ثقافات

محاكمة الفصائل الفلسطينية في مسرحية تحاكي الواقع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محاكمة الفصائل الفلسطينية في مسرحية تحاكي الواقع الفلسطيني المثقل بالهموم
عادل الزعنون من غزة: وجدت الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركتا حماس وفتح نفسها للمرة الاولى في تاريخها في قفص اتهام امام محكمة شعبية جريئة شكلها شبان ضمن عمل مسرحي يصف الاحداث الدامية التي افضت الى سيطرة حماس على قطاع غزة ب"النكبة الجديدة".
وعرضت مسرحية "وطن" وهي الاولى من نوعها في قطاع غزة واعدها ملتقى الابداع الفكري "ابحار" ومنتدى "الامة للتنمية"، على خشبة مسرح مركز "الشوا" الثقافي في غرب مدينة غزة.
وكان الحضور ملفتا حيث شاهدها قرابة الف وخمسمائة غالبيتهم من الشبان وهو ما فاجأ المنظمين واضطرهم الى فتح قاعتين اضافيتين في المركز.
وبدات فصول المسرحية التي شارك فيها خمسون شخصا بينهم ثلاثون ممثلا من غزة بحوار ساخر بين رجل عجوز وطفل يلح بالسؤال عن وطنه.
وحملت القضية المرفوعة ضد الفصائل في المسرحية رقم 48،67،2007 في اشارة الى "النكبة" الفلسطينية عام 1948 واحتلال اسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967 والاحداث الدامية بين حركة حماس وفتح العام الحالي.
وباسلوب ساخر يتساءل الشبان "راح نصوم على آذان غزة ام الضفة (...) اذا تزوجت في غزة فهل عقد قراني شرعي (...) انا مسلم ام كافر".
وبلغة العامة يروي الشاب سعيد وهو خريج جامعي وعاطل عن العمل قصة حبه لصبحية التي قتلت في الاحداث الدامية بين حركتي حماس وكان عجز عن تلبية شروط والدها الباهظة والثقيلة للزواج منها.
وفجأة يعتلي خشبة المسرح 15 شابا وطفلا ورجلا وامراة يتساءلون باصوات مختلفة وبنبرة حزينة "اين الوطن؟" قبل ان يظهر شبان غاضبون وفي الخلفية موسيقى صاخبة لا تغطي على صوت اطلاق النار الكثيف في اشارة الى اندلاع الاشتباكات المسلحة بين الاخوة المتحاربين في غزة ما اسفر عن مقتل العشرات بينهم حبيبة سعيد.
ويحاول صحافي يقف امام عدسة الكاميرا قرب اشارة كتب عليها "الى الضفة الغربية" وصف ما حدث.
لكنه يكتشف مدى الصمت الرهيب الذي ساد المكان وحالة الخوف التي انتابت الناس في قطاع غزة حيث يعثر على شاب يبدو منهكا ومتعبا ومحبطا ويوافق بصعوبة على الحديث عن مشاعره، لكن صبيين يرفع احدهما راية حماس والاخر راية فتح يقفان خلفه ما يضطره للحديث بما يرضيهما.
وينتقل المخرج بفصول المسرحية الى المحكمة حيث يقف خمسة شبان بزي عسكري اسود يحملون رايات الفصائل يتقدمهم ممثلا حماس وفتح برايتيهما الخضراء والصفراء في قفص اتهام وعلى الجانب المقابل للقضاة يجلس محامو الدفاع.
ويطلب ممثل النيابة العامة انزال اقصى العقوبات على هذه الفصائل بتهمة "اغتيال الشعب والوطن" لكن محامي الدفاع يحاولون اثبات بطلان الاتهام وكل منهم يكيل تهمة "الاغتيال" الى الاخر في مشهد هزلي.
ويدلي شهود بشهاداتهم التي تدين مباشرة حماس وفتح دون ذكر اسمي الفصيلين.
ووسط انجذاب الجمهور يروي عجوز بدا مكتئبا كيف نجا من "قتل اليهود في عام 1948 عندما هجر من قريته" وقتل ابنه الوحيد في حضنه في احداث غزة قبل شهرين.
وتروي ام لاربعة كيف قتل ابناها بنيران القوات الاسرائيلية وثالث في الاحداث الداخلية واصيب الرابع بالجنون.
ودفعت هذه المشاهد المثيرة بعض الحاضرين الى ترديد هتافات جانبية وبصوت عال منها "ما بدنا فصائل".
وتقول الشابة احلام بعد مشاهدة المسرحية، "نريد فصائل لا تقتل احلامنا في الحرية والحياة (...)المسرحية عمل جريء".
وعندما قرات كبير القضاة في المسرحية الطفلة منى البياري الحكم الذي اصدرته هيئة المحكمة بترك الحكم النهائي للشعب بحق فصائله، صعد الى المسرح عدد من الشبان والصبايا يرفعون اعلاما فلسطينية تحيط بعلم فلسطين كبير في اشارة الى "الوحدة ورفض الحزبية" كما يقول حازم ابو حميد مخرج المسرحية.
ويعتقد ابو حميد وهو مدير الملتقى ان المسرحية الجريئة "كسرت حاجز الصمت الذي يسود غزة" ويضيف "يمكن ان نسعى للشفافية والمحاسبة وانتقاد اخطاء الفصائل التي ظلت امرا محرما".
لكن ابو حميد لا يخفي انه كان يتخوف من محاولة لافشال هذا العمل الذي "سيستقطب اناسا كثيرين ويبعدهم عن الاحزب" ويشير الى ان كافة الممثلين والفنانين في هذه المسرحية "متطوعون".
من جانبه يقول سائد السويركي كاتب المسرحية انه استوحى المشاهد من "الواقع المرير"، مؤكدا على ضرورة "التركيز على الانسان الفلسطيني.
أ.ف.ب

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف