الكثافة الجمالية للثنائيات في عرض مسرحية (مع سبق الاصرار)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدء المنجز الفني يسبح في فضاءات اللا مشروط، وأمتلاك رؤية جديدة تغادر المعنى السائد وتكتسي سمة العصر الجديد وتلامس الواقع المعاصر، بما تنسجم و ذائيقية متلقي هذا العصر، وهذا ما دفع بالمخرج (خضر عبد خضير) من تحويل يزيد وجعله يرتقي الى رمز كل الطغيان والقتل والعنف الدموي في (مجموعة الكراسي)والتي أعطت دلالة لكل العصور التي حوت عروش الدم... عرش فوق عرش فوق عرش، ماهي الا ملك ليزيد وبناء من هندسة يزيد.
أن عملية أستحضار يزيد من التاريخ (المكتبة العليا) لمحاكمته من المزدوجة نفوسهم، اولئك الذين غاصوا في فقدان الذات وسحقهِ في هوة النفاق والمؤطر عقائديا، بحيث جعلوا من ذواتهم حالة عدمية معجونة برائحة الرذيلة التي تتهاوى حتى أسفل سلم الجرائم ((ها قد عرفتم من أنا... فمن أنتم))، ففقدان الهوية والتهاوي في هاوية التيه الاجوف أمرٌ أضلُ من الانعام بل وأكثر قيلا، وهذا ما جعلت ذات المتلقي تمتلك عطفاً منطقي لحظي مع شخصية (يزيد) رغم التراكم الجمعي لمعرفة من هو (يزيد).
حقق الخطاب الاندماج اللحظوي فضلاً عن بث ذرات التساؤلات التي أطلقها في وعي المتلقي،حيث تماهت الصورة في بنائها الانشائي في شبكة من التكوينات المتقنه،وجسد ذروتها مشهد (الاستحمام بشلال الدم) عبر أمكانيات جدُ بسيطة حققت أسيقاظ جمالي عبر نزول القماش الاحمر من ممو ضيق.
لقد هندس المخرج (خضر عبد خضير) خارطة خطابه بشكل جعل من نفسه متلقي قبل ان يكون مخرجا وسعى الى تحويل مستوى التلقي بأن يتجاوز التقليد الى حدود الابتكار وهذا ما تجلى في حركة تجسيد كل العذابات البشرية عبر (سلايت الداتا شو) الذي زاد من ديناميكية السينوغرافيا والتأكيد على نوعية التجربة والخروج بأساليب مقترحة غير تقليدية تكاد تمتلك لحظة الحدس في الكشف عن ماهيات (المونادا) الصوري وتحويله الى رمز جمالي مرتبط المعنى والى تأمل ملتصق بذاتية المتلقي.
سعت ألية التمثيل لكل من ((غفران عبد الكاظم و أبراهيم عرمش ومحمد وجدي)) الى أيجاد تنوع من زمن مولدات الصراع والخيمة الموبوءة الى الزمن الحاضر، من خلال تبديل الزي، فتحول الممثل بجسده الفيزيقي و مركب الأيماءات والاشارات الى منظومة فكرية في تحقيق التمظهر المنافق مع الحق وفق شخصيات مركبة تدخل في الدايلكتيك وترسم وتنتج تارةً سيل من الدلالات التي تستفز وعي المتلقي وكشف سرية وغموض الصورة الجمالية تارةً اخرى.
شكل الخطاب المرئي عند (خضر عبد خضير) كثافة جمالية وشبكة من التكوينات الرشيقة لعكس التناقض النوعي بين الثنائية، الا انه لم يتجاوز ماهو عاطفي في مناخات التراكم الجمعي لدى المتلقي.
----------------------------------------------------------------------------
*- عرض مسرحي من اخراج وتأليف (خضر عبد خضير) قدم ضمن مهرجان مسرح الحر \بغداد \ اب 2009
**- مسرحي عراقي يعمل حاليا مدرس في جامعة بغداد-كلية الفنون الجميلة -قسم الفنون المسرحية
كلية الفنون الجميلة \ بغداد
frhanmosa@yahoo.com
التعليقات
لغة عالية
مسرحي من الجزائر -ابهرتني اللغة العالية في النقد المسرحي وكثافة المصطلحات التي اسمع بها اول مرة لكن المخرج لم يضهر انتمائه لاي مدرسه وخصوصا انه تناول مسرح تجريبي