ثقافات

العرب والمتغيرات الثقافية في ندوة فكرية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
متري يحذر العرب من الصراعات ويدعوهم الى الانعتاق من أسر "الهوية " وفحص يطالبهم بالتحرر من عقدة النقص والدونية مروة كريدية من الشارقة: يُعدّ الهمّ الثقافي أحد أهم المحاور التي تشغل بال المثقفين العرب، وتكاد تكون المادّة الأكثر جدالا في النتاج الفكري، وفيما يشهد العالم بوادر أزمات على كافة الصعد، فإن العالم العربي ماخرج من أزماته كي يدخلها مجددا، وهو مازال يُعاني من فشل مشاريعه الثقافية "العروبية" و" العربية " على حدٍّ سواء، وسط تراجع المشاريع "الانفتاحية" وانتشار النزاعات المسلحة في أكثر من بلدٍ عربي.
هذه المواضيع كانت محور ندوة فكرية افتتحت أولى فعاليات الملتقى الفكري المصاحب لمعرض الشارقة الدولي للكتاب وجاءت بعنوان "العرب والمتغيرات الثقافية"، وقد شهدت مشاركة من واسعة من اللبنانيين والعرب وطرحت سجالا فكريًّا جادًّا، تناولت فيه إشكاليات بالغة التعقيد، وشارك فيها طارق متري وزير الاعلام اللبناني وهاني فحص المفكر الاسلامي.
تأليه المهزوم وأزمة المقدس!
و يُعد فحص من أكثر "السيّاد "الشيعة اعتدالا ووسطية في لبنان، وقد استهل كلمته باعلان تشاؤمه من الأوضاع الثقافية قائلا" انني احاول التقليل من تشاؤمي ولكن ما يحصل لا يسمح بذلك "، داعيًّا العرب الى عدم الخجل من تقليد الغرب معتبرا ان دولا نهضت من خلال التقليد ولا عيب في ذلك، طارحًا الاشكالية الثقافية المنعكسة في استيلاء السياسي على الديني وطالب باستحضار علامات أزمنة مضت من خلال جهد نقدي مكثف للماضي تمهيداً لنقد المستقبل مروراً بالراهن، داعياً الى الشراكة التي تستدعي أن تؤهلنا لاستدعاء الماضي، وأضاف "القوة وحدها ليست معياراً والاستئثار خسارة مضاعفة وإن ثنائية العدو والعميل جائرة وأن الصداقة بما تشترط من شراكة هي الحل"
فحص تساءل: وما العيب في التقليد اذا كانت اليابان لجأت إليه؟ ليعيد السبب الى انها حققت الشرط الاساسي في ثقافتها، اما العرب ففشلوا حيث انهم بعد كل هزيمة يألهون المهزوم ولا يعترفون بهزيمتهم " مضيفا "ويبقى المقدس هو أزمتنا بدلا من تحويله الى مجال حيوي للقاء الآخر فيما اصبحت اشكالية الهوية هي "صيرورة "
وقدخلص فحص الى القول "إذا كان يصح أن يوصف اللاثقافي بالثقافي بما هو مضاد للثقافة، فإني أعتبر أن هذا الوباء المتفاقم من العصبية الطائفية والمذهبية النابذة والقاتلة في فضائنا العربي والإسلامي هي المستجد الأعظم" فحص حمل اوروبا مسؤولية اعادة انتاج الافكار مطالبا اياها " بان تعود الى دورها في إنتاج الافكار، وأن تسهم في اعادة الوعي الاميركي الى نصابه ليتمكن النظام العالمي الحر من تجديد نفسه حفظاً للجميع" العرب مازالوا على هامش التاريخ!
طارق متري الذي عُرف بدوره "الثقافي في لبنان قبل دوره"السياسي " الذي لعب فيه دورا"خارجيًّا "في الامم المتحدة ليصبح وزير اعلام في الحكومة الجديدة، فقد عاد من خلال الندوة الى موقع المثقف الناقد حيث طرح إشكاليات العلاقة بين المثقفين والسلطات! متناولا العلاقة بين الدول المستقلة والأخرى الناشئة محللا مفهوم القوة الذي كان متصلاً بالقدرات العسكرية والاقتصادية" فالقوة الصلبة متصلة بالجانب العسكري والاقتصادي، والقوة الرخوة بالجاذبية التي تشد بلداً الى آخر بفعل نمط العيش وطبيعة النظام السياسي، كنا مشغولين بالقوة الصلبة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكان ما يشغل المثقفين هو البناء من اجل الاستقلال والتقدم.
متري تناول اشكاليات الأقليات والصراعات السياسية طارحًا إشكالية هوية الاقليات وانتمائهم في المحيط العربي الذي شهد نكسة ومنعطفًا بعد هزيمة 1967 محملا العرب جزءا من مسؤولية "الاهمال " قائلا:"لم نكن نعير الاهتمام بالاقليات ومنها الامازيغ والاكراد وغيرهم في عالمنا العربي، وكنا نقلل من خطورة النزاعات بين امتنا والأمم الاخرى، لم تثر مسألة الاستقلال أي جديد، ثم برزت مسألة الهوية التي بدأت تطغى على من نحن وعلاقتنا بالآخر، ثم مسألة رفض الآخر لنا، وصارت السياسة في عصر الهوية اكثر تأثراً بهواجس الهوية وصارت ناظمة لهذه الاسئلة... فلم يعد الحديث عن الامازيغية او عن جنوب السودان مجرد حديث، بدأت المسألة الثقافية تصير مفتاحاً للنزاعات، فعند نشوب بعض الحروب في غير بلادنا مثلاً بلاد البلقان وصفها المراقبون بأنها اعادة انتاج لخلافات قديمة حديثة، فالحروب مدخل لتذكر عداوات الماضي بين الامم" وأشار الى أن العولمة كانت محوراً مهماً وبارزاً، ومع اتساع ظاهرة العولمة انتشرت شبكات المصالح فوق الوطنية، البعد الثقافي للعولمة محكوم بأسباب عدة فقد صار الناس أكثر تشابهاً في ما بينهم ويبحثون عن التميز والتفرد.
وقد اكد متري على ان العرب مطالبون باعادة النظر في التفاعل مع العالم وانهم ينبغي ان يكونوا فاعلين في النظام المالي العالمي وعدم البقاء على هامش التاريخ
متري ردّ مسألة التحرر الى اشكاليتي "التقدم والهوية " معتبرا ان المنافع والمصالح هي التي تحكم السياسة والثقافة معتبرا ان "هذه المقتضيات والهواجس ستبقى مؤثرة وستصبح في السنوات المقبلة اقل تأثيراً، فسيادة الدول الوطنية اليوم منتهكة، او يجب التنازل عنها، ولم تعد الدول متمسكة بها، وإذا أردنا نحن العرب والمسلمين أن نتحرر علينا، ولو نسبياً، التحرر من أسر وهم التقدم، ووهم الهوية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف