ثقافات

بوحوال: الكاريكاتور الشرقي نوع من السخافة الفكرية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الحبيب بوحوال: رسام الكاريكاتور اصبح مضحكا عموميا
إيهاب الشاوش من تونس: الفنان التشكيلي الحبيب بوحوال، هو أحد ابرز رسامي الكاريكاتور في تونس. انطلقت تجربته مع القلم و الخط منذ السبيعنيات، فحبر الكثير من الرسوم، و شكلت أعماله، منعرجا في مسيرة فن الكاريكاتور في تونس. فكان ان خرج هذا الفن من بوتقة الفلكلور و الهزل، الى فضاء الإلتزام و الإيمان بقضيايا العصر و المجتمع. الحبيب بوحوال ايضا فنان متعدد المواهب، فهو فنان تشكيلي ينتمي الى مدرسة الكبار، و صاحب مشورع مهرجان الأشرطة المرسومة، و متقن ممتاز لفن البورتريه.
حول فن الكاريكاتور في تونس و تجربته، كان هذا الحوار.

*الكثير من النقاد و الفنانين يعتبرون الكاريكاتور فنا هجينا و في منزلة دونية من الفن التشكيلي، و يرون انه غير قادر على الغوص في اعماق الأشياء، هل تؤيد هذا الرأي؟

**الحبيب بوحوال: كل شيءيمكن ان يسمو الى الفن، و ذلك يتطلب مواصفات أخرى، تتجاوز المعطيات التقنية او مجرد مورد رزق. و هذا ايضا شأن الموسيقى او الغناء، فالطبيب مثلا عندما يسموالى مستوى ابداعي يصبح فنانا. و الفن كلمة نبيلة و قوية لها علاقة بالخلق و الإبتكار، و لما نقوم بعملية ابداع و خلق، فهو ضمنيا اعتراف بوجود قوة ابداعية عظمى و خلاقة.
و في هذا السياق لا اعتقد ان صحيفة مثل لوموند الفرنسية التي تضع الرسوم الكاريكاتورية على صفحاتها الأولى، هي تمزح او تنزل الكاريكاتور منزلة دونية،

*بهذا المعنى التي تصفه، هل يمكن ان نقول انه في تونس يوجود فن للكاريكاتور قائم بذاته؟

**الحبيب بوحوال: خلال الثلاثين سنة الماضية، اي بعد جيل علي عبيد، حاولنا ايجاد نوع جديد من الكاريكاتور، مثل الكاريكاتور السياسي و النقدي، و هو مخالف لما اصفه ب " رسم المضحك"، لكن و ككل المجالات الثقافية الأخرى، فقد طغى هذه الأيام الضحك و الهزل على النقد، و اصبح رسام الكاريكاتور او الكاريكاتوريست، "مضحك عمومي" اكثر منه شيء آخر. بعض الصحف تستعين بالكاريكاتور لملإ فرعات الجريدة او للتسلية. و هنا استثني تجربة لطفي ساسي، في صحيفة لابراس، الذي يقوم بعمل جيد في حدود ما تسمح به اللعبة.

*في السبعينيات ظهرت تيارات جديدة و جيل جديد من رسامي الكاريكاتور، كيف تصفها؟

**الحبيب بوحوال: كانت حركة جديدة بمثابة انقلاب في التوجه، وظهرت مع صدور صحف جديدة مثل "الرأي" التي سمحت لهذا الجيل بتقديم اعمال مخالفة للنظرة الرسمية و التي كان يمثلها "علي عبيد"، الذي كان له نقد لطيف للمجتمع التونسي، في غياب تام للمواضيع السياسية. اما بالنسبة للمواضيع و الأحداث العالمية فقد كان يصول و يجول فيها.

*عندما نتحدث عن فن الكاريكاتور لا بد ان نتطرق الى السياسة، فهل يمكن القول ان بين الكاريكاتور و السياسة، علاقة زواج كاثوليكية؟

**الحبيب بوحوال: علاقة الكاريكاتور بالسياسة تشبه علاقة الصحافة او الأحزاب المعارضة بالسياسة. الكاريكاتور هو فن النقد و فن السخرية، في اللاتينية تعني كاري كاري اي فن النقد. وهو يعتمد على تضخيم الأشياء و وضعها تحت المجهر، و من هذا المنطلق فإن التضخيم في الفكرة ينعكس على التضخيم في الرسم. و رسام الكاريكاتير يجب ان يمتلك موقفا من الأحداث وهو بالضرورة منحاز. اما في تونس، فالكاريكاتيرست يمتلك مجالا مهما من الحرية في المواضيع العالمية مثل فلسطين، ولو انها ايضا تخضع لعدة اعتبارات،اما السياسية المحلية، ففي حال تطرح فإنها تكون بطرق ملتوية.

*يمكن ان نستنتج مما سبق ان مهنة رسام الكاريكاتور، هي مهنة المتاعب ايضا،مثل الصحافة؟

**الحبيب بوحوال:هذا صحيح، فأنا مثلا، اشتغلت مدة طويلة في الصحافة كصحفي و كاريكاتوريست، و تركت الرسم التشكيلي لمدة، لأنني دافعت على الحريات العامة، رغم انني لا انتمي لأي تيار سياسي، واعتبرت انه من واجبي ان اعبر بالصورة و بالكلمة على مشاكل حياتية، فعن طرق الكاريكاتور اشعر انني اقوم بدوري.
و بالفعل كانت لي عدة مواقف من الوزراء و الحكومة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. ثم منعت من رسم اي وجه سياسي.

*لاحظنا انك عدت في المدة الأخيرة للنشر في مجلة "حقائق"، ثم اختفيت، من جديد ما هي الأسباب؟

**الحبيب لوحوال: عدت مرة للرسم في جريدة "الصباح"، لكن الأجواء لم تعجبني، ثم في مجلة حقائق، و هي تجربة جيدة، لكنها توقفت لأسباب اجهلها، و في الحقيقة كنت اتمنى ان اصدر ولو لمرة في الأسبوع كاريكاتورا، لكن للأسف المجال غير متوفر. و لا توجد في تونس، تقاليد للكاريكاتور مثلما هو الحال في الصحافة المصرية او الجزائرية او اللبنانية. الآن الكاريكاتور في تونس، يجمع الطلبة و الهواة.

*وكيف تقيم تجربة ما تصفهم بالطلبة و الهواة؟

**الحبيب بوحوال: الكاريكاتور لا يمكن ان يكون موجودا في غياب النقد. و ذلك، يتطلب ثقافة واسعة. اما بالنسبة لأغلب العاملين الآن في الساحة، فإن مستواهم الثقافي هزيل جدا. و انا اعتبرهم رسامي هزل و لا يمكن ان يسموا بالكاريكاتور الى منزلة الفن الذي يجمع بين الفكرة و الرسم.

*لكن حتى بالنسبة للأسماء البارزة في الساحة التونسية، ألا ترى انه لا يوج ما يستحق التوقف عنده؟
**الحبيب بوحوال: الجيدون قادرون على الإنتاج المتميز لكنهم يجارون الأحداث و هم بذلك يحاولون ارضاء الإدارة. بعض رسامي الكاريكاتير البارزين في تونس، و عندما نلتقي في ورشتي، يرسمون اشياء تصلح حتى لأكبر الصحف العالمية. لكن عندما يعودون الى صحفهم، تصبح الأفكار مقننة.
الكاريكاتور صورة و كلمة، و هناك من الرسامين من يغير في شخوصه بتغير الموضوع، و البعض مثل ناجي العلي، من يجعل من شخصية واحدة رمزا لأعماله، الى جانب من تقف انت؟
انا اغير في الشخصيات. و المحافظة على شخصية واحدة ليس ملزما. ف"بلونتي"، لا يحتفظ على الشخصية نفسها. الكاريكاتور هي فكرة ثم طريقة صياغة تلك الفكرة.

*ماهي حدود الهزل و الجد في فن الكاريكاتور؟
**الحبيب بوحوال: اللعبة تكمن في هذه المعادلة و في هذا التوازن، ولو يطغى جانب على آخر فسيفشل العمل. و عندما يطغى الهزل يتحول الرسم الكاريكاتور الى مجرد عمل فلكلوري مبتذل، كما انه عندما يطغى الجد يصبح من الأحسن كتابة نص نقدي، و هي ايضا ليست بسخرية هادفة، فالكاريكاتور لا يعلب دور الوعظ و الإرشاد بل انه نمط حياتي و حضاري.

*هناك من يقول ان الكاريكاتور ساعدك في اتقان فن البورتريه، الذي تتميز به، ما هي العلاقة بين الفنين؟

**الحبيب بوحوال: الكاريكاتور ساعدني كثيرا على فن البورتريه لأنه يعلمك التوجه مباشرة الىالنقاط الهامة في الوجه، و الى ادق التفاصيل التي يرتكز عليها الوجه. ففي الكاريكاتور او البورتريه الرسام مطالب بإبراز اهم الأشياء في خطين او ثلاثة.
قاصي سعيد كان يقول لي ان الكاريكاتور فن صعب، اذ عندما تضيف تفاصيل للرسم يمكن ان تفسده و عندما تحذف منه بعض التفاصيل، يمكن ايضا ان تفسده.

*لكن المدرسة الشرقية، لا تعتمد هذه المقاربة، و هي ناجحة ما رأيك؟

**الحبيب بوحوال: المدرسة الأوروبية ترتكز على الفكرة و الرسم. لكن يجب على الرسم ان يكون في خدمة الفكرة. اما الكاريكاتور الشرقي فأنا اعتبره نوعا من السخافة الفكرية، و لا داعي حسب رأي لتضخيم الإمكانيات، حتى يقترب الرسم الكاريكاتوري من الرسم التشكيلي، بل الأجدى هو ان نبحث عن رسم خط او خطين لتبليغ الفكرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف