ثقافات

بوبروفسكي: شاعر الإشارات المبهمة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

15 قصيدة حرّة

مقدمة صالح كاظم

عند الحديث عن الأدب الألماني المعاصر لا يمكن إلا التوقف عند مرحلة زمنية مهمة أغنت هذا الأدب بتجارب متميزة نشأت في أحضان النظام الشمولي في شرق ألمانيا وأصبحت رافدا أساسيا لثقافة ما بعدالحرب رغم صعوبة الخندق الثقافي الستاليني الذي حاول أن يقطعها عن إمتداداتها الطبيعية في غرب ألمانيا وقولبتها في نظريات بعيدة عن الأدب في جوهرها مثل ما كان يطلق عليه مصطلح "الواقعية الإشتراكية" أو "الأدب الملتزم" وغير ذلك من المصطلحات ذات الجذور البيروقراطية المؤدلجة. في ظل الجدار دأب عدد كبير من الفنانين والأدباء على السعي من خلال أساليب تعبير معينة للأفلات من سوط الرقيب المتربص بهم وإنتاج أعمال أبداعية لا تقل طاقتها الإستفزازية، عما نشأ في ظل النظام الرأسمالي السائد في غرب المانيا، سيرا على النهج الذي رسخه بريشت في مقاله "خمس صعوبات في كتابة الحقيقة"، حيث يوصي الكاتب أن يستخدم "الحيلة" لنشر الحقيقة في ظروف القمع. ولا شك بأن بريشت كان هو أول من طبق هذه النصيحة في خمسينات القرن الماضي، سواء في قصائده أو في مسرحه "الديالكتيكي" القائم على أسس "المسرح الملحمي". هكذا تسربت الحداثة الى ادب وفن "المانيا الديمقراطية" وتركت بصماتها على الكثير من الإبداع الأدبي والفني لجيل ما بعد الحرب والأجيال اللاحقة حتى مرحلة سقوط الجدار وتوحيد المانيا. ورغم غلبة الطابع السياسي على أغلب ما كتب في "المانيا الديمقراطية" في خمسينات القرن العشرين ووجود تيار إيديولوجي واضح لدى بعض الشعراء والكتاب مثل كورت بارتل (كوبا) (1914- 1967) ويوهانيس آر.

مقدمة عبد القادر الجنابي

عندما اقترح القاص الصديق صالح كاظم ترجمة بعض قصائد يوهانس بوبروفسكي، شعرت وكأنه يوقظ فيّ لغةً شفيفة كدت أنساها؛ لغة بوبروفسكي التي تعرفت عليها أوائل تسعينات القرن الماضي وقمت آنذاك بترجمة عدد من قصائده و نشرت بعضها في "القدس العربي". وقد اعتمدت في ترجمتي على الترجمة التي قام بها ماثيو ميد بالتعاون مع زوجته روث ميد.. وكلاهما صديقٌ لبوبروفسكي، وصدرت في كتاب عن "انفيل برس" عام 1984، مع مدخل نقدي بقلم مايكل هامبورغر الذي توفي مطلع هذا العام. والترجمة الانجليزية هذه علاوة على إنها شعرية، لكنها جاءت دقيقة حد إن صالح كاظم عندما طلبت منه ان يراجع ترجمتي للقصائد ("أن يُسمّى على الدوام"، "لغة"، "ايقونات"، "عروس الماء"، "عندما الغرف"، "في المرآة الفارغة" و"الصياد الليلي") على النص الألماني، لم يجد خطأ يستحق التصحيح.
إن قوة ترجمة ماثيو وروث ميد أكدت، كما يذكر هامبورغر، على أن شعرية بوبروفسكي القائمة على مراجع مكانية والمجبولة من أطلال سامارتسيا الشبه أسطورية المذكورة في كتب المؤرخين الرومان، يمكن لها أن تعبر حدود اللغة الألمانية من دون أن تفقد شيئا من شفافيتها، غموضها وسمو دلالتها اللغوية: فالشعر هذا غموض هائل لكنه لا يستعصي على الفهم، وبقدر ما هو إيحاء إلى رموز محددة محليا، لكنه سرعان ما يعود إيحاءات كونية تبهر القارئ إلى سهوبه اللغوية وجداوله الأولى. فمنذ قصائده الأولى التي كتبها عن روسيا من وجهة نظر أجنبي ألماني، شعر أنه جزء من المنظر الذي يصفه؛ منظر يعج بكل أنواع القوميات وبتواريخ مختلفة الأجناس والأحداث، بل شعر بما يتحمله الألماني من مسؤولية عن مآساة اليهود، مما باتت بعض قصائده "فعلَ تكفيرٍ".
هذا التواشج العميق بين الشاعر والقصيدة، لم أجده بعد باول تسيلان، إلا عند بوبروفسكي. فالعمل الشعري هنا محنة؛ قلقٌ وتوجّس في الزمان الحاضر وكأن القصيدة روح طارق في جلسة تحضير أرواح من الزمان الماضي. لكنها أرواح حيّة تساعدنا هي على الكلام، على اختراق أزمنة غابرة باتت جزءً من ذاكرة اليوم المشتتة بين الوقائع والأهداف. فجرح الكائنات التاريخي ينبوعهما... واللغة، نواةَ عالم آخر، تحاول عند تسيلان وبوبروفسكي الظفرَ بواقعٍ ما... واقعٍ يمحو هذا الجرح، فتنمو الندبةُ، في أرض ظلال، "شاهدا لمن ليس له شاهد". الفارق هو أن تسيلان كان يستمد أبجديتهمما واجه عرقه من إبادة فيمعسكرات "العقل" النازية. بينما بوبروفسكي، صاحبالمشاعر المتزنة التي لا تشطّ مهما كانت الذكرى مؤلمة، كان يحاول خلق أبجديةٍ أسطوريةِ المكان، ليتخلص من انتماء اعتباطي (اعتباطية التحاقه الاجباري بالجيش الألماني إبان الحرب العالمية الثانية)، إلى عرق كان مسؤولا عن هذه الإبادة.
لكلٍ نظرتُه إلى المعطى؛ مقاربته الشعرية من كسوف اللغة... على أن كلاهما يخلّص النُبوئي، بضاعة الشعراء البائسين، من هالته المفتعلة، والكارثي من فظاظته. ففي شعرهما مسٌّ من جمالية هولدرلين حيث التوترُ موئلٌ يفضي إلى الدقة.

بيشر وآخرين، كان يوجد هناك تيار له طابع إبداعي، ربما كان مٌسيّسا، إلا أنه لم يُصب بالعدوى الإيديولوجية، وبقي في مجمله محافظا على نقائه الإبداعي، سواء كان ذلك في مجال القصة أو الشعر أو الرسم، أومجالات الإبداع الأخرى. وكان يوهانيس بوبروفسكي (1917-1965) في كل الأحوال واحدا من الشعراء الذين لم يدخلوا سوق المزايدات الإيديولوجية، بل أنصرف لعمله الإبداعي، رغم المخاطر المحيطة به والتي دفعته في النهاية للعمل كمحرر في دار النشر التابعة لـ "الإتحاد المسيحي الديمقراطي" لضمان لقمة العيش من جهة، ولتخفيف الضغوط السياسية عليه كشاعر من جهة أخرى، إذ كان التلحّف بهذا الغطاء يضمن شيئا من الحرية الإبداعية ومجالات أكبر نسبيا للتحرك في حدود الممكن، على حافة الهاوية. لذا فانه ليس من المستغرب أن تتم طباعة أغلب أعمال بوبروفسكي في البداية في ألمانيا الغربية، ينطبق هذا على أعماله الشعرية والروائية بنفس الدرجة، علما بأنه كان قد نشر أول قصائده في سنة 1955 في مجلة Sinn und Form التي كان يشرف عليها في حينه الشاعر المعروف بيتر هوخل ( 1903-1981) - غادر "المانيا الديمقراطية في سنة 1971 بعد أن تعرض للعديد من الضغوط السياسية والأبداعية بسبب نهجه المتفتح في إدارة المجلة المذكورة وفي قيادة أكاديمية الفنون الألمانية- و لا شك بأن مصير بوبروفسكي لم يكن ليختلف عن مصير غيره من أدباء تلك المرحلة الذين وجدوا أنفسهم رغم قناعاتهم اليسارية مضطرين لمغادرة "المانيا الديمقراطية"، لولا تعففه عن الخوض بشكل مباشر في الشأن السياسي، إضافة الى صعوبة تفسير كتاباته من خلال نهج سياسي، بعيدا عن العملية الإبداعية. العملية الإبداعية تبدأ في اللغة، لتغوص في الأبعاد المبهمة للزمان والمكان، في بحث لا يتوقف عن جذور الغيبي والميتافيزيقي في الحجر، والأنهار والأشجار، في عالم لا يكف عن التحولات، هو العالم الذي ولد فيه بوبروفسكي، عالم "بروتسا" - بروسيا لاحقا -، حيث الإختلاط العرقي في أعلى درجاته، فهناك الألماني والبولوني والليتواني، كل ترك بصماته على هذه الأرض التي يعيد لها الشاعر أسمها القديم "سارماتسيا"، محررا إياها من كافة أشكال الإختناق القومي بجذوره القائمة على أساس حروب القرن الماضي (الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية). يجد القاريء نفسه مقابل هذا العالم أثناء تصفح أعمال الشاعر، سواء الشعرية منها أو الروائية والقصصية. في مجموعته الشعرية الأولى "أزمنة سارماتسية" -1961- يأخذنا الشاعر الى أماكنه ومحطات أحلامه في مناطق تأسس فيها وعيه الأول، في تلك المدينة المحاطة بالغابات، على ضفة نهر الـ"ميميل" الذي مازال سكان المنطقة يسمونه "الجدول". وينطبق ذلك كذلك على ديوانه الثاني "أرضُ ظلالٍ جداول" وعلى روايته الأهم "طاحونة ليفين، 34 جملة عن جدي" - 1964-. وتحمل أعمال بوبروفسكي في طياتها العديد من المفاجآت اللغوية التي يرجعها بعض النقاد الى معرفته باللغتين اللتوانية والبولونية، حيث نقل منها ما تحمله ذاكرته الى اللغة الألمانية، في صور شعرية غريبة، جعلت منه واحدا من أعلام الحداثة في الأدب الألماني المعاصر. وفي النهاية مازال ما قاله حول الدور الإجتماعي للأدب محافظا على صحته لحد يومنا هذا: "الأدب لا سلطة له."

1- زهرة البيلسان

ها هو ذا
بابل، اسحاق.
يقول: أثناءَ المجزرة،
حين كنتُ طفلا،
قـَطعوا رأسَ حمامتي.

بيوتٌ في شارع خشبي،
أسوارُها يـَنمو عليها البـَيـْلسان،
عـَتـَباتـُها نظيفة ومُلـّمعة
السـُلـّم الصغير، أتـَذ ْكـُرْ،
كانت عليهِ لطخة ُ دَمٍ.

تقولون: لننسى!
هناك جيلٌ سيأتي،
ضحكاته مثل أ ُجّمات البيلسان.

البيلسان يـَذبلُ
بسبب نِسيـانـكم.

2- يوهان سيباستيان باخ

رجلٌ غيرُ مريح ٍ،
مزاجُه مثل موسيقيّ المدينة، يَحملُ سيفا
وله مـيول عاطفية
(يُمكن تحقيقها، بلا شك).
مثل طِفلٍ يفرحُ لخـَرير المياه،
ويتابعُ سير الأنهار الدائم التأثير.
نهرُ الأردن الأجْرد
والفراتُ المُحمـّل بالسماوات يـُرحبان به.

رأى مضيقَ البحر -
هناكمن يدور
حول نيران ٍ غير مرئية،
يـُنادي الكواكبَ
بصوتٍ يَحْمل عذابا قديما.

أحيانا،
فيمعزوفاته فيكـُويتن،
وسَط أبهةِ سنوات لايبزغيطفو هذا
على السطح. في النهاية، لم يعدْ يسْمَع
روحَ العَنـْصَرة
تحلـّق مع ضجيج الأبواق (على أرتفاع 16 مترا).

يَسْبقه أنينُ الناي،
إذ يقفَ أمام بيته العتيق،
متعبا من الكتابة،
محاطا برياح عاصفة، ناسيا
الأرض.

3- تجربة

إشارات،
صليبٌ وسمكة ٌ
مخطوطة على جدار الكهف.

موكبُ الرجال
يـَغيبُ في التربة.
رسمه مستوحاة من قصائده بريشة كاثرين برومسه الأرض ترتفع،
أعشابٌ ضاربة إلى الخضرة
تنمو وسط الأحراش.

عند الصدر
يتوقفُ النهرُ عن الجريان.
صوت يأتي من الرمال:
اِفتحْ جَسَدكَ،
فأنا غير قادر على اختراقه،
موتاكَ يعومون في مياهي.

4- تقرير

بايلا غيلبلونغ،
هَربتْ
أثناء نـَقـْلها من الغيتو
في وارشو،
تجوّلت في الغابات، مسلحة ً.
أ ُعْتـُقِلتْ في بريست- ليتوفسك،
وهي ترتدي معطفا عسكريا (بولونيا)،
اسْتجوبها ضباط ٌ ألمان .
في الصورة:
ضباط ٌ فتيان في حُلل أنيقة،
وجوههم صافية،
وقاماتـُهم مستقيمة.


5- اغتراب

زمنٌ
يتنقلُ
يرتدي أحيانا
ملابسَ من السعادة
أو من الخيبة.

الخائبُ يتحدثُ بصوت متقطع
يشبه اللقـْلقة. اللقالقُ
تـَتـَجَنبه:
ريشُه أسودٌ وأشجاره ظلالٌ، يـَسْكـُنها
الليلُ. خـُطاه
تنتهي في الهواء.

6- قصب البردي

بأجنحةٍ من مطر ٍ
تـُحـَلـّقُ، صارخة ً،
الرياحُ المَطـَرية.
حمامة ٌ زرقاء
نَشرَت جناحيها
عِبر الغابة.
جميل هو الضوء، إذ يتسرب
في حديد السرخس المنكسر
رأسُه رأسُ تـُدْرُجٍ.

أيها النـَفـَس،
ها أنا أرْسلك الى الخارج،
اِبحثْ عن سقف يحميك،
تـَسَلـّلْ من خلال نافذةٍ،
انظرْ الى نفسِك في المرآة البيضاء،
اسْتـَد ِرْ بلا ضجيج،
سيفا أخضر.

7- إلى كلوبستوك
(فريدريش غوتليب كلوبستوك 1724-1803 شاعر ألماني)

لو رَفـَضْتُ ما هو واقع
فهذا ما سيكون: أقول النهرَ والغابة َ.
غير أن الظلامَلاصقٌ بأحاسيسي
صوتَ الطائرِ المتعجل ِ،
سهمَ النور حولَ المنحدر
وخريرَ المياه.
كيفَ أنـْطُق أسمَك،
وحظي قليلٌ من المجدِ،
حَمَلـْتُ كلّ ما مَررْتُ به،
أساطيرَ محاطة ً بالظلال ِ تحكي عن الذنوبِ
والتكفير ِعنها:
ومثل ثقتي بما تفعل،
أثق بلغة المَنسيين،
وأنـْطقُ كلماتهم بلا مجاملة صوبَ الشتاء،
من وراء القصب.

8- جواب

عِبرَ السور أنتَ تـَتـَحدث:
الأشجارُ ترمي ما يـُثـْقِلها،
الثلجَ.

حتى غصونُ البيلسان المخلوعة
تـَحْمِلُ غناءَ الشحارير
وصياح الصراصير.
صوتُ العشب
يَحفرُ ثقوبا في الجدار.
طيور السنونو تحلق صعودا
عَكـْسَ المطر،
أبراجَ نجوم ٍ تمضي نحو السماء
على عجل في الصقيع.

الذين يدفنوني
تحت الجذور
يسمعون:
هو يتحدث مع التراب الذي يملأ فمه-
هكذا سينطق التراب،
وتصرخ الحجارة،
والمياه تحلّق.

ترجمة صالحكاظم

9- أن يُسمّى على الدوام

الشجرة، الطير وهو يطير،
الصخرة الضاربة إلى الحمرة، حيث يتدفق
المجرى، اخضر، والسمكة
في الدخان الأبيض، عندما ترتفع العتمة
فوق الغابات.

أن تَرسم، أن تـُلوّن،
ما هذا سوى لعبة، أخشى
أن لا تنتهي بالشكل
المراد.

ومَن هذا الذي سيعلّمني
ما قد نسيتُه: نوم
الحجر، نوم
الطيور وهي تطير، نوم
الاشجار، هل يستمر،
في العتمة، كلامها؟

لو كان ثمـّة الهٌ
ومتجسد،
واستطاع أن يناديني، لكنت
قد تقدمت، لكنت قد
تمهّلت قليلاً.

10- لغة

الشجرة
أعظم من الليل
مع نسيم بحيرات الوديان
مع الوشوشة عبر
السكون.

الاحجار
تحت القدم
اعراق مشعشعة
منذ أمدٍ في الغبار
إلى الابد.

لغة
منهوكة
بفمها المرهق
في الطريق اللانهائية
إلى بيت الجار.

11- أيقونات

ابراجٌ، مقوَّسة، مسوَّرة
بالصلبان، حمراء. تتنفسُ
السماءُ الظلمة، يقف
يوحنا فوق التل، المدينة
تِلقاءَ النهر. يراقب
البحرَ آتياً باخشاب،
بمجاذيف، بسمكة مُحرشَفة، الغابةَ
تلقي بنفسها في الرمل.
في مقدمة الريح
ينطلق الأميرُ، ملوّحاً
بمشاعلَ في يديه، ينثرُ
نيراناً صامتة
فوق سهوبٍ مترامية الأطراف.

12- عروس الماء

يتصاعد
من ظلالها
قصائد حب بريشة الفرنسية سوزان نيكل الكلامُ اللا ملفوظ.
من الأوراق
ذراعٌ مقوَّسة.

إنك تجتاز جسرا.
تحمل نوّارا فوق الفم
تتستّر قرب الأبراج
ترمي الحصى الوثّاب بعيدا.

لا أملك نارا
في القَشِّ تنام العصافير
مسموعة ً تعيش في السطح
الأجنحة ُوالزقزقة.

أيا نفْثةَ
احمليني.
أيا عتمةَ
كلّمي اليدين.
قرقرة الماء تبني
في الصمت المريّش عشّـا.
البيوتُ تحت الماء
تُبقي الأبوابَ مفتوحة ً،
ثمة نوافذ، ويبرز سلـّمٌ من حجر.


13 عندما الغرف

عندما تُهجرُ الغرفُ
حيث توجدُ الأجوبة ُ، عندما
الجدرانُ والممراتُ الضيقة تنهار، تطيرُ الظلالُ
من الأشجار، عندما يُهجرُ العشبُ
تحت الأقدام
تطأ النعالُ البيضاءُ الريحَ

عـُلـّـيقة ُالشوكتَشتعلُ
أسمَعُ صوتـَها
حيث لم يكن هناكسؤال،
المياه تجري، ولا أظمأُ.

14- في المرآة الفارغة

في مياه الضوء،
حاجب ضد حاجب،
ما يغطي الجذوع
يطلع فوق سِنامك
أدعو البرق للنزول
وأنت أيها الرماد، تأتي نِدفَ رمادٍ
من برق ٍ بعيد
تسقطُ منك، عباءتُك

كنتُ على منْكـبِـك
العِـرْقُ الذي على رقبتك
اقتحمَ فمي
لن تغرقَ
سأحملكَ
بذراعي، أرفعك
عبر اليمّ
سِـرْ أمامي

ذات يوم: سآتيك
بالشراب ثانية، سأطير
باتجاه السموات، ذات يوم؛ لكن
ساهبط، ستسمعني
اتنفّسُ، ستسمَعكَ الحقولُ
فوق الرياح، نورٌ أبيضُ
سيتكلمُ معك.


15- الصياد الليلي

في الأغصان الجميلة
لايزالُ
الصمتُ يعتلجُ
نور
ذو أيد
على جدارٍ.
يندلقُ الرملُ من الجذور
امض أيّها الرمل،
احمرَ في الماء
اذهبْ تتَـبّـعْ الأصوات
اذهبْ إلى العتمة
انشرْ الشبكة في الفجر

الأصوات تغني شجرةَ الحور..
خذ أذنيك
إلى مكان أمين
إلى الأغصان الجميلة
الأصوات تغني:
ما هو ميّتٌ ميتٌ.

ترجمة عبدالقادر الجنابي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكر لكما
زعيم -

عمل جميل حقا. اشكركما لأنكما افهمتموني الآن بأن هذا الشاعر الألماني بوبرفسكي ليس ذاك الذي قرأت له في النهار والحياة.. فهنا فعلا تشعر انك امام شاعر بينما في الترجمة التي قام بها شخص لااعرفه اسمه عبدالرحمن العفيف تعيسة وبائسة عبارات لم استطع ان افهم منها شيئا.. لا ادري اذا فيها خطأ ام لا... وانما اقول كنص وجدته ثقيلا ومفككا.. بينما هنا أقرأ فعلا شعرا حتى لو انطوى على خطا وسبحان من لايخطأ (وأنا لا أعرف الألمانية حتى اتأكد)، لكنها تبقى ترجمة جميلة ورصينة. شكرا لايلاف التي اخذت تفتح اعيننا على شعر دمره العرب بتراجمهم السيئة جدا وشعر شعراء لم يكن لهم حظ الشهرة فلم يلتفت اليهم الأعراب..

شكرا للجنابي و كاظم
أحمد ابو مطر -

الأعزاء عبد القادر الجنابي وصالح كاظمشكرا لكما على هذه المقدمة والترجمة..رائع أن نطلع على ثقافات لا نجيد لغاتها...جنبكم الله كل الشرور كي تتحفونا بهكذا ترجمات..وإلى اللقاء في إبداعات جديدة.

رائع جدا
عاطف أحمد العزي -

كلام رائع جدا وان لم يكن مقفى. قرأت أشعارا مترجمة من الانكليزية وبعد ان قارنتها مع النص الأصلي، وجدتها قد فقدت الكثير من جمالها. تحياتى وشكرا للأستاذين الفاضلين على مجهودهما المثمر.

الى زعيم
قارئ -

لا عجب ان تكون هذه الترجمة جميلة واحترافية ، لان من اسهم بها مبدعان ومخلصان للعمل ولديهما حس بالمسؤولية . اما هذا المدعو عبد الرحمن عفيف ، فبدأ ينشر الترجمات العصماء منذ الشهر الاول لوجوده في المانيا !! والعفيف هذا كردي ، والثقافة الكردية لا رقابة نقدية عليها مطلقا مما يسمح للفطريات بالنمو والتكاثر ، ومن ثم الامتداد الى الصحف والمواقع العربية أيضا !!

شكرا
حازم كمال الدين -

عزيزي صالح. أنا سعيد لخروجك من الصمت بمثل هذه الجهود الحيوية. عزيزي قادر. شكرا على الترجمة ولجهودك على هذا العناق مع صالح.

شتان بين ترجمة وأخرى
باسم -

ترجمات جميلة. حبذا لو وضع النص الألماني جنبها أو تحتها لتتم الفائدة من حيث دقة الترجمة ولتعم لمن يريد أن يترجم من هذه اللغة أو غيرها، حيث وجدت ترجمة هذا اليوم من الألمانية إلى العربية للسيد عبد الرحمن عفيف الذي ذكره السيد قاسم ، في جهة الشعر، وهي ركيكة في لغتها فاقدة روح النص ، كما يظهر ، حيث يستطيع أن يترجمها أو أمثالها أي واحد بالرجوع إلى القواميس ووضع كلمة عربية مقابل كلمة ألمانية وربط الكلمات كبفما اتفق لتكون جسماً مشوهاً من غير روح.

ببروفسكي
مكتشف -

أتفق مع القراء في خلط عبدالرحمن عفيفي/ وهو شاعر مصري وليس له علاقة بأية كردية. أما ببروفسكي هذا فهو أكبر لص ـ مثل عفيفي ـ معظم قصائده ملطوشة من بول سيلان ـ وسيلان ملطوش من يفان غولغير المعروف بالعربية

لغة العظيم نيتشه
Amir -

أخيرا تم كشف أخطاء عبدالرحمن عفيف الذي غزا الانترنت بكثافة هجومية مؤخرا وليس عفيفي أو العفيف وهو كردي يحاول الترجمة ومن الأفضل له أن يترجم من لغته وليس من الألمانية لغة العظيم نيتشه وغوته أفضل ترجمات عن الألمانية هي للدكتور المقيم في كندا / شكرا للشاعر الجنابي الذي أعطى الترجمة حقها

العلاقات والغراميات
كمال -

الذنب ليس ذنب عفيفي انما ذنب مشجعته في جريدة النهار التي فتحت له الابواب والشبابيك وأشياء أخرى واسعة ليتحفنا بترجماته العصماء . متى تتوقف العلاقات والغراميات في ثقافتنا لتكون مفتاح النشر والشهرة؟

اللغة الشعرية
سعد الله -

عندما يمتلك المترجم ناصية اللغة الشعرية تتماهى الترجمة مع الأصل، وتظن أن هذه اللغة هي اللغة الأصلية للقصيدة.

سرقة ادبية
طاهر عثمان -

مع اعتزازى الكبير بماتنشره صفحة ثقافات فى هذا الموقع المتميز لكن مع الاسف هناك جهات اعلامية مقرةءة لايقدرون هذه الجهود وينتهكون الملكيات الفكرية والابداعية مامعناه يسرقون مواد هذا السايت وينشرونها فى جرائدهم بغير وجه حق مثلا قرات مقدمة هذه الباقة الشعرية فى عدديوم19من هذاالشهر منجريدة الدستور التى تصدر فى بغدادمن دون ذكر المصدر ولاشارة بهذا الموقع وهذه سرقة ادبية واضحة وانتهاك لملكية المواقع الاكترونية التى تعمل جاهدة لنشر المواد الادبية والفكرية المتميزة والقيمة وشكرا