ثقافات

سلسلة هاري بوتر: صناعة الثروة والمجد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد مسعاد من برلين: بانتهائها من كتابة الجزء السابع والأخير من سلسلة هاري بوتر، وبعد 17 سنة من تأليف أشهر سلسلة فتنت قلوب القراء وسحرت ألبابهم، تكون الكاتبة البريطانية جوان ك. رولينغ قد حققت نجاحا مزدوجا المجد والشهرة من جهة والثروة التي حققتها من وراء من جهة ثانية.
تقول الكاتبة في موقعها الالكتروني أنها أحست وهي تختتم هذا الجزء السابع والأخير "بإحساس النشوة والحسرة معا". غير أن هذا الاعتقاد يكون قد راح لحال سبيله منذ أن رأت وتابعت على شاشات التلفاز كيف أن طوابير من القراء والمهتمين بتتبع حياة أبطال مخلوقاتها العجيبة، وهم ينتظرون ساعة الصفر أمام المكتبات ومراكز البيع يوم 21 يوليوز تاريخ نزول الكتاب لسوق التداول. لقد حقق هذا الكتاب نجاحا باهرا وفي ظرف قليل جدا، فمن جزء لآخر ترتفع أسهمه لدى القراء والمهتمين. لقد حقق الجزء السابع فقط في اليوم الأول من نزوله إلى سوق الكتاب رقما قياسيا من حيث المبيعات، وفقط في لغته الأصلية أي الانجليزية، فلقد تجاوزت المبيعات وحدها في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية رقم 11 مليون نسخة، وحدها السوق الأمريكية التهمت أكثر من 8 مليون نسخة و400 ألف نسخة بيعت في السوق الألمانية. أما أوسط راليا وكندا فبيعت في كل بلد على حذا نصف مليون نسخة. و ربع مليون نسخة في كل من بلجيكا وهولندا، حتى الهند كان لها حظ وافر من تداول هذا الجزء بحوالي 170 ألف نسخة. وبعد خمسة أيام كان الكتاب في حوزة كل واحد من أصل خمسة بريطانيين. يوما عن يوم كان يشهد رقما قياسيا من حيث المبيعات، ولم تنزل فيه بعد ترجمات الجزء السابع لمختلف اللغات. في الوقت الذي كان المترجمون منهمكون على نقل الجزء السابع والأخير من السلسلة في عشرات الدول، تستعد دار نشر هاري بوتر كارلسن في ألمانيا هي الأخرى لوضع الترجمة الألمانية ابتداء من يوم 27 أكتوبر رهن إشارة محبي وقراء السلسة الألمان. هذه الدار التي كان لها الكتاب بأجزائه، الآلة التي صنعت بها مجدها وسط دور النشر الألمانية. فلقد تجاوز الجزاءن الخامس والسادس مليونين نسخة لكل منهما. والجديد في سوق القراءة الألمانية أن القراء وفي انتظار نزول الترجمة الألمانية للجزء السابع انكبوا على شراء الأجزاء السابقة التي تحتل الآن رقما قياسيا من حيث المبيعات. ولقد تجندت دار النشر الهامبورغية بما يكفي وأخذت احتياطاتها خصوصا في مجال سوق الورق والطباعة،تخوفا من كل طارئ حتى تتفادى الأزمة التي أصابتها سنة 2000، إذ وجدت نفسها غير قادرة على تلبية طلبات قراء الجزء الرابع من السلسلة. لقد قصة هذه لدار مع هاري بوتر سنة 1998 حين تكلفت بنشر الترجمة الألمانية للجزء الأول، إذ اكتفت فقط بـ 8000 نسخة من الطبعة الأولى، سنة بعدها رفعت من نسخ الجزء الثاني حوالي 25000 والجزء الثالث 30000، غير أن القفزة التي حققتها هذه الدار تمثلت في الجزء الرابع، ولقد استفادت الدار من الجولة التي قادت الكاتبة جوان روفلينغ لألمانيا في أبريل من سنة 2000، حيث قفزت فجأة مبيعات الجزء الرابع وحققت رقم 10 مليون نسخة في العام الأول، مما اضطر الدار إلى استيراد الورق من كل دول أوروبا وتوزيع طلبات الطبع على عدد من المطابع الأوروبية من اسبانيا إلى جمهورية التشيك.
لقد كان الناشر الألماني يملك حدسا جعله يقدم على شراء حقوق الترجمة الألمانية للأجزاء الأولى الثلاثة للكتاب دفعة واحدة بمبلغ لا يتجاوز وقتها مئة ألف مارك، غير أن حقوق الجزء الرابع وإن لم يصرح الناشر بقيمتها فالأكيد أنها جد مرتفعة.
وتعتبر سنة 2000 هي السنة التي شهدت القفزة الحقيقية لمجد هذه السلسلة، حيث حققت السلسة رواجا كبيرا في السوق العالمية نعتها المتتبعون والنقاد "بحمى قراءة هاري بوتر"، والجديد الذي حققه الجزء الرابع الذي ظهر أيضا في هذه السنة هو أن هذه الحمى تجاوزت جمهور الأطفال إلى الكبار أيضا الذين أقبلوا على السلسة بنهم كبير، وأصبحوا يشكلون 70 % من قراء السلة، في حين أصبح الأطفال يشكلون فقط 30 مما أضطر دور النشر إلى أعادة النظر في شكل غلاف السلسلة ليصبح موجها لجمهور القراء ما بين سن 18 و 80 سنة. بحوالي 380 مليون نسخة بيعت على امتداد 200 دولة إضافة إلى مداخيل الكاتبة من حقوق الترجمة والأفلام والسلسات التلفزيونية واسطوانات دي في دي والرسوم ولوحات الدعاية تكون قد جاوزت 1.56 مليار دولار، دون احتساب مداخيل الجزء السابع.
ولقد زاد من نجاح وانتشار السلسة بداية ترويجها سينمائيا انطلاقا من شهر نوفمبر 2001 حيث اقتحمت شاشات الفن السابع هذا المجال الذي فتح سوق الترويج على مصراعيه. لقد كان تناول السلسة سينمائيا فتحا جديدا في ترويج أجزاء الكتاب، خصوصا على الرغم من الأجزاء الأولى لم تكن مهيئة بالشكل الكافي لترويجها عن طريق الميلتيميديا. غير أن السلسة كانت تلقى رواجا كبيرا يزداد من جزء لآخر، وهو ما كان يساهم فيه جميع المتدخلين من الكاتبة نفسها التي كانت تشد انتباه القارئ، و تحبس أنفاسه، وتجعله ينتظر بشغف كبير الجزء القادم، إلى دور النشر والمكتبات التي هي الأخرى من جانبها خصصت حملة اشهارية كبيرة لترويج السلسلة لدى الصغار والكبار.
لقد شكلت السلسلة مصدر ثروة لعدد من المتدخلين، فإلى جانب الكاتبة، نجد وكيل أعمالها كريستوفر ليتله الذي يحصل على نصيب من المداخيل يصل إلى 10 في المئة. ولا تنحصر اللائحة فقط على الكاتبة و ووكيل أعمالها بل أيضا الممثل دانيال رادكليه الذي جسد ولا يزال دور بوتر، وهو الآخر له نسبة مئوية من مداخيل السينما والسلسلات التلفزية وأسطوانات الدي في دي، و تقدر الثروة التي جناها من دوره هذا، بحوالي 86 مليون دولار. لكن لا أحد استفاد في عالم الفن السابع من هاري بوتر بالشكل الذي استفادته شركة تايم فيرنر، وهي الشركة التي اشترت حقوق التأليف السينمائي، حيث تقدر الثروة الاجمالية التي حصلت عليها من خلال ترويج الأفلام الأربعة الأولى لهاري بوتر بحوالي 7،57 مليار دولار، ومنذ مدة قليلة شرعت قاعات السينما بعرض الجزء الخامس من السلسة، والذي لاقى رواجا منقطع النظير حيث قدرت فقط مداخيل الأيام الخمسة الأولى بحوالي 140 مليون دولار. إضافة إلى مداخيل التتسويق والتي من المنتظر أن تذر وحدها ما يقارب 15 مليار دولار.
غير أن هذه النظرة الايجابية لا يقتسمها أصحاب المكتبات أيضا خصوصا البريطانية منها في غياب قانون ينظم سعر الكتب. فالبنسبة لها قد يكون هذا التسابق على البيع مصدر خسارة أيضا، ففي ظل التنافسية القوية من طرف المكتبات الكبرى، والتي اقترحت فقط نصف السعر الذي يتماشى مع بريطانيا وهو 17،99 جنهيه، بل من المككتبات من أنزل الجزء السابع فقط بـ 5 جنيهات، حتى أن صاحب أشهر مكتبة الكترونية "أمازون" حذر المستثمرين من امكانية الخسارة الكبرى من جراء هذه التنافسية على البيع.

عن مجلة الآداب الألمانية بتصرف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف