ديك الجن يرثي ورد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هو عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب، أبو محمد، الكلبي، أصله من (سلمية) قرب حماة، ومولده ووفاته بحمص، في سورية، ولد عام (161 هجرية / 777 ميلادية) وتوفي عن (75) عاما في عام (235 هجرية / 849 ميلادية) قيل انه لم يفارق بلاد الشام ولم ينتفع بشعره، اما كنيته (ديك الجن) فهناك رأيان فيها، الاول: لان عينيه كانتا خضراوين، والثاني: لكثرة تنقله بين بساتين الشام، او ربما لقوله:
(وَخَوْضُ ليلٍ تخافُ الجِنُّ لُجَّتَهُ
ويَنْطوي جيشُها عن جيشه اللَّجِبِ
( ما الشَنْفَرَى وسُلَيْكٌ في مُغَيَّبَةٍ
إلا رَضِيـعا لَبـانٍ في حِمىً أَشِبِ)
وقال ابن شهراشوب في كتابه (شعراء أهل البيت): افتتن بشعره الناس في العراق وهو في الشام حتى أنه أعطى أبا تمام قطعة من شعره، فقال له: يا فتى اكتسب بهذا، واستعن به على قولك منفعة في العلم والمعاش، فيما ذكره ابن خلكان في اخباره قائلا عنه: أن أبا نواس قصده لما مر بالشام وعاتبه على تخوفه من مقارعة فحول الشعراء وقال له: اخرج فلقد فتنت أهل العراق.
عن ديك الجن قيل الكثير ووصف بالمجون وقد(انكب على اللذات انكباباً مطلقاً فأدمن معاقرة الخمر ومطاردة الفتيات والنساء والغلمان، جرياً وراء اللذة المادية الجسدية، ولم يعرف الحب الإنساني الذي ينهض على أساس من العواطف النبيلة والمشاعر الرقيقة)، لكن وسط هذا العالم المادي الذي عاش فيه وجد نفسه تهتز امام مرأى فتاة، كانت الفتاة النصرانية (ورد) قد فتنته وجعلته في لحظة ينفض عنه كل ماكان عليه، ملأ الحب الذي لم يعرفه.. قلبه، وتعالى في نفسه، وهو القائل فيها: لا ومكانِ الصَّليبِ في النَّحْرِ مِنْكِ
ومجْرى الزُّنارِ في الخَصْرِ
والخالِ في الخَدِّ إذْ أشَبِّهُهُ
وردة َ مسكٍ على ثرى تبرِ
وحاجِبٍ مَدَّ خَطَّهُ قلَمُ
الحُسْنِ بِحِبْرِ البهاءِ لا الحِبْرِ
وأُقحوانٍ بفيكِ مُنتَظِمٍ
على سبيهِ الغديرِ من خمرِ
ما أَصْبَرَ الشَّوق بي فأصْبرُنا
من حسُنتْ فيه قلَّة ُ الصَّبرِ ونشأ الحب فيما بينهما وكبر وازداد اتساعا، وراح لهيبه يحرق الهوامش في حياته والشوائب التي افرزتها تقلباته وترهاته، صارت علاقة الحب تجيش بالعاطفة الخالصة، حتى ان (ورد) اسلمت على يديه وتزوجها، وعاش (ديك الجن) حياته معه سعيدا الى ان جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي انتزع الحب من قلبه، ودفع بدلا عنه غيرة عمياء مستعرة انتهت بالمأساة التي ما زال صراخها يملأ اكوان العشاق والشعراء واثار الدماء تلطخ رؤوس القوافي، وقد احترقت يداه بسحر الانتقام.
تقول الحكاية: ان ابن عم لـ (ديك الجن) يسمى (ابو الطيب) دبر مكيدة على إثرِ صدِّ (ورد) له بعد العديد من المراودات والعروض التي قدمها لها لينال من نفسها، بعد ان قام ديك الجن برحلة بعيداً عن حمص طلباً للمالِ كي يردَّ بعض ديونه المستحقة,وعندما لاحَ خبر عودته قام ابن عمه أبو الطيبِ بالإيقاع بينه وبين زوجته فقام بإعلامها أن ديك الجن قد قتل على الطريق فسيطر عليها الحزن والكمد وملأها الهم والحسرة، وفي ذات الوقت قام (أبو الطيب) بإعلامِ صديقِ لـ(ديك الجنِّ) اسمه (بكر) وأعلمه بذات الخبر وطلب منه الذهاب إلى بيت صديقه كي يهدِّئَ من روع زوجته (ورد)، وذهب (بكر) إلى بيت صديقه وشارك ورداً في همها وكمدها وحزنها على زوجها (الراحل) ,وشرع بمواساتها وتهدئتها،ومع وصول ديك الجنِّ (سالماً) إلى حمصَ، أسرع إليه ابن عمه أبو الطيب وأخبره بوجود صديقه في بيت زوجته أثناء غيابه وأنه كان يتردد إليها باستمرار،فاستبد الغضب بديك الجن ومضى هائجا إلى بيته,وعندما تحقق من صحة مارواه أبو الطيب شهر سلاحه وقتل زوجته وصديقه بسيفه)، ثم راح يرتجل اشهر قصائده البكائية:
يا طَلْعَة ً طَلَعَ الحِمامُ عليها
وجنى لها ثَمَرَ الرَّدى بيدَيها
رويُت من دمِها الثَّرى ولطالماُ
رَوَّى الهوى شَفَتيَّ من شَفَتيْها
قد باتَ سيفي في مجالِ وشاحِهاُ
ومدامعي تَجْري على خَدَّيْها
فوحقِّ نعليها وما وطيء الحصى ُ
شيءٌ أعزُّ عليَّ من نعليها
ماكانَ قتليها لأنّي لم أكنُْ
أَبْكِي إذا سَقَطَ الغُبارُ عليها
لكن ضَنَنْتُ على العُيُونِ بِحُسْنها
وأَنِفْتُ من نَظَرِ الحَسودِ إلَيها
وبعد حين.. وبعد ان تكشفت له الحقيقة، شعر بالندم الكبير، ذلك الندم الذي يمزق اوصال القلب ويحرق اشلاء الروح، فلم يجد غير الدمع والبكاء والوجع والندم ندمانا له، يعبر عنهم بالشعر رثاء ساخنا على زوجته الحبيبة التي اقترفت يداه بحقها تلك الجريمة المذهلة وعلى صديقه الصدوق بعد ان ارسل في طلبه ابن عمه (ابو الطيب) وهو يحتضر ليبلغه بحقيقة المكيدة التي صاغها، فكان ألمه اكبر من كل التصورات فراح يرثيها ويقلب مواجعه على نيران التذكر التي وقودها الندم، يذكرها ويسكب الدمع والوجع مدرارا. تلك القصيدة رسم فيها متناقضات ما هو عليه من حب عظيم لها ومن صور الحادثة الاليمة، وكثف فيها انثيالاته النفسية، حيث يصف حالته حين عاد من السفر، حيث ان رؤيته لزوجته الحبيبة طلع الموت واثبا عليها وهي تستقبله بذراعين مفتوحتين، لكن هاتين اليدين لم تقطفا غير ثمر الموت وتكتص رحيقه القاتل، وبعد ان نشعر بمديات عذابه، نراه يستصرخ بالعزف على اوتار الكلمات، يضع انثيالاته ومفارقاته على سيماء ابياته، فيرسم وصفه بألون محنته، فيعترف انه (روى) الارض من دمها، ويستدرك مع كلمة (روى) حيث الهوى روى شفتيه من شفتيها، واي فارق بين الاثنين، بين الحالتين، وتتصاعد في نفسه المشاعر لتبلغ ذروتها عنده حين يقسم بـ (نعليها)، ولم تكن هذه القصيدة الا واحدة من اخريات، يمرد قلبه ليضعه حروفا ملطخة بدماء المأساة ويظل يبكي موجوعا وغارقا في همومه التي تتراكم ويتلو قصائده الحزينة ويترجم فيها حاله ومعاناته بعد الفقد وصولا الى ما يقوله الاخرون من عتاب ولوم وتوبيخ له على فعلته ولا يجد بدا من الرد بما تفرزه نفسه من لواعج تنتهي بالبكاء كما يتضح من صور النهاية البائسة التي تؤكد انه شرب اليأس كله، ومن ثم وصل به الوهن الى اخريات ايام حياته المليئة بالاحزان والهموم التي تتقاطر ندما.
ومن الطريف ان الشاعر نزار قباني كتب قصيدة حملت عنوان (ديك الجن) باسلوبه المعاصرشرح فيها المأساة وعبر عنها بشكل جميل، بدأها بقول:
إني قتلتك واسترحت
يا ارخص امرأة عرفت وانهاها بقول: حسناء.. لم أقتلك أنت
وإنما.. نفسي قتلت ومن قصائد ديك الجن في ورد: أساكنَ حفرة ٍ وقرارِ لحدِ
مفارِقَ خُلَّة ٍ من بَعْدِ عَهْدِ
أجبني إنْ قدرتَ على جوابي
بحَقِّ الودِّ كَيْفَ ظَلَلتَ بَعْدِي؟
وأينَ حللتَ بعدَ حلولِ قلبي
وأحشائي وأضلاعي وكبدي؟
أما واللهِ لو عاينتَ وجدي
إذا اسْتَعْبَرْتُ في الظَّلْماءِ وَحْدي
وَجَدَّ تَنَفُّسِي وعَلا زَفيري
وفاضَتْ عَبْرَتي في صَحْنِ خَدِّي
إذنْ لعلمتَ أنِّي عن قريبٍ
ستحفرُ حفرتي ويشقُّ لحدي
ويعذلُني السفيهُ على بُكائي
كأنِّي مبتلى ً بالحزنِ وحدي
يقول: قتلتها سفَها وجهلاً
وتبْكيها بكاءً ليس يُجْدي
كصَّيادِ الطُّيورِ له انتحابٌ
عليها وهو يذبحُها بحدِّ و هذه القصيدة:
ليتني لم أكن لعطفك نلتُ
وإلى ذَلك الوِصالِ وَصَلْتُ
فالَّذِي مِنِّيَ کشْتَمَلْتِ عَليه
ألعارٍ ما قد عليهِ اشتملتُ
قال ذو الجهْلِ قد حَلُمْتَ ولا
أَعْلَمُ أَنِّي حَلُمتُ حَتَّى جَهِلْتُ
لائمٌ لي بِجَهْلِهِ ولماذا
أَنا وَحْدِي أَحْبَبْتُ ثُمَّ قَتَلْتُ
سَوْفَ آسى طولَ الحَياة ِ وَأَبْكِيـ
ـكِ على ما فَعَلْتِ لا ما فَعَلْتُ
التعليقات
الملوحي يرثي زوجته 1
علي -الشاعر السوري الحمصي عبد المعين الملوحي (1917-2006)يرثي زوجته(بهيرة) مطلع خمسينات القرن الماضي: فـرغ الإلـه وجنــده مـن قـتـل زوجـتيَ الـصـغيرةْ وتجمعوا يتضاحكون وقد ترامتْ في حفيرةْ هـذا يقـولُ: تركتهـا في الـقبر هامـدةً وحيدةْ ويقـول أخرُ: قـد لمستُ الـترب أبعـثُ فيه دودا ويـقـول ثالـثهم: ومـاذا تبـتـغـي الـديـدان مـنهــا أنا قد أذبتُ عظامها وسلختُ حتى الجلد عنها وأجابَ رابعهم، وكان اليوم نشوانَ انتصارِ ما أطيب الألحان ترسلها عروسٌ في احتضارِ ويقول خامسهم: وحــزّ الـمـأتمُ الــدامي فـؤادهْ هذي السعادةُ.. ليس ترضيني سوى هذي السعادةْ ويقول سادسهم: وما أحلى أغـاريـد اليتـامى مـا لـذنـي إلا سـمـاع عـويـــل طـفـلـتـهـا خـزامـى وأحبُّ منـظرَ زوجهـا تنساب أدمـعـه الغزيرة إذْ راح يلــثمــهـا، وصـــاح مــع الســـــــلامة يابهيرةْ *** ** ** *** سجد الملائكُ خشّعا، والله يرمقهم بعــيدالو شاء صّيرهم دمى، أو شاء صيرهم قرودا ورآهمُ إبليس عن كثب، فأتبعهم بنظــرةْ وعلى ذرى شفتيه ماتت بــسمةٌ صفراء مـرةْ *** ** ** *** كم ثائرٌ للكبرياءِ، بكتْ عليه الكبرياءُالنقمةُ الحمراءُ تحرقهُ وتلعنهُ الســــــماءُورمى الإله إلى ســــواد الأرض نظرته الرهيبةْ فإذا حبيبٌ ســاهرٌ يرعى مريضته الحبيـــــبةْ نادته والأوجاعُ تعصرها حنانك يا حبــــيبي نادته تحســــب في اســـــمهِ الميمون أدويةَ الطبيبِ سـمع الإله فغاظــــهُ في نوبـــــة الحمى نداها نقـمَ الحليم، وقال: قد كفرتْ فأغضبت الإلهَما بالها تــدعو الكريـــمَ، وما لها تــدعو فتــاهــا هــيا انزعوها من يديــه، أو انزعوهُ من يديهــا أنا لا أطيــــق معــانيَ الإخـلاص تمــــلئ مقــلتيهـــا *** ** ** *** سجد الملائكُ ثم راحوا يركــبون الليل خيلا يا رُبَ جــــرمٍ ظنهُ الإصبــاحُ بعد الفــجر ليـلا أبهــــــــــــــيرتي هذا إله الغاب في الزمن القديمِ لا يرتضي لقبا ســـوى الرحمن أو لقب الرحيمِ أبهـــــــــــــيرتي خرف الإله ومات من زمن بعيدِ فعلامَ تعبده البهــائمُ بالركوع وبالـــســــــجود..؟ *** ** ** *** لو ذاق ربـــك لوعةَ الســــــرطانِ في نـوبــاتــهِلو ذاق حــــرقتهُ، وقــد أعيا عــلاج أســــاتهِ لو كان مســلولا يمج دماءه عند الســعالِ ويـــرى على منديلهِ رئتيه تنثر كالرمـــــالِ لو كان مسلولا
الملوحي يرثي زوجته 2
علي -ويتابع الشاعر الملوحي: أبهــــــــــيرتي لا تزعمي أنْ قد عرفتِ الحق بعدي أنا صنته وبذلت في تعليمه للنــــاس جهدي أبهـــــــــيرتي ما الحق تحت الأرض أو بعد الممات الحقُ فوق الأرض، في الإنســـانِ، في هذي الحياة مافي القبور سوى التراب، سوى الظلام، سوى الصخور والبعث بعد الموت كان ولا يزال من الغرور لا ترتجي فرح النعيـــــــــم وتختشي هول الجحيم هذا وذلك أصبحا ذكــــــرى من الماضي الأليم لا تطلـبي إيمــان قلــبي إنــــه ولىَّ وراح قتلته كارثتي وكان مكابدا أمــس الجراح لا تزعـمي أن المـمــات سـبيل عــدل الله فيـنــا لن أرتضـي غـير الحـيـاة وغـير ديـن العقـل دينا *** ** ** *** أبهــــيرتي: العدلُ أن نبني الوجود كما نشاءُ كم يائسٍ نادى الســماء فهل أجابته الســماءُ إن كنتُ أخطأت الصـوابَ ــ وما أظـن ــ فــأخـبريني ماذا لقيتِ لدى الــــترابِ ؟ وما حـقـيقــة كل دينِ ؟قد كنتِ صادقةَ الحديث صريحةً بين الصحابِ ولقد ســــألــتـك فاصدقيني يا بهــــــــيرةُ في الجوابِ ما لي أراك ســـــــــكّتِ عن رد الجواب ولم تجيبِ قد كان معنى الصمت أمس نعم ــ فهمتك يا حبيبي الصــمت أبلغ منطق يهدي النـفـوس إلى الـحقيقةْ هل ضجة الأمواج تسمع أنفسا ماتت غريقةْ لو كان بعد المـوت بعثٌ للجسوم و للنـفـوسِلو كان.... مزقتُ الحياة على ضريحك يا عروسي لكنني أحــيــا على طلل الـــهــوى والذكرياتِ وأعيش أعصر خمرة الأوهام من ســــم المماتِ وأعيش كي تجد ابنتي كالـنــاس فيَّ أبا وأما نامي إذن يا أم ابنتي واستغرقي في القبر نوما *** ** ** *** أبهيرتي لا لست لي، بل أنت خائنة أثيمةْ حملتني عبء الهوى وتركــت طفلتنا يتيمةْ ما الداء ؟ لو لم ترتمي للداء خاضعة إليهِ لمَ لمْ تهبّي حين حل الداءُ واثبة عليه ؟ما الموت ؟ ليس الموت عذرا للخيانة في الخؤونِ لمَ لمْ تثوري للحياة وتقطعي كـف المنونِ سنة قضيتُ على فراشك ساهرا برا شفيقا حين ارتميتِ ولــــم ترِ أمــــــا، ولم تجـــدِ شـــــقيقا أســــــقيك من قلبي دما ، وجعلت دمعك لي شرابا وأرى عذابي في رعايتك الســــــعادةَ لا العذابا كانوا وكنتِ مريضة يتنافسون على ودادي واليوم باعوا ثوب عرسك يا بهـيرة في المزادِ كانوا وكنتِ مريضة يرجونني بهوى خزامى واليوم أضحت ابنتي نهـبا كأموال الــيـتـامى ســــــنة قضيت أريق وجهي للــصـــديق وللمرابي
الملوحي يرثي زوجته 3
علي -يتابع أيضا الشاعر الملوحي في رثاء زوجته بهيرة يا صرخة الســـــرطان تسمعها الجبال ولا تميدُ لو أنها دهــــت الحديد لذابَ كالشـــــمع الحديدُ كم غفوتِ على يد المورفين بين يدي ســـــــاعةْ وأراك نائمة فأخنق في فمي صوت المجاعةْ قد حال عرش الحب منذ الليلة العذراءنعشــــا واليوم قد أكل التراب عليه نعشا ثم عرشـــــا *** ** ** *** أبهيرتي ذات الشعور الحمر قد طلع الصبـاحُ والديك صاح فكيف لم يوقظك يا (بهـــــرُ) الصباحُ ما بال عينك لا تفيق عروسة ترعى الحبيبا ما بال ثغرك لا يرن بقبلة ترعى القلوبا قومي بنا نرتعْ فقد طال رقادك في السرير قولي، ألا يؤذيك لمس الترب لا مسّ الحرير ما زلت ألثم ثغرك الوضاء في الرسم الصغير قبل الأماسي والكرى لم تنسني قبل البكور قولي، أما يفتر ثغرك في ظلام القبر فجرافتنير بسمتهُ الضريحَ، وتملأ الديدان ذعرا همّ أريد له البقاء ولا بقاء لكي أعيشهْ أنعيهِ في قلبي فيصبحُ في مهب الريح ريشةْ لكنها الأحزان تثقله فيهوى للحضيضِ ألوان حمى ساخرات بالطبيب وبالمريضِ أحبيبتي، لا تطلبي مني الوفاء ولا الأمانةْ أصبحت شيئا ليس يدري ما الوفاء ولا الخيانةْ الروض والأطيار والأنهار قد علمتْ هـوانـا ومضتْ كما كانت تفيض من الحنان على سوانا والشمس ما زالت تغيب كما تغيب وتشرقُ والغصن يزهو حيث يلثمه الربيع ويورقُ والغرفة الزرقاء في أفياء ( إهدن ) لا تبـــالي ساءلتها عنا وعن أســرار هاتيك الليالي فوجدتها خرساء مدتْ في غباء ساعديها كالمومس العمياء من تسمع تخلْهُ رنا إليها مرآتها لمعت تريد لوجـهـهـا وجهــــا جديدا وسريرها متوثبٌ مترقبٌ عرســــا سعيدا فتركتها أسعى وحيدا نحو أرزتنا الوحيدةْ فوجدتها لم ترعَ مفجوعاً ولم تندبْ فقـيدةْ أغصانها امتدتْ بغيظٍ لتطردني و حزني وحفيفها غضبان يصرخ يا شقي إليك عني لولا السعادة لم أعش دهرا يحاربه الزمانُ أنا للهناء خلقت لم أخلقْ ليقتلني الهوانُ فمضيت لا حجرَ ولا شجرَ ولا بشرَ أراهُ وشربت وحدي لوعتي، و دفنت في قلبي أساهُ مشتْ الحياة على الممات فلا يلمْها من يموتُ للميتِ قبرٌ باردٌ الجنباتِِ يرهبه الســكوت وهناك قام على الصخور الصم زوجك كالصخور أقوى من الدنيا وأسمى من تصاريف الدهور جبل من الفولاذ تلطمه البحار ولا تملُّ لا الطود منهوك ولا الأمواج من عبث تكلُّ *** ** ** *** أحبيبتي لا البوم ناح ولا ه