ثقافات

هل تكون المخطوطات اليهودية محورا للمؤتمر السادس لمركز المخطوطات؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد الحمامصي:المخطوطات اليهودية وأثرها في التراث المسيحي والإسلامي، هل تكون محورا للمؤتمر الدولي السادس لمركز المخطوطات؟ سؤال طرحه د.يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات بمكتبة الاسكندرية في ختام المؤتمر الدولي الخامس الذي انعقد حلال الفترة من 6 إلي 8 مايو الحالي، حيث قال نحن في مفترق طرق هل نمضي علي طريقنا ونبحث المؤتمر المقبل المخطوطات الخزائنية أو نخصص مناقشاتنا في المؤتمر القادم للمخطوطات المنشورة؟ أم ترانا نكون أكثر جرأة وإقداما ونطرح علي مائدة البحث العلمي المتخصص وندرس الأثر التراثي في التراث، فالتراثيات أثرت في بعضها البعض، هل ندرس: المخطوطات اليهودية وأثرها في التراث المسيحي والإسلامي، تأثير التراثيات اليهودية علي الإسلام والمسيحية، اليهودية كامنة فينا دون أن ندري، هي تصنع تاريخا للمسلمين غير منشور، فهل نتتبع التراث العبري وأثره باعتبار أن التراث منظومة متكاملة بل تكاملية لا يمكن إدراك جانب منها وفهمه إلا بالنظر في ارتباطه ببقية الجوانب.
لكن د.يوسف زيدان لم يحسم الأمر قبل شهر حيث من المقرر |ن يناقش الأمر مع إدارة المكتبة وداخل لجان المركز.
ووعد د.زيدان أن يصدر هذا العام المجلدات الحاوية لأعمال مؤتمرات: المخطوطات الشارحة، المخطوطات المترجمة، المخطوطات المطوية.

جدل الإقصاء والإبقاء في مؤتمر المخطوطات المطوية
كشف كنوزا فارسية فى خزانة الكتب المصرية
احمد شحلان الإقصاء، الإزاحة، الإخفاء، المتواري، المفقود، وغيرها مفردات تكررت في مناقشات المؤتمر الدولى الخامس لمركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية (6-8 مايو 2008) المعنون بـ (المخطوطات المطويـة)، حيث غلب علي الأوراق البحثية تناول ما تعرضت له بعض المخطوطات العربية والإسلامية من عزل وإقصاء وضياع وتلف سواء بفعل جماعة السلطة، وسلطة الجماعة، أو اتقاءً لمعارضة الفكر السائد والمنظومة المعرفية الرسمية، أو التعمية باستخدام الحرف العربى لكتابة نصٍّ غير عربى، بالإضافة لذلك كشفت إحدي الأوراق المشاركة بالمؤتمر علي أن هناك مخطوطات فارسية تضمها دار الكتب المصرية غير مسجلة بموسوعة (لغت نامه) أكبر موسوعة إيرانية، كما أعلن د. أحمد شحلان أن ترجمة كتاب (أخلاق نيقوماخيا لابن رشد) الذي نشر ترجمته د.عبد الرحمن بدوي لابد أن يعاد تحقيقه استنادا علي مخطوطات نص الترجمة العبرية، وغير ذلك مما كشف عنه وذكره متخصصو المخطوط التراثي العربي في هذا المؤتمر الذي أقيم بمشاركة نخبة المتخصصين في التراث العربي مخطوطا وتحقيقا وبحثا.في الجلسة التي اقتصرت علي مناقشة ورقته المعنون بـ (بين المتوارى والمفقود: أنماط من مخطوطات الرياضيات والعلوم) أكد العالم الأستاذ د. رشدى راشد أن مخطوطات العلوم الرياضية عانت من الاحتجاب والطىِّ أكثر مما عانته مخطوطات المعارف الأخرى. وقال إن هناك أسباب مشتركة بين المعارف المختلفة التى أدت إلى هذا، وأشار إلي بعض أنماط توارى وضياع مخطوطات العلوم الرياضية ومنها: المتوارى أو المفقود نتيجة لتقدم البحث العلمى نفسه، فلم يعد له إلا قيمة تاريخية ؛ فقلَّ تداوله ـ المتوارى أو المفقود نتيجة لبلوغه غايةً فى التقدم صَعُبَ على معاصريه، تمثَّلها وتجاوزها، فتوقف البحث حتى ثورة معرفية جديدة وإصلاح، وهذا أيضاً قَّل تداوله فتوارى ـ المتوارى أو المفقود نتيجة لإعادة مؤلفه تحريرَه ـ المتوارى أو المفقود نتيجة لستره تحت اسم محرِّر غير مؤلفه، أو مؤلف آخر غير صاحبه، عن عمد أو صدفة، فتوارى الأصل ـ المتوارى أو المفقود بسبب انتشار الشرح، فغلب على الأصل فتوارى.في حين تناول المفكر د. حسن حنفى المخطوطة المطوية بين جدل الإبقاء والإقصاء قائلا: ظاهرة عامة فى التراث الإسلامى، اختفاء النصوص الجذرية والمختلفة نوعياً عن التراث الشائع. فقد سادت الأشعرية فى العقائد، والشافعية فى الفقه. وأصبحت الأشعرية عقيدة الدولة السنية أى الأموية، وتدخلت فى شئون العلم. فالدولة مثل الإسلام، عقيدة وشريعة. تقوم شرعيتها على الدين، والدين مصدر العلم، والعلماء موظفون لديها، ومنهم من كان زينة البلاط. قام مؤرخو السلطان بالتدوين الموجه لصالح النظام، وأبقى عساكره على المدونات من وجهة نظر الدولة، وأقصوا مدونات أخرى معارضة. وأصبح من الصعب التعرف على المطوى إلا من خلال رواية المنشور انتقاءً وتأويلا وحكماً. تبدأ رواية المنشور بفعل "قال"، ورواية المطوى غير المباشرة بأفعال "زعم"، "ادعى"...الخ. وكانت المعارضة نوعين: الأولى معارضة سرية تحت الأرض، الشيعة. وقد أبقت مخطوطاتها مطوية معها حتى استولت على الحكم فأصبحت ذائعة. والثانية معارضة علنية تنقسم بدورها قسمين. الأول بالسلاح، الإباضية أى الخوارج، وبقيت مدوناتها مطوية حتى تحققت دولتهم، فذاعت وانتشرت. والثانى بالفكر، الرأى بالرأى، والحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان، المعتزلة. وقد ذاعت مدوناتهم عندما انتصرت لهم الدولة السنية، ثم طويت ساعة المحنة. جدل المطوى والمنشور إذن هو جدل الإبقاء والإقصاء، الإبقاء على تراث السلطة وإقصاء تراث المعارضة، الإبقاء على أرشيف الدولة وإقصاء الكتابات السرية لخصومها.
وأضاف د. حنفي: هذا هو السبب فى أن التواصل فى التراث أكبر من الانقطاع منذ سيادة الأشعرية والشافعية فى القرن الرابع الهجرى فى الدولة السنية حتى إعادة توظيفها فى الدولة الوطنية، الملكية أو الجمهورية الحالية كشرعية مستمرة للدولة، وإقصاء قوى المعارضة من العمل السياسى وفكرها عن العمل الإعلامى. ساد حديث الفرقة الناجية، وهى فرقة الدولة أو الحزب الحاكم ضد الفرق الضالة، أحزاب المعارضة. ولم تخرج الحركات الإصلاحية عن الأشعرية ؛ لذلك ظلت نسبية ضعيفة. انقلبت بعد حركات التحرر الوطنى إلى سلفية رافضة للمجتمع وليست مطورة له. لم تساهم فى عمليات التغير والتقدم إلا على نحو دعائى إعلامى فى الخمسينيات والستينيات فى أثناء بناء الدولة القومية الاشتراكية. واستمر تكفير الخصوم السياسيين باسم العقيدة، فنشأت حركات التكفير والإقصاء العلمى والسياسى (مثل طه حسين، أمين الخولى، قاسم أمين، على عبد الرازق، القصيمى، صادق النيهوم، نصر حامد أبو زيد، سيد القمنى، حسن طلب، حلمى سالم، قاسم أحمد (الملايو)...الخ) وضعفت المعارضة السياسية ؛ لأنها تعارض من خلال التراث السائد الذى يعتمد عليه النظام الحاكم أيضا دون أن تهز تراث السلطة وتحوله إلى تراث المعارضة.
وقال د.حنفي: إن البحث عن المخطوطات المطوية هو أحد وسائل قيام نهضة عربية ثانية بعد النهضة العربية الأولى التى ظلت أشعريةً فى التوحيد، وإن حاولت الاقتراب من المعتزلة فى العدل مثل "الماتريدية". والهدف هو تحويل المركزى إلى هامشى، والهامشى إلى مركزى، أى رد الاعتبار لتراث المعارضة بجوار تراث السلطة، وإبقاء الاثنين دون إقصاء أو إقصاء مضاد لأحدهما أو للآخر حتى يتم الحوار من جديد بين التيارات والمدارس الفكرية المختلفة ؛ فتحيا التعددية بدلا من أحادية الطرف، وتتأسس الجبهة الوطنية أو الائتلاف الوطنى طبقا لمبدأ فقهى قديم، الاختلاف على مستوى النظر، والاتفاق على مستوى العمل. ويُرد الاعتبار إلى مقالات الفرق الضالة. فالتمييز بين الفرقة الناجية والفرق الضالة يخضع لصراع القوى، ما كان ناجياً فى الماضى قد يكون ضالا فى الحاضر، وما كان ضالا فى الماضى قد يكون ناجياً فى الحاضر. وربما يمكن التحول من النسق الأشعرى، نظرية الذات والصفات والأفعال التى يصعب فيها التمييز بين صفات الله وصفات السلطان إلى النسق الاعتزالى، نظرية الأصول الخمسة التى تجعل العدل جوهر التوحيد، والعقل أساس النقل والاستحقاق أساس الجزاء، والتوسط أساساً للجبهة الوطنية، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى علاقة الحاكم بالمحكوم.
حسن حنفي وقد تأتى النهضة الثانية بالجمع بين النشر للمخطوطات المطوية والترجمة لتراث النهضة العربية من أجل الإبداع الفكرى، كما حاولت من قبل "اللجنة المصرية للتأليف والترجمة والنشر". الترجمة وحدها قد توقع فى الاغتراب وقسمة الثقافة الوطنية واستقطابها بين الموروث والوافد. والنشر وحده قد يقوى القديم على الجديد وعزله عن التراث البشرى المعاصر. والإبداع وحده لا يتم إلا بعد التفاعل الخلاق بين الموروث والوافد فى لحظة تاريخية معينة، وفى زمان ومكان محددين.
وكشف د. أحمد شحلان في ورقته (كتاب أخلاق نيقوماخيا لابن رشد بين الخفاء والظهور) أن كتاب أخلاق نيقوماخيا تُرجم ترجمةً قديمة؛ نشرها الدكتور عبد الرحمن بدوي اعتماداً على مخطوط يتيم فريد، به كثير من الخروم والنقص والمغطى، وقد عانى في تحقيقه كثيراً لهذه الأسباب، وملأ فراغاته بالعود إلى النص اليوناني الذي يفارق الترجمة العربية لأسباب معرفية وتاريخية قد تحدُّ من قيمة الاعتماد عليه. وقد لخص ابن رشد أخلاق نيقوماخيا هذا، ضمن انشغاله بالموسوعة الأرسطية، وكان قد وضعه ضمن التجربة اليونانية التي اهتمت بالسياسة وتدبير الدول والجماعات، كما رام منه أن يكون مركباً بواسطته ينظر في السياسة الإسلامية وسلوك أفراد الأمة، ومقايستها على حال مَنْ بادوا من الأمم الأخرى. كان الاهتمام بهذا العمل غير مريح لأصحاب الحل والعقد، أو هكذا يفهم من مآل هذا الكتاب ومآل صنوه "مختصر سياسة أفلاطون" الذي وسمه بـ"الضروري في السياسة". فقد فُقِدَ الاثنان وصارا من مطويات الزمان، على الرغم من أهميتهما. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها فيلسوف قرطبة وشارح أرسطو ليجلي أمرهما للمهتمين في ذلك العهد، ولعل من بينهم أناساً كانوا يظنون أنهم أولى بالحكم والتدبير، ولعله لهذا، أي اهتمام من كان مظنة لمعارضة الحكم، صار الكتابان معاً من المطويات النفيسة التي غفت عنها عيون الزمان في ذلك الوقت، فلم يُستفد منهما كثيراً، وغفت عنهما عيون الرقيب ؛ لأنهما لبسا لبوس اللغة العبرية، ولعلهما لبسا لبوس الحرف العبري قبل أن يترجما إلى اللغة العبرية، لأن ترجمة النص حدثت في الثلث الأول من القرن الرابع عشر، وهو زمان متأخر عن فورة الحدث عندما كان أمراً يُربك حال القائمين بالأمر.
وقال د.شحلان: إذن لم يعرف حتى اليوم، أي نص عربي لتلخيص أخلاق نيقوماخيا، اللهم إلا نتفاً قليلة استفاد منها المرحوم بدوي في تحقيقه لنص أرسطو القديم، في حين وصلت عديد من مخطوطات الترجمة العبرية التي صنعها شموئل المرسلي مترجمُ مختصر سياسة أفلاطون، واهتم بهذا النص في لغته العبرية أحدُ الأمريكيين، وهو المأسوف عليه، لورانس بيرمان، فحقَّق نص الترجمة العبرية، وترجمه إلى اللغة الإنجليزية. في حين ظلت اللغة العربية صاحبة النص، عارية منه على الرغم من أهميته في تاريخ العلم وأهميته في موضوعه، باعتباره من النصوص المؤسسة في علم السياسة التطبيقي. لذلك ترجمناه إلى اللغة العربية ترجمة لا تنحصر أهميتها في العود بنصٍّ مطوي في لغة أخرى إلى أصله، ولكن أهميتها تتضح، وبنفع كبير، في تصحيح الترجمة القديمة لنص أرسطو، والتي أخرجها المرحوم بدوي اعتماداً على مخطوطة فريدة، لأن ابن رشد استعمل نص الترجمة القديمة نفسه. وبهذا تعتبر مخطوطات نص الترجمة العبرية نسخاً ذات نفع كبير، وتقوِّم نص تحقيق عبد الرحمن بدوي الذي يستوجب تحقيقاً جديداً، بناءً على عمل ابن رشد.
المطوي الفارسي
ومن المفاجآت ما كشف عنه د. بديع جمعة في ورقته (كنوز مطويَّة فى خزانة الكتب المصرية.. المخطوطات الفارسية نموذجاً) حيث قال: خلال الخمسينيات من القرن الماضى، كنا روادا دائمين لدار الكتب المصرية بباب الخلق ؛ حيث كنا مكلفين بإعداد أبحاث فى مجال اللغة الفارسية وآدابها استكمالا لدراستنا النظرية بقسم اللغات الشرقية بكلية الآداب - جامعة عين شمس. وكان المشرفون على المخطوطات الفارسية بدار الكتب، وكذلك المشرفون على المطبوع منها غاية فى الحفاوة بنا وتقديم أى عون يساعدنا فى إنجاز أبحاثنا، وأخيرا وُفِّق أستاذنا المرحوم نصر الله الطرازى المشرف على المخطوطات الشرقية ذلك الوقت، فى إخراج فهرس المخطوطات الفارسية فى جزأين، عرَّف فيهما بالمخطوطات الموجودة بالدار حتى عام 1963م، فكان خيرَ عونٍ لنا فى التعرف على هذه الكنوز والإفادة منها فى أبحاثنا الجامعية. رجعت إلى هذا الفهرس الذى مرَّ على إخراجه أكثر من أربعين سنة، ولم تفكر الدار فى إصدار تحديث له وفقا للواقع الذى آلت إليه المخطوطات الفارسية بالدار مع مطلع القرن الحادى والعشرين.
وبمراجعة ما جاء به من مخطوطات، وجدت أن عددا ً لا بأس به مما ورد فيه لم أجد له ذكرا فى موسوعة لغت نامه أكبر موسوعة إيرانية، مما يدل أحيانا على تفرد الدار بهذه المخطوطات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ تحفة البحرين الموجودة بخط المؤلف وتحت رقم [19 تصوف فارسى طلعت]
ـ بلبل نامه: نظم على الكيلانى، وقد نظمها فى حلب سنة 957 هـ [6 - م أدب فارسى].
ـ تاريخ كلام الملوك: ميرزا محمد يوسف اللاهيجى، عن الخط والخطاطين [40-م تاريخ فارسى].
ـ رسالة فى النياشين الإيرانية، بها صور النياشين الإيرانية فى غاية الإتقان [21 تاريخ فارسى طلعت].
ـ سلك السلوك: ضياء الدين البدايونى الهندى النخشبى الدهلوى [10 مجاميع فارسى طلعت].
ـ أنيس العشاق: حسن بن محمد أبى عبد الله الملقب بالشرف المشهور بالرامى [2-م عروض فارسى].
الملاحظة الثانية: كثرة المخطوطات ثنائية أو ثلاثية اللغة، حيث توجد بالدار مخطوطات عديدة تجمع بين اللغتين الفارسية والتركية، وأخرى تجمع بين اللغات العربية والفارسية والتركية، ومنها:
ـ التحفة السنية إلى الحضرة الحسنية، وتضم معجماً باللغتين الفارسية والتركية تأليف: محمد بن مصطفى بن لطف الله الدشيشى المتوفى عام 988 هـ، وقد سماه باسم حسن باشا أمير الأمراء بمصر. [6-م لغة تركى]
ـ تحفة شاهدى: نظم إبراهيم بن صالح المغلوى المتخلص بشاهدى، وهى منظومة شرح فيها الكلمات الفارسية بالتركية، وذلك عام 921ﻫ. [24 لغة تركى]
وقد وردت مخطوطات كثيرة لشرحها، وأخص منها ما يرتبط بالمصريين:
ـ شرح التحفة الشاهدية: شرحه بالعربية عبد القادر بن عمر البغدادى ثم المصرى المتوفى 1093ﻫ وقد كتبت عام 1133هـ [176 لغة تركى]
ـ شرح التحفة الشاهدية: شرح أبى الفوز إبراهيم بن سليمان البلبيسى الأزهرى الأنصارى، تلميذ الشارح السابق. [6 اللغات - التيمورية]
ـ أشعار أبى على بن سينا: وهى أشعار فارسية وعربية وتركية منسوبة إلى الشيخ الرئيس فى الطب والحكمة. [39 - م مجاميع تركى]
ـ مثلث نامه: نظم عثمان المعروف بالشاكر بن مصطفى البوزاقى، وهى منظومة فى الألفاظ الفارسية والتركية والعربية، كتبها عام 1210 هـ [10 لغة فارسى طلعت].
ـ كثرة عدد المصاحف المصحوبة بترجمات فارسية، وقد بلغ عددها أكثر من 18 مصحفاً.
الملاحظة الثالثة: بعض المخطوطات الفارسية كتبت بالقاهرة، وقد سبق الإشارة إلى شرحى التحفة الشاهدية، وكذلك تأليف التحفة السنية إلى الحضرة الحسنية ونسبها إلى حسن باشا أمير الأمراء بمصر، وأضم إليها:
ـ ديوان طوسى (لملة نصير الدين الطوسى) بخط الدرويش فضل الله الحيدرى، وقد كتبت سنة 975 ﻫ بالقاهرة. [29 مجاميع تركى طلعت]
الملاحظة الرابعة: وجود مجموعات تضم كنوزاً من الصور لكبار الرسامين الإيرانيين والهنود والأتراك، ومنها:
ـ مجموعة بها اثنتان وسبعون صورة مرسومة بالألوان ومحلاة بالذهب، وعلى هامش بعضها كتابات من أبيات فارسية، منسوب رسمها إلى مصورى الفرس والهند والترك، وقد أورد الأستاذ نصر الله ثبتاً بها تحت رقم 2047 بالجزء الثانى من الفرس، كما أورد أسماء الرسامين. [41-م تاريخ فارسى]
ـ مجموعات صور أخرى وردت بالفهرس تحت أرقام 2048، 2049، 2050، 2051.
ـ كما أخص بالذكر تلك المجموعة الواردة تحت رقم 2054 بالفهرس، وهى تضم ثلاثين صورة فى مجلد من الجلد، بها 15 لوحة بوجهين، والمرقعات كلها مذهبة ومحلاة بالألوان، وقد عملت هذه المجموعة خصيصاً للشاه عباس الصفوى [261-م مرقعات].
ـ إلى جانب العديد من المرقعات الوارد ذكرها بالفهرس تحت الأرقام 2141، 2151، والتى تضم عدد 136 لوحة لعلَّ بعضها لم تنشر بعد ولا مثيل لها فى مكتبات ومتاحف المخطوطات العالمية.
هذا إلى جانب أن العديد من المخطوطات للمنظومات الفارسية التى تضم بين طياتها عددا كبيرا من الصور المعبرة عن بعض معانى المنظومة وقد رسمها كبار الرسامين وعلى رأسهم بهزاد، كما جاءت بعض الصور منسوبة إلى مانى وتلاميذه، وهذه كنوز تستحق أن تنشر وتدرس.
