مصطفى جواد عالم جليل وإنسان نبيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جعفر العزاوي من كندا: فى بداية الستينات من القرن الماضى كان الكثير من العوائل العراقية يجلسون امام التلفزيونات ليشاهدوا منهجهم المحبوب الذى كان يقدمه الفنان فخرى الزبيدي وعنوانه، على ما أذكر، (صندوق السعادة)، وكان من أنجح البرامج التلفزيونية آنذاك والفضل يعود لمقدمه البارع الذى أدخل البهجة والسرور الى قلوب العراقيين أكثر من عقدين من الزمن. ظهر فخرى الزبيدي ليقدم فى البداية - كالعادة- ضيوف الحلقة،
بدأ الزبيدي بتوجيه الأسئلة للضيوف، وكانت تشتمل على مواضيع من علوم شتى ومنها أسئلة طبية، ولدهشتنا الشديدة فان الضيوف كانوا يجيبون بكل دقة على الأسئلة وكانت الاجابات كلها صحيحة وحصل الجميع على جوائز رمزية. كانت ليلة ممتعة لا تنسى، ضحكنا كثيرا وتعلمنا كثيرا، وكانت الكاميرا فى معظم الوقت موجهة على الدكتور جواد الذى لم تفارق الابتسامة شفتيه. وجه الزبيدى اليه سؤالا طبيا عما اذا كان بالامكان استئصال المرارة من جسم المريض ويعيش بعدها. أجاب الدكتور بأن الأدباء لا تقتصر مطالعتهم على الأدب وانما يطالعون شتى المواضيع، والجواب هو نعم يمكن استئصال المرارة بدون ان يموت المريض. وصفق له الحاضرون طويلا.
قفز الى ذهنى سؤال وقررت ان أذهب فى اليوم التالى الى داره فى حي الآثوريين فى الدورة.
بعد أن شربنا الشاي التفت اليه قائلا: اتسمح لى يا (ابو جواد) بتوجيه سؤال اليك عن ظهورك بالأمس بالتلفزيون فى منهج (صندوق السعادة)؟ وفوجئت بضحكة طويلة منه وقال بأنه يعرف السؤال الذى كان يجول بخاطرى والجواب هو: نعم، فبعد جلسة طويلة مع فخرى الزبيدى وبعض المسئولين فى التلفزيون، تقرر ان يزود الزبيدي ضيوف البرامج بالأسئلة مع اجوبتها الصحيحة كي لا يكون هناك حرج عليهم أولا، ولتشجيع المشاهدين على مطالعة مختلف المواضيع العلمية والأدبية ثانيا.
فى احدى الندوات الأسبوعية التى جمعت بين الدكتور جواد والأستاذين سالم الألوسي وحسين امين، كان الحضور يجيبون على أسئلة المشاهدين الواردة بالبريد، وفجأة انفعل الأستاذ أمين وقال ان بيده رسالة من شخص لم يذكر اسمه، قد تهجم بدون وجه حق على الدكتور، ثم طالب من المشاهدين (ان يلتزموا جانب الأدب) عند الكتابة. ومع ذلك فقد أجاب الدكتور على سؤال المشاهد.
بعد نشر مقالى السابق (فى ذكرى رحيل فيلسوف اللغة العربية الدكتور
الدكتور محمد عبد المطلب البكاء، فى سنة 1987 ألف كتابا ثمينا بعنوان: مصطفى جواد وجهوده اللغوية. الكتاب غزير بمادته سلس باسلوبه. ذكر المؤلف الفاضل (ولم يعرف الناس لمصطفى جواد الا بضع مؤلفات فى البأريخ واللغة وأكثر من مجموعة مقالات وندوات موزعة فى مجلات وصحف عراقية وعربية وبرامج اذاعية وتلفزيونية، ولكنهم عدوه عالما من أغناهم انتاجا وأكثرهم تحقيقا وأمدهم نفسا فى اللغة والتأريخ). وذكر شعرا قاله الفقيد وهو على فراش المرض:
رشحتنى الأقدار للموت ولكن..........أخرتنى لكي يطول عذابى
ومحت لى الآلام كل ذنوبى.............ثم أضحت مدينة لحسابى
فى كتابه الموسوم: ذكرى مصطفى جواد، ذكر فيها الأستاذ سالم الألوسي ان المرحوم ترجم العديد من الكتب عن الفرنسية والانكليزية والفارسية، ونشر مئات البحوث والدراسات والمقالات فى المجلات والجرائد العراقية وبعض المجلات العربية المهمة. ثم ذكر: لابد لى من الاعتراف بأن مقالات المرحوم أكثر من ان تحصى وقد فاتنى عدد كبير منها، ثم عدد164 من الكتب المحققة والمؤلفة والمترجمة. ادرج البعض من أسماء هذه الكتب:
- بغداد مدينة السلام
- دليل الجمهورية العراقية
- قل ولا تقل
- مقترحات ضرورية فى قواعد اللغة العربية
- سيدات البلاط العباسي
- الآثار الاسلامية القديمة
- وسائل النهوض باللغة العربية
- مبحث فى اللغة العربية
- المدرسة المستنصرية
- نظرات فى الأدب والكتب
الكتب الثلاثة الأولى يمكن اعتبار كل كتاب منها موسوعة فى موضوعها:
بغداد مدينة السلام: ألفه ريتشار كوك، وترجمه الدكتور مصطفى جواد والاستاذ فؤاد جميل. ثبت الدكتور جواد فيه تعليقاته وآراءه وتصحيحاته ومآخذه على المؤلف.
دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960، ألفه الراحلون: الاستاذ محمود فهمى درويش، والدكتور مصطفى جواد، والدكتور أحمد سوسة. من أروع ما الف عن العراق قديما وحديثا (لغاية سنة 1960)، وهو كنز من المعلومات التى يحتاجها كل باحث.
قل ولا تقل: أشهر من نار على علم. ذو فائدة قصوى للمبتدىء وللكاتب البارع على حد سواء.
فى مقدمة كتابه (قل ولا تقل) الجزء الأول، كتب الدكتور جواد:
(اللغة العربية لغة جسيمة عظيمة قوية، لأمة كريمة عظيمة، وقد حافظت على قوامها ونظامها وكلامها بقرآنها العزيز وتراثها الأدبي البارع طوال العصور التى انصرمت بين زمن الجاهلية وهذا العصر، وهى لا تزال قوية الكيان علية المكان، مستمرة الازدهار ومستدامة الأيثار عند أهلها وحماتها من عرب صليبة ومستعربة نجيبة).
التعليقات
بوركت
أحمد -نعم، كانت ليلة بغدادية رائعة تلك التي ظهر فيها الدكتور مصطفى جواد مع الإعلامي الألمعي فخري الزبيدي في صندوق السعادة. ولعل ما ظل في ذاكرتي هو تلك اللقطة (في نفس البرنامج) التي ظهر فيها الدكتور هازا كتفيه، وبجانبه عازف(الدنبك) الشهير المرحوم عبد أرويح الذي نجح في "تحريك" أكتاف الدكتور بفعل سحر إيقاعاته وأريحية الدكتور.د.جواد حاز على حب العامة واحترام النخبة، شأنه شأن كثيرين من عمالقة الثقافة العراقية، وهذا بحدذاته مجد ما بعده مجد.
رحمة الله
ناجي العلي -اذكر وانا صغير عندما يحين موعد برنامج قل ولا تقل يصيبني الهم والغم لانة كان برنامجاللحديث فقط وليس سواه ولكن عندما انصت اليه مرة بعد اخرى استهواني البرنامج رغم صغرسني ولا انسى المرحوم عندما يهز رأسه من الخلف للامام ويقول قل ولا تقل ..رحمة الله عليك
عالم شعبي
عمرفرهادي - اربيل -كان العلامة المرحوم مصطفى جواد عالما فذا وانسانا متواضعا وشعبيا لدرجة انه لم يبخل بمعلوماته الغزيرة على الشعب حيث استفاد منه من تتلمذ على يديه او سمعه من الراديو او شاهده في التلفزيون او قرا له في جريدة او مجلة وفي كل الاحوال كان معروفا عنه انه يرغب في ايصال مايعرفه من مواضيع الادب والتاريخ وغيرهما الى كل الناس دون مقابل رحمه الله وطابت ذكراه
الدكتور مصطفى جواد
على عجيل منهل -نشكر الاستاذ جغفر العزاوى علىمقالته حول علم العراق الثقافى صاحب كتاب قل ولا تقل والذى تحول الى جزء من تاريخ الثقافة العراقية الحديثة لقد وضع العلامة مصطفى جواد علامة 6 من 10 فى شهادة ملك العراق القادم المرحوم فيصل فى مادة النشيد والمحفوظات فى حين عشنا زمننا يكتبون رسالة الدكتوراه لابن القائد من اساتيذ الجامعةوالمصيبة لم نشهد تكريم الدكتور جواد من قبل جامعةبغداد ولاطبع كتبه من فبل وزارة الثقافة