معرض للفن التشكيلي يستعيد حقبة زمنية من الذاكرة العراقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خليل جليل من بغداد: تنظم جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في بغداد معرضا يعيد الى الذاكرة حقبة زمنية شكلت ذروة هذا الفن، وذلك بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس هذه الهيئة على يد نخبة من الرواد مطلع العام 1956.
وكان الفنان الراحل خالد الجادر وراء انبثاق هذه الجمعية في اطار نقل الفن العراقي الى الافاق العالمية لاخراجه من الاطار المحلي وايد الفكرة كل من الفنانين عالية القرغولي ونزيهة سليم ومحمد مكية وزيد صالح ورفعت الجادرجي وفرج عبو واخرون.
وتشارك اعمال حوالى مئتي فنان في المعرض.
وقال نائب رئيس الجمعية قاسم السبتي ان "الجمعية قدمت فنا انسانيا راقيا يتناسب مع المكانة الثقافية للعراق (...) ويشكل انتاج الفنانين بغض النظر عن اختلاف ثقافاتهم ذروة حقبة زمنية تعود الى اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين".
وقد شهد مطلع الخمسينات ظهور بعض التجمعات الفنية بينها جماعة "الرواد" لمؤسسها الراحل فائق حسن و"بغداد للفن الحديث" للراحل جواد سليم وجماعة "الانطباعيين" لحافظ الدروبي.
وكانت هذه التجمعات تندرج ضمن محاولة ابراز الفن العراقي لتخطي الحدود المحلية الى الافاق الخارجية وتحقيق نقلة ضرورية للفنون في تلك الفترة.
وتعرض مقر الجمعية الحالي الواقع في ناحية الكرخ ويعود تاريخه الى منتصف الستينات، لعمليات نهب وتخريب اثر سقوط النظام العراقي السابق في 2003 واتلف الكثير من الاعمال المعروضة والوثائق الخاصة بفنانين عراقيين.
كما حطمت اغلى قطعة من المرمر كانت في واجهة المقر خطها الفنان الشهير هاشم محمد البغدادي.
واضاف السبتي ان "العدد الكبير من الفنانين من رواد وشبان مشاركين في هذا المعرض يعتبر دليل عافية الفن التشكيلي في العراق وتواصل اجياله واصرار الفنان على تحدي كل اوجه العنف الذي دفع بالكثير الى مغادرة البلاد ودفع ثمنه البعض الاخر حياتهم".
واضاف ان "المشاركة الكبيرة واللافتة في المعرض تعكس عافية الفن العراقي وتحديه لكل اوجه الدمار والعنف".
وتابع "صحيح اننا شعرنا بالاختناق خلال الاعوام القليلة الماضية التي تلت الاحتلال بسبب الاوضاع السائدة لكننا تمكنا من اخراج انشطة فنية عدة توجت بهذا المعرض".
ورأى السبتي في "تنوع التجارب المختلفة للفنانين المشاركين ووقوف الشباب الى جانب الاسماء التاريخية العملاقة في المعرض، خطوة حيوية لا سيما ان بعض الشبان اثبت قدرات ابداعية نالت اعجاب الكبار".
ومن الاسماء الواعدة باقر الشيخ واسعد الصغير واحمد نصيف وايمان الشوك وغيرهم.
ولفت نوري الراوي (84 عاما)، وهو احد كبار الفنانين التشكيليين، بعمله الفني الجديد واسلوبه التجريدي الانتباه اذ جسدت لوحته ما تعانيه مسقط راسه راوة بعد ان ابرز دلالاتها الجمالية في اعماله السابقة على امتداد اكثر من اربعين عاما.
وتتميز اعمال الراوي بتفاصيل جمالية لمدينته الغافية فوق نهر الفرات بابرازه قباب مسكانها البيضاء وصفحة الماء التي تتراقص عليها موجاتها الى جانب نواعيرها.
ويضم المعرض 132 لوحة تنوعت فيها التجارب والمخزونات الشخصية للفنانين في مقدمتهم نوري الراوي وسعد الكعبي ونوري بهجت وسعد الطائي وسالم الدباغ واسماعيل الخياط وبهيجة واسماء اخرى لها ثقلها الفني على الساحة التشكيلية في العراق.
وبرزت ايضا بين اعمال الرسم لوحات للفنانين الراحل جميل حمودي ورافع جاسم.
وضم احد اجنحة المعرض 55 عملا نحتيا انجزت في فترات مختلفة للفنانين طالب مكي ومحمد غني حكمت وقاسم الغريري وموفق مكي وغسان الفلوجي والراحل فريد حسين الذي قضى نحبه العام الماضي نتيجة تفجير انتحاري استهدف احد مقاهي بغداد.
وللخزف حضور في المعرض الذي يضم 18 تركيبة لفنانين عدة بينهم سعد شاكر وماهر السامرائي وشنيار عبد الله واكرم ناجي واحمد الهنداوي ورجاء حداد واخرون.
وتضم الجمعية في مجلس ادارتها الحالي نوري الراوي رئيسا وحسام عبد المحسن واحمد الهنداوي وعبد السلام عمر وعلاء الحمداني وقاسم حمزة وصلاح عباس ورياض الهنداوي اعضاء.
وتابع السبتي (54 عاما) وهو خريج اكاديمة الفنون الجميلة عام 1980 ان الشهرين المقبلين سيشهدان ظهور اول كتاب يوثق مسيرة اكثر من مئة فنان عراقي ويقع في 250 صفحة سيصدر باللغتين العربية والانكليزية وهو الاول من نوعه الذي يتطرق الى فرسان الفن وارثهم الابداعي.
وبالنسبة لغالبية الاعمال المعروضة، فقد شكلت البيئة والتراث مرجعا لبعض اللوحات التي يمكن بسهولة تمييز رؤيتها بشكل واضح وكذلك تحركاتها على سطح اللوحات المزدحمة بالالوان.
كما عكست بعض الاعمال الاخرى المخزونات الشخصية لدى الفنان باستنادها الى الذاكرة.
وكالة الأنباء الفرنسية