يستذكرون يوسف عبدالمسيح ثروت
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ناعور يملأ جراره بالماء الثقافي الاجنبي
الادباء العراقيون يستذكرون يوسف عبد المسيح ثروت
عبد الجبار العتابي من بغداد: بين صورة كبيرة له علقت على المنصة وكتبه التي انتشرت عليها وبين عائلته واصدقائه ومحبيه، استذكر الادباء العراقيون زميلهم الراحل يوسف عبد المسيح ثروت قريبا من ذكراه السنوية التي تصادف
بعده تحدث حازم نوري لموزة نيابة عن عائلة الراحل وهو ابن اخته قائلا: (انني لا انوي التحدث عن يوسف عبد المسيح ثروت ناقدا مبدعا او كاتبا بليغا ومترجما بارعا غزير الانتاج بكافة تلكم المجالات، بل اتحدث عن الفقيد كونه انسانا شديد الحساسية بانسانيته، كان يرى الاشياء دائما بمنظور ما يخدم الانسان اولا والانسان بالمفهوم المطلق بعيدا عن اي اعتبارات طائفية او عرقية او سياسية او طبقية، كان يحب الناس بشكل عميق وحقيقي بعيدا عن اي تزلف او تصنع، يجالس الناس جميعا، تجده في المقاهي في وقته المخصص وحوله هالة من الناس، جمع جميل ومتباين احيانا في الاعمار والثقافات وكان يحبهم جميعا بلا استثناء، يوسف عبد المسيح ثروت كان معلما في بعقوبة، يحب مدرسته الى حد العشق ويحب تلامذته الى حد الموت، كان يتفانى في تدريسهم، كان شديدا ورقيقا في آن واحد، لايعرف اللين في الخطأ ولا يعرف التعسف مع جيل الشباب الناهض والذي يبني كل الامال العراض عليهم )، واستطرد لموزة في حديثه وسط اصغاء هادئ للكلمات الطالعة وهي تتحدث عن الفقيد: ( ابا عمار كان يعشق النخيل والنهر، كان يحب طول قامة النخلة وعنفوانها، عاش بين ظهراني نهر خراسان الذي يشق بعقوبة الى نصفين، وديالى التي تحتضن وتروي بساتينها الجميلة، كان يحب الخصب والنماء والحياة، كان يحب اللون الاخضر لانه لون اشجار الليمون والبرتقال ولون سيقان النخيل والسنديان وهامات الناس
ثم تحدث الدكتور عقيل مهدي عميد كلية الفنون الجميلة الذي قال: كلمتي تحمل عنوان (المسرح وآلة الترجمة الجهنمية عند يوسف عبد المسيح ثروت ) قال في مطلعها: (ما حسبت يوما ان يوسف سيموت مثل سائر الخلائق فجأة، لاننا كنا طلابا فنراه مثل شارع المتنبي او جامعة بغداد او اتحاد الادباء وخان مرجان، اثرا شاخصا، نتلقف كتاباته المترجمة لكي تهدينا في دروب السرح التي دلفنا اليها توا بلا طوق نجاة سوى ما نتعلمه من بعض اساتذتنا وما نطلع عليه في مجلة المسرح المصرية والاصدارات الشحيحة الاخرى )، واستطرد عقيل في حديثه مقتربا منه:(كان الرجل القصير الذي ينغم الكلام في انفه قبل فمه وغير المعتني بهمدامه مأخوذا بسليقة الترجمة او هو عبارة عن ناعور يملأ جراره بالماء الثقافي الاجنبي ليحيي الاراضي البور ويجعلها سهوبا خضراء )، ومضى يواصل حديثه (لم نتبادل الحوار مرة وجها لوجه لكنه كان مأخوذا بعراقيته وبتقدميته وبحبه للمسرح العراقي بلا حدود في جميع ندواته ومقالاته، كانت ماركسيته، كما يخيل لي، مشوبة بأخلاط (ليبرالية)، ولم تؤخذ من مرجعها السوفيتي،بل ترشحت من موشورات غربية، فتراه منقسما بحبه، كما ازعم، للعبث واللامعقول واللاالتزام بعنوانات ماركسية اختزالية مثل الحياة، المجتمع، الطبقات، التاريخ، يسدلها كستارة تخفي شغفه بالطروحات المسرحية الحديثة التي يراها قد دهمت العالم بأسره ونحن العرب عنها غافلون حتى
ثم اعتلى المنصة الدكتور صلاح القصب وبهدوء تقطرت كلماته التي راح يلفظها على المسامع، قال: (نقف امام عقل ثقافي، امام تواصل حضاري مع العالم، يوسف.. كان صوتا حضاريا، كان صوتا مستقبليا استطاع ان يشكل حوارا ثقافيا مع قارات هذا العالم وان يدخل فنا مركبا صعبا هو المسرح، استطاعت ثقافة هذا الانسان الكبير ان تشكل مدخلا بالنسبة لنا على مستوى المعرفة والتواصل والحضارة التي هي مدخل الترجمة، هي تواصل مع اجيال وحضارات وثقافات متعددة في المسرح هذا الفضاء المعقد بتلك الاسئلة والمداخلات المتعددة والذي يشكل حضورا ما بين الان والماضي والمستقبل، مابين هذه الاومنة الثلاثة استطاعت رؤى المترجم المثقف الحضاري يوسف ان تتداخل وان تلتقط ماهو محرك وماهو يشكل نبضا بالنسبة الى المسرح، لذلك المسرح العراقي والثقافي والتاريخ المسرحي المضيء يقف بجلالة لهذا الامبراطور الثقافي الذي كان لايمك الا تلك الحقيبة الثقافية التي فيها عمق ثقافي) واضاف الدكتور القصب في ختام كلمته قائلا: (انا كمسرحي ومن خلال اصةات المسرحيين واجيال المسرح الممتدة والمتواصلة مع كل ماهو حضاري ومتقدم اقف اجلالا ومحبة لهذا الانسان الكبير).
واختتم حميد عطوي الكلمات المستذكرة لسيرة الفقيد وثقافته متحدثا عن بعض الكتب التي تختص بالمسرح التي ترجمها الراحل واهميتها للجيل وافكاره حول بريخت التي وجد فيها الراحل ظاهرة متكاملة تتناسب مع الادوار التي قام بها في وضع الاسس لكيان مسرح عالمي جديد، مشيرا الى ان يوسف ثروت كان من المتابعين الحريصين للعروض المسرحية وشكل حضورا مع مجموعة من زملائه في الوسط المسرح.
ومع تحلق العيون حول صورة الراحل ووجوه عائلته عاد الفواز ليدعو وزارة الثقافة العراقية لاعادة طبع كتبه او ان تدعو الجهات المعنية بأمانة بغداد الى تسمية شارع باسمه وتدعو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتسمية احدى القاعات باسمه، مشيرا الى: اننا نسعى الى ان نضع الاثر في مكانه وبقدر الاهتمام بالاحياء علينا الاهتمام بالمتحف الثقافي الذي يؤرخ حضارة الانسان، اذ لايمكن للدولة ان تتعزز بالامن والسياسة فقط بل بالثقافة.
التعليقات
عراق العباقرة
fawaz -الله عليك ياعراق العباقرة انا مندهش ومحتار وانا من ديار الغربة ارى ولكتشف كل يوم ان كل شبر من ارض العراق مقدسة وخيرة وكل بشر من ارض الرافدين الا وان يحتوي على موهبة ربانية رحمة شكرا للكاتب لانه دعانا نتطلع على مبدعينا الف شكر وقبلة للعراق وكل العراقيين
تخرج الجيل من عباءته
زعيم الطائي -كنا جلساؤه الأدنون أنا وجنان جاسم حلاوي ووسام هاشم ، تعلمنا منه إيقاع الأصغاء الى نبض الحياة ،والشغف بالفن وتجديد أبواب الفكر ،يوسف عبد المسيح ثروت ، شعلة متوهجة وعقل جدلي أخاذ ، أضافة الى أغنائه المكتبة العربية بأكثر من ثلاثين كتاباً ترجمها عن النقد والكتابة المسرحية ودراسة آخر تيارات الحداثة والتجديد في الفكر والفنون ،أشتغل قساً ومعلماً ومنوراً مناهضاً للجمود العقلي السائد ، فجمع في شخصيته تناقضات جدلية العيش السامية بأستحقاق ، كان أشبه بنبي نقي في غير أوانه وبعيداً عن أرضه .
الاسلحه والاطفال
ضياء عباس -وهل كان وسام هاشم يترك مسدسه الخاص, خارج الجلسه؟
تكريمه
محسن راضي الدراجي -كنت اقراء ترجماته في المسرح, وكنا شغوفين ان نرى هذا العملاق الذي يمد جسور الانسانية في التواصل عبرة التحول من لغة الى الاخرى, ولكن بعدما رايناه عن قرب اصبنا بالدهشة اكثر , وقلنا كيف مثل هذه الانسان ان يهمل لهذه الدرجة, ولو كان في عالم اخر هل يهمل مثل هذا الانسان الكبير, لذلك ارجوكم هذا الرحل ليس بحاجة الى ان يكون شارع في اسمه, او جامعة بل بحاجة الى الخلود في منجزه, وهو طبع اعمال وتكريم اسرته, والتذكير دائما بمدعينا ومفكرينا ومثقفينا وهو خير عمل,
رجل هائل
وسام هاشم -لم يكن ابو عمار عقلا مبدعا فقط كان رجلا هائلا..(لقد مات رجل هائل)هو عنوان ماكتبته عنه في الجمهورية قبل مغادرتي العراق تماما بعد وفاته.. كان مولعا بالناس وبالمحبة.. واضيف للعزيز زعيم الطائي كان يحب جدا باسم حسن وسعد هادي وموسى كريدي وكثيرون اخرون لايتسع لهم المجال هناو يسأل عنهم لو غاب احدهم عن المقهيين البرلمان وحسن عجمي... كان يعرف الناس جيدا.. اتذكر جيدا غرفته تلك في منزله التي كان يقرأ بها في مؤخرة المنزل وبها سرير صغير متحرك وكتب كثيرة ومتنوعة جدا ..وهلعه من اجهزة الموسيقى لابنه عمار في صالة المنزل.. وغرفته ايضا في دار الشؤون الثقافية مجلة الثقافة الاجنبية في شارع الجمهورية.. ونحن نتحدث عن توهجه لايمكننا ان ننزلق خلف من لا يجيدون القراءة!!ولمناسبة يوسف عبد المسيح ليس ثمة مكان لسوى المحبة والترفع ..