البرامج الترفيهية علي الفضائيات لا تمت إلي الترفيه الإعلامي بصلة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البرامج الترفيهية علي الفضائيات لا تمت إلي الترفيه الإعلامي بصلةمحمد الحمامصي: كشف دويدار الطاهر دويدار رئيس الانتاج المتميز- قنوات النيل المتخصصة في كتابه الصادر هذا الأسبوع عن دار سنابل بعنوان (فنون المنوعات والتلفزيون) أن رسائل الفنون التليفزيونية والإذاعية الآن، وإن ارتدت ثوب الترفيه الإعلامي شكلا، فإنها في الحقيقية المرة، إنما تستهدف زيادة الموارد المالية لتلك المحطات ـ دون استثناء ـ فالمهم هو الربح المالي الآن، أما الغد والإنسان وما يواجهه من تحديات ذاتية ومجتمعية وعالمية، فتلك أشياء يبدو أن الزمن قد عفا عليها مع قدوم العولمة، كما عفت التغيرات الليبرالية الحديثة علي دور الدولة الثقافي والاجتماعي وتنمية الإنسان وقص أدوارها علي صنع الثورة وتنظيم العلاقة أصحاب روؤس الأموال، أما المستهلك فعليه أن ينتظر طويلا حتى تتشكل منظمات المجتمع المدني لتتولى الدفاع عنه اقتصاديا وثقافيا وفنيا وتحافظ علي ذوقه الجمالي.
والكتاب يشكل معجما ودليلا متخصصا وكاشفا لفنون المنوعات علي تراميها واتساعها وتنوع أشكالها، جامعا لأسرارها وخصائصها وكيفية الوصول إلي أهدافها الحقيقية والتي تزيد الإنسان ثراء ثقافيا.
وفي ضوء رؤيته للترفيه كنشاط استمتاعي لا يهدف إلي أن يكون عملا أو واجبا أو وظيفة يري إن أغلب ما يتم رصده علي الشاشات العربية من برامج ترفيهية لا تمت إلي الترفيه الإعلامي بصلة، فهي برامج ترفيه من أجل الترفيه وإضاعة الوقت أو يتم استخدامها علي أحسن الفروض في أهداف سياسية في المقام الأول، فهي إما برامج تعبوية سياسية أو برامج دعائية أو برامج تفريغية لشحنات الغضب من الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أو برامج ترفيهية يغلب عليها البعد الربحي والتجاري، كما نرى الآن في محطات الغناء والسينما والكليب والإعلانات التجارية، ومن ثم تغيب وبالضرورة ـ التجارية ـ عن أكثر من 90 % من تلك المحطات الأهداف الإعلامية الأخرى مثل التنمية والتعليم والجانب الثقافي والفني الرفيع، وهو ما يمثل خطورة مستقبلية بالغة علي الكيان الثقافي والقيمي واللغوي العربي.ويؤكد دويدار الطاهر أنه إذا كان الترفيه وبرامجه التليفزيونية والإذاعية يحتل أكبر دوائر اهتمام المتلقي العربي الآن فإن الحقيقة العلمية تدل علي أن التسرية هي أهم أهداف عملية الاتصال الجماهيري بجانب الإعلام والتثقيف وغيره كالتنوير والتنشئة الاجتماعية والأخبار والتسويق، فالترفيه الاتصالي هو أحد الأبنية الإعلامية والتي تتخذ التذوق وإذكاء الخيال والإبداع عند المشاهد والمتلقي لرسائلها، والفنون الجميلة هي أقصر الطرق إلي التحضر الإنساني وتهيئة المتلقي للتعامل مع تحديات الواقع المعاصر بشكل إبداعي خلاق، لكن المتابع لمعظم محطات الترفيه العربي سريعا ما الشاشات، والتي تمتلئ بفنون الإبهار الشكلي ومخاطبة الغرائز والشهوانية والنوازع البهيمية، والتي تتنافي وأدوار الترفيه الإعلامي، إلي جانب كونها لا تناسب وطبيعة المجتمع العربي وقيمه وعاداته وموروثة وتقاليده، والتي يعتبر المحافظة عليها الآن أحد تحديات عصر العولمة والتنميط الثقافي وأحد أخطر وأهم أدوار الرسالة الإعلامية مرئية ومسموعة في الدول النامية.ويقول دويدار الطاهر معرفا المنوعات: المنوعات فن يجمع بين فنون الشكل وفنون الكلمة، وهي فن له أشكاله وقوالبه ويستهدف التسلية الراقية والإثارة والإمتاع الحسي والوجداني والعقلي ومن ثم تصبح أحد أدوات التشكيل الاجتماعي والثقافي والفني السليم.
ويضيف: إن برنامج المنوعات التليفزيوني كقالب متنوع الفقرات شكلا ومضمونا ولكي يحقق أهدافه الإعلامية ويحقق العائد من وراء تكلفته الإنتاجية المرتفعة، لابد أن يتميز بالابهار والمتعة الشاملة في كل ما هو مرئي أو مسموع، ساكنا أو متحركا أو مسموعا أو مدركا أو محسوسا، ومن أجل أن يتحقق كل ذلك لابد أن يتوفر للمنوعات العناصر منها: أولا ضرورة توفر الأنواع الجيدة من المعدين ذوي المواهب الإبداعية والابتكارية في مجال الأفكار ومن المؤهلين تأهيلا أكاديميا فنيا، والحريصين علي تجديد ثقافتهم الفنية بشكل مستمر، ويفضل أن يكون لكل برنامج هيئة إعداده الفني تحت رئاسة معد موهوب كرئيس تحرير في الصحافة، وبحيث يختص معد بفقرات الغناء وآخر لفنون الموسيقي وثالث لفنون الرقص والعروض الأندية ورابع للكوميديا والضحك وخامس لفنون الألغاز والأحاجي والمسابقات..
ثانيا يتطلب تقديم البرامج نوعا من المقدمين يطلق عليهم ـ قواد الاحتفالية ـ ممن يملكون الحضور وخفة الظل ويفضل من تتوفر لديه موهبة فنية في التمثيل أو الكوميديا أو الغناء أو الرقص أو الموسيقي بجانب الثقافة الفنية وباقي شروط مقدم التليفزيون الأخرى، فمقدم برامج المنوعات ليس مذيعا بقدر ما هو جزء من البرنامج.أو جزءا من النسيج الفني للبرنامج بشكل عام، سواء عن طريق أسلوب المقدم أو أزيائه أو حركته أو أدائه التعبيري، فالتقديم في حد ذاته فقرة استعراضية. ثالثا ضرورة التعامل مع الديكور والأزياء والألوان والإضاءة والتصوير والمونتاج والمؤثرات البصرية كعوامل متعة، لذا من المفضل أن يكون هناك مخرج فني لبرنامج المنوعات يساعد المخرج الأساسي فيما يختص بالجانب المتعلق بتناسق الألوان بين الخلفيات والديكور وملابس المؤدين ومضمون الفقرة. وما لم يتم هذا التناسق والتناغم فإن المشاهد سوف يحس وكأنه في سيرك شعبي أو احتفالية شعبية بدائية وليس برنامج منوعات تكلف كثيرا. وفي ختامه للكتاب يؤكد دويدار الطاهر أنه في عصر العولمة وسيادة آليات السوق والتي انتهت بها الديمقراطية القديمة، والإشتراكية كادت ليبدأ عصر الليبرالية الحديثة ومن تجلياته بالضرورة تراجع أدوار الدولة في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف وتراجع المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيري، فلن يبقي في الحقيقة غير الفنان و ضميره سواء أكان معدا أو مقدما أو مخرجا أو قائما علي إدارة محطة راديو أو قناة تليفزيونية أو قيادة شركة إنتاج فني أو غيرهم ممن يمتلكون ملكا لم يعطه الله لحاكم عربي، فهم يمتلكون قلوب ومشاعر مئات الملايين من البسطاء والفقراء والأطفال وباقي أبناء الأسر المطحونة بالواقع، وغيرهم ممن يعتبرون المذياع والشاشات جنات حاضرهم هربا وتسلية وتعلما، وحقيقة فإنه لا ملجأ لهم من جحيم المعاناة إلا إنتاجكم الفني والذي وإن لم يخفف عنهم وينسيهم فهو أيضا يرسم لهم ودون أن يشعروا معالم مستقبلهم وطرق تفكيرهم.الكتاب: فنون المنوعات والتليفزيون
المؤلف: دويدار الطاهر دويدار
الناشر: دار سنابل
الطبعة الأولي: 2008
عدد الطفحات: 136
القطع: متوسط
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف