طائرٌ من طيور الوطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أتيتَـني من بابِ الهزائمِ الأولى عَريضاً تمتدُّ حتى لا نهائيةِ الامتدادِ، مفخخاً بالفجائعِ، تتلاطمُ جدراناً للقفصِ الطويل......
أتيتَـني هُويّةً موشـومةً بانكسَـاريَ الدائمِ في الوجوهِ الباهتةِ/ سـيدةَ الوقتِ والمدنية
تأكلُ من لحمي وتبيحُ دمي فوقَ كلِّ ما تبَقَّى لي من الأرصِفة
تسـتبيحُ عنُقي الطويلةَ وتؤثثُ للقبرِ الذي لا أملكُ ترابَه/
القبرُ الذي جعلتَهُ رفيقَ دربيَ النَّـزيف.....
ترافقُني طينةً وماءً غير طينتي وغير مائي/ كأنكَ الجِلدُ وما خبَّأ الجِلدُ من تـُهَمٍ أو إدانة......
حتى أنا، أُدينُني وأرفضُ هذا الإرثَ العريض
أيها الفقرُ تذبحُني - منبوذاً - في الهواءِ الطلقِ وتسـتريح
أشـتهي ماءَ الفراغ ولونَ الفراغ وبعضَ السَّـكينة
ما عرفتُ بياضاً - قطُّ - غيرَ بياضِ الرّوح
ما عرفتُ السَّـكينةَ، لكنْ قيلَ لي: ربَّما، بعدَ أن يرجعَ الطينُ إلى الطين......
أيها الفقرُ/ يا سُـوسَ الجسـد،
طالَ فيَّ مداك..... واصْفرارُكَ يمتدُّ حتى الوَلَد
أما آن لهذا الجسـدِ أنْ يَتنحَّى عن هامتي
أما آنَ أنْ يتفسّـخَ ماءُ الرّوح
لم يحمِني ملحُ الرّوحِ/ فسـدَ الملحُ قبلَ الرّوحِ رغماً عنّي
أيها الفقرُ، منبوذٌ برغمِ عزلتي واعتكافي خارجَ كلِّ ما تبقَّى لي منَ الأرصِفة
كنتَ معي في رحمِ أمّي/ وما كرِهْتُكَ لكنْ كرِهتُني، وأعياني الوَطن
وطني يقتلُني بسِـكينكَ الطويلةِ أيها الفقرُ الأحَد/ وما كرهتُ - قطُّ - الوطن
ولا كرهتُكَ لكنْ أكرَهتَني العيشَ كلَّما طَلعتْ شـمسٌ واسْـتفاقَ من حوليَ الولد.....؟
ما همَّني مطرٌ يوماً ولا حَزِنتُ لجَدْبٍ/ فهذا وذاكَ لي جدبٌ مَدَد
إنما أعشـقُ الماءَ فالماءُ يدملُ تشـققَ الطينِ
يحرِّرُ الأحلامَ/
يُخرجُها من أقفاصِها
تهيمُ في الفراغِ بيضاءَ/ فتَشـعرَ أنكَ طائرٌ من طيورِ الوطن
تتخلّصُ من الإدانةِ...... ترفضُ الإرثَ ولا تكرهُ الوطن
قلتُ: قبري.....
عاجزٌ عن شِـرائهِ
قيلَ: قبرُك بالمجَّانِ فاطمئنّ......!
قلتُ: لن يَكتبَ على قبري أحد/
والقولُ بالمجّان، فقولوا:
عاشِـقٌ، لم يكرهِ الشَّـمسَ/ إنما كرِهَتْـهُ الشَّـمسُ والبلد.......