ثقافات

الكاريكاتير العراقي .. ما زال ينبض بالسخرية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
77 عــاما على مدفع حبزبوز ولم يصدأ
الكاريكاتير العراقي .. ما زال ينبض بالسخرية
(1-2)
عبد الجبار العتابي من بغداد: حين يطل شهر ايلول / سبتمبر، اراني ارفع وجهي لأبتسم في وجه التاسع والعشرين منه، ابتسم بشكل عفوي، واجدني احمل قلمي واذهب لأنبش في قرار هذا اليوم، في محاولة مني للاحتفال به وان كنت ليس من اهله، احاول ان اجد ما امنحه للعيد الذي قد اجده احيانا غير سعيد، واجدني مثله غير سعيد، للعديد من الظروف والكثير من التداعيات والاحوال التي مر بها وما زال يمر، اراني اتأمل وجه يوم التاسع والعشرين الذي لم تخطر على بال الكثيرين مناسبته، لكنني دأبت على استذكاره مذ تعرفت على الفنان الكبير الراحل مؤيد نعمة (رحمه الله) واراني اسكب دمعة على ذكراه، ومن ثم اخبيء وجهي عن عيون الناس!!، اقول منذ تعرفت على مؤيد نعمة من خلال رسوماته اولا وشخصيا مرة اخرى وقد عرفت منه هذه المناسبة ومعناها.انه يوم الكاريكاتير العراقي، واحاول هذه المرة ان لا اقول (عيد)، ذلك اليوم البعيد الذي يمتد الى (77) عاما، اليوم الذي سبق وان اتفق اهل الكاريكاتير ذات يوم على جعله (عيدا) لفن الكاريكاتير العراقي.. وكانوا الى وقت قريب يقيمون فيه معرضهم السنوي واحتفالاتهم المشاكسة، او كما قيل ذات عام تسعيني: (.. ويضيفون عاما جديدا لعمر الكاريكاتير مليئا بالعطاء والمشاكسة).. ولكن يبدو انهم لم يستذكروه، لانهم منذ وقت طويل لم يحتفلوا وربما الهموم الكبيرة انستهم عيدهم وكنا نتمنى هذا اليوم ان تغرد مشاكساتهم وتلعب في اراجيح صفحات الصحف بقفزات عالية. ولكن لماذا يوم 29 ايلول؟!، نقول: لانه في مثل هذا اليوم من عام 1931 ظهر في الصحافة العراقية اول كاريكاتير عراقي صميم خطته ريشة الفنان العراقي عبدالجبار محمود ونشر غلافا للعدد الاول من جريدة (حبزبوز) لصاحبها نوري ثابت، ويصور هذا الرسم الكاريكاتيري شخصا هو (نوري ثابت نفسه الملقب حبزبوز) وقد ظهر بملابس الفرسان ممتطيا (طوب ابو خزامة المشهور فلكلوريا في العراق). وقد حمل بيده قلما طويلا، كناية عن رمح الفارس وكلاهما سلاح. وقد توجه بنظراته وابتسامته الساخرة الى القراء، وفوق الكاريكاتير تعليق هو (سيارة حبزبوز الجديدة وقلمه السيال) وتحت الكاريكاتير حوار من سؤال وجواب: (السؤال موجه لحبزبوز (نوري ثابت) يقول: شنو هاي حبزبوز؟
اشو راكب على طوب ابو خزامة؟ تريد تصير مثل سلطان مراد؟!
ويجيب حبزبوز ـ لا مولانا! لكن مادام بنص اوتيل انضرب ست رصاصات فمنا وغادي،
قررت بعد ما اركب بعربانة او سيارة ..،
بل اخذت هذا الطوب من وزارة الدفاع حتى اتجول عليه!..
هم المسألة اقتصادية لان معلوم حضرتكم هذا يلهم التراب.. يصير بارود ويلهم الحجار يصير دان (اي قنابل)..
اريد رجال اللي يتجدم).
وعلى الرغم من ان جريدة (كناس الشوارع) الهزلية لصاحبها (ميخائيل تيسي) التي صدرت عام 1925 قد حملت بجانب عنوانها رسما يمثل شخصا يحمل مكنسة اشارة الى عنوان الجريدة، الا ان الرسم على بساطته كان اقرب الى (الموتيف) الثابت منه الى الكاريكاتير، كما يقول عنه اهل الكاركاتير طبعا، لاسيما ان الجريدة خلت اعدادها اللاحقة من اي رسم كاريكاتيري يؤكد اهتمامها بهذا الجانب. وانا اقف على عتبات اليوم المهم لهذا الفن اذكر انني كنت قبل اعوام قد سألت الفنان الراحل مؤيد نعمة عن مراحل تطور هذا الفن فقال لي:(الكاريكاتير العراقي بدأ بتأثيرات الصحافة التركية وكان عبارة عن رسوم توضيحية (نكتة لفظية) وفي عام 1931 كانت الصحافة الهزلية قد بدأت تأخذ موقعا وتطور الكاريكاتير في الاربعينيات حيث بدأ الرسام غازي يضع لمسات لملامح فن الكاريكاتير العراقي وبأسلوب متقن كان يضاهي الاساليب المصرية والتركية، لان الصحف كانت تصل من هذين البلدين، وفي وقتها ظهرت اسماء بعد الرسام غازي لكنها لم تترك اثرا، وفي الستينيات بدأ رسم الكاريكاتير يصبح اكثر حداثة وبساطة وتطورت الفكرة، وهذا استمر الى بداية السبعينيات حيث ظهرت الاسماء التي هي الان متواجدة في الصحافة فأخذت على عاتقها تطوير فن الكاريكاتير من ناحية الفكرة واصبحنا نرسم بطريقة الاستغناء عن التعليق، وهذا جعلنا نغامر ونشترك في المسابقات العالمية على صغر تجربتنا وحداثتها وحاولنا ان يكون الكاريكاتير الذي نرسمه عالميا اضافة الى محلية الاسلوب فتمكنا من التواصل مع الكاريكاتير العالمي باسلوب عراقي فكانت مشاركتنا الاولى عام 1975 ولكن في عام 1979 فزت بالجائزة الدولية الثالثة التي كان لها اثر كبير عند الجهة المنظمة التي تنظر الى الكاريكاتير في العالم على انه متواجد في الدول المتقدمة على الاقل وكان اعجابهم شديدا بالتجربة العراقية). كاريكاتيرنا العراقي.. كان في سنوات النظام السابق منحسرا.. ولا يقوى على رمي مشاكسة الا من وراء ستائر الغموض.. حتى ناله فقر وحرمان..، على الرغم من ان نجوم هذا الفن تواصلوا في رفد الساحة بألوان من اساليبهم، كانوا يرسون تصوراتهم الناقدة بمحاكاة مظاهر اجتماعية معينة او سلوكيات، لكنها تشير من تحت الغطاء الى ازدراء للواقع، وقد شهدنا خلال الثمانينيات والتسعينيات العشرات من الرسومات التي ترسم صورا للواقع ولكنها تغلفها وبعد سقوط النظام.. كان هذا الفن على موعد مع الازدهار.. وراحت رسوماته تغزو الصحف وتملأ الصفحات وظهر فنانون شباب استطاعوا تأسيس قواعد ثابتة لطموحاتهم، ولكن كان المستوى متباينا، ما بين جودة في الفكرة والاسلوب، ورداءة في الاثنين معا او في احدهما، وسرعان ما تناقص العدد الذي تواصل ولم يبق في الساحة منه الا ما لايتجاوز اصابع اليدين، ولا اخفي ان هناك رسامون ولدوا بالمصادفة لحاجة الصحف الى الكاريكاتير، وما كانوا قبل ذلك من اهل الكاريكاتير. ألتقيت بالفنان عبد الرحيم ياسر (احد ابرز فرسان هذا الفن الان) لأعرف منه ما سيفعله الكاريكاتيريون في يومهم، فقال: لم افكر في شيء، زحمة الانشغالات والظروف لم تمنحني الفرصة الى ان افكر بنشاط لهذا اليوم خاصة بعد ان خسرت ضلعي وضلع الكاركاتير العراقي الفنان مؤيد نعمة، ولكنني لا اخفي عليك هنالك شيء سنحاول ان ان نعمله خلال المدة اللاحقة، فقد اتصل بي الفنانان علي المندلاوي ورائد الراوي، واتفقنا على فكرة ان نعمل تجمعا افناني الكاريكاتير من جديد يكون قويا ومدعوما، ومن ثم تقيم مهرجانا ندعو فيه الرسامين العراقيين في الداخل والخارج، واضاف: انها لم تزل فكرة ولم نبدأ بعد بخطوات عملية قوية ولكن التفكير بها قائم ونجري مناقشات اولية بصددها، وبصراحة نريد ان نهيء لها تهيئة جيدة، بعد ان نتنفس وجمع ناسنا وادواتنا ونقرر الخطوات الصحيحة. عبد الرحيم ياسر سألناه ايضا عن احوال الكاريكاتير العراقي خلال مراحله فقال: (انا اعتقد ان الكاريكاتير نما عندنا في مرحلة السبعينيات والثمانينيات، وهذا ربما شيء غريب اذا ما عرفنا ان هذه المدة الزمنية صعبة ويصعب فيها الرسم، بل انها من اصعب الفترات على أي رسام كاريكاتير بسبب الايدلوجية الواحدة التي تحيطك من كل مكان بالمخاطر، فكيف يمكن للرسم ان يكون في الصحافة وسط هذه المخاطر، والسبب في هذا النمو هو ظهور مجموعة من الرسامين، ليس من اجل الظهور في الصحافة، بل من اجل الحصول على جوائز في المهرجانات ومن خلال المعارض، وظهور كاريكاتير يلامس المعنى الاخر، التأويلي، فكان الرسام قادر على ان ينشر العمل دون ان يحاسب عليه او تجري عليه تقولات لانه قابل للتأويل)، واضاف رحيم: (وقياسا للظروف التي عاشها الكاريكاتير فقد تخرج عدد لابأس من الرسامين الاكفاء والمميزين، واتذكر المعرض الذي اقيم في مصر عام 1990 وشارك فيه مجموعة من فنانينا وهناك استغرب الرسامون المصريون وسواهم من العرب وجود هذا النوع والكم من الرسامين العراقيين والذين حصلوا على معظم جوائز المعرض الذي اجتمع فيه معظم رسامي العرب وافريقيا، واذكر ان احدهم قال: كيف يتسنى لرسامين بهذا المستوى الجيد ان يظهروا في بلد لاتوجد فيه صحف كثيرة). اعدت رحيم من الماضي لأضعه امام الواقع ويقرأ لي مشهده، وبين ارتفاعات عيونه ولحظات تأملاته قال: (هناك ظروف متشابكة اثرت مرة ثانية مع ظهور صحف كثيرة، الكايكاتير بحاجة الى حرية اكبر وتفهم اكبر من رؤساء تحرير الصحف، فما زالت مادة الكاريكاتير غير قادرة على معيشة صاحبها، فمن المهم دعم الكايكاتير ماديا وجعله مادة ضرورية في الصحف وضمان الحرية وهي بالمناسبة غير موجودة للكاريكاتير الذي هو مادة متفجرة تثير الانتباه اكثر، وبدون حريات لايمكن ان نواكب الاحداث ونقول ما نقول). وحين عرفت ما يعانيه اهل الكاريكاتير من قيود قلت له: ها هو عيدكم سيمر اذن .. بلا احتفال ولا اقامة معرض كما كنتم تفعلون ذلك من قبل، اجاب رحيم وعلى وجهه لاحت تباشير ابتسامة:(كل سيحتفل على طريقته الخاصة، انا سأحتفل بعيد الفطر من خلال رسم سأنشره) وحين طلبت منه توضيحا، قال: (كما قلت لك: الان لانمتلك امكانية جمع الموجودين من الرسامين في هذا الظرف الصعب، ولا اقامة معرض، فنحن غير قادرين على ذلك، فمن سيأتي ومن يضمن امن القاعة؟، ولكن الفكرة ما زالت قائمة في اننا سنشتغل على اعادة اهل الكاريكاتير الى مهرجان مشترك، ولكن الاحتفال حاليا ان نتذكر (العيد) برسوم ما على واجهات الصحف، اقصد على الصفحات الاخيرة منها او في داخلها).في الجزء الثاني سنتواصل مع الكاريكاتير واهله ومستجداته

Attaby60@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صدى الصدأ
ع/عطاالله -

ففي صبيحة حبزبوز كان امامه لونان مما كان على القوس؛أماأمامك فستة عشر ألف لون وماأنت بأرطم ولاأصقه.

صدى الصدأ
ع/عطاالله -

ففي صبيحة حبزبوز كان امامه لونان مما كان على القوس؛أماأمامك فستة عشر ألف لون وماأنت بأرطم ولاأصقه.

رحم الله الزمن الجمي
البغدادي -

اخوتي رحمة الله على ذلك الزمن الجميل فلن يعوض شئ جيل السعينيات والثمانينيات وبحسبة بسيطة سوف تكتشف ان كما هائلا من الرسامين كان موجودا وكانت معارض العالم تحتفل بهم وكانت معارض بغداد تزهو بهم وهم يقيمون المعارض بيوم الفن وعيد الصحافة العراقية ولكن مع مجي الغزاة والعمامة العفنة ضاع كل شي جميل في العراق ولكن مانزال نتامل ان يرحل الغزاة وتعود امجاد بغداد العربية وليست الصفوية ورحم الله ابو داليا مويد نعمة

رحم الله الزمن الجمي
البغدادي -

اخوتي رحمة الله على ذلك الزمن الجميل فلن يعوض شئ جيل السعينيات والثمانينيات وبحسبة بسيطة سوف تكتشف ان كما هائلا من الرسامين كان موجودا وكانت معارض العالم تحتفل بهم وكانت معارض بغداد تزهو بهم وهم يقيمون المعارض بيوم الفن وعيد الصحافة العراقية ولكن مع مجي الغزاة والعمامة العفنة ضاع كل شي جميل في العراق ولكن مانزال نتامل ان يرحل الغزاة وتعود امجاد بغداد العربية وليست الصفوية ورحم الله ابو داليا مويد نعمة

احسنت رحم الله الزمن
ابن الموصل الحر -

بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكمشكرا للاستاذ عبد الجبار العتابي الذي اعاد الى ذاكرتنا المتورمة بنشاز الغزاة واعوانهم وياليتة ينشر لنا الجزء الثاني ، لانك قد هيجت علينا المواجع فقد اعدتني الى اكثر من عشرين عام وبالتحديد الى عام 1985 اذ اتصل بي صديق وهو يبلغني بان لدية ضيوف مساء اليوم قد قدموا الى نينوى ويود ان احضر الى دارة مساء لكي اشاركة في الاحتفاء بالضيوف وفعلا ذهبت وانا لااعرف من ضيوف صديقي وهو من اعلام الثقافة الموصلية واذ بصديقي يعرفني على الفنان الكبير الراحل مؤيد نعمة والفنان الشاب - في وقتها - وليد نايف وكانو قد وصلو ظهر اليوم لاقامة معرض للكاريكاتير العراقي في نينوى وقد اتحفني الفنان مويد بارائة المهمة وتصوراتة لكاريكاتير الغد بينما فاجئني الفنان وليد نايف باحلامهم الكاريكاتيرية من اصدار مجلة الى مشاركات خارجية وطالت السهرة لنلتقي في اليوم الثاني في قاعة المعرض وبصراحة كانت اول مرة ارى الرسوم الكاريكاتيرية في معرض والاجل هو الافكار الجميلة والقوية التي تناولتها الاعمال المعروضة ومنذ ذلك اليوم بدات اتابع معارض الكاريكاتير وكنت اذهب الى بغداد مخصوصا لمشاهدة تلك المارض ولكن للاسف فمثلما توقف قلب بغداد بعد الغزو توقف قلب الكاريكاتير عن تلك المعارض لازلنا نحلم برحيل الغزاة واعوانهم لكي نستعيد بهجة الايام وسخرية الكاريكاتير

احسنت رحم الله الزمن
ابن الموصل الحر -

بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكمشكرا للاستاذ عبد الجبار العتابي الذي اعاد الى ذاكرتنا المتورمة بنشاز الغزاة واعوانهم وياليتة ينشر لنا الجزء الثاني ، لانك قد هيجت علينا المواجع فقد اعدتني الى اكثر من عشرين عام وبالتحديد الى عام 1985 اذ اتصل بي صديق وهو يبلغني بان لدية ضيوف مساء اليوم قد قدموا الى نينوى ويود ان احضر الى دارة مساء لكي اشاركة في الاحتفاء بالضيوف وفعلا ذهبت وانا لااعرف من ضيوف صديقي وهو من اعلام الثقافة الموصلية واذ بصديقي يعرفني على الفنان الكبير الراحل مؤيد نعمة والفنان الشاب - في وقتها - وليد نايف وكانو قد وصلو ظهر اليوم لاقامة معرض للكاريكاتير العراقي في نينوى وقد اتحفني الفنان مويد بارائة المهمة وتصوراتة لكاريكاتير الغد بينما فاجئني الفنان وليد نايف باحلامهم الكاريكاتيرية من اصدار مجلة الى مشاركات خارجية وطالت السهرة لنلتقي في اليوم الثاني في قاعة المعرض وبصراحة كانت اول مرة ارى الرسوم الكاريكاتيرية في معرض والاجل هو الافكار الجميلة والقوية التي تناولتها الاعمال المعروضة ومنذ ذلك اليوم بدات اتابع معارض الكاريكاتير وكنت اذهب الى بغداد مخصوصا لمشاهدة تلك المارض ولكن للاسف فمثلما توقف قلب بغداد بعد الغزو توقف قلب الكاريكاتير عن تلك المعارض لازلنا نحلم برحيل الغزاة واعوانهم لكي نستعيد بهجة الايام وسخرية الكاريكاتير