ثقافات

كينيث سْلسور: الخروج من خميلة التقاليد الى غابة الحداثة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الومضة الأولى للشعر الأسترالي الحديث
كينيث سْلسور:الخروج من خميلة التقاليد الى غابة الحداثة حسن ناصر: يُعدُّ كينيث سلسور أحد أهم رواد الحداثة في الشعر الأسترالي بل هو أول من انتفض ضد التقاليد الفيكتورية في العقد الثالث من القرن العشرين متتبعا في ذلك الانجاز الأوربي المتمثل برمزيه المؤثرين آنذاك عزرا باوند و تي أس إليوت. ويمكن القول أن خروج سلسور على تلك التقاليد لم يكن ليتعلق بالشكل فقط بل يتعدى ذلك الى مفهوم القصيدة ودور الشعر. يقول آندرو تايلور في كتابه (قراءة الشعر الأسترالي) إن سلسور لم يفتح أفقا جديدا في الشعر الأسترالي من خلال نقله التجربة الأوربية وفضاءها الثقافي بل بكتابته شعرا بخاصية استرالية عميقة حتى صار بامكاننا القول بأن الشعر المكتوب في هذه القارة أصبح مع سلسور شعرا أستراليا.
أهمية انجاز سلسور في الخارطة الشعرية الأسترالية تتأتى من الثراء الصوري والصوتي في قصائده ولأن لغته هي " الأكثر أصالة وتفردا من لغة أي شاعر استرالي آخر" . إنه وعلى خلاف سابقيه مهموم بحركة الأشياء واللامعنى والموت.
بين الحربين العالميتين ولد سلسور شعريا ليفتح الطريق أمام كل من أي دي هوب وجوديث رايت ليكملا الشوط ويأخذا الشعر الأسترالي في طريق مفارق لرومانطيقية السابقين أو لواقعيتهم الكلاسية وليعلنا بعد الحربين ولادة أستراليا جديدة على المستوى الشعري تدين بالكثير لمغامرها الجريء: كينيث سلسور.
1 رحلة الليل مصابيح الغاز تشع على رصيف المحطة الأصفر
الأصوات تعلو وتهبط،
صفائحُ الحليب فضّةٌ مطليَّةٌ بالبرد، أراها نصف نائم
أرفع شرائح الستارة، تتبدد اغماضتي وتنهمر الأصوات؛
الشخير البطئ لمسافرين نائمين،
تثاؤب المحرّك وارتطام قطرات مطر ثقيلة،
أشباح سوداء لمسافرين مريبين تضج بهم المحطة.
لحظة عند النافذة، وجوه مجهولة مشدودة الى حقائب
وصناديق تحمل ملصقات غريبة
الكلٌّ يسرع مرتبكا باتجاه نهاية غامضة،
الى أبعد من ضياء مصابيح الغاز، منجذبا الى مصيره الخاص.
تموت أصداؤهم ويهتزُّ القطار وينتفض
تُقرع الأجراسُ وتبدأ رحلة الليل
قريبا سأنظر عبر النافذة فلا أرى شيئا سوى السواد
والحقول الشاحبة تعصف فيها الريح.
الدمدمة العتيدة وانين السكك
يذوبان في غضب متحجر
أسدل الستارة وأنام.. أنام
لا شيء سوى نهر أشجار رمادي يجري مسرعا في الخارج.
مصابيح رابتاون وصفائح الحليب
أشياء تستعيدها ذاكرتي الآن، ليس إلا.
2
مدفن الساحل الى خليج العرب، هادئة مسكينة
تأتي مواكب رجال البحرية الموتى
في الليل يطوّحون ويجوبون مياه الأعماق
لكن الصباح يطويهم بزبد الموج مابين النحيب و رعيد الرصاص
كان لأحد ما الوقت الكافي
لالتقاطهم من مياه ضحلة وايداعهم في جحر
ثم ليواري بالرمل عريهم كل صليب، ذلك الشاخص المرفوع من خشب معقود،
يحمل آخر علامة تدل على أولئك الرجال
مكتوبة بقدر من الحيرة، من الشفقة الذاهلة
حدَّ أن الكلمات تصبح حشرجة ما أن تبدأ "بحار مجهول" ينقش القلم الشبحي
ويخبو، يسيل البنفسجي
لقد لمَّعت أنفاس موسم المطر شواهدهم
وجعلتها زرقاء كشفاه الغرقى البحارة الموتى ذهبوا بحثا عن البر ذاته
سيّان قاتلوا في صفوف الأعداء
أم في صفوفنا، أو لم يكونوا من الصفين
توحدهم الرمال الآن مجندين على الجبهة الأخرى. 3
تولبينغو نهر تولبينغو، وكحديثنا عن رميم،
عن قبطان أو أمير بحر تنفّس رائحة البارود
في معارك لم يعد هناك من يصدقها
أو يفهمها- كانت لتولبينغو دماء مثلهم أيضا
تجري مع مياه هائلة وصافية
تلتف على الجبال محوِّلة
نتوءات الصخر الى ضفاف
ها هو الآن وادٍ جدب
صخور وثيرة الأصداف
قمع من طين بلون التبغ؛
موقد ينفث غماما من الحجر،
حصى ً، ذباب يكتسي بالدروع،
ومياه تكاثفت الى بثور صخرية. هذا ما ينطبق علينا في هذا المنأى
أحواض لعواطف جفََّت

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف