الصراع من أجل حقوقهن هو مجال تقاطع بين التقليد والحداثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القسم الأول تطرق إلى الجانب المنهجي والنظري الذي اعتمدت عليه الباحثة في دراستها. فقد استندت على أربعة نظريات تناولت من خالها شروط وإمكانيات المشاركة السياسية للمرأة المغربية ، وهي:
1. التنشئة الاجتماعية Socialisation
2-المؤشرات السوسيواقتصادية (Ressource socio-eacute;conomique
3- السلوكيات العقلانية (Comportement rational .
4- ونظرية المؤسسات (Theacute;orie des Institutions)
أما في قسم الثاني فتطرقت الباحثة إلى التغيرات السياسية المهمة التي عاشها المغرب في العقود الخمسة الأخيرة، وبشكل ملموس مظاهر المشاركة السياسية للنساء المغربيات طيلة فترة البحث، على اعتبار أن فهم هذه المشاركة يتطلب في نظر الباحثة سبر أغوار التطور التاريخي والسياسي و الاجتماعي الذي مر منه المجتمع المغربي وتداخلاته وانعكاساته على نشأة الوعي السياسي والفكر النسائي المغربي .وتم في هذا القسم أيضا عرض بعض المونوغرافيات لبعض النساء السياسيات ،من أجل التعرف على مسار حياتهن وتنشئتهن الاجتماعية وكذا انتمائهن الطبقي، التي لعبت دورا مهما في تطور شخصيتهن خصوصا في بعدها السياسي.
و في القسم الثالث تطرقت الباحثة إلى جوانب التنشئة الاجتماعية ((Socialisation ونتائج ذاك على تقسيم العمل داخل الأسرة المغربية وأيضا الصراع الذي يدور حول الأدوار الاجتماعية بالنسبة للمرأة النشيطة والمرأة السياسية بوجه خاصbull; وفي سياق ذلك تناولت الباحثة بالتحليل انعكاسات هذا الصراع على المشاركة السياسية للنساء المغربيات عبر تشخيص دور الموارد السوسيواقتصادية ومدى انعكاساتها على نشأة المشاركة السياسية وعلاقتها بكل من التكوين الدراسي والعمل.
كما اتسع مجال البحث في هدا القسم إلى تشخيص طبيعة التطور الذي عرفه التعليم في المغرب ومدى استفادة المرأة منه و انعكاس عنصر التكوين على المشاركة السياسية للنساء المغربيات. و تطرق هذا القسم كذلك إلى علاقة المرأة بمجال العمل و الوقوف ،من ثمة، على طبيعة مساهمته في جعل المرأة تتبوأ مراكز القيادة وتحمل المسؤوليات العامة وذلك من خلال شرعية السؤال: هل يلعب التعليم، العمل والدخل المادي دورا ايجابيا في المشاركة السياسية للنساء المغربيات؟
السؤال القانوني و الشرعي الذي أطر جزءا مهما من البحث في سياق موقف الإسلام، المدونة والدستور من المشاركة السياسية للنساء المغربيات و مدى تأثيرهم على المشاركة السياسية للنساء في المغرب ، بحيث تم تحليل فقرات المدونة والدستور وكذا وضعية المرأة في الإسلام على اعتبار أن المشرع المغربي اعتمد بشكل كلي في المدونة على المذهب المالكي. وفي سياق ذلك رصدت الباحثة الإصلاحات التي عرفتها المدونة سنة 2003، دون أن تغف تشخيص مدى تأثر تلك المشاركة على متغير الفوارق الاجتماعية والقانونية بين الجنسينbull;
ويأتي القسم الرابع من البحث ليتطرق بشكل ملموس إلى مظاهر المشاركة السياسية للنساء المغربيات، بحيث تم بشكل ميداني تحليل مؤشرات هذه المشاركة سواء على المستوى التعاقدي أو غير التعاقدي، لتختم الباحثة هذا القسم بعرض لإستراتيجية العمل وأفاق تحسين الوضعية المجتمعية للنساء المغربيات.
الفصل الأخير هو خلاصات عامة خرجت بها الباحثة من خلال دراستها.
ترتبط هذه الأطروحة بمجال السوسيولوجيا، إلا أن خصوصية البحث فرضت تقاطع عدد من العلوم والمناهج، بحيث لم تكتف الباحثة باعتماد مناهج البحث السوسيولوجي كالمونوغرافيات والجانب الكمي فقط، بل انفتحت على مناهج علوم أخرى متاخمة له كالأنتروبولوجيا والتاريخ و علوم الدين .إضافة إلى ذلك اعتمدت الباحثة في دراستها حول المشاركة السياسية للنساء المغربيات ليس فقط على المجال الميكروسوسيولوجي بل تعدته إلى مجال تفكيك بنيات المجتمع وتقاطعاتها الماكرو سوسيولوجية.
لقد شكلت المقابلات مع بعض الفاعلين السياسيين التقنية الأساسية التي اعتمدتها الباحثة بالإضافة إلى دراسة متن من وثائق الأحزاب والنقابات وبعض المقالات الصحفية دون إغفال المعطيات والأرقام الإحصائية.
وفي هذا الصدد تشير الباحثة إلى صعوبة الحصول على المعطيات الإحصائية في المغرب مما اضطرها إلى ترك بعض الجداول فارغة نظرا لاستحالة الحصول علها. لذلك قد تبدو بعض المعطيات متضاربة إلا أن الباحثة فضلت اعتمادها من باب إعطاء نظرة تقريبية عن صورة النساء بالمغرب.
يبدو بشكل عام أن التمثيلية العامة للنساء في المغرب على المستوى التعاقدي من حيث الكم ضعيفة، لكنها مع ذلك تشير إلى تطور نسبي ايجابي من حيث الكيف. وفي هذا النطاق تأخذ الباحثة على سبل المثال انعكاسات هذه المشاركة على الإصلاحات المهمة في الجانب التشريعي، الذي ساعد بدوره على توسيع قاعدة المشاركة السياسية للنساء المغربيات في المجال العمومي، مما ساعدهن على ولوج عدد من مراكز القيادة في كثير من مجالات تدبير الحياة السياسية.
وتستنتج الباحثة إلى أن الالتزام السياسي للنساء المغربيات غير مرتبط فقط بالجوانب الفردية، بل أيضا و بشكل أساسي بالمؤشرات الثقافية والسياسية والبنى التحتية للمجتمع ، لذلك تخلص الباحثة إلى أن رفع الحيف القانوني عن النساء هو شرط أساسي للمساواة بين الجنسين و بالتالي للمشاركة السياسية.
لقد كان من الضروري التطرق إلى التطور السياسي والتاريخي والاجتماعي للمغرب منذ الاستقلال إلى سنة 2005، رغبة من الباحثة في رصد طبيعة االمخاض السوسيو اقتصادي والسياسي الذي مر منه المجتمع المغربي ومدى انعكاسه على حجم المشاركة السياسية للنساء المغربيات وعلى حجم تواجدهن على مستوى السلطات الثلاث التشريعية والقضائية و التنفيذية.
وتذهب الباحثة إلى أنه لا يجب النظر إلى شروط المشاركة السياسية للنساء المغربيات بشكل أحادي أو منفصل، بل يجب التأكيد على أن الالتزام السياسي لهن ساهم ولا يزال في تغيير الثقافة السياسية في المغربbull; لذلك يظهر أن حضور النساء في عدد من المؤسسات السياسية لعب دورا مهما في تغير الوعي الجمعي وإعادة نظر في النمطية التي تحكم المجتمع المغربيbull; بشكل موازي يمكن التأكيد على حضور أكثر للنساء في المجال غير التعاقدي، بحيث أن عدد من الجمعيات أسست من طرف نساء، وأن عددا منهن يوجد على رأس كثير من الجمعيات، وأن هذا التواجد هو مؤشر احتجاجي للنساء على ما يتعرضن له من اقصاء في المجال التعاقدي.
من هنا تتمثل الإشكالية في كون أن المجال غير التعاقدي يكون دائما في أمس الحاجة إلى فئات عريضة من الرأي العام من أجل فرض معاركه وتمرير الإصلاحات التي يناضل من أجلها داخل المجال التعاقدي، الأمر الذي لم يكن دائما بالهين بل تطلب معارك حقيقية من أجل بلوغ هذا الهدف.
وتأتي أهمية هذا البحث بالنظر إلى قلة الدراسات التي تناولت المشاركة السياسية، باعتبار أن هذاالموضوع يتميز بطابع الجدة على مستوى مقاربة البحث العلمي في دول الجنوب، التي لم تشرع في الاهتمام بهذا الموضوع إلا بعد انهيار دول المعسكر الشرقي، بدءا من عقد الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
وتشير الباحثة في نهاية تقديمها لأطروحتها أنه على الرغم من غياب بعض المعطيات الإحصائية في البحث وغياب كلي لأي تعاون من طرف وزارة الداخلية المغربية، فإنها تمكنت من انجاز بحث علمي في موضوع المشاركة السياسية للنساء المغربيات داخل فترة مهمة من تاريخ المغرب والممتدة من سنة 1912 إلى حدود سنة 2005.
وبشكل عام يمكن تقييم المشاركة السياسية للنساء المغربيات بصورة ايجابية رغم وجود عدد من التعقيدات والصعوبات في هذا المجال. من هنا تخلص الباحثة إلى أن الالتزام السياسي والمشاركة السياسية للنساء المغربيات ساهما في انتشار نسبي لثقافة الحوار داخل المجتمع المغربي.
إن صراع النساء المغربيات حول حقوقهن سواء الاجتماعية أو السياسية أو الحقوقية هو مجال تقاطع بين التقليد والحداثة و بين الماضي و المستقبل. وباختصار فهو يشكل نقطة تماس بين عدد من الطابوهات التي تحكم المجتمع المغربي.