غياب الإستراتيجية تدهور للرؤية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد الحمامصي من القاهرة: يهدف هذا الكتاب (التخطيط الإستراتيجي فى الفنون)إلي أن يكون دليلا لأعضاء فرق العمل ومجالس إدارات هيئات الفنون التي لا تهدف إلى الربح، المنوط بها تطوير الخطط أو تقديمها أو تطبيقها، حيث يرى مؤلفه مايكل م.كايزر بعد سنوات من البحث والممارسة أن معظم هيئات الفنون يمكن أن تحقق فائدة أكبر فى وجود تخطيط أفضل فبينما تم قبول التخطيط كجزء روتيني من أنشطة هيئات الفنون التي تهدف الى الربح فأن هذه الهيئات كانت أقل حرصا على تخصيص الوقت والمصادر للتخطيط طويل الأمد، وبالرغم من ذلك يجادل المتخصصون فى الفنون فى أحوال كثيرة بقولهم ( التخطيط الإستراتيجي ) يهدف الى الربح فى طبيعته وهدفنا هو ان نقدم منتجا فنيا جيدا وليس أن نحقق ربحا، ولا يستطيع أي شخص أن يجادل فى أن الهيئة التى لا تهدف الى الربح وفقا لتعريفها ليس دافعها الربح فعلا ومع ذلك فان إحدى حقائق الحياة المحزنة هي أن هيئات الفنون التي تعمل فى الولايات المتحدة اليوم ( والتى هى فى ازدياد كذلك فى باقى أنحاء العالم ) تواجه صعوبات فى الحصول على الموارد وتخصيصها تفوق بكثير الصعوبات التي تواجهها الشركات العملاقة لصناعة الصلب والسيارات ومن الأساسي وجود مدخل مترابط لهذه المسائل فى حال ما أرادت هيئة فنية تقديم منتج فنى جيد لأى فترة زمنية ثابتة. وبينما هيئات الفنون هي هيئات لا تهدف إلى الربح في الأصل فأن مديري الفنون والمسئولين التنفيذيين فى هذه الهيئات عليهم
ويعتقد المؤلف أن القرارات الفنية هى مسألة بيد الفنانين والمديرين الفنيين إلا أن عملية التخطيط تكشف عن نتائج هذه القرارات الفنية الواجب مراجعتها وتحليلها والتدقيق فيها بطريقة ناضجة وموضوعية وفى النهاية فان الإداري الفني الناجح المدير الفني الناجح عليهما الاعتراف بالطبيعة المتبادلة لعلاقتهما
ويؤكد أن تطوير هذه الخطط ليس بالأمر الهين ونتيجة لذلك فإن العديد من هيئات الفنون التى تسعى لوضع خطط استراتيجية تهدر ساعات طويلة سدي لان عمليات التخطيط المطبقة أما ليست صارمة بالقدر المطلوب أو ليست منظمة بطريقة جيدة او تطبق بطريقة سيئة، فكما ان النجاح فى عمل هيئات الفنون يعتمد على مزيج من رؤية مبتكرة وخبره إدارية، فإن التخطيط الإستراتيجي يعتمد أيضا على مزيج من الفن والعلم، وبينما الابتكار ونفاذ البصيرة لا يمكن الاستغناء عنهما فان تقنيات التخطيط قد صممت من اجل المساعدة على نشوء رؤى ذات بصيرة نافذة وكما هو الحال فى أى فرع من المعرفة عندما تهمل التقنيات يصعب توجيه الإبداع.
ويتناول الكتاب موضوعين رئيسيين فى محاولة لدعم التخطيط فى هيئات الفنون وتجنب التخطيط الأرتجاعى ويستعرض الجزء الأول من هذا الكتاب محتوى خطة استراتيجية ذى ثلاث مراحل متميزة:
البنـــاء:
اختيار الإطار الإستراتيجي الذي تتم على هداه عملية التخطيط كما يتم صياغة بيان المهمة الذي يحفز الخطة بأكملها.
التحـليـل:
تجميع البيانات وإجراء التحليلات الخارجية والداخلية التى تكشف القضايا الإستراتيجية الرئيسية التي يجب تناولها فى الخطة.
وضع الإستراتيجيات:
تطوير الإستراتيجيات الفنية والإدارية والمالية التي تحظى بأفضل الاحتمالات لتحقيق مهمة الهيئة.
أما الجزء الثاني من الكتاب فيناقش عملية تطوير خطة استراتيجية مسترجعا الخطوات التى يجب اتخاذها والأشخاص الذى يجب انخراطهم فى هذه العملية وصياغة أجندة للخطة وباختصار يبدأ الكتاب بتوضيح محتوى الخطة وينتهي باقتراح للطريقة التى يجب ان توضع بها الخطة.
يعلن مايكل م. كايزر أن كتابة كتاب عن التخطيط فى الفنون يعد أمرا جريئا فندرة المواهب والأموال اضطرت العديد من مسئولي الفنون للتخطيط فى مجالاتهم تخطيطا فعالا ومسبقا ومع ذلك فطبيعة التخطيط فى الفنون كانت فى العادة طبيعة عملياتية تركز على أسئلة مثل من الذى سيؤدى دورا ما وفى أى عمل؟ ومن إخراج من؟ ولكن الذي كان غائبا عن التخطيط فى الفنون هو الرؤية الإستراتيجية وتحديد مهمة جلية للهيئة وتحليل العناصر الخارجية والداخلية التى تؤثر على تنفيذ هذه المهمة وصياغة الاتجاه الواجب اتباعه.
إن التخطيط الإستراتيجي يضع القرارات العملياتية فى أطار أوسع فبينما يحدد التخطيط العملياتي توزيع الأدوار الغنائية فى أوبرا عايدة مثلا فأن التحليل الإستراتيجي يطرح النتائج طويلة الأمد لقرار توزيع الأدوار التى اتخذته الهيئة فعلى سبيل المثال هل اختيار مغنى مشهور سيزيد من مبيعات شباك التذاكر وهل سيأتي الجمهور لانه يتوقع مشاهدة وسماع مطربين مشهورين وهل سيخلف ذلك أثرا قويا فى نفس الممولين وهل سيسلط ذلك المزيد من الأضواء على هيئتكم.
ويضيف: إن النتيجة المباشرة لغياب الاهتمام باستراتيجية محددة كانت التآكل السريع فى القواعد المالية للعديد من هيئات الفنون وعدم الاستقرار المالي يؤدى حتما إلي الانحدار فى وضع البرامج الفنية، وهذا بدوره يؤدى الى التدهور فى الرؤية، وبالتالى إلى الحد من الدخل المحقق والإسهامات المالية والأزمة المالية التى تنتج عن هذا ستؤثر سلبا سواء على مجلس الإدارة أو على فريق العمل وأيضا سيؤدى ذلك الى تحجيم الدخل والمرونة الفنية وتصيب هذه الدائرة المفرغة المخرجين بالإحباط وتجعل أعضاء مجلس الإدارة فى حالة غضب تشعرهم بضغط متزايد لتقديم الأفضل للحصول على المزيد من الموارد المالية ويشعر الطاقم الإداري بالعجز فى التعامل مع مشاكل التدفقات المالية النقدية، بينما النقص الجدي فى التمويل الذى يؤدى الى نشوء مجموعة هذه الأحداث يلام عليه بشكل متكرر الاقتصاد إلا إن السبب المباشر هو الفشل فى التعامل مع التغيرات فى الظروف السائدة فكما ان الظروف التى تعمل فيها هيئات الفنون أصبحت تمثل تحديات اكبر لها فان الهيئات التي ستنجو أو حتى ستزدهر وسط هذه الظروف تقوم بما هو اكثر من مجرد الشكوى ففى الواقع ان هيئات الفنون التى تهدف الى الربح والتي تواجه التهديدات المتمثلة فى التغييرات التكنولوجية السريعة والمنافسة العالمية المتزايدة تضع لنفسها خطط استراتيجية وقد أدركت هذه الهيئات ان العمل بجهد متزايد ليس كافيا لضمان النجاح مستقبلا، فان إعادة النظر فى الظروف التي تعمل بها الهيئة بالإضافة الى المراجعة الموضوعية لعناصر القوى والضعف الداخلية لها قد اتضح أهميتها الشديدة لتحديد الطريقة الفعالة لتحقيق أهداف الهيئة وعلى هذا فان احتياجات هيئات الفنون لا تختلف عن احتياجات المؤسسات التى تهدف الى الربح فبينما مهمة هيئات الفنون ( أو أى هيئة لا تهدف إلى الربح ) تعد اكثر صعوبة عند الأعداد لها الا ان فوائد تطوير مهمة الهيئة وتحليل البيئة المحيطة بها وتحديد استراتيجيتها تعد كلها أمور متشابهة، فالهيئات التي تفعل ذلك تجد انه اصبح من اليسير تحقيق أهدافها على المدى البعيد ووضع وسائل اتصال بين موظفيها ومجالس إدارتها و إقناع الرعاة بأهميتهم.