ثقافات

كتاب قلمين.. تاريخا مصغرا ساخرا لمصر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كان حلم المثقف المصري تغيير العالم
كتاب قلمين.. تاريخا مصغرا ساخرا لمصر
سلوى اللوباني من القاهرة: كلما قرأت كتابا ينتقد الاوضاع في مصرأتساءل اذا كان هناك داعي للكتابة ونقد الاوضاع؟ هل سيغير من شئ؟ وما فائدة الكتابة؟ أحدث هذه الكتب للكاتب الساخر "بلال فضل" بعنوان "قلمين" عن دار ميريت.. وقد اشتهر فضل من خلال كتابة عموده الاسبوعي بعنوان قلمين في صحيفة الدستور المصرية على مدى عامي 2005-2006،وهو ما جمعه في هذا الكتاب والذي يحتوي فقرات قصيرة ومتوسطة الطول كانت تنشر داخل برواز معين في الصفحة متضمنة تعليقات ساخرة على الاحداث في مصر اسبوعا بعد اسبوع. وكانت بالفعل حديث الشارع حتى انها اصبحت مادة لعدد من رسائل المحمول والبريد الالكتروني...وتتنوع كتابات فضل بين السيناريوهات والمقالات والقصص السينمائية..ومن أهم الافلام التي كتب السيناريو لها فيلم أبو علي وفيلم واحد من الناس، في محطة مصر، وفيلم خارج على القانون... ويطرح فضل ذات السؤال في كتابه فالبرغم من كل النجاحات الباهرة لكتاباته في جريدة الدستور يقول ان سطور هذا الكتاب لم تنجح في تحقيق الهدف الذي كتبت من اجله ألا وهو تغيير أي شئ مهما كان في عصر مبارك..ويبرر حرصه على جمع هذه الفقرات الساخرة في كتاب وهو يعلم انها لم تغير شيئا في الواقع المصري المرير بانه يفعل ذلك متمنيا أن تبقى ولو نسخة واحدة من هذا الكتاب لتقرأها احدى بناته أو أي شخص من جيلهم.. ويدعو الله ان يجعل زمانهم افضل من زماننا وان يدركوا بعد قراءة كتابه كنه الخيبة التي عشنا فيها في زمننا..فهو سيقرأ تاريخا مصغرا ساخرا لما شهدته مصر خلال عامين من أخطر وأهم ما شهدته من أعوام.

كتب تعيد وصف مصر
وأشير هنا الى أن كتاب فضل "قلمين" لا يقل أهمية عن كتاب "شكلها باظت" للكاتب الشاب عمر طاهر وكتاب خالد الخميسي "تاكسي"..اعتبر أن هذه الكتب قد أعادت وصف مصر باسلوب جديد ولغة بسيطة ولكن بفكر عميق..كتب هامة جدا وقد لا أبالغ لو قلت انها أهم من كتاب أكاديمي يعتمد على الارقام والاحصائيات والابحاث.. كتب وصفت مصر وحالها بقلم كتاب من جيل الشباب..كتاب على درجة من الوعي لايصال فكرهم..يعبرون عما يدور حولهم بلغتهم وباسلوبهم..من وجهة نظري هؤلاء الكتاب يدشنون مدرسة خاصة بهم بالكتابة..مدرسة تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار من النقاد الكبار..كتاب قلمين كتاب ساخر.. ينتقد الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي.. يقول بلال فضل بالتاكيد ستضحك وانت تقرأ هذا الكتاب للمرة الاولى لكنني اخشى انك عندما تعيد قراءته يوما ما وبالتحديد بعد سنين من قراءتك الاولى له فانه سيبكيك بكاء مرا. فهو نفسه حدث هذا له فقد كتب سطوره على مدى سنتين وهو يضحك متصورا انه سيميت الناس من الضحك على الفاسدين والظلمة والمزورين والحرامية، لكن فوجئ وهو يقرأ سطور الكتاب ثانية لكي يعدها للنشر بانه يبكي بكاء مريرا.

بيع قلمه أو تأجيره
بدأ فضل كتابه بمقدمة مطولة نوعا ما عن ما اعتدنا قراءته من مقدمات شرح فيها الصعوبات التي واجهته ليثبت نفسه ككاتب صحفي او سيناريو..قبل ان يبدأ بكتابة مقالات او فقرات قلمين في جريدة الدستور نجح في خداع نفسه انه لا خير يرتجى من الكتابة او الانشغال بالهم العام في بلد تعشق ان تصبح في بداية قرن جديد على ما باتت فيه طيلة القرن الماضي. فقد واجه هزائم صحفية وسياسية..تجارب توالت الواحدة تلو الاخرى..لم تدع امامه سوى حلين..ان يبيع قلمه او ان يكسره..حاول ان يبحث عن حل وسط بان يؤجر قلمه لحسابه الشخصي دون بيعه لاحد لكنه فشل..فالمطلوب دائما كان ان يبيع او ينقلع برضاه قبل ان يقلع غصبا عنه!! فحلمه كان ان يكون كاتب سيناريو..بقي لمدة 7 سنوات يجرب ان يحقق هذا الحلم الا ان كل محاولاته كانت تفشل دائما قبل لحظات من اكتمالها..اما عن تحقيق الحلم أي عندما بدأت شهرته في كتابة السيناريوهات يقول " لم يكن تحقيق الحلم الا بداية لحرب شرسة اخرى في عالم خادع البريق.. الغلطة به بفورة.. والكبوة كفيلة بان تقعدك في بيتك للابد، لا تحاول في البداية ان يظهر انك صاحب موقف سياسي او فكري، ضع السم في العسل مخففا قدر استطاعتك حتى لو لم يلحظ وجوده احد. لا تناطح ابدا من هم اكبر منك وانس احلامك القديمة قليلا وحاول ان تنسلخ عن ذاتك عن شوارعك التي تحب، لم لا تغير عتبة بيتك وصمامات قلبك وما تراه عيناك كل صباح.. انس الفقر قليلا وذق طعم الراحة فربما اراد الله لك خيرا ان تستريح". ومن ثم بدأت تجربته "قلمين" مع الصحفي ابراهيم عيسى في الميلاد الاول لجريدة الدستور فكان النجاح وكانت الشهرة وكانت اجمل ايام العمر على حد تعبيره..ثم وجدوا انفسهم جميعا في العراء الحقيقي..عراءا لا زرع فيه ولا دماء..عندما منعت الصحيفة من النشر وتوقفت عن الصدور. ويدين فضل لقلمين كثيرا فهي اعادت خلقه من جديد ككاتب ساخر وكاتب صحفي وكاتب سيناريو ولانها اعادت خلق انسان وهو بلال فضل.


حكومتنا المباركة
في فقراته الساخرة تناول الوضع السياسي باسلوب ساخر جدا منها.. "مصر هذه غريبة..رئيسها مبارك ورئيس حكومتها نظيف ورئيس برلمانها سرور.. ورئيس شوارها الشريف ووزير داخليتها حبيب.. ووزير ماليتها غالي..ورئيس اهرامها نافع.. ورئيس اخبارها سعدة..وبرغم كل ذلك حالها لا يخفى عليك"!! كما يقول.. "تفاخر حكومتنا المباركة العالم كله باهتمامها بذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين ذهنيا، وحق لها ان تفخر، ففي عهدها اصبح اكثر من 99 بالمائة من سكان مصر من ذوي الاحتياجات الخاصة. اما عن الاهتمام بالمعاقين ذهنيا فيكفي ان مصر هي الدولة الوحيدة التي تسمح لهم بالوصول الى مراكز اتخاذ القرار". وفي فقرة أخرى كتب.."اكبر دليل على ان المواطن المصري يعني الكثير لدى الحكومة انه اذا تظاهر تصرف لكل مواطن 100 عسكري و3 ضباط واذا مات بسببها تصرف له ثلاثة الاف جنيه اما اذا نجح في البقاء على قيد الحياة فهي تصرف النظر عنه".! "حتى منتصف الثمانينات كان المثقف المصري يحلم بتغيير العالم.. الان يحلم المثقف المصري بتغيير سيارته"!..."في هذا العهد المبارك اصبحنا نستورد سجاجيد الصلاة وعرايس المولد من الصين، والاعلام من قطر، والمنشدين الدينين من بريطانيا، واللحمة من السودان..وقريبا سنطلب مدرسين للاعارة من ليبيا"...وعن الفساد قال في احدى فقراته.. "سويسرا اجلت طلب مصر اعادة 200 مليون دولار قام بتهريبها الى بنوك سويسرا د. اسامة عبد الوهاب رئيس شركة النصر للمسبوكات..انا لست مع الذين يتهمون الرجل بعدم الكفاءة المهنية ففي رأيي لو تم تعيين عفريت من الجن ليتولى منصب رئيس شركة المسبوكات مش هيعرف يسبك السرقة اكتر من كدة"!

عبد الناصر والسادات
"مات جمال عبد الناصر وهو يدعو شعب مصر لان يلبس مما يصنع، ويعيش حفيده جمال اشرف مروان من خير قناة ميلودي التي تدعو شعب مصر لان يقلع ما يلبس"!! "طبقا لاحصائية رسمية منشورة وصلت قضايا الدعارة لبنات تحت سن 18 الى حوالي 200 قضية في عام 2004..للرئيس السادات ان يهنأ في قبره فقد اصبحنا في غاية الانفتاح". "ماذا تفعل لو وجدت أمامك الة الزمن؟ ارجع بالزمن لما قبل نكسة 67 وأري المشير عامر صورة برلنتي عبد الحميد حاليا لكي يعرف انه لا جمال يدوم فيبتعد عن عشقها ويركز مع الجيش شويتين ويكفينا مرارة الهزيمة وشر ما ترتب عليها".

الدين والتعليم
يقول بلال فضل في احدى فقراته الساخرة من الاوضاع..."على مدار تاريخ مصر كان الازهر قلعة التغيير ورائد الاصلاح، منه تنطلق الثورات وفيه تبدع العقول وينحني امامه عتاولة الحكام، في عهد الشيخ الدكتور العلامة محمد سيد طنطاوي اصبح نفق الازهر اهم من الازهر نفسه".! وفي فقرة اخرى.."جلست اتامل السيد الدكتور زقزوق وزير الاوقاف وهو يزقزق كلمته بين يدي الرئيس في المولد النبوي وتوصلت الى ان الذين يهاجمون د. زقزوق يظلمونه فالرجل سيذكر له التاريخ يوما انه صاحب منهج جديد في الاسلام يمكن ان نطلق عليه اسم منهج الاسلام الدايت وهو اسلام خفيف على معدة الامريكان سهل الهضم للحكام وخافض لكوليسترول الشعوب..وفي ظل هذا المنهج الزقزوقي المطلوب من منابر المساجد الا تنبر، الا تصيح ضد الظلم والاحتلال والفساد..المطلوب منها فقط ان تزقزق".. أما عن التعليم في مصر فقال..."قرأت تصريحا للدكتور حسام بدراوي القيادي بالحزب الوطني يقول فيه ان مصر تحتاج 626 جامعة خلال 10 سنوات..وذلك لكي تصل الى معايير الجودة العالية.. كان الاولى بالدكتور حسام بدراوي وحزبه الوطني ان يطور الجامعات الموجودة فعلا والتي تحولت الى معامل تفريخ الجهل بدلا من ان ياتي اليوم الذي نرى فيه اولادنا وقد اجبرهم مكتب التنسيق على الاختيار بين جامعة صفط اللبن للعلوم والتكنولوجيا او اكاديمية ابو تاتاة للثروة البحرية".

salwalubani@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رائع
يوسف غيشان -

هذا كاتب ساخر رائع ..يدشن جيل الساخرين الجدد في مصر

دائما متميزة يا سلوى
عبدالله - السعودية -

كالعادة يا سلوى... تمتعينا بكل ماهو جديد وغير تقليدي وحتى الآن ومذ عرفت كتاباتك قبل 6 أشهر لا أترك ولا مقال أو تقرير صحفي يحمل توقيعك إلا قرأته حتى آخر السطر..

سلوى المبدعة
نبيل المعجل -

صفحة الثقافة في إيلاف محظوظة بامتلاك بعض الأقلام المبدعة والشيقة. عندما أقرأ للكاتبة سلوى يزداد يقيني بأننا لا نزال بألف خير في زمن الهبوط الثقافي الذي نعيشه وللأسف الشديد. فهنيئا لإيلاف ولنا نحن القراء بقامة صحفية تكاد تندثر

impressive
Basma -

I like what u write , it''s always specail and different, thank you very much.

wafeeq
wafeeq -

فليرى الجميع والمصريين خصوصا ان القلم الحقيقي دائما محترم ومرتقب سواء صاحب الكتاب او صاحبة المقال ولتحيا مصر الى ما شاء الله