ثقافات

سر الخطاط.. رواية ألمانية تصور حياة الدمشقيين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صلاح سليمان من ألمانيا: يتفرق ادباء المهجر من العرب في كثير من دول العالم المختلفة،يحملون في داخلهم موروثهم الثقافي العربي الذي يتجلي كثيرا في اعمالهم الادبيةيخال لك وانت تقرأ لهم في الغربة الطويلة الممتدة، كأنك تستعيد ذكرياتك وحياتك وايام الصبا من عالمك الاول الذي عشته وتعرفه، رغم ان الوصف والكتابة بلغة اخري غير اللغة الام، ومع ذلك تعيش في ساعات القراءة معهم حالما متمنيا ان تعود يوميا الي الارض التي فيها ولدت.انها قائمة لاتنتهي من رواد ادب المهجر الذين كتبوا بكل لغات العالم نذكر منهم جبران خليل جبران، دفيد معلوف، الطاهر بن جلون،امين معلوف، سامي ميخائيل، جورج شحادة، كاتب ياسين، مولود معمري، ادريس الشرايبي، محمد خير الدين، محمد ديب، نعيم قطان، حبيب طنكور، البيرت ميمي، رشيد ميموني، رشيد بوجدرة، عبدالحق سرحان، صلح ستيتيه، ناديا تويني، حسين الموزاني وغيرهم الكثير.احد هؤلاء ايضا هو رفيق شامي الاديب الالماني السوري الاصل الذي استطاع ان يصنع لنفسه اسما بين اكثر ادباء المانيا شهرة، وزاع صيته بين القراء الالمان، ولقيت اعماله استحسانا كبيرا، وحال ظهور روايته الاخيرة اسرار الخطاط "Das Geheimins Des kalligraphen" في المكتبات الالمانية- فـإن ايدي القراء تلقفتها باسرع مما كان متوقع، والرواية تقع في 464 صفحة وصدرت عن دار Haser Carl للطبع في المانيا.في احداث الرواية يعود "رفيق شامي" الي موطن رأسه في دمشق ويستحضر تاريخ الخمسينات من خلال ابطال روايته " فحامد الفارسي" ذلك الخطاط الشهير ذو الخلفية الدينة الاسلامية المحافظة يعمل في ورشته التي تقع في احد احياء دمشق العتيقة بصبر وثبات، ولا يستطيع احد ان يثنيه عن تنفيذ فكرة مشروعه الطموح المتمثل في احياء تراث الخط العربي من خلال فكرة تطويره والابداع في استحسانه باشكال فنية رائعة،هكذا تبدأ الرواية في وصف دقيق للحي العريق الذي تقع فيه ورشة الخطاط حامد الفارسي وهو الوصف الذي يطرب له القارئ الالماني بالنظر الي الشغف الكبير الي سبر اغوار ودهاليز تللك الاحياء العتيقة التي مازالت تحافظ علي عبق التاريخ راسخا ومتأصلا فيها.ينتقل رفيق شامي الي التشويق في الرواية عندما يصل السرد فيها الي صباح احد الايام التي بدأت تتكشف فيها اخطر اسرار الخطاط حامد الفارسي ذلك عند بدأ سريان موجة من الهمسات القوية بين ابناء الحي جاءت لتطول الخطاط وزوجته الجميلة نورا،ففي مساء احد الايام كانت احياء دمشق العتيقة تغرق في الظلام الا من انوار خافته تنبعث من المخابز والمطاعم الصغيرة المتناثرة عبر الشارع عندما قررت نورا الجميلة الهرب من زوجها الخطاط الشهير خاصة وانها لم تشعر في يوم بحب تجاهه،،كان حامد الفارسي يعاملها بقسوة ويفرض علبها كل شئ لهذا فكرت في الهروب من هذا الواقع باحثة عن حياة جديدة في حب جديد تمثل لها في نصري الشاب الذي يعتنق المسيحية عندما قررت الهروب معه. وهنا تبدو قمة الاثارة في الرواية التي تبدأ في كشف اشكالية هذا الجانب من واقع يحدث كثيرا في تلك المجتمعات الدينية المحافظة حول علاقات حب وهروب وزواج وطلاق بين مسلمين ومسيحيين، لكن اهمية فكرة الرواية التي كتبت بالالمانية ولم تنقل بعد الي العربية ان من شأنها ان تعطي فكرة للقارئ الالماني حول درامية هذا الحدث الذي ما فتئ يحدث في المجتمعات العربية ومن ثم كيفية معالجته.يطبع رفيق شامي الكثير من رواياته بموروثه الثقافي العربي وتجربته الذاتيه من خلال احداث مر بها،فأختيار مهنة الخطاط بالذات لبطل الرواية لها اكثر من بعد.. فهو نفسه قد تأثر كثيرا بالخط العربي وقد ارسله والده في بواكير الشباب لتعلم فن الخط العربي وكيف كان معلمه متدينا متشددا وهي الصورة التي اقتبسها في رسم صورة بطل روايته، لكن نقادا المان يرون ان اختياره للخطاط يرجع لمحاولتة تسليط الضوء علي ان الرسم والتصوير مرفوض اسلاميا، لذلك كان الابداع في تصوير الخط العربي الذي ارتبط بكتابة القرأن الكريم، غير ان رفيق شامي يرفض هذا الرأي.ينفرد رفيق شامي باسلوب مغاير للكتاب الاخرين فهو يحكي كتاباته بالمانية اتقنها منذ ان حط الرحال به في المانيا في عام 1971 وبالتحديد عندما اتخذ الادب صناعة له في عام 1982 بعد ان هجر الكيمياء التي درسها وحصل علي درجة الدكتوراه فيها وعمل بها لبعض الوقت، وهوبطريقة حكي رواياته هذه يمثل الطريقة العربية في الحكي اي طريقة "الحكواتي " غير انه يري انها الطريقة المثلي لتقييم رواياته ويقول عن ذلك انه علي الاقل يقراء كل يوم ساعتين من الروايات التي يكتبها بصوت عالي ويستطرد حتي وانا اسبح في البحر في اجازتي اقراء وفي كل مرة من القراءة كنت اتعرف علي مواطن الضعف في الرواية التي تستحق التحسين واعادة الصياغة.
حصل رفيق شامي علي العديد من الجوائز الالمانية خاصة وانه يعتبر واحد من اهم الكتاب في المانيا وترجمت روياته الي اكثر من 24 لغة منها العربية، الاسبانية، الصينية، الدانماركية، الفينلنديــة، الإنكليزية، الفرنسية، اليونانيــة، العبرية، الإيطالية، اليابانية، الكورية، الهولاندية، النرويجية، البولونية، السويدية والتركية.
يعتبره كثيرون من النقاد الالمان.. انه يمثل رابط حقيقي في التفاهم بين الشعوب اضافة الي انه اثري الادب الالماني بسحر الشرق الذي يعرف واقعه علي القارئ الغربي بالنظر الي مساحة الخيال الكبيرة فيه ومن ثم دمجه بالواقع الالماني العقلاني لهذ كانت تلك الحصيلة الرائعة من المؤلفات التي ابدعها والتي من اشهرها الجانب المظلم من الحب التي تقع في 900 صفحة، والتقرير السري عن الشاعر الكبير جوته، حكايات من معلولا،و رحلة بين الليل و النهار، حكواتي الليل، جبل الجليد الملتهب، في القلب دمشق. والكثير من الرويات والكتب الاخري اما الاطفال فقد كتب لهم العديد من القصص منها الغراب يقف علي منقاره،هذا ليس ببغاء،حنين السنونو وغيرها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف