سوسن أبيض / تعرية على لسان أبطالها
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السرد كان هو ذاك اللاشعور بعينه، بخزينه الشرقي الساخن، ولكن الذي ينقذُ صفتَه اللاشعوريةَ هو نظْمُهُ الفكري الدقيقُ المطعم بوعي غريب للجذور، فتحسُّ أنك بين يدي (لاشعور) يعي مهمته، رغم إن اللاشعور ضد الوعي،أو هو وعي زائف بحكم كونه رغبات وأمنيات وذكريات مقموعة أو منسية أو مؤجلة، مهما كانت التسمية أو الصفة حسب لغة التحليل النفسي.
سرد منظوم من داخله بالفكر والوعي رغم أنه تجليات لغفوة طارئة لعالم الوعي بحد ذاته، فنحن نلتقي بهذا الكم الهائل من خيرات الشرق ومسميات مكوناته الأولى (الرايات، الأهلة، الشهب، الزوارق، جرارات الماء، الحلي،اليشب، سروج الخيل، الدروع، الزعفران، شتلات الحناء...) مما يدعوك أن تتنفس ماضيك وأنت تعيش في وسط غرف زجاجية شفافة تطل من خلالها على تلال الثلج المتكدسة لأسابيع تنتظر أشع الشمس صدفة علّها تذوب وكأنها تريد فسح فرصة جديدة لثلوج جديدة.
في (نار لائذة بالخزف) تحاول الشخصية أن تتماهى مع ماض عتيد ولكن بعناد شرس مع قدر مفروض، يتجلى الماضي عبر وراثة نسبية وليس عبر تجربة فعلية كانت الشخصية قد عاشتها بنفسها، فهي سليلة الوراثة وليس سليلة الزمن الحي، الزمن الحاضر، فهو نوع من النضال القاسي من أجل إثبات الماضي، وليس لإثبات الحاضر الذي صار نهبا للجليد والحديد، محاولة لتسريب الماضي إلى الأيام الحاضرة، علَّ ذلك يكون عزاء ضد قسوة الإستلاب والروتين والهجانة والضياع.
تغيرت الأسماء (هالة إلى بيّا، وفيّ إلى يُتّا) ودارت الأيام دورتها مشبعة بثقافة غريبة على التاريخ، ولكن كما يبدو إن الثقافة كائن جيني، ينتقل بالوراثة، فلم تقدر هذه الأيام وهذه الثقافة أن تمضي أثرها إلى النهاية، ولكن المشكل الجديد هو الحديث عن الماضي وإستذكاره بل وحتى تمثله عبر ثقافة (الهاتف) وليس عبر ثقافة اللقاءات المتبادلة بكل ما يملك اللقاء الشرقي من حرارة ومجاملات صادقة أو كاذبة.
يبدو لي أن (بيا / هالة سابقا) تجسد اللاشعور الواعي، فيما أختها (يتّا / وفيّ سابقا) أخذت جانب (الهو) بكل فضاعاته، فهل كان (فهر / رسول) يعبر عن الأنا بكل صرخاته المحتجة على الغريب؟
لقد لعب اللاشعور دوره أ يضا
لقد كانت العلاقة بينهما (فهر / بيا) محكومة بهذا التركيب المعقد من الماضي المنقول وراثيا إلى الحاضر المفروض، يتوزع بين شك ويقين، وفيما كان الرباط المقدس يحكم العلاقة تحول إلى رباط محكوم بحكايات سجالية تجري على قارعة الطريق، وفي الأثناء كان الشرق يتحرك على لسانيهما، وبالتالي، كان هناك المخلوق الهجين!!!
يتخذ السرد منحى آخر في (كآبة بيضاء) حيث يتمحور حول الوطن الاصيل عندما تقتحمه الصناعات الجوفاء، ينتقل السرد بين ضمير الغائب والحاضر لأن موضوعه هو الحاضر الغائب، ها هو الوطن في الذاكرة المحفوفة بلغة الاحتقار و(رايات) مخدومة بناسها وليس العكس، فنموت من أجل الوطن، ولكن الوطن يبقى بعيدا ملفوفا برايات مصطنعة، هل هي لغة قدرية أن يقترن الموت بالوطن؟ (نحن الآن بلا أوطان هذا يعني أننا أقل إحساسا بالموت، أو أحياء رغما عنّا).
معادلة الحياة والموت تلتغي هنا، تحل محلها معادلة الوطن والموت، إن التراب الحي يمنح الجسد حريته، و(عرينا) تعبير عن تراب مغلق،فيما عريهم تعبير عن تراب حر، نستحي من عرينا لأن ترابنا يتحسس هواجسنا ليقدمه للمحاكمة، عريهم جميل وجميل جدا لان ترابهم يغذي مسمات أجسادهم نفحته الروحية الشفافة.
الإستلاب مادة خصبة في أ دب (محي الأشيقر)، يتضح ذلك في سرد (الدور الأخير) من خلال ذلك الاعتراف المثير لـ (عين) أمام عدسة التحليل النفسي من أجل تحقيق نوع من الرجوع إلى الذات كما خلقها الله!
كان يسرد بدقة غريبة ذكريات الإعداد للمهمة العسيرة والقذرة في نفس الوقت، المران على شي يحولك إلى ذلك الشي رغما عنك،خاصة إذا زرعوا فيك الإيمان بمهمتك، فهو الآن إمرأة، هذا هو أحساسه بالضبط ((أردت أن أصرخ (إنني رجل) ولكن تذكرت الدور الذي أنا فيه))!
يصل بنا السرد بشكل تدريجي إلى النقطة الحرجة، لقد فقدت الشخصية طبيعتها الاولى، لتصل عملية التطبيع إلى ثنائية التكوين، مزحة هي أم واقع؟ لا ندري، ولكن هي عقدة تتطلب العلاج...
الأشيقر يشوقنا إلى استباق النهاية، وكانت النهاية، في السويد ترقد الشخصية المستلبة تعاني من فجوة فاصلة بين مبنين سكنيين، حيث (لا صوت ولا حركة بتاتا... وحدها السماء تمطر حبرا وتطفء كواكبها...)، تلك هي رحلة العذاب،عذابنا جميعا.
في (فاكهة الغرباء) يتحد السرد بالسارد، هناك وحدة وجودية بين المتكلم والكلام، فعندما تختلط (العامية) بـ (الفصحى) في سياق سرد لذكريات المغامرة، أقصد مغامرة اللجوء، نكون قد تعايشنا مع تجربة مرّة خليطة، هجينة. محاولة لتزجية التاريخ بين شراب وكلام، تعبير عن ضياع داخلي لا ندري كيف نعالجه. حكايات المهجر هي وحدها المتسيدة في فاكهة الغرباء، للهروب من حاضر ملول، ومحير. ولكنه حديث ممزوج أيضا بخميرة اللاشعور الواعي، فإن ذكريات الجندية والهروب من بلد إلى بلد حاضرة في حديث.
الأشيقر كان حريصا على تجريد الذات من ظاهرها، وعلى لسان الذات أساسا (لقد جعلني السجن شخصا آخر، وقررت الحياة بأي ثمن، قالت نعم بكل المناسبات،ولكل شي، نعم للدين، وأخرى للشيوعية،وثالثة للقومية، الرابعة للديمقراطية، نعم للكذب والصدق، والمشروب والنساء والكره والحب والضحك والضمير والنصب والصداقة والإيمان والكفر... المهم أن اعيش وأعيش الخمسة الذين صاروا سبعة...)...
هذه الذخيرة الخليطة جاءت أ رض (الملجأ) فماذا سوف تخلف من تاريخ قريب وبعيد؟
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم أفهم
علي الشويلي -بصراحة يا إيلاف العزيزة لم أفهم شيئاً من هذا الكلام ،هل هذا نقد أم استخفاف بعقول القراء ؟ ما معنى هذه التراكيب المتحذلقة المعصورة كأنها تخرج من مجرشة حصى لا من ذهن كاتب يفترضبه أنه ناقد يفتح أمامنا النص لا يغلقه ؟ ارحموا قراءكم يامحرري إيلاف واعطو الخبز لخبازه! ومعذرة من القراء قيل كل شيئ
الكتابه والفرح
عليه البغدادى -مجموعه قصصيه كئيبه ينقصها الامل
الكتابه والفرح
عليه البغدادى -مجموعه قصصيه كئيبه ينقصها الامل