لبنى ياسين: أقطف الأقمار وأزرعها على الورق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هاني نديم ـ إيلاف: "أدهشتني في أول مجموعة قصصية لها "ضد التيـار"، والدهشة هي الانطباع الوحيد الذي يؤكد الجـدارة، فالأدب الجيـد هو الذي يدهش ويثير ذلك المزيج الساحر من التجاوب بالعقل مع ما يلمس أوتار القلب" هذا هو رأي الأديب أسامة أنور عكاشة في لبنى ياسين، الكاتبة السورية التي لفتت إليها الأنظار منذ أول مجموعة قصصية أصدرتها. الكاتبة عضوة فخرية في جمعية الكاتبات المصريات وهي البادرة الأولى للجمعية في منحها عضوية لكاتبة غير مصرية؛ وهي خريجة علوم من دمشق، ودرست الرسم والنحت في معهد ادهم إسماعيل للفنون التشكيلية في دمشق، تعمل اليوم كصحفية، كما تحتفل بإصدار مجموعتها القصصية الثالثة التي صدرت بعنوان طقوس متوحشة. لبنى ياسين خصت إيلاف بهذا الحوار:
bull;إن الضجة التي رافقت أول مجموعة قصصية أصدرتها (ضد التيار)، يجعلني أتساءل عن هذه المجموعة تحديداً، والتي كرست وجودك الأدبي اليوم كقاصة مهمة، ماذا تخبرينا عنها، وهل الإصدار الأول يحدد مستقبل المبدع؟.
bull; هل السرد هو الوسيلة الأكثر قرباً من ذهنية (الكاتبات)!، أين هنّ من الشعر؟
ـ بالنسبة لي تحديداً أجد نفسي في القصة أكثر من الشعر، رغم أني قارئة له ومن محبات الشعر، ومرتادات الأمسيات الشعرية، لكن لا تستطيع أن تقول أين هنّ من الشعر، هناك أسماء في الساحة الشعرية تعلن عن وجودها بقوة، ومن جهة أخرى هل بإمكان إنسان أن ينكر الدور الريادي في الشعر الحديث للشاعرة العراقية نازك الملائكة مثلاً؟ ربما هي خصوصية حياة المرأة تبعدها فعلاً عما تريد فعله، فغالباً ما يترافق الزواج والإنجاب بفترة كمون عند المرأة تكون فيها قد استهلكت طاقتها في الحمل والولادة والسنوات الأولى للمولود. وقد لا تبقى لديها الجرأة أو العزيمة أو حتى الوقت بعدها للاستمرار.
bull;لأكون أوضح، هل تؤمنين بأن هنالك أدب نسائي وآخر ذكوري؟
ـ كتصنيف جازم يضع خطوطاً واضحة لا أرى أن هناك أدب نسائي وآخر ذكوري، بدليل أننا لم نسمع هذا التصنيف قبل الآن، فما الذي استجد حتى يتم حصر الكاتبات والشاعرات في زاوية يتهمن فيها بالتمحور حول الذات؟ أنا أؤمن أن هناك خصوصية ما في كتابة كل منهما بالتعامل مع النص، والإحساس بالكلمة، لكنك عندما تقرأ قصيدة شعر مثلا تتورط في إيقاع الكلمة وموسيقى العبارات دون أن تنتبه إلى جنس الكاتب أو اسمه، وكذلك الأمر في القصة أو الرواية، انك فقط تتغلغل في عالم الجمال، وتسحرك المعاني، بعدها قد تبحث عن اسم الكاتب لتتابع أعماله، دون أن يكون تصورك حقيقياً تماماً حول جنس الكاتب. ثم أن هناك أعمال قرأتها لكتاب كانت تتحدث عن المرأة وتتحيز لها وتدافع عنها بطريقة يصعب عليك أن تصدق أن وراءها كاتب وليس كاتبة، وبالعكس، فمثلا تجربة الكاتبة المبدعة أحلام مستغانمي عن الكتابة بلسان رجل نجحت نجاحاً كاسحاً مما يوضح تماماً انه لا فرق واضح، وبالتالي لا يحمل تصنيف كهذا دقة وموضوعية.
bull;ألا تجدين معي إصراراً من الكاتبات عموماً، بإعلان أنوثتهن بشكل صارخ، إما بالعنوان أو التصميم أو المضمون؟
bull;كونك ابنة الكاتب المعروف محمود ياسين، هل هذا يجعل طريقك الإبداعية أسهل؟
ـ ليس الطريق بقدر ما هو الدفع، ففي الإبداع يثبت كل نفسه بأسلوبه، كان لأبي حفظه الله ودفعه لي وتوجيهه فضلا كبيراً علي، اذكر حادثة قبل طباعة كتابي الأول زارني وكنت أحضر العشاء فلحق بي إلى المطبخ وقال لي: "هل انتهت لبنى وطموحاتها هنا" يومها لم أنم وأنا أفكر بكلمته، وشعرت بالفشل، وكان الكتاب الأول نتيجة تلك العبارة.
bull;كيف تبدئين بالسرد، هل هو إلهام مثل الشعر، أم أفكاره مرتبة مسبقاً؟
ـ في البداية كانت القصة تجتاحني هكذا دفعة واحدة متى أرادت، فأشعر أن هناك شيء في داخلي يمليني ما اكتب، تعديت بعدها تلك المرحلة وصار بامكاني أن استحضر الكتابة عندما أريد، وان أفكر بموضوع ما واكتبه وأنا اختار وامسح وأعيد، لكن ليس بإمكاني أن أدعي أن أفكاره مرتبة، فأنا أتمتع بفوضى فكرية تهاجمني في أي لحظة.
bull;بعد حوالي العشر سنوات في عالم الأدب، كيف ترينه؟
ـ ما زلت أراه باباً سحرياً عندما تلجه ترى سماء ملأى بالأقمار، وما زلت أرفع يدي في محاولة لقطف الأقمار وزرعها على الورق.
bull;من تقرأ لبنى ياسين وما تقرأ؟
ـ اقرأ كل يوم، وفي كل فرصة تتاح لي، ولو فتحت حقيبتي لرأيت عدة كتب، حتى إن ذهبت إلى السوق اصطحب كتابا لعل وقتا ينزل علي من السماء فافتحه فيه، اشعر بمتعة حقيقية بالقراءة فلا أتوقف، أما ماذا اقرأ فكل ما يقع تحت يدي، علوم وأدب وعلم نفس وشعر ونقد وسياسة ودين، أظن أن في داخلي طفلة شغوفة بالحياة، ما زالت تشعر بالدهشة وتحاول أن تفهم كل شيء دفعة واحدة.
bull;ألم يطل انتقالك إلى الرواية، وهل يجب علي ـ حقاً ـ أن أسأل هذا السؤال، أهو انتقال قسري من القصة للرواية؟
لا أعرف أن كان انتقالاً قسرياً أو خياراً ملحاً، بالنسبة لي بدأت في كتابة رواية في سوريا وتركتها حبراً على ورق قبل إكمالها، وبدأت برواية أخرى ما زلت في فصولها الأولى، أريد لها أن تأخذ وقتها في النضج، لا أريد أن استعجل إنهاءها لان أفكاراً كثيرة وأحداثاً أكثر تدور في رأسي حولها.
bull;كيف ترين الحركة الإعلامية في السعودية وأنت تعملين فيها؟
ـ دعني أتكلم عن دور المرأة في الإعلام، أو حركة الإعلام النسائية إن صح التعبير باعتبار أن له خصوصية حركة منفصلة عن حركة الإعلام في المملكة، هناك مشكلات تحف الإعلام النسائي، منها مثلا صعوبة الحركة والتواصل، الحركة الميدانية تكاد تكون شبه معدومة يفرضها واقع عدم السماح لها بقيادة السيارة، وعدم وجود مواصلات عامة تنقلها بسهولة من مكان إلى آخر، ومنها أنها لا تؤخذ على محمل جد، ومنها فهمها بطريقة مسيئة إن هي حاولت اقتحام العالم الذكوري لإثبات قدرتها، فمثلا أنت لن تجد أقلاما نسائية تكتب في السياسة وكأنه ركن يخص الرجال وحدهم ولا يؤثر في حياتها، ولا تجد حضورا لها في الأحداث الهامة، ومع ذلك أرى أنها تكافح كفاحا مستميتا لإثبات وجودها بطريقة أو بأخرى. وأظن أن جهودها بطريقة أو بأخرى بدأت تؤتي ثمارها.
bull;بمرور الوقت، وإن حاورتك بعد سنوات، عما سأسألك؟
ـ لن افترض، دعنا ننتظر ونرى...هل ستسألني بكل بساطة (ماذا أنجزت؟).