ثقافات

إنها كأية جائزة أخرى، وقد استلمت العديد منها

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دوريس لسنغ المرأة الرقم 34 التي تفوز بجائزة نوبل
إنها كأية جائزة أخرى، وقد استلمت العديد منها

دوريس لسنغ تفوز بجائزة نوبل لآداب 2007
صالح كاظم من برلين: جاء حصول الكاتبة الإنجليزية المعروفة دوريس لسنغ على جائزة نوبل هذا العام أمرا مفاجئا للوسط الأدبي العالمي، رغم عدم وجود خلاف حول القدرات الإبداعية لهذه الكاتبة التي بدأت رحلتها الأدبية في خمسينيات القرن الماضي ومازالت تواصلها لحد الآن كتبت خلالها ما يزيد عن خمسين عمل روائي وقصصي، علما بأنه قد سبق ترشيحها لهذه الجائزة قبل ثلاثين عاما، توصلت خلالها الى قناعة بأنها سوف لن تحصل على هذه الجائزة مطلقا. بمناسبة حصول ليسنغ على هذه الجائزة أعادت النسخة الألكترونية لمجلة "شتيرن" الألمانية نشر مقابلة كانت قد أجرتها مراسلتها في لندن مع لسنغ، يمكن من خلالها إستشفاف بعض الجوانب الفكرية والأخلاقية لعملها. ومن الجدير بالذكر أن دوريس لسنغ، رغم تعرضها في العديد من أعمالها لمواضيع تخص المرأة، كانت وما زالت ترفض أن يصنف عملها في إطار "الأدب النسائي"، إنطلاقا من رفضها التام لأي شكل من أشكال الأدلجة، بعد إنفصالها عن الحزب الشيوعي في العام 1956. مع هذا يمكن إعتبار أعمالها تصب بهذا الشكل أو ذاك في مجرى الأدب السياسي، من خلال الطابع الأخلاقي الإنساني لهذه الأعمال، وفي الحقيقة فأن موقفها الأخلاقي لم يقتصر على عملها الأدبي، بل برز كذلك في حياتها العملية التي تتميز بالتحزب لقضايا الشعوب الأفريقية، ومشاركتها كذلك في الكثير من المشاريع الخيرية التي تعمل على مساعدة سكان القارة التي نشأت فيها، بشكل مباشر وعن طريق تجاوز الأنظمة السائدة هناك. في إجابة على سؤال للصحفية فيما إذا كان لديها تفهم لمظاهر العنف في أفريقيا التي برزت بشكلها البشع - وفق رأي الصحفية- في صورة أفريقي يحمل رأس ضحيته في يده ويتجول فيها في الشوارع وهو يبتسم تقول لسنغ: "لا. غير أن هذه هي أفريقيا بكل ما تحمله من عنف. مع هذا فأننا كبيض ولأسباب تاريخية لا يحق لنا أن نشعر بالإستعلاء على هذه الشعوب. حين جاء البيض الى أفريقيا كان أول ما قاموا به هو سحق المعالم الحضارية لشعوب هذه القارة وفرض قيمهم البيضاء عليها. ثم غادروا أفريقيا دون القيام بإعداد أبنائها لتحمل المسؤوليات الإدارية وقيادة السلطة وبناء الديمقراطية. في أفريقيا لا توجد تقاليد ديمقراطية كالتي نعرفها، بل هناك إيمان بضرورة وجود قائد قوي يشرف على كل شيء. لا أعرف لماذا تنتج أفريقيا قادة متوحشين مثل عيدي أمين في أوغندا وتايلور في ليبيريا وموغابه في زمبابوة. أعتقد انه لا يوجد هناك من يمكن أن يجيب على هذا السؤال."
هذه الكاتبة التي تبدو غير متفائلة بما يحصل في القارة الأفريقية بسبب إنتشار الفساد هناك، وبشكل خاص في "بلدها" زمبابوة، تتحدث عن مشاكل القارة، كما لو كانت ما تزال تقيم هناك. "في زمبابوة جرى تأميم أراضي المزارعين البيض، غير أن هذا لم يأت لمصلحة الأفارقة الفقراء، بل لمصلحة القطط السمان المرتشية التي تحيط ببلاط موغابة." وبصدد موقفها من الشيوعية تقول الكاتبة بانها قد تجاوزت الرؤى الطوباوية التي دفعتها في وقتها للإنتماء للحزب الشيوعي، وكتبت عن ذلك بشكل مفصل في روايتها "حلم عذب"، التي لا تعتبرها فقط نقطة تحول عن الشيوعية، بل كل "رؤى طوباوية" للعالم وتقول بهذا الصدد "لا أحب اليويتوبيا. فهي تنتهي على الأغلب في معسكرات الإعتقال. كذلك لا أحب "النزاهة السياسية" فهي وليدة الشيوعية. يقول بوش "إذا لم تكن معي، فأنت ضدي. وهذا شعار شيوعي قديم.". في "حلم عذب" يتهم الشيوعي الوسيم جوني، كل من لا يقتنع بأفكاره بأنه "نازي". ويلصق هذه التهمة، التي يكررها الأطفال حتي بأم زوجته.
ومن الجدير بالذكر أن دوريس لسنغ ما زالت تحمل إسم زوجها الألماني-الروسي غوتفريد أنطون لسنغ الذي كان ملاحقا من قبل النازية وأصبح فيما بعد سفيرا لـ "المانيا الديمقراطية" في زيمبابوة، حيث أغتيل في ظل ظروف غامضة في سنة 1979، وهي تكون بذلك عمة رئيس الكتلة البرلمانية في البرلمان الألماني لحزب "يسار"، غريغور غيزي.
بمناسبة حصولها على جائزة نوبل قالت دوريس لسنغ: "جاءوا قبل ثلاثين سنة وقالوا لي أنهم سيمنحنوني الجائزة. الإ أن هذا لم يحصل، فهم أناس لا يثق بهم... إنها كأية جائزة أخرى، وقد استلمت العديد منها."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف