مرثية لبغداد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
انها قهوةٌ مرةٌ
وباردةٌ مثل يدٍ في الشتاء
هل شاركتها البكاءَ على مَنْ رحَلْوا
ولم يوَصدَوا خلفهم الابوابَ
هل مسَحَتَّ دمَعَها
هلْ نطَقتْ اسمَهْا
هل تذكرتَها.
بغداد.
حيث السَماءُ غيمةُ ارواحٍ
والاجسادُ مسافةٌ بين عبوتين
ونهرُها الذي كان يروي حكايةً عن مدينةِ العشقِ والبساتينِ
طفتْ على سطحهِ الاشلاءُ
والحانوتيُ يسجلُ ارقاماً ويحُصي
تسعة وتسعون قضوا في ظروفٍ غامضةٍ
ووروا الثرى في احتفالٍ مهيبٍ بكربلاء
ويعيد الكرةَ مرةً ومرتين والف في بغدادَ
الشوارعُ بلا نساءٍ
والمقاهي بلا مدمنيها
والسفنُ التي حطتْ سرقتْ مني رياحي
في بغدادَ، الظلامٌ ينسدلُ سريعاً
كستارةٍ تجرُها ارملةٌ
اطفأتْ سراجَهَا
لتركنَ المدينةُ في هدوءٍ يلفُهُ سوادٌ شيَعَّها مساءً
ففي بغداد.
السوادُ كلُ الالوانِ حينَ ترتبكُ وترتجفُ وتخافُ
.
**** في بغدادَ
كان الخليفةُ قد بنى بيوتاً لله اكثرَ من بيوتِ الفقراءِ
واعطى جواريه قصوراً عند ابواب المدينة
ووهب غلمانه ذهباً
فاصبحوا تجارها
والفقراء ظلوا يستفيئون بجدرانِهم الطينِ
ويخَيطوُن رداءهم من غيمةِ السماءِ
لا قلاعَ في بغدادَ الا للخليفة
ولا ثمةَ بساتين الا له
و لا انهرَ تجري الا بامره. **** هل تذكرتها..
خيمةٌ كنا نقولُ بلا اوتادٍ.
لكن ارضها دمٌ اكثرُ لزوجةً من إسفلْتِها.
هل تذكرتها أمْ حَسْبتَّ أنَّ الزمانَ ألقى على وجهها خماراً اسودَ
وظننتَّ أنها غَيرُها.
هي تلكَ
حين تتكئُ على جدرانها يَعْلقُ الشعرُ بكفِكَ
يُزهرُ ظُلْكَ في أزقتِها لو مشيتَّ
ام تخيلتَّ
انها يوماً جالسةٌ في ظلِ جدارٍ وحيدةً لمْ توصدْ نوافذها حين مرتْ العاصفةْ.
تنتظرُ القطافَ
أم تخافْ
أن تتهجى أبجديتها
او تغسلَّ وجهَهَا
وقد ثنى النهر ركبته في خاصرِتها بانتظارِكَ **** في بغدادَ
بينما تغزلُ الأمُ صُوفَها سجادةً لصلاتِك
ينمو كلُ تمرِ الأرض في جسدٍ
متكئٍ على عمودٍ بشارعِ الرشيدِ بانتظارِ حافلةٍ من طابقين
طلّتْ صبيةٌ برأسِها من نافذتها الاخيرةِ
صوبَ معهدِ الموسيقى
تسمع صوتَ الموجةِ وهي تضربُ اعمدةَ جسر الشهداءِ **** هل تذكرتها؟، منذُ أربعٍ ونحنُ نسيرُ معاً إليها
بعيدين لكنَّ خُطاي تحاذي خُطاكَ وهي تجانبنا
ولا نتقاطعُ
سوى بالرماد الذي اعتلى مرافقنا
كذبنا عليها مراراً
وكأن الزمان مطرٌ على جمرتنا
وحديثنا دفٌ الشتاء
وصَمتنا ناي لمسائنا
هل تذكرتها
لم يك غيرها حين ارتبكت انوي مصافحتك *************
هل تذكرَتها
لم يعدْ ثمةَ وردٌ في طريقِها ولا نخيلُ
لأن من ذهبوا نسّونا
ومن أتوا نسونا
في كثافة الاشياء التي فاضت فراغاً طويلا هل تذكرتها..؟
كانت بلاداً للخصوبة ِ
تمرق البرتقالة من شرقها صوب نهرها دارّاً من الشمال
وصلُصُالها صارَ القصيدةَ التي لمْ أكتبْهُا بعدُ
وأنا أفتشُ ما وراء المدى عنها
وما وجدت اليها سبيلا *************
في بغدادَ، النساءُ ينتظرنَّ منك ما تنتظرُهُ أمُكَ، أن تعود سالماً، وتُحكمَ قُفْلَ البابِ خلفك وأن تُجيدَ لعبة التحديق في الظلامِ..
أغمض عينيك في دجاها ترَ سقفاً ابيضَ وبضعَ قطراتٍ من الندى وخيلاً تخبُ وتجرُ خلفها عرباتِ صبيةٍ من الرصافة يعبرون جسر الاحرار بحثاً عن العلبِ الفارغةِ في الكرخِ.
هل غفوتَّ؟.
إن الاحلامَ صارت جزءٌ من الماضي بعد أن تلاشى حلمُ المدينةِ في يدينا.
وجاءت الكلاب خلف الكلاب التي تركت النهرَ والمقبرة.
هل غفوتَّ أمْ مازلتَّ تجيد لعبة التحديق في الظلامِ
كل شيء مباحٌ لخيالِكَ
إلا خلاصك.
أغمض عينيك بوسعهما وأركض في المدينة وكأن شيئاً لم يُصْبها
لا جدار من الكونكريت يضيق المدى عليك
ولا عربات الهمفي تسحقُ خطوك
ولا دوي الان الا النبض في صدرك
ولا سيارة مفخخة تفززك من نومك الآني
هل تذكرتها؟
كتبَ الزمان لعزلتها دهورا طويلة؟
أم كلانا غريبٌ في هذا المكان؟
وكتبَ الزمانُ أن نتنفسَ ظلامها
منكفئين على اسوارها كلما تهدمتْ.
kunairaq@hotmail.com
malghezy@hotmail.com
التعليقات
ضمير
محمود المفرجي -لغة ليست ككل اللغات ، وكلمات ليست كل الكلمات ، هي كلمات الشعر ، التي برع صاحبها ، وعزفت انامله ، لترقص مشاعرنا على نغمات معزوفته التي لامست الضمير واخترقت اسماعه ، ولكن هل من مجيب.قد يبرع الكتاب البارعين واساطين القلم والسياسية في تزييف الواقع باكاذيبهم وصلافتهم عبر عباراتهم التائهة في جغرافية الكلمة ، وبهذا لم ولن يصيبوا الواقع ، ولا يصفوا الحقيقة، لماذا؟ لانهم لا يتكلموا بلغة الضمير ، فلا لغة تلامسه الا الشعر الشفاف السهل الممتنع ... فتحية لك ايها الزميل العزيز /الغزي/ ، وشكرا لهذه الرحلة التي انغمست في عالمها وتهت في احداثها ، وارجعتني الى حيث بغداد الحب والجمال والثقافة ، قبل ان تعصف بي قنابل قاتليها ومفخخات الانذال لتضعني وسط حقيقيتي كسجين بين الجدران الكونكريتية.
دجتل بغداد
غريب الدار -لله درك يا غزي كيف احكت لنا سجادة جميلة فيها كل بغداد بهذه الروعةوالتركيز والترميز، لقد شاهدت فيلما سينمائيا وخبرا عاجلا جمع فاوعى، وبين المسافة الفاصلة بين روحي وابتسامتك التي ما غادرتك حتى ونحن نسمع ((قال الجيش الامريكي ان مطار بغدادالدولي وقع تحت سيطرته وان دباباته تزحف نحو قلب العاصمة)قلب العاصمة الذي رغم ذلك الزحف مازال نابضا ليضخ غزي وربما غزيين كثر انها قصيدة تؤرخ لجرح يبحث عمن يداويه..نيوز بار على قناة الجزيرة الان يقول:العثور على تسع جثث مجهولة الهوية فيما تؤكد العربية انها ثماني جثث اه يابغداد عندما تتحولين الى عملية قلب مفتوح تحت مباضع اطباء فاشلين وتغطية اعلامية فاضحة
؟
علاء الهويجل -لم اك مستغربا فقصائدك (تورق) كلما كان الامر يستدعي قليلا من الامل قليلا فقط
لاتعليق
عمر المشهداني -لافض فوك ايها الغزي فقصائدك لاطالما كانت كالسجاد الاصفهاني دقيق الصنعة جميل الزخرف يشتد قوة وصلابة كلما عصفت به الازمان ..... ايها الغزي احسنت الوصف فكلماتك التي نظمتها في هذه القصيدة جعلتني اخوض في خضم ماتعانيه بغداد الحزينة.... تمنياتي لك بالتواصل في الكتابة واطرابنا بنغمات نفسك الصافي
عرفتك من صبرك
نبيل فاخر دهش -لا طالما ابكتني حبيبتك وهي تتلحف جراحات السنون وتخرج انت تصرخ بكلماتك التي ابت ان تنام تحت رماد ثيابهاالممزقة بئس من مزقها وبئس من اثخنها بالجراح ولكنك يانديمي صغت بحروفك ترنيمة بغداد ورممت بجملك ما عجز عنه مراهقي السياسة الجدد وتبقى هي بغداد
ابداع
وديان الملاح -يا غزي كلما نحاول أن ننسى جراحنا تأتي كلماتك المنتقاة لتعيد ما حاولنا نسيانه لكني اقول لك ايها المبدع لقد ابدعت فعلا بهذه الكلمات لكن راع مشاعر من لا يقدر على تحمل هذا الوصف الجميل....مرة اخرى لقد ابدعت في الوصف ايها الغزي....تحياتي لك متمنيتا لك دوام الموفقية...
عرفتك من صبرك
نبيل فاخر دهش -لا طالما ابكتني حبيبتك وهي تتلحف جراحات السنون وتخرج انت تصرخ بكلماتك التي ابت ان تنام تحت رماد ثيابهاالممزقة بئس من مزقها وبئس من اثخنها بالجراح ولكنك يانديمي صغت بحروفك ترنيمة بغداد ورممت بجملك ما عجز عنه مراهقي السياسة الجدد وتبقى هي بغداد
انت كما عرفتك
يوسف الداغستاني -كما عرفتك ... رقيق الكلمات دقيق المعاني ..ناصع التعبير .. ايها الغزي بهذه الكلمات قد لا اضيف شيئا عن التعليقات الا اني اود ان اقول فقط... ممضي يا تلاً من احزان بغداد
رسلة الى ابن بغداد
جبار المشهداني -لبغداد ابناء كثر غير انك كنت اكثرنا احساسا بوجع امنا بغداد فالقادمون من جنوب الحزن واهوار الدمع علمونا كيف يكتب تاريخ المدن وعلمناهم كيف يموتون
بغداد
علاءحسن -بغداد لكل الشعراء ومنها ومنهم تعلمنا كيف نحب
صدبق
ضياء المياحي -عاشت ايدك ياغزي على هذة القصيدة الجميلة والغزية بالمعاني
ألم في قلم كاتب
داود شماس -بغداد:(ب) باب الحضارة(غ)غدٌ مشرق(د)دليل العرب(أ)الأمل(د)ديارنا انامل الغزي من ذهب، كتبت لبغداد وتكتب...فإقرأو
بغداد
باسم الحجار -ليس لنا في نومنا الشتائي الطويل غير ذكرى طويلة الامد .... ليس لنا في بغداد غير ذكرى طويلة الامدشكرا محمد ... بعض ذكرى مني ومنك باسم حجارالسويد
أوطاني
rahaf -وصل الغبار ألاسود من بيروتتي وغزة وبغداد إلى عينيي الصغيرتين في أوروبا الباردة ......سقطت دموعي على حجارة السويد.لكن ،سنرجع يوما .......