الترجمة كدور فاصل في حوار الثقافات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أجرى الحوار محمد مسعاد
1.بعد ترجمة ألف ليلة و ليلة تأتي هذه المختارات، لماذا؟
جوابا على هذا السؤال أود أن أشير إلى مسألتين: تتعلق الأولى بأن القصائد العديدة في ألف ليلة و ليلة شكلت بالنسبة لي القلب النابض للنص، على الرغم من كل التشويق الموجود في حكايات ألف ليلة و ليلة، بحيث ينتظر السامع والقارئ خصوصا في العالم العربي "البيئة الأصلية للنص" دائما سحر القصيدة الموالية. وقد كان هاجسي ولفترة طويلة جعل قصائد الشرق الجملية هذه والمهمة موضوعا للنشر خاصة قصائد الغزل التي تشكل موضوعا رئيسيا للشعر في كل الثقافات، غير أنها تحتل في الشرق بصفة خاصة مكانة مهمة! و يمكن القول تقريبا ان الحب هو اللغة الأم للشرق. أما المسألة الثانية فتتعلق بكون نشر "ذهب اللازورد - 100 أجمل قصائد حب من الشرق" هو تكملة لسلسة دار النشر "س ه بيك" CHBeck "100 أجمل..." وتضم " 100 اجمل صلاة للإنسانية" أو " 100 قصيدة ألمانية الأكثر شعبية". و بالمناسبة فإن عنوان "ذهب اللازورد" ينحدر من قصيدة عربية أندلسية تصف بريق النجوم في سماء زرقاء داكنة. وتحضر هذه الاستعارة أيضا في شعر الغزل المصري القديم، وأخيرا في حكايات "ألف ليلة وليلة".
2.ما هي المعايير التي اعتمدتيها في هذه المختارات؟
لنكن واقعيين: لا احد باستطاعته أن يخرج من هذا التنوع الهائل من شعر الغزل في الشرق مختارات من "100 أجمل" ذات طبيعة تمثيلية حقيقية. لم يوجد ولن يوجد مكان أنتج شعر الغزل بهذه الكثافة و بهذا الجمال كما هو الحال في الشرق، وذلك منذ قرون عديدة. إن هذا الكم و الكيف من النصوص المتوفرة يجعل مسألة الاختيار بالأمر الصعب، لذلك ترددت في البداية في قبول عرض دار النشر هذا. وقررت أخيرا أن أقوم بجولة حول موضوع الحب وتناوله من زواياه المتعددة، انطلاقا من "الأصول" مرورا بـ " التغزل في الرجال، النساء الحسناوات"، " الارتباط" وصولا إلى "الانفصال" و "العشق المميت" والبعث من جديد"، حيث يقوم القارئ بجولة بين المواضيع الرئيسية لشعر الغزل الشرقي. وأخترت لكل واحد من المواضيع 14 من كل فترة مختارات من القصائد. ومع ذلك فالاختيار أخذ منحى ذاتي. واكتسبت بعض القصائد بالنسبة لي إثناء دراستي أو إقامتي لسنوات في الشرق مكانة مهمة، وكان لي تواصل شخصي مع قصائد أخرى. وهناك أيضا قصائد أخرى اخترتها لأنها فقط نالت إعجابي، إلى جانب أخرى اكتسبت شهرة كبيرة ولم يكن مسموح التخلي عنها ببساطة في هذا النوع من المختارات. ولأن القصائد التي اخترتها تنحدر من سبع لغات، لهذا فإن الترجمات ليست كلها لي بل فقط القلة القليلة! وعلى العكس من ذلك ، يمكن للقارئ أيضا أن يستنبط من كتيبي الجديد تاريخا مختصرا للترجمة و التناص الشعري من اللغات الشرقية من لوثر وغوته مرورا بريكرته وشيميل وصولا إلى قرشولي و سينوساك.
3.لماذا يحضى الأدب الشرقي باهتمام القراء الألمان؟
لا يزال "الشرق" بالنسبة للقراء الألمان نوعا من الإسقاط السطحي للأشواق والأخيلة الغرائبية، ولكن أيضا صورا و قوالب جاهزة خطيرة. أما فيما يتعلق بالأدب، وخاصة الشعر، وعلى نحو أكثر تحديدا شعر الغزل منذ جوته " الديوان ـ غرب شرق" يتوجه الشعراء و الشاعرات ، القراء و القارئات في ألمانيا عندما يذكر الحب إلى الشرق. وهذا الرأي هو على صواب وهو ما آمل أن تبرزه مختارات "ذهب اللازورد "! بالإضافة إلى ذلك ، هناك في السنوات الأخيرة ، بوجه عام ، اهتمام كبير بكل ما يتعلق بالشرق. وأشعر بهذا أيضا من خلال عملي كمحاضرة في الجامعة: لم يسبق ان امتلأت قاعات المحاضرات الخاصة بالدراسات العربية و الشرقية والإسلامية كما هو الحال اليوم!
4.رغم الاهتمام الكبير فإن ترجمة الأدب العربي لاتزال ضعيفة، ما هو السبب في نظرك؟
للأسف تهيمن الدراسات السياسية على سوق الكتب عندما يتعلق الأمر بالنظرة الحديثة للشرق. وينشر العديد من الكتب حول الشرق أكثر من الترجمات الأدبية من العربية أو الفارسية والتركية والافغانية ، الخ). وهذا يحدد طبيعة الاهتمام بالأدب: لأن اختيارنا لقراءة كاتب أنجليزي، فرنسي، أو روسي هو من باب إيماننا بقراءة الجيد. أما قراءتنا لكتاب عربي هو من باب الاطلاع على الأوضاع في العالم العربي يتعلم. لماذا هذا بالضبط، لا أريد أن أعطي حكما؛ بكل تأكيد له علاقة بالوضع السياسي المحتقن في الشرق الأوسط. ومع ذلك ، أتمنى أن يحضى الأدب العربي بالكثير من الاهتمامات الأدبية للقراء و القارئات، لأنه يستحق ذلك!
5.هل بامكان الترجمات أن تلعب دورا في حوار الحضارات؟
أستطيع القول: أنه دور فاصل! بإمكاننا الوقوف على دور المترجم و عمله في الحوار الأدبي كما حصل مثلا في السنة الماضية في ملتقى الكتاب في دبي. حيث حصل نقاش، وسيحصل أيضا نقاش كثير.
ومع ذلك ، يجب أن تحصل قبل الترجمة شراكة حقيقة واهتمام متبادل. للأسف، لا نزال في الغالب الأعم نعيش نوعا من الرضى الذاتي، وشيئا من العجرفة من طرف المؤسسات الأدبية الأوروبية المكرسة. بالتأكيد لا بد من تكثيف و توسيع حلقات تدريب المترجمين الأدبيين من اللغات الشرقية. لأن عدد هؤلاء قليل جدا.
درست الدكتورة كلاوديا أوط الدراسات الشرقية في القدس، توبينغن وبرلين، إلى جانب دراسة الموسيقى العربية في القاهرة. عاشت لسنوات كثيرة في الدول العربية و تعمل كموسيقية و مترجمة. ومنذ عام 2000 وهي أستاذة مساعدة معهد اللغات و الثقافات غير الأوروبية في جامعة إيرلانغن/نورنبيرغ.