ثقافات

الحمار وبصمات واضحة على الثقافة والادب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سلوى اللوباني من القاهرة: مجلة القافلة مجلة ثقافية متميزة تصدر كل شهرين عن شركة ارامكو السعودية..وقد صدر عددها الجديد الذي يحتوي الكثير من الموضوعات. وأكثر ما يلفت النظر هو ملف العدد الذي جاء بعنوان "الحمار".. الذي قد تفاجئ صورته على الغلاف بعض القراء كما ذكرت المجلة.. الا انها تقول أنه اكثر من حيوان مستأنس، فبسبب حضوره القديم والمستمر في حياة الانسان، فقد ترك بصمات واضحة على الثقافة والادب وهذا ما سعى الى الكشف عنه ملف العدد...الملف يؤكد التناقض الكبير بين الانكار الذي يعامل به الانسان هذا الحيوان المستأنس وتهميشه من جهة وحضوره الكبير في الثقافة الانسانية بدءا من الادب الشعبي وصولا الى الفلسفة...كما تطرق الملف الى مشاعر الحمار وقبعة الحمار وتاريخه في الحضارات الزراعية.

الحمار في الرواية
يقول تقرير مجلة القافلة ان آداب شعوب العالم استخدمت الحمار مادة لالقاء موعظة أخلاقية أو فلسفية على الانسان، أو تلقينه حكمة معينة وعلى مدى 20 قرنا تعددت أشكال ظهور الحمار في لادب فحضر في عشرات الاعمال التي خرجت من بيئتها المحلية الى العالمية لتصبح جزءا مهما من التراث الثقافي للانسانية، كما ذكر التقرير أن الحمار جاء في الادب في 3 اشكال.. الاول "موضوع التحول"، حيث يتحول من إنسان الى حمار، الثاني "الحمار المستأنس" أي القادر على النطق ومخاطبة الحيوانات وحتى التفكير ومخاطبة الفلاسفة، والشكل الثالث "الحمار الواقعي" رفيق الانسان في حياته. كما تضمن التقرير عرض لبعض الروايات ومنها عرض لاقدم رواية في التاريخ وهي "رواية الحمار الذهبي" للمؤلف "لوكيوس ابوليوس" في القرن الثاني الميلادي وهي مستمدة من اصل يوناني، ثم بدأ ماكيافيلي في القرن الخامس عشر الميلادي باعادة كتابة الرواية ولكنه لم يكملها. أما في رواية "حلم ليلة صيف" لشكسبير نرى أن شخصاً قد تحول رأسه الى رأس حمار، وفي القرن الثامن الميلادي قام ابن المقفع بترجمة كتاب "كليلة ودمنة" لمؤلفه الهندي بيدبا.. وهي مجموعة حكايات ابطالها من الحيوانات يتفاعلون فيما بينهم وكانهم من البشر وتهدف كل حكاية الى القاء موعظة أو استخلاص حكمة معينة. وعند جورج اورويل "مزرعة الحيوانات" التي كتبها عام 1945 فالحمار لا يضحك أبداً لان ما من سبب يدعو الى ذلك. وفي نوادر الشيخ "نصر الدين جحا الرومي" احتل الحمار دور البطولة الى جانب البطل الاول جحا... فهو حمار واقعي مجرد حيوان اليف يرافق صاحبه ويشاطره مغامراته وهذا الحيوان الذي لا يتكلم يستخدم ببراعة لاظهار حماقة الانسان وطباعه المختلفة. اضافة الى ان الحمار كان له ظهوراً مميزاً في أعمال "توفيق الحكيم" فكتب كتاب "حماري قال لي" والذي من خلاله يروي تاريخ علاقته بالحمير وتعاطفه معها والدور الذي لعبته في حياته.

الحمار في الشعر والفلسفة
أما في مجال الشعر فقد ظهرت هذه الحكم والمواعظ على لسان الحمار في أعمال الشاعر الفرنسي "جان دي لافونتين" الذي كتب ثلاث مجموعات من الحكايات الشعرية وعرف كيف يسخر فيها الحيوانات لتوجه أقسى أنواع النقد لاحوال المجتمع الفرنسي وقيمه وعاداته آنذاك.
وقد شهد القرن الرابع عشر الميلادي خلافا فلسفيا حول سلامة الاختيار الحر عند الحيوان ولحسم الجدال قام جان بوريدان وهو عميد جامعة السوربون بتجربة حضرها ممثلون من الاتجاهين الفلسفيين المختلفين. فكتب عن هذه التجربة الاديب الالماني غونتر دي برون رواية "حمار بوريدان" والتي ترجمها صنع الله ابراهيم عام 1977.

الحمار وسوء المعاملة في الشرق الاوسط
كما تضمن الملف تقرير لمنظمة الزراعة والاغذية الدولية "الفاو" يقول بأن عدد الحمير في العالم يناهز اليوم 22 مليون وتحتل الصين رأس قائمة الدول في امتلاك الحمير بنحو 11 مليون رأس تليها الحبشة والمكسيك ومن ثم منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. ويضيف التقرير ان 95% من حمير العالم لا تزال تستخدم في المهام نفسها التي انيطت بها منذ نحو 6000 سنة اي النقل وجر العربات وتوليد البغال في حين ان 5% فقط خصصت لمهام جديدة، مرافقة الخيول وحراسة الماشية او الترفيه عن الاطفال وما شابه. ويتوقع التقرير ان يستمر عدد الحمير في الارتفاع لاسباب عديدة منها انتشار مشاعر الرفق بالحيوان في البلدان التي فقدت الحاجة اليها، وازدياد السكان في الارياف في العالم الثالث وارتفاع اسعار البدائل الميكانيكية بالنسبة لهؤلاء. وفي حين ان الحمار يعيش نظريا أو عملياً في البلدان الغربية ما بين 35 و40 سنة يقول تقرير الفاو أن معدل عمر الحمار في منطقة الشرق الاوسط لا يتجاوز سبع سنوات.... أما التفسير المخجل لهذا العمر القصير الذي يورده التقرير فهو سوء التغذية وسوء المعاملة!!

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف