ثقافات

التنشئة الاجتماعية كتعلم اجتماعي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبدالحق ميفراني من المغرب: صدر للدكتور المصطفى حدية كتاب "التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري بالمغرب" عن مطبعة ربانيت ماروك بالرباط، الكتاب يقع في 128 صفحة، ويضم القسم الأول إشكالية التنشئة الاجتماعية والهوية في بلد من العالم الثالث: المغرب" ثلاث فصول:
1-تغير اجتماعي وأزمة مجتمع.
2-أزمة مجتمع: التنمية والهوية.
3-الوسط القروي: تمدين وتثاقف.
أما القسم الثاني "إطار البحث" فيشمل ثمانية فصول:
1-وضعية البحث حول الطفل المغربي
2-طرح مشكلة البحث على ضوء المقاربة المتبناة
3-دور الأسرة الحضرية في التنشئة الاجتماعية لتلامذة الثانوي
4-المؤسسة المدرسية وسيرورة التنشئة الاجتماعية لتلامذة الثانوي
5-جماعة الأقران وسيرورة التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري
6-اتجاهات التلاميذ/المراهقين إزاء القيم والمعايير الاجتماعية
7-التنشئة الاجتماعية للطفل بين الأسرة والمدرسة من خلال منظور مقارن
8-الهوية النفسية الاجتماعية: اهتمامات وانشغالات
يؤكد الدكتور عبدالكريم بلحاج في تقديمه للكتاب أن التنشئة الاجتماعية تشكل "إحدى السيرورات الأساسية في حياة الفرد، سواء على المستوى التكويني التطوري ذي البعد السيكولوجي أو على مستوى الاندماجي الاجتماعي الثقافي" وهو ما يؤدي الى اعتبار التنشئة الاجتماعية هي بمثابة "تعلم اجتماعي" أي أنها كسيرورة تعكس اكتساب خبرات وقيم وأدوار اجتماعية مطابقة لما تقتضيه "شروط التوافق والاندماج في بيئة اجتماعية معينة" وهي سيرورة إذ تجد تعبيرها الفعلي من خلال مؤسستين مرجعيتين رئيسيتين في المجتمع" وهما الأسرة والمدرسة".
يسعى الباحث د.المصطفى حدية من خلال اشتغاله على هذا البحث "الوصول الى إدراك الواقع الطفولي عبر وضعية محددة، وبطريقة تمكننا بشكل جيد من إبراز الآليات النفسية والاجتماعية المتحكمة في سيرورة تكوين الهوية لدى الطفل المتمدرس بالوسط الحضري، وقد أصبح بالتالي مراهقا" ووفق منظور علمي يرصد الباحث في مقدمة بحثه"إشكالية التنشئة الاجتماعية والهوية في بلد من العالم الثالث المغرب"، فإذا كان الحديث عن وجود "تحول اجتماعي" وعن فشل في "الاستراتيجية التنموية ظل يتفاقم بناء على أزمة ثقافية" فإن الباحث مصطفى حدية يؤكد أن إشكالية المجتمع المغربي التي تبدو تأثيراتها في البنيات التنشيئية socialisante وكذا في البنيات المكونة للهوية، هي تأثيرات تثير من حولها حالات الالتباس والأوهام تتجلى للمهتم بنفس درجة الصعوبة بالوسط الحضري والوسط القروي، غير أن الباحث يشير الى أن التحول يظل أكثر بروزا على صعيد الحقل السياسي.
لكن كيف تعالج الدولة في إطار هذا السياق المتعلق بالأزمة الاجتماعية والثقافية مشكل الهوية في سياق سياسة التنمية المتبعة؟؟ مع وضع الهوية داخل مجالها المكاني والزماني وفي وسط المجتمع الشمولي، يظهر من خلال ذلك أن الهوية الثقافية ترتبط بمختلف تلك المظاهر الاجتماعية تغذو في نفس الوقت والآن ذات منظور جماعي من منطلق أنها تمثل مجموع الأجوبة الصادرة عن الفاعلين الاجتماعيين حول المشاكل التي تشغلهم.
وفي خلاصة مؤطرة لموضوع البحث يشير الباحث المصطفى حدية الى الأسئلة التي تدور حول أي نوعية من التنشئة الاجتماعية يتلقاها الطفل القروي المتمدرس في هذا الوسط الخاضع بشكل عميق للمثاقفة والاستيلاب؟؟ ما هي الهوية النفسية الاجتماعية التي يكونها لنفسه في هذا الوسط ذي التحولات التي لا تتوقف أبدا؟؟ يشير الباحث في إطار وضعية البحث حول الطفل المغربي الى أن هذا الأخير بعدما ظل لزمن طويل موضوعا لمقاربات نظرية مختلفة lt;أثنولوجية، وسوسيولوجية، وسيكولوجيةgt; عمومية وأحادية التوجه، هو طفل ما زال لم يتخذ موضوعا لمقاربة شمولية متماسكة لذلك يقترح في إطار مقاربة نفسية اجتماعية إشكالية البحث والتي تقدم في جزء منها وسائل التمكن من إدراك الكيفية التي يتصرف بها الشبان إزاء السلطة والتمكن من معرفة مدى استعدادهم الإسهام في الحياة الاجتماعية بروح من المبادرة والمسؤولية وفي تأويل أولي لنتائج البحث يشير الدكتور المصطفى حدية إن الحياة الاجتماعية التي يعيش فيها تلامذتنا تخضع على الصعيدين التنشيئي الاجتماعي والتربوي الى منحى استيعابي آلي Assimilation أكثر مما هو اندماجي. مما يجعلهم محرومين من إمكانية التعبير عن اعتراضهم إزاء المعايير الاجتماعية، إذ يوجدون ضمن منظومة تنشئة اجتماعية أسرية هي من النوع الاستيعابي الآلي، وبالنظر الى كون المؤسسة المدرسية تعيش في غمرة سيرورة متأزمة فوضعية عدم المكيف الاجتماعية جعل المدرسة عاجزة على مسايرة التحولات العميقة وعلى ضوء النتائج المستخلصة من بحث ميداني أجراه الباحث فإن التنشئة الاجتماعية المدرسية تعاني من مشاكل ذات طابع بنيوي ومؤسساتي، مما يفتح الباب أمام حدوث تنشئة هشة تؤدي الى بلورة هوية مبتورة ومشوهة لذلك يطالب الباحث بضرورة إقامة نظام للتنشئة الاجتماعية متماسك ييسر تكوين هوية تقوم على قواعد صلبة ومنطقية.
يحدد الباحث المصطفى حدية مفهومه للتنشئة الاجتماعية على ضوء خلاصته العامة، وهي سيرورة مستمرة ومعقدة تعرضت لتغييرات عميقة منذ ظهور وسائل الاتصال الجماهيرية والتي انضافت الى الأسرة والمدرسة ليمثلوا الفضاء الأساسي للتنشئة الاجتماعية والتي تهدف أساسا الى الاندماج الاجتماعي النسبي والمتوالي من لدن الفرد..وهذا لا ينفي معانتها من قصور ما عبر الوسطين التنشيئيين الأسري والمدرسي.إن الطرح الذي يقدمه الباحث يبني مادته المعرفية من خلال إحاطته بسيرورة التنشئة الاجتماعية التي تطبع المجتمع المغربي وذلك في سياق المجالين القروي والحضري ويسجل د.عبدالكريم بلحاج أن هذا البحث هو إنتاج علمي يعتبر مرجعا أساسيا في مجال علم النفس الاجتماعي وهو ما التقطه عالم النفس الاجتماعي الفرنسي غوستاف نيكولافيشر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف