصير البارد أسفل ظهرها.
- ياإلهي، عصيراً بارداً عند ظهرها، كل فقرة، والمعطف الصغير؟ ياإلهي العزيز !
ترى مالذي أقترفته؟
- ستكون بخير (قالت) فقط أبعث لها بعض الزهور أو أي شيء آخر، لاتقلق حول المسألة، ليس الأمر بمهم.
- كلا، لست قلقاً، (قال) لاأعبأ بالعالم كله، وهاأنذا أجلس بلطف، أوه، ياعزيزتي، أوه، ياعزيزتي، هل عملت شيئاً من الخدع السحرية أثناء تناول الطعام؟
- بل كنت مدهشاً، (قالت) لاتكن أحمق، لقد أعجبت الجميع، صاحب الفندق كان يخشى عليك حينما رآك تغني طوال الوقت دون توقف. لكنه صرف النظر، حقيقة، كل ماقاله أنهم قد يغلقوا المكان ثانية اذا أصدرنا ضجة كبيرة، لكنه شخصياً لم يهتم كثيراً
للأمر، أعتقد أنه أحب أن يراك متمتعاً بوقتك، أوه، لم تستمر في الغناء هناك أكثر من
ساعة واحدة، ولم يكن غناؤك عالياً جداً، بأية حال.
- أذن فقد غنيت، كان ذلك ممتعاً، لذا غنيت.
- ألا تتذكر؟ (تساءلت) لقد كنت تغني أغنية تلو الأخرى، والكل في المكان أخذوا يستمعون لك، فقد أحبوا ذلك، لكنك أصررت أن تغني كما أردت بعض أناشيد الجنود، أو أغان أخرى، فحاول الجميع أسكاتك، لكنك كررت المحاولة من جديد، كنت رائعاً، أشتركنا كلنا في ايقافك عن الغناء للحظة، كي تأكل شيئا ً، لكنك لم تصغ لأحد، ياه، كنت عجيباً.
- ألم أأكل شيئاً؟ (قال متسائلاً)
- أوه، كلا لا شيء، كل الوقت كان النادل يجلب لك طعاماً، سرعان ماتقوم بأعادته اليه، قائلاً له أنه أخوك الضائع منذ زمن بعيد، والذي غيرته مجموعة الغجر وهو في المهد، لذا فأنك سوف تعطيه كل ماتملك، وجعلته يجأر.
- أراهن أنني فعلتها، (قال) أراهن أنني صرت مهزلة، كحيوان أجتماعي أليف، مؤكد كنت كذلك، ومالذي حصل بعد ذلك؟ بعد أن أنغمرت بأرباك النادل؟
- لماذا؟ ليس هناك الكثير، (قالت) لقد أبديت نوعاً من الكراهية تجاه رجل عجوز أبيض الشعر. كان جالساً عند غرفته، لأن ربطة عنقه لم ترق لك، وأردت أن تعلن له ذلك، لكننا عجلنا بأخراجك، قبل أن يستبد به الغضب.
- أوه، تقولين خرجنا (سألها) هل كنت قادراً على السير؟
- السير، بالطبع كنت تمشي (قالت) كنت على مايرام، موجود ثلج موحل على امتداد الممر، فوقعت عليه بشدة، ياعزيزي المسكين، ولكن بحق السماء هذا يحدث لكل واحد منا.
- أوه، طبعاً، (قال) للويزا ألكوت أو لأي شخص آخر، أذن فأنا سقطت في الممر، هذا ما يفسر المشكلة مع - نعم، فهمت، وماذا بعد ذلك، إن لم يكن لديك مانع؟
- آه، الآن يابيتر ! تستطيع الجلوس هناك وتدعي أنك لاتتذكر مالذي حدث بعد ذلك، أعتقد أنه لم يكن بالغ الشدة مع العشاء، أوه، كنت منسجماً تماماً، وكل تلك الأشياء، أعرف أنك في غاية السرور، لكنك أظهرت حرصاً أكثر حول مسألة سقوطك - لم أعلم من قبل أنك هكذا، أتعرف، كم مرة أخبرتني؟ أنا لم أرك على حقيقتك من قبل.؟ أوه، يابيتر، أنا فقط لاأقدر على تحمل ذلك، إذاً لم تكن تتذكر حين ركبنا التاكسي معاً؟ تلك الرحلة الطويلة الممتعة، أرجوك، تذكر ذلك، تذكرته؟ ببساطة ستقتلني ان لم تفعل
- أوه، نعم (قال) ركوب التاكسي، أوه، نعم بالتأكيد، رحلة طويلة ممتعة، هه؟
- رحنا ندور، وندور، وندور حول المتنزه، (قالت) والأشجار تلتمع من حولنا في الضوء القمري، قلت وقتها أنك لم تكن تعرف أنك تحمل روحاً هائمة كهذه بين جوانحك
- أجل (أخبرها) قلته، ذلك هو أنا.
- تفوهت بعبارات عذبة، ونطقت أجمل الكلمات.(قالت) لم أكن أعرف أبداً، كل هذا الوقت، مدى شعورك نحوي، ولم أملك الجرأة على تبيان مشاعري نحوك، بعدها في الليلة الماضية - أوه، عزيزي بيتر، أعتقد أن ركوبنا التاكسي كان أهم حدث وقع في حياتنا معاً.
- نعم (قال) أظن، لابد أنه كذلك.
- بعد ذلك غمرتنا أنا وأنت السعادة، (قالت) أوه، كانت رغبتي أن يعلم الجميع ! لكنني لاأعرف - أعتقد ربما كان من الأفضل أن نحتفظ بذلك لأنفسنا.
- أعتقد ذلك.(قال لها)
- ألم يكن جميلاً؟ (تساءلت)
- أجل (قال هو) شيء عظيم.
- جميل (قالت)
- أنظري هنا (قال) هل تمانعين أن آخذ شراباً؟ أقصد على شكل دواء، كما تعرفين،
قررت الأقلاع طوال حياتي عن هذه الأشياء، لذا أريد مساعدتك، أشعر أنني أتداعى - أوه، أعتقد أنه سيجعلك أحسن.(قالت) يالك من ولد مسكين، من العار أن أتركك تشعر بسوء، سأذهب لأعد لك كأس ويسكي بالصودا.
- بصدق (قال) لاأعرف كيف لاتمتنعين عن محادثتي ثانية بعد كل ما فعلته بنفسي من حماقات في الليلة السابقة؟ أعتقد أنه من الأفضل لي أن أذهب وألتحق بدير في بلاد التبت.
- يالك من أبله ساذج (قالت له) منذ الآن، لن أدعك تبتعد عني أبداً، فتوقف عن التحدث بهذا الشكل، أنت كنتَ لطيفاً تماماً.نهضت من مكانها على الأريكة في قفزة سريعة، قبلته على جبهته بعجل، وأتجهت راكضة نحو الغرفة.
الشاب الشاحب الوجه أخذ يتطلع خلفها بهدوء، وهو يهز رأسه بحركة وئيدة، بطيئة، أستمرت لفترة طويلة، بعدها أسقط رأسه بين يديه الرطبتين المرتعشتين، وراح يردد هامساً مع نفسه:
- أوه، ياعزيزتي، أوه، ياعزيزتي، أوه، ياعزيزتي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف