مقبرة المياه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وحينَ مضى وقتٌ من الدهر وامسى الصبيّ رجلاً... كلّما لامسَ احداً من البشر نمَتِ الطحالبُ والديدانُ في يَديه وفي عظامه وفي شفتيه وأكَلُ قلبَه الوجعُ والخوفُ والغثيانُ وشيئ آخر دونَ ذلك او مِنْ فوقه ولم تنفعْ معه... لا ادويةُ الاطباء ولا الرقى ولا التعاويذُ التي سقاه بعضاً منها رجالٌ من اهلِ العلم وربطوا بعضاً منها في ذراعيه.
لقد عاشَ ذلك الصبي حياته كلها مثل سامريّ مبهوتٍ ومنهوكٍ في بيتٍ لابابَ فيه ولا سقفَ ولا جدرانَ ولا شبابيكَ ولا شموع... وانتهى آخرَ الامر وحيداً في آخرِ الارض مطروحاً على سريرٍ حديديّ يجرّه حصانان... وقبلْ انْ يلفظ آخرَ نـَفسٍ لديه التفتَ باحثاً عن يدٍ تـناولُه قدحاً مِنَ الماء... ثم رأى حُلما في المنام يسأله انْ يتوكأ على عصاه وانْ يَركبُ مشحوفهُ ويَدفعه بمرديّه اوّل الليل قاصداً تلك المياه التي... وحين بلغَ المكانَ رآى المرأة ذاتَها على الحال ذاتِها فقالَ كمَنْ مسّته نار: وَيْ... اما تزالينَ ها هنا ولمْ تهلكي بعدُ... وقبلَ انْ تقول شيئاً ما... مَدّتْ يدَها اليه واذْ يحاولُ رفـْعَها تنقطعُ يدُها في قبضتهِ لتصيرَ رشـّةَ حفنة ٍ من الماء تندلقُ على ثيابه ثم ينظرُ في الماء فلا يرى سوى عينين سوداوين تتماوجان مع الماء فصاحَ مذعورا: هَيْ... لقد كنتِ بلا عينينِ اذْ ذلكَ اليومَ... هل تذكرينَ... فقالتْ: نعم ولكنّ قبضة ً من يديكَ القتْ على وجهي ما تراه فمَرحى لكَ وسَرحى... الآنَ أبْريتَ نـُذركَ وأوفيتَ دَيْنـَكَ هَيْتَ لكَ وَبَيْتَ لكَ... هوَ كذلكَ... سأمضي الآنَ تحتَ المياه الى مكانٍ بعيد لا عودةَ منه ابداً... أمّا انتَ... فاذهبِ الآنَ وعدْ الى حياتكَ صبياً في الخامسة من العمر... فأمامَكَ الكثير من الحياة....وقبل ان تنهي كلامها سَمعَ الصبيّ صوتَ ابيه الذي وجدَه ملفوفا في صرة تحملها امرأة... وهو يلكزهُ بالمردي قائلا: هَيْ... يا ولدْ... قلتُ لك حاذرْ انْ تحدّق طويلاً في عينيها.
التعليقات
لصورة
جواد -أرجو من الكاتب تبديل صورته وغطاء رأسه لأنه طالع كعامل وليس شكل كاتب........من المحرر: وهل هناك فرق بين عامل بناء مثلا وكاتب: كلاهما يعمل. مواد الأول الاسمنت والطابوق ومواد الثاني: كلمات..
شكرا جزيلا
فاضل الخياط -شكرا جزيلا اخي جواد على اقتراحك ... لكن المشكلة ان استراليا حيث اعيش واقعة تحت ثقب الاوزون والشمس هنا حتى في الشتاء القارس اشد لهبا من جهنم ومن سقر ليس لحرارتها بل لاشعتها تحت الحمراء وفوق البنفسجية والتي تمر مرور السيف في الماء وانا كما تعرف دون غطاء شعري (بفتح الشين وتسكين العين وكسر الراء وتشديد الياي) .... ولك مني وافر المحبة...
القصة القصة لا
يوسف حكيم -سلاما وتهنئة ياأخ فاضل على قصتك الجيدة المكتوبة بلغة المضارع استحضاراً وحضوراًيستضيفان المتلقي الى حضنها، بحيث يكون مشاركاً وشاهداً...أما همستي المتسائلة للأخ جواد فهي:- لماذا أوليت اهتمامك بالقشر دون اللب؟!وللجميع أقول: عليكم بالقصة، لا الشَفْقة! للأسف الشديد نجد أغلب التعقيبات والردود والمداخلات شفقوية(قشرية)في حين ينتظر كل مبدع(شاعر،قاص،مترجم..)وباحث جملة مفيدة سواء أكانت تقريظاً(مديحاً مستحقاً)أو نقداً بنّاءً.وقد يحصل هذا كإستثناء، لكنه سرعان ما يتعرض لهجوم المدّاحين أو النبّاحين، بل ويُنعَت صاحبه بالمتنكر وراء اسم مستعار!متناسين أنهم هم من ارهابيي الثقافة الملثمين!