ما جدوى الشعر الان.. وسط صخب الحياة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبد الجبار العتابي من بغداد:في اتحاد الادباء ببغداد، وحيث كانت تقام هنالك اصبوحة شعرية، كان الذي يجلس بجانبي يعلن استياءه من القراءات التي كانت تتلى، ويعلن تارة عن عدم فهمه لما يٌقرأ، وتارة يعلن استغرابه من بعض المفردات والجمل التي تقال واصفا اياها بالساذجة او السطحية او المضحكة ايضا، ثم يلتفت اليّ ويقول (بالله عليك.. هذا شعر يثير الحماس او العاطفة الجياشة ام انه مجرد كلام يشبه دخان السكائر المتطاير في الهواء)، لم اعقب على ما قاله لكنني اخذت كلامه على محمل الجد، وقررت ان ابحث في هذا الموضوع واحاول ان استدرج الشعراء الى ما راح يذكره الاخ الجالس في جابني، والطريف انه بعد انتهاء الاصبوحة ألتقاني خارج القاعة وراح يقول لي (بالله عليك.. أليس ما قلته صحيحا؟ هل افتهمت شيئا مما قاله الشعراء؟)، فسألته عن علاقته بالشعر؟ فقال: انا اهوى قراءة الشعر وسماعه ولديّ عشرات الدواوين لخيرة الشعراء العرب من عصور مختلفة، واشعر حين اقرأها انها كانت تهز الشارع وتدخل البيوت ومقرات الحكومات وتؤدي عملها، اما الان.. فلا تصل القصائد الى رصيف الشارع!!.
حديثه.. جعلني اتأمل، وقبل ان استحضر امثلة من التاريخ، فكرت ان اقرأ في افكار الشعراء من اجل الحصول على جواب لسؤالي عن جدوى الشعر في زمننا الحالي؟
اول من ألتقيته الشاعر محمد حسين آل ياسين، فقلت له: يزخر عصرنا بالعديد من وسائل الترفيه والاتصال، فضائيات وانترنت واذاعات واشياء كثيرة وصخب يملأ اوقاتنا وامكنتنا ابتداء من زعيق الاغاني الى ضجيج السيارات، وأود ان اسألك عن جدوى الشعر الان؟ وما تأثيره في الناس؟ ابتسم الدكتور كأنه يستذكر احداثا من عمق التاريخ ثم قال: لا شك ان اثر الشعر في الحياة العامة الان قياسا لما كان عليه سابقا اقل، فالناس كانت اكثر احتفاء بالشعر او اكثر قراءة وتأثرا به لقلة المشاغل الاخرى او قلة الملهيات كما الملهيات الجديدة مثل القنوات الفضائية والانترنت وغيرهما، ولكن يبقى للشعر حضور خالد ودائم بعيدا عن تلمس الاثر المباشر للناس، لن تطلع مظاهرة كالسابق ويهتف الشعراء فيها، لكن غريزة الانسان المتطلعة الى التعادل النفسي مع الحياة يهدؤها الشعر، قراءة الشعر تعيد للوجدان الراحة والطمأنينة، اثر الشعر الان في الجانب الوجداني والنفسي اكثر من الشارع والعمل.
وحين طرحت السؤال ذاته على الشاعر عبد الحميد الجباري، قال على الفور وبحماسة: (سيبقى الشعر خالدا!!)، ثم اضاف بعد هنيهة: (انا ارى ان المجتمع الان احوج ما يكون الى الشعر لان الشعر يخاطب النفس البشرية الشفافة، والعرب بالنسبة لهم الشعر ضرورة وليس تسلية لانهم نشأوا على الشعر وما زال الشعر يحتل مكانة مرموقة بالنسبة للجميع وما تزال القصائد تهز الضمير العام بالنسبة للجماهير على الرغم من الظروف الصعبة وغير الطبيعية التي مرت بها بلادنا).
حاولت ان اشير الى ما يحدث الان في زمننا للشعر وسط التفاصيل الحياتية التي تبتعد عن الشعر، فقال الجباري: مع كل كا تقوله.. لكن ما يزال الشعرهو من الادوات الثقافية المهمة جدا والتي تؤثر في مشاعر الناس وعواطفهم، واضاف: الشعر يبقى له عشاقه من عامة الناس وليس النخبة فقط لانه مرفق حياتي وثقافي مهم.
اما الشاعر عارف الساعدي فرفض الاجابة على السؤال وتعذر بكلمات:(لا ادري ما جدوى الشعر الان!!)، ولكنني استفسرت منه عما يقصده بقوله فقال: (يعني هو فن اقل من النخبوي، ممارسة تشبه ممارسة العادة السرية لا يستمتع الا من يمارسها فقط!!، او الا القليلون جدا، هناك مساحات اوسع من اشتغالات الشعر الفصيح، اوسع حضورا مثل الشعر الشعبي والنعي الذي يحدث في التعازي والمآتم، حضورهم اوسع من الشعر الفصيح لان كتاباتنا تفتقد الى مشروع ثقافي حقيقي، فالعديد من الشعراء يمتلكون اللغة والقدرة على توليد الاستعارات فينتجون قصائد عبارة عن صناعة سجاد).
وأوضح وعلامات من الغضب بدت على سيمائه: (لا يحتفي بالشعر الا مجموعة من المجانين المهووسيين بالانا والذات الطافحة بعيدا عن بكائيات ودماء الشارع، الى الان الوسط الثقافي لم يستوعب ما حدث في العراق، ما حدث من زلزال كبير يفترض ان يسايره منجز ادبي كبير على مستوى الرواية او القصة او الشعر، يفترض بنا ان نخرج ادبا عالميا من كل هذه المصائب المحلية، نخرج من ازقتنا الضيقة الى العالم الواسع، فما زال صوت الاعلامي السياسي هو صوت العراق، ولا يوجد صوت للمثقفين وليس هنالك سوى وجه واحد للعراق فقط، العالم لايعرف من العراق سوى السياسيين!!!).
وبالمصادفة.. ألتقيت الشاعرة نجاة جبار فسألتها فقالت: (احيانا نجد انفسنا مضطرين الى القول لا ضرورة للشعر وسط التناقضات العديدة التي تشهدها حياتنا، ولكن في لحظة نجد انفسنا نبحث عن الشعر رغما عنا لانه الواحة الجميلة التي نخلد اليها نتلمس فيها الجمال والهدوء والراحة والصفاء والوئام، مع الشعر ننظف انفسنا من شوائب الصخب الحياتي، لذلك تبقى ضرورة الشعر قائمة، نكتب خلجات انفسنا وارهاصات حياتنا، ونبقى نلجأ الى قصائد الشعراء في مختلف الاوقات.
اما الشاعرة هنادي جليل فأجبت بقولها: في زمننا هذا.. لا ضرورة للشعر، انه صار اكذوبة، هو ليس نابعا من القلب وليس فيه اي حقيقة، انه مجرد عن الحقيقة وكثرة الشعراء الذين ظهروا بعد عام 2003 هم من شاكلة كل هب ودب اصبح شاعرا، واضافت: في السابق كان الشعر هو الوسيلة التي تصل الى الناس الاحساس من ناحية العمل والبيئة التي يعيشها، حالته الاجتماعية يعكسها على الناس، الان هناك اكثر من وسيلة ظهرت وتوصل الى الناس، وبمجمل القول ان الشعر الان اصبح تكملة لما تبقى من الاشياء.
وقفتي الاخيرة كانت مع الشاعر ياس السعيدي الذي قال اولا: اهمية الشعر تكمن في ذات الشاعر، اذ ان على هذا الشاعر ان يلعب دوره المنظم لحياة الناس من خلال تأثيره على صناع القرار، ويأتي هذا التأثير عن طريق التحاور المباشر الذي يؤدي الى تحقيق اهداف تخدم الناس او يأتي عن طريق النقد الايجابي الذي يهدف الى صناعة منظومة اجتماعية افضل، واضاف: الكل يعلم ان مخزونات الموارد الجمالية اخذت بالنفاد من العالم حيث ان الانسان في بعض الدول يكاد ان يتحول الى آلة ناطقة، واهمية الشعر هي اهمية الروح في هذا الوجود، اكاد ان اشبه الشعر بالدين اذ في كلا الحالتين علينا ان ان نتمسك بمنظومة اخلاقية تفرضها علينا ذواتنا (الرقيب الذاتي) ومن يؤمن بهذا المبدأ سيؤمن بأهمية الشعر وبالتالي يؤمن بقيم شعرية تساعد على صناعة مجتمع افضل، اخيرا اقول لعل ابرز اهمية للشعر اننا لم نسمع ورغم كل الظروف العاصفة التي احاطت بالعراق عن شاعر قاتل!!، الشعر من اهم الحقن المخففة لورم العنف الذي بدأ بغزو مجتمعاتنا، كل هذه القيم التي ذكرتها لم تحقق آنيا وربما لم تحقق بالقريب العاجل لكنني متأكد من ان العمل الدؤوب قد يصل بنا في يوم ما الى هذا الذي تحدثت عنه.
* ها انذا.. انتهي من قراءة استطلاعي حول جدوى الشعر في الظرف الحالي، ليس العراقي فقط بل العربي والعالمي، ما نسمعه عن ادمان الانسان للفضائيات والانترنت يجعلنا نقف ازاء ضرورة الشعر التي نقول انها لن تنتهي ولكنها ربما تكون مهددة، هل يمكن ان نقول هذا؟
التعليقات
كل من هب ودب!
قارئ -تقول ""الشاعرة؟"" هنادي جليل: " في زمننا هذا.. لا ضرورة للشعر، انه صار اكذوبة، هو ليس نابعا من القلب وليس فيه اي حقيقة، انه مجرد عن الحقيقة وكثرة الشعراء الذين ظهروا بعد عام 2003 هم من شاكلة كل هب ودب اصبح شاعرا.."ولكن السؤال أليست هي ممن هب ودب وظهر بعد 2003 أولاً متفرجة مع زوجها "" الشاعر؟"" أو مستمعة كما في دروس الطلبة المبتدئين .. ثم أعلنها شاعرة على الملأ بعد 2003؟؟ .. عجبي!
كل من هب ودب!
قارئ -تقول ""الشاعرة؟"" هنادي جليل: " في زمننا هذا.. لا ضرورة للشعر، انه صار اكذوبة، هو ليس نابعا من القلب وليس فيه اي حقيقة، انه مجرد عن الحقيقة وكثرة الشعراء الذين ظهروا بعد عام 2003 هم من شاكلة كل هب ودب اصبح شاعرا.."ولكن السؤال أليست هي ممن هب ودب وظهر بعد 2003 أولاً متفرجة مع زوجها "" الشاعر؟"" أو مستمعة كما في دروس الطلبة المبتدئين .. ثم أعلنها شاعرة على الملأ بعد 2003؟؟ .. عجبي!
هلوسة
زيد الحسون -من نافل القول ان الشعر العراقي سقط بالضربة القاضية الامريكية . فما نفع الكلام وسط دوامة كبيرة اسمها الموت المجاني اعتقد ان الهراء الذي يسمى شعرا صار هذيان مجنون بل عمل الكسالى من الذين لا يجدون لهم عملا نافعا. اصبحت كلمة شاعر قريبة من الاتكائية والنبذ . ارجو من يدعي الشعر ان ينتبه الى نفسه تخلصا من شئ اسمه الهلوسة في عالم مزدحم
هلوسة
زيد الحسون -من نافل القول ان الشعر العراقي سقط بالضربة القاضية الامريكية . فما نفع الكلام وسط دوامة كبيرة اسمها الموت المجاني اعتقد ان الهراء الذي يسمى شعرا صار هذيان مجنون بل عمل الكسالى من الذين لا يجدون لهم عملا نافعا. اصبحت كلمة شاعر قريبة من الاتكائية والنبذ . ارجو من يدعي الشعر ان ينتبه الى نفسه تخلصا من شئ اسمه الهلوسة في عالم مزدحم
صحيح
سالم -الاخ الفاضل عبد الجبار العتابيما اخبرك به صديق الذي يجلس الى جانبك عين الصواب..لا يوجد شعر اليوم الا ما ندر وذلك لعدم وجود شاعر موهوب ، ضف الى ذلك الأمية التي تلازم الكثير من شعراء الفصحى في تحذلقهم اللغوي سمحت للشعر الشعبي ان يكون له حضور بين الناس ..باختصار عدم وجود شاعر موهوب يمتلك ادوات الشعر المعروفة بالاضافة الى كثرة المتطفلين على الشعر دفع بعزوف الكثيرين عنه وقلل من جدواه
صحيح
سالم -الاخ الفاضل عبد الجبار العتابيما اخبرك به صديق الذي يجلس الى جانبك عين الصواب..لا يوجد شعر اليوم الا ما ندر وذلك لعدم وجود شاعر موهوب ، ضف الى ذلك الأمية التي تلازم الكثير من شعراء الفصحى في تحذلقهم اللغوي سمحت للشعر الشعبي ان يكون له حضور بين الناس ..باختصار عدم وجود شاعر موهوب يمتلك ادوات الشعر المعروفة بالاضافة الى كثرة المتطفلين على الشعر دفع بعزوف الكثيرين عنه وقلل من جدواه