أفكار بالحبر الجاف في ذكرى كمال عبدالصمد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد الامير الخطيب: صدر في عاصمة القلق السياسي بيروت مؤخرا كتاب /كاتالوك عن اعمال الفنان اللبناني الراحل كمال عبدالصمد الذي توفي العام الماضي، و الكتالوك يحتوى على مئة وعشرين عمل تخطيطي قام بتنفيذها
المعروف عن كمال رحمه الله انه كان فنانامسرحيا جادا عمل الى جانب كبار المسرحيين في لبنان و كان من اشهر عشاق المسرح حيث نذر جل عمره للمسرح على الرغم من انه فنان متعدد المواهب، وهذا الكتالوك الذي استعرضه الان خير شاهد على مواهبه المتعددة.
مئة و عشرين عمل تخطيطي كانت معظم مساحاتها وجوه لنساء او بعبارة اخرى احتلت المرأة اكثر من ثلاثة ارباع المساحات التي رسنها الفنان، لا ادري لماذا و لكن الفنان كان كمن يصر على القول : ان عملى للمرأة او ان المرأة هي عملي و شغلي و لاشئ سوى المرأة، ما كان يشغل الفنان، وكذلك كان الفنان حريص على الموضوعة اللبنانية الشعبية، فبقي من بين اكثر الفنانين من هتم في ارشفة الفلكلور اللبناني و اذكى الفنانين في استخدام المفردة الفلكلورية فاستخدامة المتكرر للطاقية "غطاء الرأس" التي تضعها المرأة كان ذكيا لانه سمة / مفردة، فلكلورية لبنانية تفرز التراث اللبناني عن غيره.
وهكذا يعالج الفنان كمال اعماله بالطريقة اللبنانية، فالجو العام للعمل جو فيه الكثير من الحضارة اللبنانية القديمة فينيقيا، فلبنان كما يريد اللبنانيون بعض ان يعتبروه بلدا فينيقيا، و لا اجزم انقلت ان كمال هو واحد من دعات هذه الفكرة، و لكن بلغةه البصرية التي تناول بها تخطيطاته موضوع بحثنا.
ليس عبثا ان نرى الخلط السريالي في معالجة الفنان لمواضيعه، فهو يدرك الى حد ما ان الحرب اللبنانية و تركات الحرب الطويلة التي "تحارب الغرباء فيها على ارض لبنان" لا يمكن معالجتها بالشكل الواقعي، فالتخطيطات واقعية و الشخوص / الفغرات التي نفذها الفنان بالاسلوب الواقعي ايضا دلالة واضحة على ذلك الخلط، رسم الوجه فيه دقة تقليدية و كذلك باقي الوحدات المكونة للوحة، رسمت باتقان قريب الى الكلاسيكي، لكن بناء اللوحة العام جاء بشكل مقصود و مدروس تماما فوضع وحدات اللوحة بشكلها الهلامي او اللاشعوري كان عملية شعورية مقصودة لدى الفنان، وهنا استطيع ان اقول ان وضع وجه المرأة مثلا او وضع وردة بجانبها او حتى شباك تحت الوردة هي عملية مقصودة اراد بها الفنان ان يكون شاهدا على عصر الانهيار و الحروب المجانية التي دمرت لبنان.
تتراوح التخطيطات التي نفذها الفنان كمال بين عامي 1981 و عام وفاته 2006 ودرجت لنا حكايات و قصص عصي على غير الفنان ان يحلها و ان يستلهم منها، وقد لاحظت تطورا هائلا في مسار تطوّر الفكرة لدى الفنان او الذي سيّر الفنان، لكن الذي يشد الانتباه هو ان الاسلوب /
السؤال الاهم في كل تخطيطاته يبقى هو كيف يبدأ الفنان رسم موضوعاته و كيف ينتهي، فالبداية غير واضحة ابدا،فربما يبدأ بخط او خربشة بسيطة على الورقة، او ربما يبدأ كمن يلهو او يعبث في وقته على الورقة، ثم يستريح، يتوقف و يتأمل، يشاهد اشياء كثيرة و كثيرة في الذي عبث به فتاخذة الغواية ليستعير من فنطازيته حريتها و يحلق في فضاء ارحب و مسافات اوسع ليقول لنا: ها انا اكمل لكم هذا الذي بدأته و انا لا اعرف عنه شئ
هذا في الحقيقة ليس عيبا او اية مؤاخذة فكل الفنانين يبدأون هكذا عدا النزر القليل منهم من يعرف تمام المعلافة ما الذي ينوي عمله، و اني اذ ارى في اعمال الفنان كمال عبد الصمد التخطيطية هذا البعد، فانه اعتراف مني بان هذه الاعمال عبرت بصدق مرهف عن مرحلة الحرب كما اسلفت وكما اسلفت ايضا فان الفانان كان احد اصدق المؤرخين لعصر الحرب اللبنانية، و ما معالجته السريالية لموضوعاته الواقعية الا هو دليل على ما اقول، ولكن لماذا يترك الفنان بعض تخطيطاته دون ان يكملها، ربما هذا جزء من اللعبة الفنية ايضا، و يبقى ان الفضاءات التي يتركهاالفنان عن قصد اعني تلك الفضاءات/ المساحات التي يتركها حرة هائمة في وادي التفكير دون اجابة واضحة للمتلقي فالفضاء اعني المساحة المتروكة عن قصد تنم عن محاولة جادة لبناء شخصية فنية مستقلة او ربما اسلوب كان يسعى الفنان جاهدا ان يثبته للاخرين
كمال عبد الصمد شانه شان اي فنان عربي اخر في تاثيره بما اصطلح عليه "بالواقعية الاشتراكية" زمن الرئيس السوفيتى ستالين، فرسم الينا المفردات الثورية المرتفعة الشامخة و كتب لنا و هذا ما كان في بدية ثمانينات القرن الماضي، كتب لنا صورا كثيرا عن قوةالسلاح و ايديلوجيات الثورة و الحس الثوري، كذلك يتضح التاثير في رسم الجسد الانساني في تلك المرحلة بالعضلات القوية المفتولة، و التي كانت واضحة عالميا في رسومات " الاشتراكية" الواقعية الاشتراكية و التي انتشرت في كل من العراق و سوريا و اليمن في عالمنا العربي، و باقي البلدان التي حلمت بالاشتراكية، فالشخوص في تخطيطاته تدعوا الى الثورة و تحرض على عدم السكوت فالخوط مستوية مستقيمة حادة، لكنها تتواضع ببساطةالفنان لتنحني و تكون بانحنائاتها رحمة للمتلقي الذي يبقى في استفهام مستمر لماذا وضع الفنان متناقضين في تخطيط واحد
الفنان الراحل كمال عبد الصمد هو فنان مسرحي درس المسرح في لبنان وكذلك اكمل الدكتوراة في المسرح و السينما من جامعة السوربون، وعمل استاذا لمادتي الالقاء و الادب المسرحي في الجامعة اللبنانية، كان حريص على ممارسة الرسم و كان يمارس التخطيط ليحتفظ به ليس الا، علىالرغم من انه شارك بشكل رسمي باربعة معارض رسم في لبنان لكن حبه الضاهر و الخفي كان مترجما في تخطيطاته التي جمعها له اخية نجاد عبد الصمد و طبعها في كتاب جميل يليق برحلة الفنانالراحل في التميم و التوزيع و الطباعة و الاخراج
www.eu-man.org/amir
هلسنكي فنلندا
التعليقات
بساطة عميقة
محمد مهدي -ليس هذا اول موضوع اقرأه للكاتب عبد امير الخطيب في ايلاف، ولكن هذه هي المرة الاولى ان اصادف كما هائلا من الاخطاء الاملائيةالموضوع جيد جدا و جودته تكم في ان الكاتب يسرد موضوعه ببساطة ووضوح عميقين وهذا ما لايتوفر في الكتابة عن الفن التشكيلي هذه الاياماتمنى ان نقرا المزيد لامير الخطيب و شكرا له لانه ذكرنا بالفنان الكبير كمال عبد الصمد