الفيلسوف وزوجته يضعان حدا لحياتهما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اعداد صلاح نيّوف من باريس: انتحر، مساء أمس،الفيلسوف الفرنسي اندريه غورز، وقدوجدت ورقة ملصقة على باب مسكنهما كتب فيها: "اعلموا البوليس... رسائل تنتظر". من هو اندريه غورز؟ ولد في فيينا في شهر شباط من عام 1923 تحت اسم "جيرار هورست"، والده تاجر يهودي ووالدته من الأوساط المثقفة الكاثوليكية. تشير المراجع إلى أن والداه لم يتعلقا كثيرا بالهوية الوطنية والدينية، لقد تربى الفيلسوف "غورز" ضمن مناخ من العداء للسامية وهذا ما جعل والده يغير دينيه إلى الكاثوليكية في عام 1930.
في
انتقل للعيش في باريس عام 1949، حيث سيبدأ العمل في "السكرتارية الدولية لحركة مواطني العالم"،ثم سكرتيرا خاصا في الملحقية العسكرية في السفارة الهندية. دخل صحيفة " باريس ـ بريس" وكانت بدايات عمله في الصحافة. في هذه الصحيفة عمل بالسم المستعار " ميشيل بوسكيت" حتى التقى بالكاتب"جان جاك شريبر" عام 1955 ليساعده بالعمل كصحافي اقتصادي في صحيفة"إكسبرس".
انضم إلى مجموعة "سارتر" وتبنى مقاربة وجودية للماركسية وهذا ما جعله يحتل مكانا مركزيا في قضايا الاغتراب والحرية. استند "غورز" في فلسفته على " الفينومينولوجيا" وعلى الوجودية الماركسية. هاتان الفلسفتان ستؤسسان القواعد الفلسفية لكتبه الأولى Le Traitre 1958، La Morale de lrsquo;histoire 1959.
في عمق فلسفته يبحث عن قضايا تتعلق "باستقلالية الفرد". ويقدم مفهوما عميقا انعتاقيا "للحركة الاجتماعية" حيث مفهوم تطوير وتنمية استقلالية الفرد يدرك أو يفهم كشرط لتحول المجتمع. هذه الفكرة حول الحرية الفردية و الجماعية في اشتراطهما المتبادل، يتقاسمها مع "هربرت ماركوز" الصديق الشخصي وأحد أكبر أعلام "مدرسة فرانكفورت" حيث مختلف أجيال الكتاب ( ماكس هوركهايمر، تيودور أدورنو، جورجين هابرماس) يشكلون التأثير الآخر والكبير على فكره. انتقد بشكل كبير خضوع المجتمع إلى ما سماه بالعقل الاقتصادي. أيضا وجه نقدا عنيفا "للبنيوية".
بينما كان يتابع تكوينه لنظرية الإصلاحات الثورية في كتاب "الاشتراكية الصعبة" 1967، و كتاب"إصلاح وثورة" 1969، تأثر كثيرا بأحداث نهاية الستينات في فرنسا. لكن مع بداية عام 1980، كانت القطيعة مع العديد من التيارات التي ارتبط بها. أولا مع " الحركة السارترية" حيث توقف عن التعاون مع مجلتهم وخاصة بعد موت المؤسس في عام 1980. ثم مع العديد من الاتجاه الماركسية. وفي النهاية مع حركات السلام، حيث رفض الاعتراض في عام 1983 على تمركز الصواريخ النووية الأمريكية في ألمانيا الغربية مبررا ذلك بأنه " يضع الحياة فوق الحرية". وفي نفس السنة سينسحب من صحيفة " نوفيل إبوزيرفاتور" والتي أسسها مع " جان دانييل" في عام 1964.
في 24 من هذا الشهر وضعا حدا لحياته مع زوجته "دورين" في منزله الواقع في " فوسنون ـ أوب". وقد كرس لزوجته كتابه في عام 2006 و الذي يحمل عنوان ( رسالة إلى دورين، قصة حب) ونترجم منه الكلمات التالية : [...] وصلت الآن لنهاية الاثنين والثمانين عاما. مازلت دائما جميلة، أنيقة ومشتهاة. اليوم نحن نعيش معا منذ ثمانية وخمسين عاما و أحبك أكثر من أي يوم مضى. مجددا وقعتك في حبك مرة جديدة، و أحمل من جديد في جسدي فراغا طاغيا لا يملأ إلا بجسدك مضموما إلي [...] نحن سنحب أن كلا منا لا يمكن أن يعيش إلى الموت من غير الآخر".