الملاحظة الخامسة: وجود عدد كبير من اللوحات الخطية لكبار الخطاطين، يضم عدد منها رباعيات فارسية، وبعضها آيات قرآنية، ويضم بعضها مفردات ومركبات، وقد ورد ذكرها بالفهرس تحت الأرقام 2155، 2168، وقد ضمها جميعاً: [4-م مجاميع فارسى] و[1 فنون جميلة فارسى طلعت].
الملاحظة السادسة: تضم الدار مخطوطات عديدة لعدد كبير من الكتب مما يستوجب دراسة هذه المخطوطات، وبيان الفروق فيما بينها، وهل ما تم نشره من هذه الكتب يتفق أو يختلف عما جاء بهذه المخطوطات المتعددة، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
كلستان سعدى (24 مخطوطة + 9 بين منتخبات وشروح).
بوستان سعدى (22 مخطوطة + 5 بين منتخبات وشروح).
ديوان حافظ (20 مخطوطة).
مثنوى جلال الدين الرومى (28 مخطوطة).
بندنامه عطار (10 مخطوطات).
في مؤتمر المخطوطات المطوية مناقشات في التراثين اليهودي والمسيحي
رشدي راشد جلستان بالغتا الأهمية كان ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لمركز المخطوطات (مؤتمر المخطوطات المطوية) وهما الجلستان اللتان تناولتا المخطوطات التراثية في تراث الديانتين اليهودي والمسيحي، أولهما كانت في اليوم الثاني من المؤتمر ورأسها رئيس الجلسة أ.د. أحمد شوقي بنبين (المغرب) وتحدث فيها د. أحمد هويدى (مصر) عن أسفار التوراة المفقودة، ود. نازك ابراهيم عبد الفتاح (مصر) عن التراث اليهودي: مخطوط المختار لسعديا جاؤون ود. فائزة عز الدين (مصر) عن أصل قصة النائمين السبعة (أهل الكهف)، والثانية رأسها، والثانية رأسها الكاتب محمد السيد عيد (مصر) وتحدث فيها المطران يوحنا إبراهيم (سوريا) عن تاريخ الأبرشيات السريانية: النسخة الفريدة، والقمص بيجول السرياني (مصر) عن الأصل المفقود لتاريخ يوحنا النيقوسي، ود. مجدى عبد الرازق (مصر) عن كتاب الأسرار الأثيوبي..
التوراة المفقودة
في بحثه عن أسفار التوراة المفقودة قال د. أحمد هويدى الأستاذ بجامعة القاهرة: تتعدد أنواع الكتابات الدينية عند اليهود، فنجد ما يعرف باسم الأسفار القانونية، ويوجد مقابلها ما يعرف باسم الأسفار غير القانونية، كما أن هناك الشريعة المكتوبة ومقابلها الشريعة الشفوية. ويقصد بالأسفار القانونية تلك الأسفار التى تم الاعتراف بقانونيتها وضمت فى العهد القديم، أما الأسفار غير القانونية فهى تلك الأسفار التى تحتل مرتبة أدنى من تلك التى تحتلها الأسفار القانونية، ولذلك استبعدت ولم يتم ضمها فى العهد القديم رغم أنها تشمل بعض المضامين الدينية التى تعد أكثر أهمية لتطور الديانة من بعض الأسفار التى توجد بين أسفار العهد القديم.
وأضاف د.هويدي: من الملفت للنظر أن الأسفار القانونية وغير القانونية التى وصلت إلينا لم تكن هى وحدها مجموعة الأسفار عند اليهود ؛ حيث يرد فى العهد القديم إشارات كثيرة لأسماء أسفار، لكن الواقع يؤكد عدم وجود هذه الأسفار. ومن هذه الأسفار على سبيل المثال لا الحصر: سفر المستقيم، سفر حروب الرب، سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل، سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا، أقوال ناثان النبى، وأخبار يعدو الراثى... الخ. ونظراً لأن هذه الأسفار لم تصل إلينا، أطلق عليها الباحثون اسم "الأسفار المفقودة" وهذه التسمية تعتبر مقابلة للأسفار التى وصلت إلينا وصارت معروفة، سواء أكانت هذه الأسفار هى الأسفار القانونية أم الأسفار غير القانونية. وبما أن هذه الأسفار لم تصل إلينا، يحاول الباحثون الوصول إلى مضمون أو بقايا مضمون هذه الأسفار داخل النصوص المتوافرة بين أيدينا حاليا، رغم الجهد الكبير الذى يبذله الباحثون فى هذا المضمار، غير أن النتائج التى تم الوصول إليها تعد قليلة جدا. لكن تم التعرف على بعض مضامين هذه الأسفار التى طويت داخل مواضع متفرقة بين أسفار العهد القديم، كما أنه تم الوصول أيضاً إلى محاولة تحديد زمن كل سفر من هذه الأسفار المفقودة وجنسه الأدبى.
ورغم ما يبذله الباحثون، فإن الكثير من هذه الأسفار لم يكتشف بعد، وربما يأتى يوم ويتم العثور على هذه الأسفار، وتتغير صورة العهد القديم وحجمه، تماما كما تغيرت معارفنا، ولا تزال، عن الشرق القديم عامةً وأسفار العهد القديم بصفة خاصة كلما حدث اكتشاف أثرى جديد.
وحاول د.هويدي الإجابة عن تساؤلات مثل: ما المقصود بالأسفار المفقودة؟ ولماذا سميت بالأسفار المفقودة؟ كيف تم التعرف على هذه الأسفار؟ ما أنواع هذه الأسفار (بناءً على مضمونها، وبناءً على نمطها الأدبى)؟ هل أمكن التعرف على مضمون هذه الأسفار؟ ولماذا؟ وما الفترات التاريخية التى كانت فيها هذه الأسفار موجودة؟ ما هى المواضيع التى أمكن التعرف عليها فى العهد القديم وتعود أصلا إلى الأسفار المفقودة؟.. وغيرها.
مخطوط المختار
أما د. نازك إبراهيم عبد الفتاح الأستاذ بجامعة عين شمس فقد تناولت ورقتها البحثية (من التراث اليهودى: مخطوط المختار لسعديا جاؤون) فكر سعديا وكتابه المعنون بـ (تفسير كتاب الأمانات والاعتقادات)
وقالت: حين لمس سعديا (882 - 942) وهو سعيد (سعدياً) بن يوسف الفيومى نسبة إلى مولده فى الفيوم، ولقب بالجاؤون لاعتلائه فى العراق منصب الجاؤون أى رئيس الأكاديمية التلمودية فى بابل ؛ أن الناس من حوله قد ساورتهم شكوك فى عقيدتهم، أخذ على عاتقه مهمة إرشادهم إلى سواء السبيل وهديهم الطريق القويم ناصحاً بالتمسك بالحجج والبراهين لبلوغ الإيمان الخالص واعتناق العقيدة النقية.
وتتلخص وجهة نظر سعديا فى أن العقيدة التى تستند إلى حجج وبراهين " العقل" تبلغ المرء الإيمان الخالص، فبدون أسانيد " العقل" يتخبط المرء فى دوامة الشك الذى يؤدى به إلى الكفر والإلحاد. وفى خضم ما ساد وسط يهود العصر الوسيط من عقيدة تتأرجح بين زيف الإيمان وغطرسة عدم الإيمان رأى سعديا أن خير وسيلة للوصول بمعاصريه إلى درب الحقيقة هى مهمة التوفيق بين الدين والعقل اعتمادا على مصادر المعرفة الإنسانية.
وأضافت: لقد استخلص سعديا فكره الدينى الفلسفى فى مؤلف مطول صار يختصره وينقحه ويقننه طيلة حياته، فجاء إلينا فى نسخ عديدة: نسخة تفصيلية (تفسير كتاب الأمانات والاعتقادات) ـ ونسخة موجزة (كتاب الأمانات والاعتقادات). وهذا المخطوط الذى بين أيدينا يعد آخر نسخة، وهو بعنوان (المختار فى الأمانات والاعتقادات).
وقالت: جاءت جميع النسخ فى مقدمة وعشر مقالات مصوغة فى صورة مجموعة متماسكة من الأفكار والمبادئ باللغة العربية السائدة آنذاك فى العصر الوسيط ومفهرسة كالآتى: صدر الكتاب ـ المقالة الأولى: فى أن الموجودات كلها محدثة (مخلوقة) ـ المقالة الثانية: فى أن محدث الأشياء واحد تبارك وتعالى ـ المقالة الثالثة: فى الأمر والنهى ـ المقالة الرابعة: فى الطاعة والمعصية والجبر والعدل ـ المقالة الخامسة: فى الحسنات والسيئات ـ المقالة السادسة: فى جوهر النفس والموت وما يتلو ذلك ـ المقالة السابعة: فى إحياء الموتى فى دار الآخرة ـ المقالة الثامنة: فى الفرقان ـ المقالة التاسعة: فى الثواب والعقاب فى دار الآخرة ـ المقالة العاشرة: فيما هو الأصلح أن يصنعه الإنسان فى دار الدنيا.
وأكدت د.نازك أنه خلال مسيرته للتوفيق بين الدين والعقل تأثر سعديا بمبادئ وآراء" المعتزلة "التى يدور فكرها حول موضوعين: وحدانية الله وعدل الله جل جلاله. وأنه رغم الشهرة التى حظيت بها النسختان المطولة والموجزة لكتاب الأمانات والاعتقادات، لم تنل النسخة التى بين أيدينا حظها من معرفة القراء ؛ لذلك فقد اخترت مخطوطها "المختار فى الأمانات والاعتقادات" باعتباره مخطوطاً فى عداد المخطوطات المطوية.
قصة النائمين السبعة
وقالت د. فائزة عبد الفاتح عز الدين جامعة الإسكندرية في ورقتها (أصل قصة النائمين السبعة، أو أهل الكهف): تعرض السريان الذين اعتنقوا المسيحية فى أثناء الحكم الرومانى أو الفارسى أو فى اليمن إلى كثير من الأذى والعذاب الذى أدى إلى استشهاد الكثير من المسيحيين الذين كانوا يدافعون عن دينهم. وقد بدأ السريان فى ذلك العصر يدونون سير الشهداء والقديسين ويضمنونها بعض الأخبار بغرض إحياء ذكراهم، وكانت هذه القصص مدونة فى كتب التاريخ بالسريانية أو منقولة إليها. ومن أشهر القصص التاريخية التى دوَّنها السريان فى مدينة الرها حوالى القرن الخامس الميلادى القصةُ المعروفة باسم (النائمين السبعة من أهل أفسس) أو (الفتية السبعة) أو (النوام السبعة) المعروفة فى العربية باسم (أهل الكهف).
تروى هذه القصة اضطهاد الحاكم الرومانى داقيوس لكل من اعتنق المسيحية، حتى إنه أصدر مرسوماً بتعذيب وقتل كل من لا يعبد الأوثان، فاستشهد كثير من المسيحيين، واضطر بعض الفتية إلى الهرب بدينهم فراراً من بطش الحاكم الرومانى، ولجأوا إلى كهف، وهناك راحوا فى سبات، واستيقظوا على عهد الملك تيودوسيوس الصغير الذى كان يجل القديسين. وبدأت القصة تتطور منذ القرن الخامس الميلادى، فكانت ذات صيغتين فى الكتابات النسطورية واليعقوبية.
وقد قام المستشرق (لاند) بنشر القصة ضمن مجموعة قصصية ألفها المؤرخون والأدباء السريان فى كتابه المسمى: بالقصة السريانية. وقد جاءت قصة النائمين السبعة فى هذه المجموعة القصصية فى الكتاب الثانى الفصل الثانى تحت اسم (نائمى أفسس السبعة) وتروى اضطهادات عصر داقيوس الرومانى.
وأضافت د.فائزة: لقد وصلت إلينا القصة بلغة سريانية على هيئة ثلاثة نصوص نثرية وشعرية، جاء النص النثرى فى كتاب التاريخ للمؤلف السريانى الشهير زكريا المدلى أو زكريا البليغ، وقد أخذ عنه المؤرخ مكيخائيل السريانى الكبير مؤرخ القرن الثانى عشر. والنصف الثانى ينقسم إلى قسمين: فالقسم الأول يوجد فى كتاب التاريخ المنسوب إلى المؤرخ السريانى ديونسيوس التلحمرى، وهو مأخوذ غالبا من مخطوطة التاريخ ليوحنا الأسيوى، وهى محفوظة ضمن مخطوطات لندن وباريس وبرلين، وتشتمل على القسم الأول. أما القسم الثانى، فقد نشره المستشرق الإيطالى (جويدى) مع غيره من النصوص الشرقية المتعلقة بهذه القصة مثل القبطية والحبشية والعربية والأرمينية. وفى المكتبة الأهلية بباريس مخطوط يشتمل على مخطوط ثالث به بعض الاختلافات غير ذات أهمية.
أما المؤرخ والأديب السريانى ابن العبرى (ق 13 م) فقد لخص قصة النائمين السبعة أو أهل الكهف فى كتابه: تاريخ الكنيسة. وفى هذا التلخيص نجد بعض الاختلاف فى أسماء الأعلام وبعض الزيادات والتنقيحات، لم تكن موجودة فى النص الأصلى لا ندرى أصلها. أما النص الشعرى للقصة، فقد جاء متمثلا فى قصيدة نظمها الشاعر السريانى يعقوب السروجى (531م). نظم القصيدة فى أربعة وستين بيتاً، وأطلق على الفتية فى قصيدته اسم (أبناء النور) جاءت القصيدة فى أسلوب سهل بليغ ؛ مما أدى إلى انتشارها وترجمتها إلى لغات متعددة. لكن الملاحظ أن السروجى قد أضاف بعض التفصيلات من وحى خياله.
الأبرشيات السريانية
وفي الجلسة الثانية تناول المطران يوحنا إبراهيم (مطرانية السريان الأورثوذوكس بحلب) مخطوط (تاريخ الأبرشيات السريانية) النسخة الفريدة وقال: يقع المخطوط المعروف بـ تاريخ الأبرشيات السريانية: النسخة الفريدة، في 467 صفحة من القطع الكبير، 29 times; 20، وهو مقسَّم إلى ثمانية مجلدات. إنه محاولة جدية في دراسة تاريخ الأبرشيات السريانية منذ العصر الرسولي وحتى أيامنا، وعلى مساحة ممتدة على بقعة جغرافية واسعة.
وأضاف: تبيّن المعلومات الواردة في هذا المخطوط، عدد الكراسي المتروبوليتية اللائذة بالكرسي الأنطاكي، والأساقفة التابعة لها. ثم ذكر أسماء جميع المطارنة والأساقفة الذين جلسوا على هذه الكراسي ومدة ولايتهم، وفي بعض الأحيان نبذاً عن الأبرشيات وعطاءاتها الفكرية، بدءاً من القرن المسيحي الأول وإلى سنة 1924 م.
إن المخطوط يحتاج إلى جهد كبير ليكون جاهزاً للطبع، لأن المؤلِِّف وهو البطريرك مار أغناطيوس أفرام الأول برصوم (ت 1957) أولاً: في كثير من الأحيان تكون المعلومة في المخطوط غير واضحة بسبب الخط، إذ أن قسماً من المخطوط مازال مكتوباً بقلم الرصاص. وثانياً: لا يذكر المؤلِّف المصادر التي اعتمد عليها إلا نادراً. ولكن أهمية المخطوط تكمن في المعلومات الواردة فيه، خاصة أن القارئ لا يجد هذه المعلومات في مصدر آخر باللغة العربية أو بغيرها من اللغات.
يوحنا النيقوسى
المطران يوحنا ابراهيم وحول الأصل المفقود لتاريخ يوحنا النيقوسى كانت الورقة البحثية للقمص بيجول السريانى الذي قال: نشأ يوحنا فى أديرة وادى النطرون فى الثلث الثانى من القرن السابع الميلادى. كان راهباً لامعا، تميز بعمق ثقافته الدينية والأدبية، واتساع مداركه فى العلوم الإنسانية وتحليلها. استدعاه البابا أغاثو الأول الـ39 (662 - 680) ليكون سكرتيرا خاصاً له. وقد حظى بثقة الباباوات الثلاثة الذين خلفوا البابا أغاثو. وهم البابا يوحنا الثالث، والبابا إسحق الأول الذى كان بمثابة صديق له. وكانت علاقاته الطيبة مع رجال البلاط فى مصر، تسمح له بأن يرافق البابا إسحق الأول فى مقابلاته مع الحاكم عبد العزيز بن مروان والى مصر (685 - 705). ثم البابا سيمون الأول الذى أقامه أسقفا على مدينة نيقيوس بدلتا مصر.. أصدر الوالى حكماً بنفى جميع الأساقفة إلى جزر متفرقة بالنيل. وكان ذلك فى آخر أيامه، فعكف هناك على كتابة المؤلفات التى جاء أهمها: التاريخ العام، الذى دوَّن فيه قصة العالم منذ خلقة آدم وحتى عصره - أى نهاية القرن السابع الميلادى.
وأضاف القمص بيجول: يعتبر التاريخ العام هو المؤلف الوحيد الذى وصل إلينا من مجموع مؤلفات هذا الأسقف العلامة. وضع يوحنا مؤلفه باللغة القبطية باللهجة البحيرية، ثم ترجم فى القرن التاسع الميلادى للعربية. وفى القرن العاشر تمت إعادة ترجمته للعربية، ثم فى بداية القرن السابع عشر تمت ترجمته إلى اللغة الأثيوبية بلهجة الجئز من اللغة العربية. وفى عام 1883 م قام العالم المستشرق Zottenburge بترجمته إلى الفرنسية بعنوان Chronique de Jean de Nikious. للأسف الشديد، فقد فقدت جميع النصوص الأصلية مع الترجمات الأخرى، وبقيت لنا الترجمة الفرنسية الأخيرة من الترجمة الحبشية. وفى هذه الدراسة سوف نلقى الضوء على شخصية المؤلف و كتابه فى محاولة لاستخراج بعض من فكره فى كتابات المؤرخين الذين كتبوا بعده مستندين إلى الحقائق التى سجلها الأسقف يوحنا فى تاريخه.
التراث القبطي المصري
وتعرض د. مجدى عبد الرازق للتراث القبطي المصري من خلال (كتاب الأسرار الأثيوبى) حيث قال: مما لا شك فيه أن التراث القبطى المصرى، من المخطوطات المكتوبة بالعربية، هو جزء لا يتجزأ من منظومة تراث المخطوطات العربية ككل. وقد وجد هذا التراث القبطى العربى من المخطوطات منذ أوائل القرن الثالث الميلادى حين سادت اللغة العربية مجالات الحياة اليومية، فأصبح لزاماً على الأقباط أن يتخلوا عن مخطوطاتهم المكتوبة بالقبطية وترجمتها إلى اللغة العربية. بل والتحول إلى الكتابة والتأليف باللغة العربية، ومن ثم اندثرت القبطية لتصبح لغة طقوس دينية وصلوات، ومخطوطات قديمة ترجم غالبيتها إلى العربية.
ولأن الحبشة المسيحية كذلك جزء لا يتجزأ من منظومة الكنيسة القبطية المصرية، تعتنق مذهبها الأرثوذكسى وتمارس نفس طقوسها الدينية، فنتيجةً طبيعيةً لهذا اهتم الأحباش بنقل التراث القبطى الدينى إليهم، فشهدت الحبشة نهضة أدبية دينية ؛ ترجم على أثرها الكثير من الكتب الدينية القبطية وكتب الطقوس المختلفة فى أوائل القرن الثالث عشر الميلادى، أو فى نهايته على أقصى تقدير.
ومن الكتب الدينية الهامة التى نقلها الأحباش إلى تراثهم، فيما نقلوا، كتاب صلوات السواعى أو الصلوات اليومية المعروفة عند الكنيسة القبطية باسم (كتاب الأجبية) وتعرفها الكنيسة السريانية باسم (الأشبية) والكنيسة الأرمينية باسم (جاماكيرت) والكنيسة البيزنطية باسم (هورولوجيون) والكنائس الغربية باسم (الساعات القانونية) وعند الكنائس الشرقية عموما باسم (صلاة الفرض).
ونظراً لأهمية كتاب الأجبية القبطى عند الأقباط، فقد نقله الأحباش إلى تراثهم كغيره من التراث الدينى القبطى، إلا أن هذا الكتاب تحديداً لم يبق عند الأحباش كما هو عند نقله، بل نحا منحى آخر اعتمدوا فى جزء منه على أصل المخطوط القبطى من الأجبية الذى أضيفت إليه عناصر بيزنطية تحت مسمى (زاجيبس) أى الأجبية القبطية. وصلوات السواعى حسب ترتيب الأب جيورجيس الصحلاوى (كتاب الأسرار) ومزامير تؤدى طوال اليوم إلى جانب صلوات وجدت فى مخطوط إثيوبى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ماذا تريد يا زيدان
فتحي -

ماذا يريد زيدان هل يريد ان يكون مدير للمكتبة لماذا يتودد لليهود والمسيحيين لماذا كل هذا الولاء لهم حاجه غريبه

مزيد من الجهود مزيد
زينب البراوى -

مزيد من النجاح د|يوسف عطائك الزاخر لا يحصى وانت نموذج للرجل الناجح فى المكان الناجح فسوف تظل دوما مكتبةالاسكندرية منارة العلم وقبلة العلماء والباحثين