فاروق محمد: مازالت في دواخلنا خطوط حمر
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مازالت في دواخلنا خطوط حمر لا يمكن تجاوزها عبد الجبار العتابي من بغداد: فاروق محمد.. كاتب عراقي معروف، على صعيد المسرح والدراما التلفزيونية، اشتهر بأعماله التي تركت اثرا واضحا على المشهد الثقافي العراقي ونالت استحسان المشاهدين والنقاد، وهو واحد من فئة قليلة نجحت في ان تواكب وتغني الحركة الفنية في العراق سواء على صعيد التلفزيون او المسرح..، وان كان في لغلب اوقاته قريبا من التلفزيون الا انه الان بعيدا عنه لاسباب تتعلق بالوضع الفني العراقي العام الذي لا يريد سوى ان يقدم مسلسلات بثلاثين حلقة تعرض في شهر رمضان فقط، نهما تكن النوعية، مع فاروق محمد كان لنا حوار موسع تعرفنا من خلاله على افكاره وارائه.* بعد انقطاع طويل تعود مجددا الى عالم المسرح، ماهي طبيعة عودتك؟
- عودتي تأتي من خلال عملين الاول: الشاهد، وهي مونو دراما كتبتها عام 1989، وكان من المفروض ان يخرجها الدكتور عوني كرومي، ولكن الظروف لم تسنح بسبب حساسية الموضوع، لان الشاهد هو شاهد على زمن يسود فيه الطاعون ويقتل كل الناس ويبقى الشاهد ملكا على الجثث فرحا بهذه المملكة التي لا يعارضه فيها احد، وهي الجثث الهامدة، ويتصور ان الطاعون صديقه ولكن ليس للطاعون صديق، وفي النهاية هذا الصديق يخون الصداقة ويصاب الشاهد بالطاعون ويموت كالبقية الذين ماتوا.
- للدلالة الواضحة فيها، ولم يستطع احد ان يجيزها والسماح لنا بتقديمها، فأجلت الى الان حيث يقوم بأخراجها الفنان عزيز خيون ويمثلها الفنان طه المشهداني، وما زالت التمارين متواصلة.* و ما العمل الثاني؟
- انه مسرحية (حقل الاحلام) التي ستقدمها الفرقة القومية للتمثيل ويقوم بأخراجها الفنان عزيز خيون ابضا ويمثلها الفنانان بشرى اسماعيل وبهاء خيون، والمسرحية هي ادانة للحرب وما تخلفه، لانها عندما تنتهي تترك اثارا وارثا للاجيال القادمة، والذي ينجو من الحرب لا ينجو من اثارها، فللحرب ارث يصيب الاجيال الاتية، والمسرحية تتناول رجلا وامرأة، المرأة من جيل سابق يمتلك قيما ومثلا عليا، وشاب من هذا الجيل ليست له تلك القيم الكبيرة ويريد ان يصل بسرعة ويربح بسرعة ويحقق نجاحا ولو على حساب الاخرين.* هل من الضروري ان نظل ندور في فلك الحرب؟
- لابد من هذا لاننا هنا نعيش نتائجها، ليس تمجيد للحرب وانما تذكير لمن يتصور ان الحروب حين تنتهي لاتترك اثرا ماديا او معنويا.* اي جديد تلفزيوني لديك؟
- هناك مسلسلان جاهزان واخر اكتبه حاليا، وانا في ظل الظرف الفني الحالي اكتب لنفسي لان لا احد يطلب مني اعمالا وانا لا استطيع الا ان اكتب المسلسلات على الورق، وانهم (اصحاب القنوات والمنتجون) يعرفون ان لدي اعمالا ولكن هنالك اسباب تمنعهم من طلبها منها البحث عن الارخص وعن المواضيع البسيطة والسطحية والذي ينتج بسرعة، وقد اصبح التوجه في الكتابة لشهر رمضان فقط وشرط ان تكون حلقات المسلسل (30) حلقة، وانا اتساءل: هل كل موضوع يصلح ان يكون ثلاثين حلقة.* اعتقد ان هذا الموجود فعلا.. ما الذي تريد ان تشير اليه؟
- كانت الاعمال التلفزيونية مقسمة ما بين تمثيلية سهرة او الثلاثية او السباعية والفيلم التلفزيوني مع مسلسلات طويلة لا تتجاوز الثلاث عشرة حلقة او الخمس عشرة، وهناك تجد قوة في الكتابة، كان الكثير من الكتابات قوية، لانه لايشترط بها ان تمدد وتنفخ لتصبح ثلاثين حلقة، ويضطر المؤلف الى الحشو وتطويل المشاهد الى درجة الملل.* من برأيك المسؤول عن هذا؟
- الفضائيات مسؤولة عن هذه المسألة بالدرجة الاولى لانها هي التي تمول وتنتج وتشترط في قضية الثلاثين حلقة ولا يهمها نوع العمل بقدر ما يهمها ان يكون المسلسل ثلاثين حلقة بقدر ايام شهر رمضان حتى وان كان مليانا بالحشو الفارغ.* اشعر انك حزين او ربما مشتت احينا لماذا؟
- بسبب جميع الظروف الخاصة والعامة، وهذا له تأثير نفسي طبعا، وعندما تضطرب النفس تضطرب الافكار.* هل تجاوزت الخطوط الحمر في الكتابة؟
- انا منذ البداية تجاوزت الكثير من هذه الخطوط ولكن في هذه المرحلة لم نشعر بعد ان الامور انفتحت او لم تعد هنالك عقبات، ففي داخلنا مازال هناك شيء يمنعنا من تجاوز بعض العقبات بسبب اضطراب الوضع الذي نعيش فيه والذي نسميه الافق الرمادي.
-التغييرات السريعة، وخوفا من ان ما يكتب عن اليوم قد يتغير غدا وتصبح قصة الامس لا وجود لها في حياتنا الحاضرة وهذا ايضا بسبب عدم استقرار الوضع.* وكيف حاولت اذن الكتابة؟ ولماذا؟
- التجأت الى الموضوع البوليسي وكتبت مسلسلا فيه شمولية في الاحداث والشخصيات، شيء يحدث في اي زمان ومكان وفعلا شعرت بأرتياح معه لانني لم افكر ان الظرف اذا تغير فالناس سوف لن ترى، المسلسل الذي عنوانه (اسرار صغيرة) وهو الان في طور الانتاج ويضم في داخله مواضيع انسانية وعلاقات فيها الكثير من القيم التي يجب ان نتمسك بها، فالموضوع البوليسي هو صراع ما بين الخير والشر كأي موضوع درامي والاختلاف ان المسلسل البوليسي فيه تشويق اكثر وحركة تشد المشاهد والخلاصة تكون للخير وللناس الطيبيين الذين يعيشون حياة شريفة بعيدا عن الانحراف والاجرام.* هل تعتقد ان هكذا اعمال مفيدة؟
انها تفيد في اي وضع واي وقت، فالكثير من المسرحيات العالمية عاشت لانها تحمل فكرا انسانيا شموليا ولا تتحدث عن مرحلة معينة، هذا المسلسل يحدث هنا وفي اي مكان بدون خلفيات سياسية.
*ما الغرض منها في وضع كالذي نعيشه؟
ـ هو تغليب الخير على الشر وهو دعوة للخير، اي ان يسلك اي انسان طريق الخير ويعمل بشرف وهذا اهم شيء.*هل تفرض ان ينفذ السيناريو كاملا؟
- هناك مسألة.. السيناريو هو قصة تروى بالصور وهناك شيء اخر يقوم به المخرج كتنفيذ هذا السيناريو وفق لقطات وزوايا، انا اكتب بشكل عام ولا يستطيع المخرج ان يلتزم مئة في المئة لان لديه رؤية ويحكمه موقع التصوير والانتاج والكادر الذي يعمل معه.*هل تضع شروطا للمخرج؟
- المخرجون اصدقاؤنا وزملاؤنا ولا يكون العمل بمعزل، بل هناك جلسات ونقاش ووجهات نظر.* هل تسمح للمخرج ان يغير؟
- في المسلسل بشكل عام لا، وانا لدي تجربة قاسية في مسلسل (الزمن والغبار) الذي صور في غيابي فقام المخرج باضافة مشاهد ادت الى تخلخل المسلسل وظهرت المشاهد مقحمة عليه ولم استطع متابعته على الشاشة، والكثيرون سألوني من هذه المشاهد التي كانت بعيدة عن مسيرة المسلسل وهذه تجربة لم اكررها فانا ايضا مسؤول عن عملي مثلما المخرج مسؤول عن عمله، وهذا المخرج لم اعمل معه ثانية.* ما سبب قلة كتاب الدراما عندنا؟
- المواهب موجودة ولكن من يتبناها وينميها، نحن دائما نكرر ان هذه مسؤولية المؤسسة الاعلامية وكلية الفنون الجميلة، باحتضان المواهب وتهيأت دورات دراسية، وفي الوقت الحاضر ظهرت اسماء عندنا عندما جاءت الفضائيات وفتحت ابوابها.* لنأخذك مثلا.. هل كنت انت بحاجة الى دورات لتكون كاتبا مهما؟
- انا الدورة المهمة في حياتي كانت مع فرقة المسرح الشعبي سنة 1968 التي دخلتها كممثل ثم وجدت نفسي لا اجيد التمثيل وقد احتضنني الموجودون بالفرقة بشكل علمي ومنهم المرحوم جعفر السعدي رئيس الفرقة فوجهوني وجعلوا امامي مبدأ (اقرأ) كل شيء عن الدراما والمسرح، وكانت هذه الدورات الطويلة والصعبة مفيدة، ولكن الانسان لا يأتي من فراغ وانا ممتليء وقد كانت لدي رغبة الكتابة وبذرة الموهبة، فمن يستطيع كتابة القصة يستطيع ان يكتب السيناريو بعد ان يمر بمران وتدريب لان السيناريو موهبة وصنعة.* ما يميزك كما تقول الممثلا ت.. انك خير من كتب عن المراة.. ما السر في ذلك؟
- انا اكتب عن الانسان بشكل عام وهو امرأة او رجل.. لا فرق، فنحن نعيش في عالم المرأة ليست فيه معزولة عن الرجل، نحن عشنا في احضان امهاتنا ومع اخواتنا وزميلاتنا، فعالم المرأة مثل عالم الرجل، واذا تميزت كما تقول الفنانات فهذا يجيء من احترامي للمراة ومشاعرها ولعملي ولما يحمله الرجل من افكار ومشاعر احيانا تأتي مضاعفة.. هذه هي المسألة.* لم تقنعني بعد.. اريد جوابا اكثر صراحة؟
- لا اعرف الجواب.. لانه ليس محددا ولكن لان نظرتي للمرأة فيها هذا الاحترام وشعوري ان المرأة غبنت من جهتين، الاولى من مجتمع الرجال والثانية من نفسها لانها بقيت مستجدية لحقوقها، مع العلم ان المرأة التي تريد ان تنجح لا احد يمنعها من النجاح والدليل ان هناك الكثير من النساء ومن عشرات السنوات لديهن وظائف ومراكز جيدة وقد حققن النجاح ولم يستجدين، بالمقابل هناك كاتبات وادبيات كتبن عن الرجل واجادن.* هل ستبقى تكتب في التاريخ؟
- انا احب الكتابة عن التاريخ لانه غني باحداثه وشخصياته ولانه الكتابة تكون باللغة العربية الفصحى التي تمنح القلم قوة في التعبير وحرية في اختيار المفردة اكثر من العامية المقيدة، فالفصحى مطلقة، خاصة انني نشات في بيت فيه مكتبة ووجدت الذين فيه يقرأون ولدينا كتب تراث عمرها اكثر من سبعين سنة، واصبحت لدي هذه الملكة بالفصحى كما ساعدني حفظ الشعر وقراءته وليس نظمه الذي لا اجيده على سعة افاقي الفكرية.* هل تتضمن كتابة في التاريخ تناص مع الواقع؟
- الاطار التاريخي في داخله صورة واقعية عما يجري اليوم من صراعات وشخصيات، لان الكثير من الاعمال احس بها الناس حيث المقصود منها نقد الواقع الذي نعيشه خاصة في (القلم والمحنة) و (الاصمعي).*هل تكتب لممثل ما؟
- انا مؤلف ولست منتجا او مخرجا، وحتى عندما اكتب عن شخصية يخطر في ذهني ممثل ما ثم يأتي المنتج الذي له رأي والمخرج الذي له رؤيته الخاصة برسم الشخصية ومسألة ان افرض عليه.. لا استطيع واذا اقترحت اسماء ممثلين يصير عليها نقاش واتفاق على بعضهم وعدم اتفاق على البعض الاخر.* ألم تفكر ان تكتب في الكوميديا؟
- لا.. ولكنني استطيع ان اكتب موقفا وليس مسلسلا كاملا.. فانا بصراحة لم افكر الا بكتابة مسلسل فيه اكثر من اتجاه ومنها الكوميديا، لان الكوميديا صعبة وخطرة لاسيما على المسرح لان الممثل احيانا ينجر الى الجمهور ويبدأ يعطي للجمهور ما يريده فيخرج عن النص ويبدأ باختيار اي الفاظ او جمل تضحك الناس على حساب القيمة الفنية والفكرية، انا يعجبني ان اكتب المسلسل المنوع وكل مسلسل كتبته فيه لمحة كوميديا وتراجيديا.* من هم الفنانون الذين تحرص ان يؤدوا الشخصيات التي تكتبها؟
- كثيرون.. مثل بهجت الجبوري الذي يستطيع ان يدخل الى قلب المشاهد ويمثل بوعي وله قابلية ان يمثل جميع الالوان الكوميدية والتراجيدية ولا تستغرب اذا قلت لك ان بهجت الجبوري هو افضل ممثل كوميدي، كذلك السيدة شذى سالم الفنانة الكبيرة حيث تؤدي بشكل رائع الشخصيات المازومة التي اكتبها والتي يظهر منها الفعل الداخلي هذا العمق تجسده السيدة شذى سالم وكثير من اعمالي كانت من بطولتها، ومن المؤكد ان اضعها في بالي عندما اكتب، وانا اقترح مع الالحاح ان يكونان في اعمالي.*كيف ننهض بالحركة الفنية العراقية؟
- المسألة ليست فردية، انا كمؤلف وكفرد ادعو واصرح دائما انني مستعد لتدرسي السيناريو وان تكون هناك دورات فعندي خزين ولدي كتب، اما بشكل عام فالقصور في عدم وجود حركة فنية ناهضة يأتي من الانتاج الذي يؤثر تأثيرا كبيرا على بنية المسلسل او العمل التلفزيوني، فعندما يكون الانتاج فقيرا تضعف نواحي كثيرة ويضعف حتى السيناريو الجيد ويتخلخل كذلك المخرج يتأثر ويتقيد والمدير الفني ايضا يبدأ بالبحث عن الارخص والاسهل اضافة الى حرية الفكر.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحية ومحبة
علي عمر -كان على المحاور ان يعرف القارئ باعمال الكاتب فاروق محمد السابقة لان المشاهد يتذكر العمل من ابطاله وقلما يلتفت للمؤلف والمخرج . اذا لم تخني الذاكرة فان فاروق محمد هو الكاتب لمجموعة رائعة من الاعمال التلفزيونية العراقية مثل ( بلابل) و(رائحة القهوة) و(ثابت افندي) وارجو ان لا اكون مخطئا. تحياتي للكاتب الكبير الذي يشكل مع المخرج عماد عبد الهادي ثنائيا رائعا في التأليف والاخراج, لكننا لم نعد نسمع عن عبد الهادي شيئا ونتمنى ان يجري معه الصحفي العتابي حوارا خاصا كي نعرف اين هو الآن على الاقل.
بالموفقية
حسين احمد -تحية للكاتب الكبير فاروق محمد الذي قدم اعمالا لا تنسى ورفد الدراما العراقية باجمل السهرات والمسلسلات التلفزيونية.