ثقافات

سامي القريني.. والمعاصرة والاستضافة في الشعر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جورج جحا من بيروت: وصفت دار النشر محتويات الكتاب بانها "شعر عربي معاصر".. والواقع هو ان كلمة "معاصر" هنا تفهم فقط على انها تعني مسألة زمنية فحسب أي انها نتاج هذا العصر لا نتاج عصر اخر ولا تحمل في طياتها أي تصنيف اضافي تقييمي.
وهذا الامر قد لا يعني ان قصائد المجموعة هي شعر عربي حديث بمعنى الحداثة الفنية التي عرفت اشكالا مختلفة منذ القرن الماضي.. انما هي في مجموعها تمثل انماطا فنية مختلفة نجد احدها في قصيدةثم نجد نمطا اخر او اكثر من نمط واحد في قصيدة او قصائد اخرى.
ومن "معاصرة" هذه القصائد اننا من خلالها نتذكر شعراء " معاصرين".
مجموعة الشاعر الكويتي سامي القريني "كأنني ارى شيئا" جاءت في 130 صفحة متوسطة اشتملت على 38 قصيدة او "عنوانا" وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
قال الشاعر ان القصائد كتبت بين العام 1999 والعام 2006 . اما "البداية" على ما فيها من جمال فهي تمثل نمطا تقليديا في التباهي وما يشبه عملية "التأريخ" الشعرية.. لكننا هنا عوضا عن التأريخ نقف امام تعريف يقوم به الشاعر معرفا بنفسه.
يقول "يد ليس فيها سوى اصبعين/ ودمع غريب كئيب ينادي/ ويبحث عن موطن وسط عيني.../ سيعلم كل الذين
اما القصيدة الثانية فقد جاءت تحت عنوان هو "حوار مع شيطان الشعر" وقد تكون من ابرز ما احتوته المجموعة من حيث حرارة التجرية والصياغة الفنية. بدأ الشاعر القصيدة بقوله "هذي بلادك/ فلتكن نهرا سماويا/ لعلك حين تجري/ تقرأ الاشجار ظل حروفها/ وتنام في عينيك اودية الارق."
وينتقل الى القول "هذي بلادك نجمتان../ وشمس جوري/ وسيدة من القمر الغريب اتت/ لتحض موتك المسكون فيك/ فكن ملاكا../ ولتسافر في هواها مثلما العصفور/ او خمر الغروب على الشواطيء/ ايها المنفي من جسد الكلام/ تشجّرت في راحتيك فصول همك/ ما الذي من هذه الدينا تريد/ لا الشعر ينفع موتك اللاهي بقلبك/ لا ولا القلق الجديد..."
القصيدة ذات نمو عضوي لا بأس به.. فهي تشكل في الغالب وحدة موضوعية وتنتهي على الصورة التالية.. "هذي بلادك شرفتان/ وبحر نور لا ترى الا الظلام بجوفه/ اسماكه طفحت خطايا.../ تفاحتان وصر نعناع/ ودفء اخضر الايقاع/ اصبح ليس فيه سواك/ فاشرب خمرة الشعراء واسكر بالكلام/ لعل قلبك يستريح/ يا ايها الوطن الجريح."
في قصيدة "حورية المطر" سمات من الشعر الكلاسيكي العربي وما يذكرنا بالاخطل الصغير الشاعر اللبناني بشارة عبد الله الخوري في احدى قصائده.نقرأ مع القريني "ذي مواويلي وذا شجري/ اي طير فيّ لم يطر/ ذي شبابيكي تسائلني/ اينها حورية المطر/ اينها من لحن ضحكتها/ يحمل الدنيا على وتري."
في قصيدة "قد جف مائي" نقرأ شعريا رومانتيكيا في قول الشاعر "من اي عين سوف اذرف ادمعي/ وبأي ارض سوف ازرع غربتي/ وبأي اه سوف اعلن صرختي."
وبين انماط التعبير المختلفة موضوعات تقليدية بينها قصائد رثاء كما في "اوحشتني لغتي" التي قالها في اديب راحل هو عبد الله زكريا الانصاري. قال الشاعر "سمها ارضا وعش فيها اميرا/ لم تمت يوما وقد كنت الكبيرا/ عش بها نهرا لجيني الهوى فبنوك استعذبوا منك الهديرا."
وتبرز السمات التقليدية في خطابية مدوية كما في "حرمت يا تعب" حيث يقول "هذي شموسك بعد الليل تحتجب/ ماذا جرى اخيال الموت يقترب../ ام ان وجهك لم يحفظ ملامحه/ ولم تعوّد عليه هذه الكرب."
في "الشعر منفى نفسه" ثمة "شعر" وصور وايحاء. يقول "لف ّ الضباب الارض ( فائتزرت كروم الشمس بالزوفى) ونام على سرير العتم/ شيخ الريح/ صلى ركعتين/ لكي يقبّل زرعه همس المطر/ لمّ الحقائب كي يسافر قال../ "ان الحزن يأتي كل يوم كي يعكر لي مزاجي/ وانكسر.."
لكن الشاعر سرعان ما يقع في وهدة كلام تقريري بارد فكأن القافية هي التي تتحكم به. في اخر القصيدة وبعد ان يوهمنا بخلاصة شعرية دافئة يقول "الشعر منفى نفسه/ فاذا اغترب/ يوما../ سيبصر في مرايا جرحه/ ألم العرب."
سامي القريني شاعر يعد بشعر جيد بعد ان يجد سبيله الخاص ويتوقف عن زيارة شعراء اخرين والاستضافة ببعض ما يستعذب عندهم. ولا بأس في هذه الاستضافة فهي سنّة الحياة الشعرية.. شرط الا تطول.

رويترز

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف