ثقافات

حسام فخر .. يوسف ادريس آخر أم موهبة جاهينية جديدة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لبنى صبري من القاهرة: بعد مجموعته القصصية وجوه نيويورك التي أثارت جدلا استقبلت أحدث روايتين لحسام فخر باحتفاء كبير في الاوساط الادبية المصرية. وأجمع النقاد على أنه رسخ بهما مكانته على ساحة الابداع وربما لم يختلفوا الا على ما اذا كان فخر "يوسف ادريس آخر" أم "موهبة جاهينية جديدة" نسبة الى خاله شاعر العامية الراحل صلاح جاهين. انصب الاحتفاء أساسا على رواية "حكايات أمينة" والتي وصفها بعض النقاد بالمتتالية القصصية وهي نوع من السيرة الذاتية للكاتب صبيا ومراهقا وشابا ينقل فيها عن جدته أمينة حسن والدة جاهين حكاياتها التي شكلت وجدانه.
حكى فخر بلغة سلسة غنية تمزج الفصحى بالعامية المصرية كيف صدم جدته بنزق المراهقين عندما روت له قصة لقائهما الاول يوم مولده "تقول أمينة انها حالما رأتني وشافت لون جلدي الاصفر المحمر أعلنت بصوت حازم لا يقبل النقاش.. الولد ده مالوش لبن سيبوهولي وانا حاتصرف." "مياه بسكر ونقطة ماورد وبوسة على الجبين وسورة يوسف وياسين وبخور جاوي فوق رأسه وفي ودنه الادان وكلمتين حلوين." ويقول "أرضعتني هذا المزيج من السوائل والحب والكلمات وأخذتني في حضنها الدافيء."
واكدت له مرارا عندما كانت تحكي قصة حبهما من أول نظرة "انني نظرت مليا في عينيها وابتسمت ابتسامة مضيئة ومددت يدي الصغيرة لاداعب شعرها الابيض الخفيف."
وعندما بلغ سن المراهقة قال لها بصبر نافد "أما عن النظر في عينيكي بعد الماورد وباقي الخزعبلات اياها فمن الثابت علميا أن الرضع حديثي الولادة لا يرون شيئا لمدة سبعة أو عشرة أيام. ويؤسفني أن اخبرك أن الرضع لا يعرفون الابتسام انما تنفرج اساريرهم لحظة اخراج الريح الذي يوجع بطونهم."
وردت الجدة "اما انت ولد دون صحيح .. بقولك يا كلب كان حب من أول نظرة تقول لي كنت أعمى وعندي غازات. الله يقرفك يا خسارة تربيتي فيك. بكرة تفهم." وبعد هذه الرواية قال عنه الكاتب جلال أمين في مقال بعنوان "موهبة جاهينية جديدة" في صحيفة المصري اليوم "لا يمكن أن أذهب الى حد الزعم بأنك اذا قرأت قصص حسام فخر سوف تخمن فورا ان خاله لا بد أن يكون صلاح جاهين." وفي صحيفة أخبار الادب كتب المفكر مصطفي الحسيني في مقال بعنوان "يوسف ادريس اخر" يقول "السؤال هو لماذا لم يجد حسام فخر (وكثيرون غيره دون شك) ما حظي به يوسف ادريس والنابهون من أبناء جيله من حفاوة.."
فخر (48 عاما) مقيم منذ 23 عاما في نيويورك التي يعشقها ويعتبرها مدينته الاخرى الى جانب القاهرة ويقول عنهما انهما أجمل مدينتين في العالم " الثالث". ولفخر صلة فعلية بادريس فهو من قدم له كتابه الاول وكان مجموعة قصصية بعنوان "البساط ليس أحمديا". وكتب ادريس في التقديم يقول "اليكم اذن يا قراء القصة كاتبها الجديد حسام فخر. يسعدني تماما أن اقدمه وأفخر بتقديمه وعشمي أن يفيض علينا من مياهه الساحرة العميقة التي تأخذ نبعها مباشرة من خير هذا الشعب ووجدانه." أما الرواية الاخرى التي لم تحظ بالحفاوة التي استقبلت بها حكايات أمينة فأهم ما يميزها الى جانب رشاقة الاسلوب وعمق الافكار هو الشكل الذي جاء مختلفا تماما. والخط الرئيسي في الرواية عن تجنيد خديوي مصر للفلاحين لارسال بعثة عسكرية للمكسيك. استعرض الكاتب ذلك على شكل فصول كل منها له شكل مختلف فصل على شكل مشهد من مسرحية واخر جزء من سيناريو فيلم "بطولة سلمى حايك طبعا" وأخر على شكل مشروع رواية. وحول هذا الموضوع طاف فخر وحلق في عوالم كثيرة شديدة الغني من أب محروم من الخلفة تساعده "قرارات جورباتشوف وظاهرة العولمة وقتل غجرية في قرية قرب بوخارست" على حل مشكلة حياته الى قصة حب في يوم رائع في حديقة سنترال بارك بمدينة نيويورك.
وصدرت مجموعته وجوه نيويورك عام 2004 بعد حرب العراق في وقت كانت مشاعر العداء للولايات المتحدة متعاظمة في البلاد فلم يسعد العديد من النقاد بتعاطفه الشديد مع ضحايا الهجمات.
ربط فخر في هذه المجموعة بين صور قتلى الهجمات وصور وجوه الفيوم الاثرية المصرية "وقعت في غرام تلك الوجوه المصرية الوسيمة ..كنت أسأل نفسي وأنا أتأمل صورهم كيف عاشوا.. وكيف ماتوا.. وكم واحد منهم انتهى عمره بطريقة الاعدام الرومانية الرهيبة.. بأن يربطوه الى عجلتين حربيتين ثم تنزل السياط على ظهور الجياد فتجري بأقصى سرعة في اتجاهين متضادين حتى يتفسخ السجين نصفين."
"وبعد 11 سبتمبر بأيام تحولت نيويورك الى غطاء تابوت يحمل الاف الصور. وجوه بلا عدد تملا الحيطان." "فقدت نيويورك مدينة النور الوانها.. أصبح كل شيء اما أبيض أو أسود ثم غرق كل شيء في الظلام."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف