ثقافات

هاينر ملر: منظر طبيعي مع آرغونيين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بقلم هاينر مُـلر

ترجمها عن الألمانية وقدم لها صالح كاظم: ميديا، كاهنة وأميرة كولخس، إبنة الملك آيتيس - وفق هسيود في "سيرة الآلهة"- تعشق البطل جاسون الذي جاء من لولكوس على ظهر سفينة آرغو مع بحارتها "الارغونيون (نسبة إلى أرغو السفينة) لغرض الإستيلاء على "الجزة الذهبية" ليقدمها هدية لعمه "بيلياس" الذي أقصى أخاه "آيسون" عن العرش ليحل محله، وذلك مقابل أن يعيد له بيلياس عرشه المنهوب. وبعد رحلة شاقة تقوم ميديا خلالها بقتل أخيها، يعود جاسون مع ميديا ومن تبقى من رفاقه الى لولكوس، غير أن الملك لا يفي بوعده، بل يصر على البقاء في سدة الحكم، مما يدفع ميديا لقتله عن طريق بناته من إخلال إستخدام خلطة من الأعشاب "التي ستعيد له شبابه"، حسب إدعائها، غير أن هذه الخلطة مميتة. بعد ذلك تضطر ميديا للهرب مع جاسون وولديهما إلى كورنت، حيث يطلبان هناك حق البقاء، غير أن جاسون يغرم بأبنة كريون "غلاوكة" ويعرض عليها الزواج، متناسيا ميديا. ميديا الكاهنة تلجأ للحيلة للتوصل الى الثأر من منافستها، فتهديها ثوب عرس مشرب بالسموم يؤدي الى موتها في ليلة العرس، وتقوم في الوقت نفسه بقتل ولديها ثأرا من جاسون.
يختزل هاينر ملر (1929-1995) أحداث هذه الدراما اليونانية المعتمدة على الميثولوجيا الى شبكة من الإستطرادات الشعرية التي تمس جوانب مختلفة من حياتنا المعاصرة وتشير بذات الدرجة الى لا جدوى الفعل الإنساني تجاه قدرية "النهاية"، حسب تعبيره "الكوارث التي تعمل عليها البشرية". لهذا الغرض نجده يستخدم في النص مجموعة من التقنيات غير المألوفة من ضمنها المونتاج وتداخل مستويات الحدث الفني / المسرحي سواء في النصوص المتواصلة أو في الحوارات ذات الطابع المسرحي (تقتصر على ثلاث شخصيات)، كما تتداخل التوجيهات المسرحية للكاتب مع متن النص بحيث يصعب الفصل بينهم ، مع إلغاء التنقيط.
فكريا يتحرك ملر وسط خرائب الذاكرة البشرية مضيئا جوانبها الدفينة التي تضم كل ما يحتويه "صندوق بندورا" من شرور. وتحتل قضية "الخيانة" موقعا مركزيا في فكر الكاتب، كما سنرى في النص وهو يجسد في موقفه هذا ما أتهم به غالبا من قبل حكام "المانيا الديمقراطية" الا وهو "التشاؤم التاريخي" الذي نجد له ما يبرره في الأحداث التي تجري في مختلف أنحاء عالمنا اليوم.
تقنيا يلجأ الكاتب الى تقسيم النص الى ثلاثة أجزاء رئيسية، تتفرع عنها أحيانا مقاطع جانبية مثل "كازينو فروم للعراة"، ويبقى ملر طيلة النص مخلصا لرأيه الذي يصنف الكاتب فيه كـ "عابر حدود"، لا يمكن إدراج عمله في جنس معين.
"كازينو فروم للعراة" تشير الى المفكر وعالم النفس الألماني/الأمريكي إيريش فروم (1900-1980)الذي عالج في كتاباته بشكل موسع وشامل موضوع "النرجسية" وجذورها الإجتماعية والسيكولوجية.
"ماوزر" نص مسرحي لهاينر ملر تدور أحداثه أثناء الحرب الأهلية الروسية، أستخدم فيها الكاتب أساليب مسرح بريشت التعليمي لتفكيك هذا النهج، وهي تدور حول جندي تردد للحظات عن القيام بواجبه في إعدام محكوم عليه بالموت من "الجيش الأبيض"، ويتم إعدامه بعد إقراره بالخطأ.

ساحل خرب مادة ميديا منظر طبيعي مع آرغونيين

بحيرة قرب شتراوسبيرغ ساحل خَرِبٌ آثار بحارة سفينة آرغو
ذوي الجبائن المُسطحة
بقايا حَلـْفاء وأغصان ميتة
هذه الشجرة لن تزيد عنى حجما
في الأوحال تلتمع علب الكعك
جثث أسماك وفضلات

كازينو فروم للعراة

ضماداتالعادة الشهرية
ملطخة بدماء نساء كولخيس
أما أنتِ فيجب أن تكوني حذرة نعم
نعم نعم نعم نعم
أيتها العاهرة القذرة أقول لها
هذا زوجي
تعال ضاجعني أيها الوسيم
حتى تهشم سفينة آرغو جمجمته التي ما عاد فيها نفعا
سفينة معلقة في الأشجار أصبحت مسكنا للعُقبان يتركون فيه فضلاتهم وهم ينتظرون اللحظة الحاسمة
مقرفصين وعلى وجوههم جريدة يومية
ولعابٌ جَفّ
متشنجين يحمل كل منهم في سرواله عضوا عاريا
على لحم ملمع الطِلاء، مبولةٌ سعرها أجر ثلاثة أسابيع
حتى يتشقق الطِلاء
زوجاتهم يحافظن على الطعام دافئا
ويعلقن الأغطية على النوافذ
ينظفن البذلات الأنيقة والمجاري من بقايا القيء
يدفعن الأطفال واحدا بعد الآخر بعيدا عن هجمة الديدان
الخمرُ رخيصٌ
والأطفال يبولون في الزجاجات الفارغة
ثمة حلم بمضاجعة هائلة في شيكاغو
نساء ملطخات بالدم
في صالة الجثث
الموتى لا يحدقون في الشبابيك
ولا يطبلون في المراحيض
فهم تراب يبصق عليه الأحياء
بعضهم علق على الفوانيس
وألسنتهم برزت من أفواههم
على البطون لوحة كتب عليها
أنا جبان
وفي القاع ميديا، العارفة
بالسموم. تحمل جثة أخيها المُقطـّعة

مادة ميديا منظر طبيعي مع آرغونيين

ميديا
جاسون هو الأول والأخير أيتها المرضعة
أين هو
المرضعة
أنه مع إبنة كريون ياسيدتي
ميديا
مع كريون
المرضعة
مع أبنة كريون
ميديا
قلت مع أبنة كريون لماذا وهي لا سلطة لها
أن تدفع كريون الأب
أن يمنحنا حق البقاء في كورينت
أو طردنا منها الى أرض غريبة أخرى
ربما يحتضن الآن متوسلا كوعها الخالي من التجعدات
كي تساعدني وتساعد أولاده الذين يحبهم
هل تبكين أم تضحكين أيتها المرضعة
المرضعة
أنا أكبر سنا ياسيدتي من الضحك أو البكاء
ميديا
كيف تعيشين وسط خرائب جسدك
مع أشباح شبابك أيتها المرضعة
أجلبى لي مرآة
هذه ليست ميديا
جاسون
جاسون
ما هذا الصوت أيتها المرأة
ميديا
أنا
كيان غير مرغوب به هنا
مرت أسابيع ثلاثة يا جاسون
لم تطلب قربي خلالها، لابصوتك ولا بصوت خادمة
لا بيديك
ولا بعينيك
جاسون
ماذا تريدين
ميديا
أريد أن أموت
جاسون
سمعت هذا مرات عديدة
ميديا
ألا يعنيك هذا الجسد يا جاسون
هل تريد أن تشرب دمي يا جاسون
جاسون
كفي عن الشكوى
ميديا
لم ابدء بعد
جاسون
ماذا كنت قبلي أيتها المرأة
ميديا
كنت ميديا
دم أخي في رقبتك ياجاسون
جاسون
أعطيتك ولدين عوضا عنه
ميديا
أحببتك يا جاسون وأحببت ولديك
هل تريدهما يا جاسون
أنهما ملكك أما أنا خادمتك فلا ملك لي
كل ما لدي هو أداة في يدك
من أجلك قـَتلتُ وولدتُ
أنا كلبتك وعاهرتك
أنا من يزين سلم أمجادك
الملطخ بفضلاتك بقايا ضحاياك
وإذا أردت أن تضع تاجا لإنتصارك
على أرضي وشعبي الذي كان ثمرة خيانتي
مزينا ببقايا أجسادهم
تضعه على رأسك فليكن لك ذلك
أما مُلكي فهو صور القتلى
وصرخات المعذبين ما ملكته يداي
منذ خروجي من كولخس وطني وراء آثار الدم التي تركتها وراءك
إلى وطن آخر ترافقني الخيانة
كنت عمياءَ في مواجهة الصور وصماءَ تجاه الصرخات
حتى تمزقت الشبكة المحاكة من رغباتي ورغباتك
التي كانت بيتنا وأصبحت غربتي الآن
في خيوطها جسدي
وفوق شفاهي رماد قبلاتك
بين أسناني رماد سنواتنا
وعلى بشرتي ليس هناك سوى عَرَقي
أنفاسُك عفنٌ من سرير غريب
الرجل يمنح زوجته الموت وداعا
موتي لا جسد له سوى جسدك
لو كنت زوجي وكنت زوجتك
لعضضت تلك العاهرة من جسدك
بعد أن خنتني معها اما خيانتي
التي كانت متعتك فهي لم تكن سوى الشكر على
خيانتك التي أعادت لي بصري
لأرى ما رأيت يا جاسون من لوحات
رسمتها بجزمات رفاقك على كولخيس
وأرجعت لي أذني لأسمع الموسيقى التي عزفتها
بأيدي رفاقك وبيدي أنا التي كنت كلبتك وعاهرتك
على أجساد وعظام ومقابر قومي
وأخي يا جاسون أخي
الذي رميت بجسده أمام من كان يلاحقك
بعد أن مزقته قطعا بيدي أخته هذه
مكافأة لهربك أمام أبي وأبيه المنهوب هل تحب أبناءك يا جاسون
هل تريد أبناءك يا جاسون
أنك مدين لي بدم أخي يا جاسون
من تفضلان الكلب أم الكلبة
حين تنظران بحب لأبيكم
ولكلبته الجديدة وأبيها ملك الكلاب هنا في كورنت
فربما ستجدون موقعا حول حوضه
خذ يا جاسون ما منحته لي
ثمرة الخيانة التي أنتقلت الى جسدي عن طريق منيك
وأدخله في حضن عاهرتك
هدية لك ولها بمناسبة عرسك وعرسها
إذهبا مع أبيكما الذي يحبكما
ويرفس الأم البربرية كي لا تكون عبئا
في طريقكم الى الأعلى
ألا تريدان الجلوس على مائدة الملك
أما أنا فكنت بقرة حلوب أما الآن فموقعي تحت أقدامكم
ألا تريدان أن لا أرى البهجة في عيونكم
وهي تبشر بسعادة الكروش المتخمة
لماذا تتشبثان بجسد أمكما البربرية وهي عار عليكما
أنكما ممثلان أبناء الخيانة
عضا بأنيابكما قلبي وأتركاني
مع أبيكما الذي سبقكما في ذلك
أترك الأطفال لدي يوما آخر يا جاسون
وبعد ذلك سأذهب الى صحرائي
على عاتقك ذنب أخي يا جاسون
لا أقدر أن أكره ما تحب
الحب يأتي ويمضي وما كنت حكيمة
إذ نسيت ذلك لا كراهية بيننا
خذ فستان عرسي هدية لعروسك
التي يصعب عليها أن أسميها كذلك
فهي ستستقبل جسدك وتبكي
على كتفيك أو تتأوه ببهجة
فستان الحب هذا لبَشَرة أخرى
حاكته أيدي المنهوبة بذهب كولخيس وزينته دماءٌ
من وليمة عرس الآباء والأخوة والأبناء
لترتديه حبيبتك الجديدة
حينها ستكون بشرتي على مقربة منك
سأكون قريبة من حبك وبعيدة عني
إمض الى عرسك يا جاسون
وسأحيل العروس مشعلا للعرس
أنظرا الى أمكما وهي تمثل أمامكما
هل تريدان رؤية العروس الجديدة وهي تشتعل
فستان البربرية له موهبة
مميتة حين يحتك بجسد غريب
الجروح والدمامل تحتوي سموما فاعلة
والنار ستبصق الرماد الذي كان قلبي
العروس شابة ذات بشرة ناعمة
على جسدها سأكتب الآن مسرحيتي
أريد أن أسمع ضحكاتكما حين تصرخ
قبل منتصف الليل ستلتهما النيران
وحين تشرق شمسي فوق كورنت
أريد أن أراكما تضحكان
أريد أن تشاركاني أفراحي
والآن سيدخل العريس غرفة العروس
وها هو ذا يضع فستان عرس البربرية تحت أقدامها هدية العرس
المشربة بعرق جبيني وخنوعي
والآن هاهي العاهرة تنتفخ أمام المرآة
حينذاك يسد ذهب كولخس مساماتها
ويزرع غابة من السكاكين في جسدها
فستان عرس البربرية يحتفل بزواجه
مع العروس العذراء
الليلة الأولى لي وهي الأخيرة
وها هي الآن تصرخ أتسمعان صرخاتها
حين تلتهما النيران أتضحكان أريد أن اراكما تضحكان
مسرحيتي كوميديا أضحكا كما لو كانت دموعكما تسيل
حزنا على العروس لا سبب للبكاء أيها الخونة
سأنتزعكما من قلبي يا لـُحمة قلبي وياذاكرتي ويا أحبائي
أعيدا لي دمي الذي يسيل في شرايينكما
وسارجع أحشاءكما الى جسدي
جاء يوم الحساب يا جاسون
واليوم ستسترجع ميديا ما أقرضته إياك
هل يمكن أن تضحكا الآن الموت هدية
ستستقبلانها من يدي
تركت خلفي ما يدعى وطنا
وسأترك وراءنا ما يدعى الغربة
كي لا تصبح الغربة وطنا لكما إستخفافا بي
بيدي هاتين سأقطع ما يربطنا بالغربة
آه لمَ لمْ أبق حيوانا قبل أن يجعلني رجل زوجته
ميديا البربرية أصبحت الآن منبوذة
بيدي البربرية المشوهتين والمتعبتين بسبب القيود هاتين
سأمزق البشرية الى قطعتين وأسكن في الوسط أنا
لست رجلا و لا إمراة لماذا تصرخان الشيخوخة اسوأ من الموت
ستقبلان اليد التي منحتكما الموت لو عرفتما الحياة
هنا كانت كورنت من أنتما من البسكما أجساد ولديّ
أي وحش يختفي في عينيكما
تصورا الأم ميتة بلا وهم
الممثلون كذابون وخونة
تسكن في أجسادهم الكلاب والجرذان والثعابين
وهي تعوي وتصفّر وتفحّ أسمعها جيدا
آه انا ذكية أنا ميديا
الم يبق فيكما شيء من الدم
الآن أصبح كل شيء هادئا
كذلك صرخات كولخس
لاشيء

جاسون
ميديا
ميديا
أيتها المرضعة أتعرفين هذا الرجل

منظر طبيعي وآرغونيون

اأتحدث عن نفسي أنا
عمّن يكون الحديث حين يكون عن المتحدث
أنا من يكون أنا
وسط مطر من فضلات الطيورالمحاطة بالكلس
أو أنا الآخر راية قطعة قماش مدمية
معلقة تتأرجح بين العدم ولا أحد حين تهب الريح
أنا قاذورة رجل أو قاذورة امرأة
عموميات وسط عموميات أنا جحيم حلم
يحمل صدفة إسمي أنا خوف من إسمي
جدي كان أحمقا
في بيوتسين
أنا رحلاتي البحرية
أنا احتلال المدن أنا جولاتي
في ضواحي المدن أنا موتي
في مطر من فضلات الطيور يحيطه الكلس
المرساة آخر حبل سري
عند الأفق تختفي ذاكرة الساحل
الطيور وداع ولقاء
الشجرة المذبوحة تزرع الأفعى البحر ضيق
بيني وبين من لم يعد أنا جدار السفينة
البحر عروس البحّار
الموتى كما يروى يقفون على القاع
يعومون منتصبين حتى تخلد عظامهم للراحة
الأسماك تتناكح وسط صدورهم المشقوقة
صَدَف في غطاء الجمجمة
العطش نار
الماء يشتعل على البشرة
الجوع يلتهم لثة الأسنان والملح يلتهم الشفاف
بقايا الشعر تخز اللحم المنفرد
حتى يهاجم الرجل رجلا آخر
دفء النساء طرب
النجوم معالم طريق باردة
والسماء تمارس رقابة ثلجية
أو الهبوط اللامحظوظ عكس مجرى البحر
حيث تفحّ علبة البيرة حين تُفتح
من حياة رجل
ذكريات عن معركة دبابات
جولتي في أطراف المدينة أنا
بين الخرائب والأحجار ينهض الجديد
خلايا مُسخنة للمضاجعة
الشاشة تبصق العالم في الغرفة
التقادم مخطط له المقبرة
في الصهريج شخوص في القمامة
أبناء الخرسانة
مسيرة الأموات الأحياء تحيط بها الإعلانات
في بزات موضة الأمس قبل الظهر
شبيبة اليوم أشباح لموتى الحرب التي ستـُعلن غدا
ما يتبقى تتكلف به القنابل
في تزاوج رائع بين البروتين وصفيح العلب
الأطفال يبنون مناظر طبيعية من القاذورات
أمراة هي شعاع الأمل المألوف
بين فخذيها ثمة أمل للموت
أو الحلم اليوغسلافي
أن تهرب وسط تماثيل مهشمة
بمواجهة كارثة مجهولة
أم تجر وراءها العجوز فوق عربة خشبية
في درع تآكل صدءا يلاحقهما المستقبل
في خطوات عسكرية تمر مجموعة من الممثلين
الا ترون أنهم يشكلون خطرا
أنهم ممثلون عند كل رِجْـلِ كرسيٍ يسكن كلب
من جسدي الذي لا مالك له
يأتي وَحَلُ الكلمات
كيف يمكن أن أتحرر من أغصان أحلامي
وهي تنمو حولي بهدوء
خِرْقة ٌ من شكسبير
في فردوس الجراثيم
السماء قفازات صيد
تـُقنـّعُها غيومٌ مجهولة المصدر
إستراحة قرب شجرة ميتة عند ممرضات الجثث
أصابعي تعبث بين أفخاذهن
ليلا عند النافذة بين المدينة والطبيعة
راقبنا الموت البطيء للذباب
هكذا أطل نيرو على روما مبتهجا
حتى أقتربت العربة رمل في العجلات
ذئب كان يقف في الشارع قبل أن ينهار
سفر صباحي بالباص يمينا ويسارا
الممرضات في ثيابهن بخار الظهيرة
يحل رماده على جسدي
أثناء الرحلة سمعنا الشاشة تتمزق
ورأينا الصور تختلط ببعضها
الغابات أشتعلت في أيستمان كولور
غير أن الرحلة بلا هدف NO PARKING
عند التقاطع الوحيد للشارع هناك
شرطي أعور ينظم المرور
ميناؤنا سينما متروكة
على الشاشة يتعفن النجوم بالتناوب
في مدخل السينما يخنق فرتز لانغ بوريس كارلوف
ريح الجنوب تعبث بكل الإعلانات
أو الهبوط اللا محظوظ أجساد الزنوج الموتى
غـُرست مثل أعمدة في المستنقع
في بزات أعدائهم
DO YOU REMEMBER DO YOU NO I DONrsquo;T
(هل تتذكر هل لا)

الدم الجاف يتبخر بسبب الحرارة

أفتـَتِحُ مسرحَ موتي
حين كنت واقفا وسط الجبال على صخرة بين رفاقي الموتى
فوق رأسي حلقت الطائرة المتوقعة
بلا تفكير عرفت أن هذه الماكنة
هي ما كانت تدعوها جدتي الرب
التيارُ كنسَالجثث من موقعها
فلاحقتني الطلقات وأنا أجري متعثرا
أشعر بدمي يخرج من شراييني
وجسدي يتحول الى منظر
يحيط بموتي
خلف ظهري الخنزير
وماتبقىمجرد عواطف مَنْ لديه أفضلُ الأسنان
الدم أم الحجر

النص يحتاج الى طبيعية المشهد. ساحلٌ مهمل يمكن أن يُعرض في "كابينة بص" أثناء الستربيتيز. مادة ميديا قرب بحيرة في منطقة شتراوسبيرغ هي في الوقت نفسه عبارة عن مسبح مهمل في "بفرلي هِل" أو حمام سباحة في مستشفى للأمراض العصبية. وكما في مسرحيتي "ماوزر" حيث يمكن أن تتحول في مجتمع متجاوز للحدود تجربة شخص محكوم بالإعدام الى تجربة جماعية فإن "منظر طبيعي" يشترط حصول الكوارث التي تعمل عليها البشرية. المنظر يمكن أن يكون كوكبا ميتا هبطت عليه بعد أن سَمعتْ صوتا ما فرقةُ إنقاذ من عالم أو كوكب آخر فوجدت أمامها جثة. وكما في كل منظر طبيعي فأن الأنا هنا ذات طابع جماعي. ويمكن أن يكون تزامن النصوص الثلاثة عفويا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف