فن الحرب لـسن تزو لا يزال صالحا للتطبيق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد الحمامصي من القاهرة: ترجع أهمية كتاب (فن الحرب The art of war) للكاتب الصيني سن تزو Sun Tzu والذي ترجمه عن الإنجليزية الناقد د.جمال التلاوي وصدر عن دار الهدي إلي العديد من العوامل فهو أقدم ما وصل إلينا من المؤلفات التي تدور موضوعاتها حول الاستراتيجية بصفة عامة والاستراتيجية العسكرية علي وجه الخصوص وهو الكتاب الذي أذاعت شهرته في المحافل العسكرية و بين المتخصصين في العلوم الاستراتيجية إلي حد تسميته بــ (الكتاب المقدس للدراسات العسكرية) . وضع الكتاب منذ حوالي 25 عاما و لا يزال صالحا للتطبيق حتي اليوم وهو يتألف من13 فصلا هي "وضع الخطط و التقديرات"، "شن الحرب"، "مبادئ الهجوم الاستراتيجية"، "المناورات التكتيكية"، "الطاقة"، "نقاط الضعف و القوة"، المناورة"،تنوع التكتيكات"،"تحرك الجيش"، "الأرض"، "المواقف التسعة"، "الهجوم بالنيران"، "استخدام الجواسيس".
ان الترجمة الحرفية عن الصينية لعنوان الكتاب هي"الاستراتيجية العسكرية لــ,(سن تزو)" و قد كتب خلال القرن السادس قبل الميلاد بواسطة ويهتم بعرض الجوانب المختلفة للحرب و قد حاز علي إعجاب المتخصصين العسكريين باعتباره كتابا محددا عن التكتيك والاستراتيجية العسكرية و هو يعد واحدا من أشهر الدراسات حول الاستراتيجية وله صدي و تأثير كبير في المجالات العسكرية و التخطيطية بصفة عامة و كانت أول ترجمة له منذ مائتي عام إلى الفرنسية علي يد الأب "أميو" حيث تأثر به نابليون و القادة الألمان وكذلك من خطط لعملية عاصفة الصحراء وقد صرح عدد من الزعماء مثل "ماوتسي تونج"و "جياب" بأنهم قد استلهموا الكثير من أفكارهم من ذلك الكتاب.
ويضيف: كما أن الشعب الصيني اتخذ من نصوص ذلك الكتاب وعباراته الدالة،حكما وأمثالا يتداولها أفراده كأحد أهم مكونات تراثهم الثقافي فإن الولع بنصوص و عبارات "فن الحرب"سرعان ما انتقل إلى الكثير من الدول الأوربية قبل أن تساهم "الميديا" الأمريكية بالنصيب الأوفر في انتشار الكتاب وذيوع نصوصه في العالم أجمع من خلال الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي أشارت للكتاب ومؤلفه فقد أنتجت هوليود في عام 2000م فيلما بعنوان "فن الحرب" كان بطله لا يفتأ يقتبس نصوص "سن تزو" و لعنا نذكر "جوستاف جريفز" في فيلم "جيمس بوند" الشهير وهو يقتبس ويردد من عبارات هذا الكتاب، كما قدمت هوليود والصين مسلسلات تليفزيونية تحمل العنوان ذاته وتعرض فصول الكتاب بشكل درامي، وقد أدي كل هذا الزخم الإعلامي إلى رواج "فن الحرب"في شكله المطبوع وخروج العديد من ترجماته وتصدر تلك الترجمات لقائمة الكتب الأكثر مبيعا في الأسواق الأوربية والأمريكية.
و علي الرغم من أننا نقر باعتقادنا بعمومية "فن الحرب" و قابليتها للتطبيق في مجالات إدارة الصراع علي مختلف مستوياته فإن للكتاب فوائد حقيقية علي مستوي التطبيقات العسكرية تتجاوز كونه مخطوطا تاريخيا إذ استفاد منه الخبراء العسكريون علي مر العصور من صفوة القادة العسكريون الصينيين و محاربي الساموراي اليابانيين في زمن "سن تزو" مرورا بنابليون و قادة ألمانيا النازيين ووصولا إلى مخططي غزو أمريكا للعراق من خلال ما سمي بعاصفة الصحراء أو حرب تحرير الكويت وتعتبر دول شرق اسيا هذا الكتاب جزءا من اختبارات القبول في الكليات العسكرية لديها و كذلك هو جزء من مناهج الدراسة بالعديد من الكليات العسكرية في الشرق الأوسط.
ترجمة أم تحقيق
ويؤكد د.جمال التلاوي أنه نظرا لأهمية الكتاب علي المستوي الاستراتيجي والمستوى التاريخي فقد وجد أن ترجمته إلى العربية ترجمة تتوخي الأمانة العلمية وتحقيق الفائدة المرجوة في آن أمر واجب التحقيق، ولكن ماذا نترجم؟ إن الطبعات المختلفة التي اعتمدنا عليها طبعات باللغة الإنجليزية تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا، ولعل هذا الاختلاف يرجع إلى أن المترجمين الشراح ينتمون الي علوم مختلفة استراتيجية عسكرية، إداراة اعمال، تجارة، علوم اجتماعية،و أنهم لم يكتفوا بترجمة نص"سن تزو"كما هو بل ان اهتمامهم الاكبرانصب علي كتابة الشروحات و التعليقات و التطبيقات حتي أمست هناك صعوبة حقيقية في استخلاص عبارات النص الاصلي من بين سطور تلك الترجمات.
وأضاف: علي الرغم من صغر حجم النص الأصلي المترجم لكتاب "فن الحرب" فإن الطبعات الإنجليزية المتوفرة يترواح عدد صفحات بعضها بين مائتي صفحة وأكثر من خمسمائة صفحة.
و كان الطموح هو القيام بمحاولة تحقيق علمي للنص الأصلي بعيدا عن أي شروحات أو تعليقات أو تطبيقات غير أن التحقيق العلمي يستوجب اتقانا للغة الصينية- لغة النص الأصلي- وهو ما لم يتوفر مما ألجأني إلى الترجمات الإنجليزية التي تداخلت فيها عبارات النص الأصلي مع ما تم إضافته من شروح وتعليقات.
ترجمات فن الحرب
كتب "فن الحرب"في نصه الأصلي باللغة الصينية، وكانت أول ترجمة له للغة اليابانية حيث قام بإنجازها ثلاثة من كبار رجال الساموراي الذين عكفوا علي دراسته و تطبيقه في حروبهم من أجل توحيد اليابان غير أن التاريخ الدقيق لهذه الترجمة غير محدد، أما عن الترجمة إلى اللغات الأوروبية فقد تمت ترجمته إلى اللغة الفرنسية عام 1772 وان كانت موسوعة ويكيبيديا تشير إلى أن التاريخ الصحيح لهذه الترجمة هو 1782 ومن بعد الترجمة الفرنسية تعددت الترجمات إلى الألمانية والإنجليزية، وعلي الرغم من أن معظم المراجع تتفق علي ان أول ترجمة للإنجليزية تمت في عام 1910 و هي الترجمة التي قام بهاlionel gails"" فإن"james clavell "في مقدمة طبعته الصادرة عام 1983 يشير إلى أن أول ترجمة الي اللغة الإنجليزية كانت عام 1905 و قام بها p.f.calthser، أما ترجمة و طبعة لايونيل جايلز فتمت عام 1910 وهي مليئة بالتعليقات التي أضافها شراح "سن تزو"الصينيون ونقلها عنهم "لايونيل جايلز" و إذا ما توقفنا عند ترجمة و طبعة 1910 التي صدرت في انجلترا و قام بها lione gails لوجدنا أنها الأشهر وأنها كانت بمثابة الجسر الذي عبر عليه "فن الحرب"الي الفكر العالمي المعاصر، وقد كان lionel gailsعضوا بقسم الكتب و المخطوطات و المطبوعات الشرقية بالمتحف البريطاني و ذهب الي بعثة أثرية لدراسة آثار الصين ممثلا عن الحكومة الصينية.
ويري د.التلاوي أن الكتاب في نصه الأصلي عبارة عن مجموعة من التعاليم التي ترقي إلى ما يمكن تسميته بــ"فلسفة الاستراتيجية العسكرية" حيث لا يقدم "سن تزو" تفصيلات و لا ينشغل بتوفير النماذج والتطبيقات بل يطرح عبارات متتابعة في فلسفة التكتيك و المناورات و الاستراتيجية.
و بكتابة النص الأصلي بفصوله الثلاثة عشر في بنود ونقاط محددة قد ينتج عنه تكراراوتشابها فيما يظن أن "سن تزو" قام بكتابة "فن الحرب" كمقالات مستقلة قبل أن يقوم بتجميعها عقب الانتهاء منها في كتاب واحد أو لعل الأمر مردود إلى شراحه الصينيين أو الي مترجميه إلى الإنجليزية و ليس إلى "سن تزو" نفسه.
و لا ننكر أن هذه الترجمة تحاول ان تقدم نقلا أمينا لواحد من أهم عيون التراث الإنساني الي لغتنا العربية التي أمست في أمس الحاجة الي طوفان من الترجمات يصلها بما انقطعت عنه من أسباب الحضارة الإنسانية و يعود فيضعها من جديد علي طريق المساهمة في الإنتاج الفكري العالمي.